بعد أزمة عصفت بالعاصمة عدن .. جدة تشهد حوارا يمنيا-يمنيا
عقب مواجهات عنيفة اندلعت بالعاصمة اليمنية المؤقتة عدن، والتي أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا والمصابين من أبناء الشعب اليمني، وصل مساء الثلاثاء الماضي وفد المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة رئيس المجلس “عيدروس الزبيدي” إلى جدة، بمرافقة أربعة من أعضاء هيئة رئاسة المجلس وهم “ناصر الخبجي، وعبدالله الكثيري وعبد الرحمن اليافعي وعدنان الكاف”.
ومن المقرر أن تشهد جدة حواراَ يمنيا – يمنيا، دعت إليه وزارة الخارجية السعودية بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، بعد الأزمة التي ألمت بالعاصمة اليمنية المؤقتة عدن، في ظل مخاوف من تأثير هذه الأزمة على مستقبل الوحدة اليمنية.
مقدمات الأزمة
في 1 أغسطس الجاري استهدفت ميليشيا الحوثي معسكر الجلاء التابع لقوات الحزام الأمني بمنطقة البريقة في عدن، وأعلن المتحدث باسم القوات الحوثية العميد “يحيى سريع” أن الهجوم تم بطائرة مسيرة هجومية من طراز قاصف 2K وصاروخ باليستي متوسط المدى لم يكشف عن طرازه، أدى الهجوم لسقوط عشرات المصاببن وسقوط 36 قتيلاً من بينهم قائد اللواء الأول دعم واسناد المكنى بـ “منير أبو اليمامة”.
ويعد “منير محمود أحمد المشالي” الملقب بـ “منير اليافعي” أو “منير أبو اليمامة”، من القيادات العسكرية البارزة في “الجنوب اليمني” وتحمل مسؤولية قيادة ألوية الدعم والإسناد التي تم إنشاؤها بقرار رئاسي في مارس 2016.
اشتباكات عنيفة انتهت بالسيطرة على عدن
وفي 7 أغسطس وعقب انتهاء الالاف من تشييع جنازة “أبو اليمامة” وعدد من ضحايا الهجوم، تصاعدت الأحداث بوتيرة عالية ، حيث وقعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة بالقرب من بوابة قصر “المعاشيق” الرئاسي وهو “مقر الرئاسة والحكومة”، بين قوات الحماية الرئاسية ومجموعات من المجلس الجنوبي الانفصالي وسط محاولات لاقتحام القصر وتحليق مكثف للطائرات السعودية لمراقبة الوضع،وأعلن هاني بن بريك نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، النفير العام للقوات والتوجه إلى قصر المعاشيق لاقتحامه و السيطرة عليه.
وقال “نزار هيثم” المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي، أن عناصر قناصة تابعة للقوات الأمنية التابعة لحزب الاصلاح والحكومة الشرعية، أطلقت النار على عدد المتظاهرين أمام القصر ومطالبتهم برحيل القيادات الشمالية من جميع محافظات الجنوب،
وعقد المجلس الانتقالي اجتماعاً استثنائياً مساء نفس اليوم برئاسة هاني البريك وذلك لتواجد عيدروس الزبيدي بالإمارات، ودعا المجلس بعد اجتماعه ضباط وأفراد الوحدات العسكرية الجنوبية للوقوف بجانب الشعب الجنوبي، واستمرار أداء المحافظين ومديري الأمن أعمالهم كما هي دون تقاعس، وأكد على استمرارية المشاركة في التحالف العربي بقيادة السعودية.
ووصفت وزارة الخارجية اليمنية الأحداث التي شهدتها مدينة عدن خلال اليومين الماضيين بـ”الانقلاب” الذي نفذه المجلس الانتقالي الجنوبي على الحكومة “الشرعية”.
وتمكنت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من السيطرة على عدن والسيطرة على كافة المعسكرات الخاضعة للحكومة الشرعية وهي معسكرات اللواء الأول والثاني والثالث والرابع حماية رئاسية وعلى معسكر بد ومعسكر النقل ومعسكر الدفاع الساحلي في مديريات عدن المختلفة وتقدمت إلى القصر الجمهوري.
وطالبت عدة أطراف إقليمية ودولية طرفي الأزمة في عدن بضبط النفس والحفاظ على وحدة الدولة وعدم اراقة المزيد من الدماء اليمينة، حيث أعلنت الأمم المتحدة في بيان لها أن الأشتباكات التي استمرت لعدة أيام أسفرت عن سقوط 40 قتيلا واصابة 260 آخرين.
دعوة للحوار وانهاء الأزمة
وفي 11 أغسطس عبرت المملكة العربية السعودية عن قلقها البالغ لتطور الأحداث العسكرية في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، ودعت إلى تغليب صوت العقل ووقف الفتنة، موجهة الدعوة للحكومة اليمنية ولجميع الأطراف التي نشب النزاع بينها في عدن، لعقد اجتماع عاجل لمناقشة الخلافات وتغليب الحكمة والحوار، والتصدي لميليشيا الحوثي الإرهابية ،والتنظيمات الأخرى.
كما دعا تحالف دعم الشرعية في اليمن، جميع المكونات والتشكيلات العسكرية، في عدن، ومن بينها قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات الحزام الأمني، التي سيطرت على الأوضاع هناك، إلى العودة الفورية لمواقعها، والانسحاب من المواقع التي استولت عليها وعدم المساس بالممتلكات العامة والخاصة، وإلى وقف فوري لإطلاق النار في عدن اعتباراً من الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، مؤكداً أن قواته ستستخدم القوة العسكرية ضد كل من يخالف ذلك.
وقال المتحدث باسم “المجلس الانتقالي الجنوبي” نزار هيثم، إن المجلس قرر الاستجابة لبيان قيادة تحالف والالتزام التام بإيقاف إطلاق النار. وأضاف أن المجلس الجنوبي “يرحب بدعوة الأشقاء في المملكة العربية السعودية للحوار ويعلن جاهزيته له”، بحسب بيان على موقع المجلس.
أحداث عدن تزيد تعقيد الأزمة اليمنية
من المرجح أن تنعكس أحداث عدن ونتائجها بشكل كبير على المشهد اليمني بما يؤدي إلى تغير معادلة القوة في البلاد، وذلك في حال تمكن المجلس الانتقالي الجنوبي من فرض أجندته واستمرار احكام سيطرته على العاصمة المؤقتة عدن، ومن غير المستبعد أن تشهد جلسات الحوار اليمني تفديم مقترحاً يقضي بمشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في الحكم، وتقاسم السلطة مع الحكومة الشرعية، وذلك من أجل تخفيف حدة التوتر والبدء في تهدئة طويلة الأجل مع الجنوب، وقد يقدم المجلس الجنوبي لاحقاً على إعلان خطوة أحادية في اتجاه الانفصال وفك الارتباط بشمال اليمن وهو القرار الذي يحتاج إلى توافق دولي وإقليمي واسع.