
“عداء تركي ضد العرب” … جرائم الحاضر والتاريخ
#إطلاق_نار _على_سعودي_بتركيا و #محاولة قتل سعودي بتركيا “هاشتاجان” انتشرا بقوة منذ حادثة سرقة بالإكراه تعرض لها شاب سعودي يزور تركيا لقضاء عطلته السنوية بعد عام من التعب ليقابل ما لم يتخيله وهو قربه من أن يلقى حتفه فقط لانه يحمل بضعة دولارات في مقاطعة تشالش بأسطنبول التركية .
وبسبب تكرار مثل هذه الحوادث ، أصدرت السفارة السعودية بأسطنبول تحذيرا لمواطنيها المسافرين لتركيا للمرة السادسة منذ العام الماضي.
أما على منصة تويتر فكان هذا الهاشتاج مجرد مثال على حالة البغض من الخليجيين تجاه السياحة في تركيا بعد تكرار مثل هذه الحوادث للسياح العرب وبالأخص الخليجيين
ودعا الهاش تاج مواطني دول مجلس التعاون الخليجي لعدم زيارة تركيا بعد الزيادة الملحوظة في حوادث التنمر والسرقة بالإكراه للسياح حاملي الجنسيات العربية .

المستغرب في الأمر هو ازدياد مثل هذه الحوادث مع اختلاف أسبابها كما أن العرب يزورون كل دول العالم دون المساس بهم حيث يعتبر السائح الخليجي هو السائح المفضل لكل الدول لأنه يفيد الدول التي يزورها إقتصادياً كما لا يقوم السياح العرب بأعمال تخريبية أو منافية للأداب وذلك بسبب النشأة الإسلامية والمحافظة بالدول العربية .
تجدر الإشارة إلى أن القنصلية السعودية في أسطنبول تلقت 165 بلاغ سرقة لجوازات سفر ومتعلقات شخصية داخل الأراضي التركية هذا العام فقط ناهيك عن المضايقات المتكررة في الشارع والمعاملة السيئة في بعض الأحيان والسرقات غير المعلن عنها ونحن هنا نتكلم عن مواطني السعودية فقط ولو تم جمع الحوادث المرتكبة بحق العرب لكان الرقم أضعاف ذلك .
لماذا تتكرر هذه الحوادث مع العرب ؟

مع صدور التحذيرات من السفارة والقنصلية السعودية تفاعل السعوديون معها وبالأخص على منصة تويتر ، وتضمنت التغريدات على تجارب شخصية تدلل على ما اتفق عليه المغردون وهو أن تركيا بلد غير أمن للسياحة أو الإستثمار كما اتفقوا على أنه يوجد عدة وجهات للسياحة أفضل من تركيا من حيث الأمان ورخص السياحة فيها مقارنة بتركيا.
واعتبر رواد مواقع التواصل الاجتماعي التحذيرات الأخيرة ومع تكرارها على أنها دعوة غير رسمية لمقاطعة السفر والسياحة في تركيا مع تكرار الحوادث ضد العرب فيها دون غيرها .
خلاف سياسي أم شعبي
وانضم عدد من الإعلاميين والسياسيين وكتاب الرأي لحملة شعبية تطالب بمقاطعة السياحة والاستثمار في هذا البلد بعد تكرر الحوادث ووصولها لمرحلة إطلاق النار .
سليمان الدوسري إعلامي سعودي معروف علق على الحملة الشعبية بقوله “تحذير سادس من السفارة في تركيا، لا توجد دولة تعرض فيها السعوديون لمثل هذه الاعتداءات خلال فترة قصيرة جدا، واستهداف السعوديين نتيجة طبيعية لممارسات النظام التركي ضد بلادهم.
يربط الدوسري هنا بين الاعتداءات على السعوديين والموقف السياسي التركي من السعودية حيث لا يخفى على أحد الخلافات العميقة بين الطرفين فمنذ قضية الصحفي جمال خاشقجي التي سيسها الطرف التركي للهجوم على السعودية وحكومتها وهو ما أثار استياء السعوديين بسبب هجوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على حكومة السعودية وبالأخص ولي العهد محمد بن سلمان واستخدامه لتعبيرات أبعد ما تكون عن الدبلوماسية وقد انعكس ذلك على التعامل بين الأتراك والسياح العرب والسعوديين على وجه الخصوص.
ولم تكن تلك القضية الوحيدة بين البلدبن التي أدت لتفاقم حالة التوتر بين الطرفين حيث يختلف البلدان حول الملفات الإقليمية مثل سوريا والعراق كما يختلفان في موقفهما من مصر حيث تدعم تركيا جماعة الإخوان الإرهابية التي طال ضررها معظم الدول العربية سوء بتسميم الفكر أو من خلال العمليات الإرهابية ، كل هذه المعطيات أدت لبغض خفي بين حكومة تركيا وحكومة السعودية وقد انتقل ذلك للحالة بين الشعبين اللذين يستمران في كيل الاتهامات لبعضهما البعض على منصات التواصل الاجتماعي، كما تتم إسائة معاملة السياح العرب بتركيا بسبب تلك التوجهات للإدارة التركية.
حملات لمقاطعة تركيا

كانت بداية حملات المقاطعة الشعبية لتركيا قد بدأت بعد تصريحات أردوغان المستفزة للجانب السعودي بعد قضية الصحفي خاشقجي حيث دعا معظم رواد مواقع التواصل الاجتماعي السعوديون بمقاطعة السياحة التركية والاستعواض عنها بدول أكثر أمن منها ، ومع استمرار الحملة التي أضرت بالموسم السياحي التركي استمرت لهجة التصعيد من الطرف التركي .
وبتزامن مع هذا الحدث أطلق نشطاء سعوديون حملة تحت شعار “سعوديون نرفض المنتجات التركية ” لحث المواطنين على الإمتناع عن شراء المنتجات التركية بسبب ما وصفوه بإهانة رموز السعودية من قبل النظام التركي واعتبر المغردون أن شراء المنتجات التركية يعتبر خيانة للوطن .
بالإضافة إلى ذلك غرد عجلان العجلان مدير غرفة التجارة والصناعة بالسعودية على منصة تويتر بمقاطعة الاستثمار في تركيا لما وصفه بحوادث النصب والتعنت من السلطات التركية في التعامل مع المستثمرين السعودين بالأخص في القطاع العقاري فقد رصد عدد من حالات التعنت في تسليم بيوت اشتراها مستثمرون من جنسيات خليجية في تركيا .
ومع استمرار تلك الحوادث تكررت التحذيرات غير الرسمية من القنصلية السعودية أخرها عدم التجول ليلا بمنطقتي تقسيم وتشليش بإسطنبول بعد حادث إطلاق النار بغرض السرقة على سعودي وتفاعلت معه السعودية من خلال هاشتاج #إطلاق نار على سعودي في تركيا” الذي كان الأبرز في الأيام الاخيرة على السوشيال ميديا في منطقة الخليج على غرار “هشاتاجات” أخرى انتشرت طوال العام تطالب بمقاطعة شعبية عربية لتركيا تصدرها المغردون الخليجيون.
وسبق ذلك أيضاً حادث تعرض شاب إماراتي للضرب بغرض السرقة بالإكراه الأمر الذي أثار حفيظة الإماراتيين كذلك الذين أيدوا بدورهم حملات المقاطعة بعد تعرضهم لعدد من الحوادث المشابه ونشروا تجاربهم السيئة مع السياحة في تركيا على صفحاتهم على تويتر وفيس بوك.
لا ينسي أحد مقطع الفيديو الشهير على يوتيوب لشاب كويتي تعرض لمضايقات أثناء شرائه من محل تجاري في إسطنبول الذي تحول بعدها لعراك تمكن المواطن الكويتي الممارس للملاكمة النيل من الباعة الذين حاولوا ضربه .
يضاف إلى ذلك حوادث الإحتيال والسرقات اليومية في مطار إسطنبول للسياح العرب والموثق بعضها على موقع يوتيوب.
ولا يخفى على أحد التميز العنصري الذي يعاني منه اللاجئون السوريون الهاربون من ويلات الحرب على الأراضي التركية الموثق كذلك كما حملات الكره ورفض المجتمع التركي للتواجد السوري داخل تركيا والتي برزت مؤخراً مع مظاهرات مطالبة بمغادرتهم تركيا وتكرار حوادث التخريب للمحلات السورية بتركيا وغيرها من حوادث التنمر الموثقة
التاريخ يعيد نفسه

جرائم العثمانيين ضد العرب ليست وليدة اليوم فالمتابع للتاريخ يعرف من هو “فخري باشا” الوالي العثماني على الحجاز والذي ارتكب عددا من الجرائم بحق أهل المدينة ودنس المقدسات بإدخاله للسلاح داخلها للحفاظ على الحكم العثماني أمام ثورة العرب عليهم بقيادة الشريف في مطلع القرن التاسع عشر حاصرت قوات الشريف المدينة ولم تدخلها لحرمتها المقدسة وكان فخري باشا متحصن داخلها دون إمدادات ترك أهل المدينة يجعون على حساب إطعام جنوده الأتراك ونكل بأهل المدينة كما هجرهم فيما عرف تاريخيا باسم “سفر برلك” أو التهجير القصري لأهل المدينة.
سفر برلك بلاد الشام
سفر برلك في المدينة
سفر برلك في أرمينيا
مما تسبب في قطع النسل وتفرق الأسر بسبب حوادث التطهير العرقي السابق ذكرها .
ما يعاني منه العرب من سرقات اليوم أثناء زيارتهم تركيا ليست فقط ما سرقه الأتراك من العرب فبرغم اختلاف الأزمنة تبقى سرقة مقتنيات الغرفة الشريفة ومقتنيات النبي محمد (ص) والمخطوطات المقدسة التي نقلها فخري باشا لتركيا هي الأفجع في التاريخ ولم يكن ما سبق إلا مثال بسيط على الجرائم العثمانية ضد أهل الجزيرة العربية .
كل تلك الجرائم موثقة تاريخياً في كتب مثل كتاب العهود الثلاثة لمحمد حسن زيدان الذي تحدث فيه بالتفصيل عن جرائم فخري باشا في المدينة النور.
في تلك الحقبة من الزمان كان الأتراك يسمون أهل الحجاز ب”جلينجي عرب” بمعنى العرب الشحاذين ، ويقولون “بسس عرب” أي العرب القذرين ويقولون عن أهل مصر “كور فلاح” أي “الفلاح الأجنبي وذلك وفقاً للكاتب عبد الرحمن الكواكبي في كتابه أم القرى الذي عاصر فترة ولاية السلطان عبدالحميد.

باحث ببرنامج السياسات العامة