مكافحة الإرهاب

نشاط جماعة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة (2)

تناول الجزء الأول من دراسة “نشاط جماعة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة” دور سعيد رمضان القيادي الإخواني وصهر حسن البنا في هندسة علاقات الجماعة في الخارج، وكذلك استراتيجية الإخوان للمجتمعات الغربية وما كشفته وثيقة “استراتيجية عالمية للسياسة الإسلامية” من محاور متعددة لهذه الاستراتيجية، فضلًا عن تسليط الضوء على استراتيجية الإخوان لاختراق المجتمع الأمريكي وهدفها الاستراتيجي العام لها، بالإضافة إلى تناول دور “أحمد القاضي” الذي كان بمثابة الأب الروحي للجماعة في الولايات المتحدة.

وقد عملت جماعة الإخوان منذ تواجدها على الأراضي الأمريكية على خلق مجموعة من الأذرع متعددة الأشكال والمهام لتكوين أرضية واسعة لها بين أوساط المسلمين في الداخل الأمريكي لتكوين قوة يمكن استغلالها والرهان عليها أمام الإدارات المتعاقبة، فضلًا عن العمل على اختراق بعض الشخصيات التابعة للجماعة لدوائر الحكم وصنع القرار والتقرب منها بهدف تحقيق المكتسبات وحماية المصالح الإخوانية.

أذرع الجماعة في الولايات المتحدة

استفادت جماعة الإخوان المسلمين من صدور قانون الهجرة والجنسية الصادر في عام 1965 ليكون بداية تحول كبير في اختراق الجماعة للولايات المتحدة الأمريكية، ويرجع ذلك بسبب إلغاء هذا القانون للقيود المتعلقة بالهجرة واكتساب الجنسية التي فرضتها قوانين الهجرة السابقة الصادرة في عام 1923 و1946، ونتيجة لهذا القانون تدفق عدد كبير من مسلمي الهند وباكستان وجنوب شرق آسيا، بالإضافة إلى عدد كبير من عناصر جماعة الإخوان في مصر إلى واشنطن، ولاسيما في ظل الحملة الشرسة التي قام بها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ضد جماعة الإخوان بعد محاولة إحياء نشاط الجماعة، وإحالة عدد كبير من أعضائها  للقضاء العسكري في قضية تنظيم 65 والتي بلغ عدد أوراقها ٢٣٩٢٢ ورقة.

وبدأت الجماعة تأسيس الكيانات والمؤسسات لها  من خلال ثلاث محطات رئيسية، المحطة الأولى كانت من خلال العمل الطلابي وكانت تقوم على استغلال الطلبة الدراسين من العرب والمسلمين في الأوساط التعليمية الأمريكية، وتأسست المحطة الثانية على تكوين منظمات اجتماعية ومهنية بهدف تقديم خدمات اجتماعية وثقافية للمسلمين في أمريكا لزيادة ارتباطهم بالتنظيم الأم بما يضمن استمرار ولائهم للجماعة أو تجنيد أعضاء جدد، والمحطة الثالثة والأخيرة تقوم على تأسيس المنظمات السياسية للقيام بدور سياسي في الداخل الأمريكي لخدمة أهداف الجماعة داخل الولايات المتحدة وخارجها.

الاتحادات الطلابية

لم يقتصر النشاط الإخوان المؤسسي على الجمعيات فقط وإنما بدأ من العمل النقابي من خلال عدد من الاتحادات التابعة للجماعة في بداية اختراقها للمجتمع الأمريكي، فقد تأسس أول اتحاد في 1 يناير عام 1962 بجامعة إلينوي الأمريكية وأنضم إليه لاحقًا اتحادات من ولايات انديانا ومينوسوتا ويقدر عدد أعضاء هذا الاتحاد بحوالي 15 شخصًا الذي تتضاعف خلال شهور قليلة ليصل إلى حوالي 200 فرد. 

كما أسست الجماعة اتحاد الطلبة المسلمين في الولايات المتحدة وكندا عام 1963، وسعت الدخول إلى العمل النقابي من خلال اتحاد الأطباء المسلمين في 1967، واتحاد الأطباء والمهندسين الإسلاميين في 1969، ونقابة العمال الإسلامية الاجتماعية عام 1971واتحاد العلميين الاجتماعيين الإسلاميين في 1972 واتحاد المهندسين والعلميين الإسلاميين في 1974، ورابطة الشباب المسلم العربي عام 1977.

المنظمات والمؤسسات 

  • جمعية الطلاب المسلمين 

تأسست عام 1968 وكانت تعمل في السنوات التي سبقت تأسيسها بشكل غير رسمي، وكان هدفها الأساسي قبل إقرار قانون الهجرة والجنسية الجديدة يقوم على إعداد ورعاية الطلبة العرب والمسلمين المغتربين في الجامعات الأمريكية المختلفة لعودتهم إلى أوطانهم بعد انتهاء دراستهم ليكونوا أعضاء فاعلين في تنظيم الإخوان وباقي جماعات الإسلام السياسي بصفتهم مؤهلين تأهيلًا عالميًا، مما يساهم في وصول تلك الجماعات إلى السلطة في يوم من الأيام.

المرجع: إخوان كندا يتاجرون بـ«سجن مرسي» ويجمعون تبرعات من المتعاطفين

ولكن بعد إقرار القانون تحول دور الجمعية إلى توطين هؤلاء الطلبة في الولايات المتحدة وخاصة الطلبة الحاصلين على درجات الدكتوراه في الطب والهندسة والعلوم الأخرى لاقتحامهم سوق العمل الأمريكي واستقدام أسرهم وعائلاتهم من دولهم، من أجل تأسيس مجتمع إسلامي يقوم على التنظيم والتماسك وقادر على التأثير في المجتمع الأمريكي، ومن ثم التوسع للتأثير في النخبة والإدارة الأمريكية ورجال الكونجرس، لمناصرة القضايا التي يتمحور اهتمام جماعة الإخوان حولها في ذلك الوقت مثال “القضية الفلسطينية – الجماعة الإسلامية في باكستان – قضية كشمير”.

وكشفت تحقيقات لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي عام 2004 عن وثيقة داخلية لجماعة الإخوان تثبت مسؤوليتهم عن تأسيس هذه الجمعية التي احتضنت الكثير من رموز الجماعات الإرهابية والفكر الأصولي مثال “أنور العولقي” الملهم الروحي لتنظيم القاعدة والذي تولى رئاسة فرع الجمعية بجامعة كولورادو الأمريكية في فترة ما، وكذلك “عمر شفيق حمامي” زعيم حركة الشباب الصومالية الذي تولى رئاسة فرع الجمعية بجامعة ألاباما الأمريكية، و”رامي زمزم” أحد مقاتلي حركة طالبان الذي كان عضوًا بفرع الجمعية في جامعة واشنطن.

كما صرح العميل الخاص السابق بمكتب التحقيقات الفيدرالية جون جواندولو لشبكة سي بي إن نيوز الأمريكية في مارس 2011، أن جمعية الطلاب المسلمين كان الغرض الأساسي من تأسيس الإخوان لها هو “تقييم المسلمين وإدماجهم في جماعة الإخوان المسلمين وتجنيد غير المسلمين في الإسلام ككيان الدعوة، ودعوتهم إلى الإسلام ومن ثم الانضمام لجماعة الإخوان”.

  • الوقف الإسلامي بأمريكا الشمالية 

تأسس في 23 مايو عام 1973 بناء على شراكة بميزانية قدرها 340.000 دولار بين مسجد الأمين بمدينة جاري بولاية إنديانا، ومكتب “كان آن أربار” لخدمات الكتب في ميتشيجان، و “العالمية” لطباعة الرسوم المتحركة في مدينة تاكوما بواشنطن وميريلاند، و”الإسلامية” لخدمات الكتب بمدينة سينسيناتي بولاية أوهايو، ويهدف الوقف إلى خدمة الطلاب المسلمين في أمريكا وكندا من خلال أنشطة غير هادفة للربح، وقد حصل الوقف الإسلامي في سبتمبر 1976 على قطعة أرض وصلت مساحتها إلى 124 فدانًا غرب مطار انديانا بوليس بولاية انديانا، لبناء مبنى ليكون المقر الدائم لاتحاد الطلاب المسلمين.

  • صندوق الإخوان المسلمين في أمريكا

تأسس الصندوق في بداية السبعينيات وتولى الإخواني أحمد القاضي منصب الأمين العام للصندوق وكان يجوب الولايات لجمع التبرعات وحصص المشاركة والتي كانت تقدر بـ3% من إجمالي دخل الفرد الإخواني، بهدف تمويل مشاريع الجماعة الدعوية والمؤتمرات والندوات وطباعة ونشر الكتب التي تحملها فكر الإخوان وغيرها.

وفي 28 أكتوبر 1974 قام عدد من أعضاء الصندوق باستخراج التصاريح القانونية لشركة “ميسوري بينوفولانت كوربوراشن”، برئاسة أحمد القاضي، ومحمد شامة نائب الرئيس، ومحمد جاجهيلت أمين صندوق، وربيع أحمد عضو مجلس إدارة والذي أصبح الأمين العام لاتحاد الطلاب المسلمين في عام 1979، ومظفر بارتوماه عضو مجلس إدارة وهو مسلم سني وإيراني المولد.

وفي عام 1984 تولى أحمد القاضي مسؤولية جماعة الإخوان في أمريكا وترك لويزيانا وانتقل إلى مدينة بنما في ولاية فلوريدا، وقام بتأسيس مركز طبي يعد هو الأكبر في الولاية بتكلفه بلغت حينها قرابة 2.5 مليون دولار وتضمن المركز مدرسة إسلامية ومسجدًا صغيرًا. 

وخلال قيادة أحمد القاضي للإخوان اعتمد على فكرة تنظيمية جديدة لتقييم ومراقبة الأداء تقوم على قيام مجلس شورى الجماعة الذي يخضع لإشراف مسؤول الإخوان، بإصدار قرارات تنفيذية يتم توزيعها على المناطق المختلفة بالولايات المتحدة، ويقوم مسؤولو تلك المناطق بتوزيعها على الأعضاء حتى تصل إلى العضو البسيط في الإخوان والذي يمثل نهاية الهرم التنظيمي، وهو ما انعكس على أداء الجماعة التي ظهرت بشكل مختلف جدًا من زاوية التركيز على الأهداف الكبرى للارتقاء بوضع الجماعة في المجتمع الأمريكي.

  • الدائرة الإسلامية لأمريكا الشمالية 

تم اعتمادها رسميًا في عام 1979 ولكنها تمارس العمل الفعلي منذ عام 1968 وهي جزء من جمعية الطلاب المسلمين، وركزت أعمالها في البداية على التعليم والتنمية الروحية للمسلمين الأمريكيين، ومع بداية الثمانينيات توسع نشاط المنظمة وبدأت في تدشين عدد من المشاريع التوسعية لجذب عدد اكبر من الأعضاء وخصصت أنشطة للنساء والفتيات، وأنشأت فرعًا لها في جاميكا بجانب التوسع في إنشاء الفروع في مختلف الولايات الأمريكية وشكلت الدائرة مجلسًا خاصًا للعدالة الاجتماعية في عام 2009 وتعاونت مع العديد من المنظمات الأخرى التابعة للإخوان لتحقيق التكامل فيما بينهم.

  • اتحاد الإسلاميين الأمريكيين من أجل فلسطين

تأسس ذلك الاتحاد عام 1981 وذلك تنفيذًا لتوجيهات التنظيم الدولي للجماعة باستحداث لجنة فلسطين على مستوى تنظيمات الإخوان في أي دولة تتواجد بها، ونشط الاتحاد بشكل كبير عقب الانتفاضة الفلسطينية عام 1987 وكان أعضاؤه الأول كل من الشيخ عمر الصابوني، ومحمد جاجليت، ومحمد الحانوتي، وموسى أبو مرزوق، وجمال سعيد، وجمعيهم من كوادر جماعة الإخوان في فلسطين ويحملون الجنسية الفلسطينية باستثناء جمال سعيد الذي يحمل الجنسية الأردنية. 

Home

وقام الاتحاد من خلال المكتب الإعلامي بعمليات التوعية ونشر القضية ولخلق حالة من الزخم بين أوساط المسلمين في أمريكا من جانب وللتمهيد للإعلان عن تأسيس حركة حماس فرع جماعة الإخوان في فلسطين في نهاية 1987 من جانب آخر.

وكان موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس حاليًا يعمل على إيجاد مصادر لتمويل التحالف خلال عام 1988 بشتى الطرق لتوفير الأموال اللازمة لحركة حماس الوليدة، واجتمع عدد من قادة الاتحاد في 3 أكتوبر 1993 بفيلادليفيا بحضور عمر أحمد ونهاد عوض وعماد عوض رئيس الجناح العسكري لحركة حماس وقد رصدته الأجهزة الأمنية الأمريكية، وأكدت أنه خلص إلى ضرورة الدخول إلى صفوف الجماهير المسلمة في أمريكا بشكل أكبر لجمع التبرعات والعمل على لعب دور أكثر نشاطًا في القضية بهدف إقصاء منظمة التحرير الفلسطينية. 

  • الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية 

تأسست في يناير 1983 بواسطة عدد من الطلبة الفاعلين في جمعية الطلاب المسلمين في ولاية إنديانا، تمحورت أهدافها في البداية حول قضايا دينية واجتماعية بالأساس لتوثيق ثقة المسلمين في أمريكا بدينهم، وخلق روابط بين الأسر والأجيال المختلفة من خلال تنظيم مؤتمرات سنوية التي تكون فرصة للتعارف واحيانًا الزواج بين أبناء الجالية.

Membership Intro - Islamic Society of North America

ولكن الجمعية طورت نفسها بعد ذلك لتدخل المجال السياسي من خلال إنشاء المجلس الفقهي لأمريكا الشمالية وذلك بهدف تحقيق وزن سياسي حقيقي للجمعية وأعضائها في الولايات المتحدة، كانت تلك الجمعية تحمل الفكر الإخواني بشكل واضح إذ قامت مطبعة الجمعية في 1990 بنشر نسخة مترجمة من كتاب “معالم في الطريق” لـ”سيد قطب”، كما حمل غلاف مجلتها الشهرية “الآفاق الإسلامية” عدد مارس/أبريل عام 1999 صورة مؤسس الإخوان “حسن البنا” وكان العدد بالكامل عن أفكاره وشخصه ونشأته، ولكن ذلك الأمر لم يستمر طويًلا، إذ حدث تحول كبير في سياسة الجمعية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وأصدر مجمع الفتاوى الذي أسسته الجماعة فتاوى ضد الإرهاب، ولكن من المرجح أن هذا التغير كان شكليًا فقط من أجل الحفاظ على كيان الجمعية من أية مخاطر جراء هذا الأمر.

وما يعزز من احتمالية أن التغيير كان شكليًا فقط وقائع المؤتمر الثامن والثلاثين للجمعية والذي انعقد في مركز المؤتمرات في هاتفورد بولاية كوينتيكت في 28 مايو 2011، إذ كان أغلب الحاضرين من المنتمين للجماعة ويرفعون شعارها ويرددون هتافاتها التقليدية. 

  • مؤسسة سار 

تأسست في 23 يوليو 1983 بمدينة هيريندون بولاية فيرجينيا وتكون مجلس إدارة المؤسسة من هشام يحيى الطالب وجمال الدين بارزينجي وأحمد الحاج توتونجي وإسماعيل الفاروقي وعبد الحميد سليمان وآخرون من أحد البنوك العربية، وكانت تهدف إلى خدمة المسلمين في الشرق الأوسط وآسيا واعتمدت في بدايتها على التبرعات ولكنها تحولت إلى الاستثمارات الضخمة لاحقًا. 

وكانت تحصل على قرابة 20 مليون دولار سنويًا واتجهت إلى تمويل المنح الدراسية الطلابية للمسلمين الراغبين في الدراسة في الولايات المتحدة، وسريعًا أصبحت من العلامات المميزة في أمريكا في الثمانينات ولها استثمارات ضخمة في العقارات والمواد الغذائية والعصائر بعد شرائها شركة مار جاك في جورجيا وأنشأت مصنع خاص بها، وافتتحت فروعًا لها في شيلي وزيمبابوي.

وقامت مؤسسة سار بتمويل عدد من المنظمات التابعة لجماعة الإخوان في أمريكا مثل المعهد العالمي للفكر الإسلامي والجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية وغيرها، وتمت تصفية المؤسسة في ديسمبر عام 2000.

  • المعهد العالمي للفكر الإسلامي 

تأسس في عام 1985 بولاية فيرجينيا بهدف تدريب وتثقيف الدعاة والعلماء في مجال أسلمة العلوم الاجتماعية والانخراط في هذا المجال من خلال الكتابة والتحدث بشكل إعلامي بشكل واسع النطاق، ووجه المعهد جانب كبير من اهتمامه بنشر الكتب المؤثرة في العالم الإسلامي في مختلف المجالات ونجح في الحصول على 25 مليون دولار من بنك التطوير الإسلامي دعمًا لهذا المشروع.

المعهد العالمي للفكر الإسلامي - ويكيبيديا

نبعت فكرة المعهد من المؤتمرات الفكرية التي كانت تعقدها الجماعة في أوروبا، ففي عام 1973 نظمت الجماعة أول مؤتمر فكري لها في منزل يوسف ندا القيادي الإخواني المعروف، ثم تبعته بمؤتمر آخر في عام 1977 في مدينة لوجانوا السويسرية، وعقب إنشاء المعهد تولى عبد الحميد أبو سليمان مؤسس الجمعية العالمية للشباب الإسلامي منصب رئيس مجلس الإدارة، وتولى إسماعيل الفاروقي عضو اتحاد طلاب المسلمين رئاسة الصندوق وسكرتير المجلس، وعضوية كل من طه جابر العلواني من الجمعية العالمية للشباب الإسلامي، وجمال الدين بارزينجي وأنور إبراهيم.

  • المجمع الفقهي لأمريكا الشمالية 

تأسس هذا المجمع في عام 1986 ويتبع الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية وبدأت فكرته انطلاقًا من لجنة الشؤون الدينية باتحاد الطلاب المسلمين وتطورت لتصبح لجنة فقهية، وتم تسجيل المجمع في 14 يونيو 1994 بولاية فيرجينيا، وتولى طه جابر العلواني وجمال الدين بارزينجي وعبد الرحمن العمودي، وحصل المجمع على دعم كبير من المعهد العالمي للفكر الإسلامي ومؤسسة سار.

The Fiqh Council of North America Eid ul Fitr 1440 Announcement
  • منظمة الأرض المقدسة للإغاثة والتنمية 

من رحم الاتحاد الإسلامي من أجل فلسطين ولدت تلك المنظمة التي تأسست عام 1988 والتي أسستها الجماعة لتكون ستارًا لجمع التبرعات والأموال بدعوى مساعدة الفلسطينيين والمتضررين من الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولكن في حقيقة الأمر كان القطاع الأكبر من هذه الأموال يتم توجيهه إلى حركة “حماس” التنظيم الوليد للجماعة في فلسطين.

America takes another step away from liberty: the Holy Land Foundation  trial. - Fabius Maximus website

وعقب أحداث 11 سبتمبر 2001 أعلنت الإدارة الأمريكية عن تجميد الأموال والأصول الخاصة بالمنظمة وهو ما رفضته الكيانات التابعة للإخوان في أمريكا، وفي عام 2008 أصدر القضاء الأمريكي أحكامًا بالسجن على كل من “مفيد عبد القادر، محمد المزين، غسان العيلاشي، شكري أبو بكر، عبد الرحمن عودة”، جميعهم قيادات في المؤسسة، بمدد تتراوح بين 15 – 60 عامًا بتهم التورط في عمليات غسل أموال لصالح حركة حماس قدرت بـ 12 مليون دولار.

  • المجلس الإسلامي للشؤون العامة 

تأسس المجلس عام 1988 بواسطة قيادات المركز الإسلامي لجنوب كاليفورنيا وتولى إداراته دكتور “حسان حتحوت” الذي انضم للإخوان عام 1941 على يد مؤسسها “حسن البنا” وكان شديد التأثر به حتى أنه ألف كتابًا بعنوان “العقد الفريد.. عشر سنوات مع الإمام حسن البنا 1942 – 1952” لتوثيق تلك المرحلة من حياته، وعاون “حسان حتحوت” في إدارة المجلس شقيقه “ماهر” وزميلهم الدكتور “الألفي” ودكتور “خالد أبو الفضل”. 

أطلق المركز بهدف دمج المسلمين في الحياة السياسية الأمريكية وبناء الجسور مع مؤسسات الدولة هناك من خلال تنظيم عدد من الفعاليات لتحقيق ذلك، وكان يظهر المجلس أمام المجتمع الأمريكي على أنه مستقل على المستوى التنظيمي والفكري عن جماعات الإسلام السياسي في الشرق الأوسط ويتبنى القيم الليبرالية الأمريكية.   

  • المجلس الإسلامي الأمريكي 

قام الإريتري الأصل “السيد عبد الرحمن العمودي” بدعم من جماعة الإخوان المسلمين بتأسيس المجلس الإسلامي الأمريكي في عام 1990، وكان يهدف إلى زيادة الوعي السياسي والانخراط في العمل السياسي لدى المسلمين الأمريكيين، ونجح المركز في إبراز مجتمع المسلمين في الساحة السياسية الأمريكية، واستطاع المجلس أن يُضمّن جدول افتتاح مجلس النواب الأمريكي دعاء إسلاميًا ألقاه الداعية الأمريكي الأفريقي “سراج وهاج” خلال عامي 1991 و1992، ومنذ عام 1996 أقرت “هيلارى كلينتون” قيام البيت الأبيض بدعوة المسلمين للإفطار خلال شهر رمضان من كل عام في تقليد سنوي، وتوارى المجلس عن الأنظار بعد اعتقال العمودي على خلفيه اتهامه بالتورط في مخطط إرهابي تابع لتنظيم القاعدة في سبتمبر 2003.

  • الجمعية الإسلامية الأمريكية 

تأسست عام 1992 بولاية فيرجينيا بواسطة مجموعة من عناصر جماعة الإخوان المهاجرين لأمريكا وتضم قرابة 1000 عضو عامل، وقامت بعمل شراكة كاملة مع “الدائرة الإسلامية لأمريكا الشمالية – ICNA” التي تأسست عام 1972 وكانت تتبع المنهج السلفي وتتبع الجماعة الإسلامية الباكستانية، وكان يتم عقد المؤتمرات السنوية للجماعتين معًا بصورة مشتركة، فمرة يكون المؤتمر MAS – ICNA ومرة أخرى يكون ICNA-MAS، وذلك بهدف تحديد أي المنظمتين صاحبة المناسبة.

قائمة الإمارات للإرهاب: 1ـ التنظيم الدولي للإخوان وتفرعاته

وفي عام 2000 أنشأت هذه المنظمة الجامعة الإسلامية الأمريكية التي تعتمد على نظام التعليم عن بعد، وكان أول رئيس لها القيادي الإخواني “صلاح سلطان” الذي كان  متشبعًا بأفكار “سيد قطب” وكان أحد أذرع جماعة الإخوان المسلمين في مصر للسيطرة على مفاصل الدولة عقب توليها الحكم فيما عرف بخطة “التمكين”، والذي يقضي العقوبة حاليًا على خلفية تورطه في القضية رقم 2210/2014 المعروفة إعلاميًا بـ “غرفة عمليات رابعة”، والقضية رقم 8615 لسنة 2013 الأزبكية والمقيدة برقم 4163 لسنة 2013 كلي شمال القاهرة والتي وقعت خلال يومي 16و17 أغسطس 2013 والمعروفة إعلاميا بقضية” أحداث مسجد الفتح”.

  • مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية 

تعد من أقوى الأذرع الإخوانية في الولايات المتحدة، إذ تأسست منظمة مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية والذي يرمز لها اختصارًا باسم “كير” في عام 1994 في العاصمة واشنطن، على يد “نهاد عوض” و”عمر أحمد” ذوي الأصول الفلسطينية و “إبراهيم هوبر” ذي الأصول الكندية، وتولى “عمر أحمد” الذي كان يعمل موظفًا في مصنع للتقنيات المتطورة في كاليفورنيا تمويل المنظمة عند انطلاقها، وتفرغ “نهاد عوض” و”إبراهيم هوبر” لتحقيق أهدافها.

حسين الغاوي on Twitter: "البارحة أعلنت رئيسة مجلس النواب في الولايات  المتحدة نانسي بيلوسي، أن الكونغرس سيصوت هذا الأسبوع، على مشروع قرار يهدف  إلى الحد من صلاحيات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العسكرية

قدمت الجمعية نفسها على أنها منظمة للحريات المدنية وتدافع عن الحقوق المدنية للمسلمين في الولايات المتحدة، والرد على الشائعات المغرضة ضد الإسلام، وتدريب الشباب المسلم في المجالات الإعلامية المتخلفة بالإضافة إلى أنها تسعى للحفاظ على الديمقراطية، وتتداخل بشكل إداري مع عشرات المنظمات والهيئات الدولية التي يقوم على إداراتها عدد من كوادر الإخوان مما يكون شبكة عنقودية متشابكة من الصعب تتبعها. 

واستغلت المنظمة دورها في الدفاع عن حقوق المسلمين والعرب ومواجهة جرائم العنصرية تجاههم والدفاع في عن القضايا الإسلامية في التأثير على عملية صنع القرار الأمريكي، واستغلال هذا الدور في التأثير على السياسة الخارجية الأمريكية لدعم فروع الإخوان المسلمين في الخارج وتحديدًا في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي أصبحت تلك المنظمة تلعب دورًا مزدوجًا ذي وجهين، الوجه الداخلي والمعني بالتصدي لقضايا المسلمين وهو ما خلق لها قاعدة عريض من النفوذ في الداخل الأمريكي، و وجه خارجي ويقوم على استغلال هذا النفوذ للتأثير على السياسة الخارجية الأمريكية لصالح أجندة تنظيم الإخوان. 

أثارت أنشطة منظمة “كير” الشكوك حولها وهو ما دفع الصحفي الأمريكي “كريس جوباتز” إلى الادعاء باعتناقه الإسلام وقام بتربية لحيته وتقرب من “أنور الوكيل” إمام مسجد دار الهجرة في العاصمة واشنطن، والتحق بالمنظمة بدعوى التدريب بها على البرامج التي تقدمها لشباب المسلمين، وتقرب بشكل وثيق من قادتها على مدار عام كامل وتمكن من الحصول على محتوى 12 ألف وثيقة وعدد من التسجيلات الصوتية والمحادثات التي كان من المفترض أن يتم إعدامها في مقر المنظمة الرئيسي في واشنطن. 

وقام “كريس جوباتز” بالتعاون مع والده “ديفيد جوباتز” والصحفي الأمريكي “بول سبيري” بنشر محتوى ما توصلوا له من وثائق وغيرها في كتاب حمل اسم “مافيا الدين” في عام 2012، وأشار “جوباتز” في كتابه إلى نص إحدى الوثائق المتعلقة بخطة العمل السنوية لمنظمة “كير” والتي نصت على وضع التأثير على أعضاء الكونجرس الموكل إليهم رسم السياسات التي قد تؤثر في حياة المسلمين مثل أعضاء لجان العدل والاستخبارات والأمن القومي كهدف أساسي لها، وذلك من خلال زرع متدربين تابعين للمنظمة في مكاتب أعضاء الكونجرس المختلفة، كما أشارت وثائق أخرى إلى وجود ارتباطات مالية بملايين الدولارات بين “كير” والأذرع الإخوانية المختلفة في أوروبا والشرق الأوسط.

وعلى وقع ما كشفه الكتاب من حقائق وأدلة دامغة شهد عام 2012 تقديم النائب الجمهوري “مايكل باكمان” عضو الكونجرس عن ولاية مينيسوتا، و”ترينت فرانك” النائب عن ولاية أريزونا، و”لويس جومريت” النائب عن ولاية تكساس، بالإضافة إلى عضوين آخرين وهما “توم روني” و”لين ويستمور لاند”، خطابًا إلى مدير المخابرات المركزية الأمريكية، ووزارة الدفاع، ووزارة الأمن الوطني، ووزارة العدل، ووزارة الخارجية، لاستبيان مدى الاختراق الذي وصلت إليه جماعة الإخوان داخل أروقة النظام السياسي الأمريكي. 

وأضاف “توم روني” في خطابه أن جماعة الإخوان نجحت في صفوف الإدارة الأمريكية، ولابد من أن تقوم المخابرات الأمريكية بتحقيق حول المراكز العليا التي قد يكون اخترقتها الجماعة سواء في الجيش أو المخابرات وما يحمله ذلك من تهديد مباشر للأمن القومي الأمريكي، بينما عارض عدد أخر من نواب الكونجرس هذه التحركات بدعوى أنها عنصرية وأن مكاتب جميع أعضاء الكونجرس مليئة بالمتدربين الشباب الذين يأتون إلى واشنطن من حول الولايات المتحدة ويعملون بلا مقابل مادي،  ويعتبر المتدربون أنهم حصلوا على فرصة نادرة لمشاهدة تفاصيل عمل الفرع التشريعي.

  • الصندوق الإسلامي لأمريكا الشمالية

تم تأسيسه عام 2001 على يد أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين ويعد الصندوق بمثابة المحفظة المالية التي يمول من خلالها التنظيم الدولي للجماعة أنشطته بمختلف أنحاء العالم، ويمتلك الصندوق حاليًا أصولًا عقارية في أكثر من 40 دولة حول العالم، ويسيطر على أكثر من 1200 مسجد في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وعدد من المراكز الإسلامية لتكون منصة لنشر أفكار الجماعة وجذب المزيد من الشباب لتجنيدهم.

New Head Of North American Islamic Trust Founder Of Islamic Center of  Passaic County; Center Has Long History Of Ties To Hamas And Muslim  Brotherhood

والجدير بالذكر أنه خلال عامي 2002 و2003 وفي ضوء التغيرات التي طرأت على الداخل الأمريكي وما فرضته أحداث 11 سبتمبر من أوضاع أمنية جديدة وتضييق على عدد كبير من المنظمات الإسلامية، اندلع صراع بين جماعة الإخوان وعدد من التيارات الإسلامية الأخرى الموجودة في أمريكا ومنها التيار السلفي، للاستيلاء على المراكز والمنابر الإسلامية ومحاولة فرض السيطرة عليها لما تمثله من أهمية كبيرة في استمرار التيارات الإسلامية في عملها بشكل أو بآخر من خلال تبرعات المسلمين في الخارج وتجنيد عناصر جديدة للتنظيم تكون قادرة على تغذيته بالأموال اللازمة.

وبالفعل نجحت جماعة الإخوان في السيطرة على أكثر من 70% من هذه المراكز، واتضح دور تلك المراكز بشكل أكبر بعد عام 2013 إذ قدمت الرعاية اللازمة لعناصر الإخوان الهاربة لأمريكا بعد ثورة 30 يونيو التي أقصت جماعة الإخوان من حكم مصر.

اختراق مؤسسة الحكم ودوائر صنع القرار

عمدت جماعة الإخوان بعد إرساء قواعدها في المجتمع الأمريكي إلى التركيز على إقامة شبكة علاقات واسعة مع أعضاء الكونجرس والبيت الأبيض ورجال السلك الدبلوماسي ورجال الصحافة والإعلام، ورجال الدين، والمؤسسات الثقافية ومؤسسات الحوار بين الأديان، والجمعيات المتخصصة في مكافحة الرذيلة والإدمان، والمؤسسات العاملة على نشر العدالة والسلام في العالم. 

ويمثل “عبد الرحمن العمودي” مدير المجلس الإسلامي الأمريكي مثالا نموذجيًا لذلك، إذ حاز على ثقة وزارة الدفاع في اختيار رجال الدين الإسلامي المتعاملين مع الجيش الأمريكي، وشارك بالمساهمة المادية في الحملات الانتخابية لعدد من الساسة الأمريكيين سواء في الكونجرس أو البيت الأبيض، إذ ساهم “العمودي” في الحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون لترشحها لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك، وتمويل الحملة الانتخابية للناشط الجمهوري جروفر نوركيست، وكان على علاقة وثيقة بالرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون وأبلغ دليل على ذلك أن العمودي كان يزور ليبيا بإذن خاص من وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك مادلين أولبرايت رغم نص القانون الأمريكي على منع ذهاب الأمريكيين إلى هناك، بالإضافة إلى تعيينه سفير النوايا الحسنة بالخارجية الأمريكية خلال التسعينيات.

وساهم العمودي في الحملة الانتخابية الرئاسية للرئيس الأسبق جورج بوش الابن وألحق نائبه “سامي العريان” بها ليقوم بعدد من الأعمال الانتخابية، وقام “بوش” بعد فوزه بتعيين “سهيل خان” الذي كان على اتصالات وثيقة بتنظيم الإخوان في مكتب الاتصال العام في البيت الأبيض، وهو ما سمح للجماعة بمزيد من الوصول إلى أروقة الحكم في البيت الأبيض. 

كما كان يشارك في العديد من الندوات والمؤتمرات والجلسات المغلقة والعامة مع صناع القرار الأمريكيين وإجراء اللقاءات والحوارات الصحفية مع الصحف الأمريكية حول أوضاع المسلمين في الولايات المتحدة، وهو ما انعكس على مصالح تنظيم الإخوان وتحقيق عدد من المكتسبات في الداخل الأمريكي من جهة، وخدمة مصالح الجماعة في عدد من دول العالم وفي مقدمتها الشرق الأوسط من جهة أخرى. 

وبالرغم من العلاقات المتداخلة للعمودي مع عدد من الشخصيات البارزة في الشأن السياسي الأمريكي التي سمحت له العمل بحرية كبيرة، إلا أنه تم القبض عليه في سبتمبر 2003 لتورطه في مخطط إرهابي لتنظيم القاعدة لاغتيال أحد القادة العرب وضُبط وبحوزته 340 ألف دولار.

وكشفت التحقيقات أن تحويل العمودي لملايين الدولارات لصالح جماعات غير شرعية في الخارج بالإضافة لتمويل أنشطة الشيخ عمر عبد الرحمن في أمريكا وحكم على العمودي بالسجن لمدة 23 عامًا. 

الفوضى الخلاقة.. مثلث الإخوان وقطر وأمريكا

عقب هجمات 11 سبتمبر ألقت الولايات المتحدة باللوم على دول الشرق الأوسط كأحد أسباب تهديد أمنها القومي بسبب غياب الديمقراطية والوعي السياسي، ورأت الإدارة الأمريكية حينها في جماعات الإسلام السياسي وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين بوصفها أكثر جماعات الإسلام السياسي تنظيمًا وتدريبًا وتتخذ من الاعتدال والعمل السياسي وليس المسلح عنوانًا لها، إنه من الممكن أن تلعب دورًا إيجابيًا لصالحها وحماية أمنها القومي وأمن إسرائيل وكبح جماح التنظيمات الإرهابية في حال تولت هذه الجماعات مقاليد الأمور في بلدان الشرق الأوسط، وعليه قررت الإدارة الأمريكية منذ ذلك حين دعم جماعة الإخوان في دول المنطقة لتحقيق مكتسبات وفق المخطط المرسوم لها.

 وصرحت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس في حديث صحفي لصحيفة واشنطن بوست عام 2005 عن تبني مفهوم الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط بهدف انتقال الدول العربية من الديكتاتورية إلى الديمقراطية، مما عزز من توجه الإدارة الأمريكية بالاعتماد على الإخوان في المنطقة لتنفيذ هذا المخطط، وازدادت وتيرة الاتصالات بين الجماعة وأمريكا بهدف حلحلة الأوضاع وخلق حالة من الحراك للوصول إلى الفوضى وتوجيه هذه الفوضى لقلب أنظمة الحكم في عدد من الدول العربية وعلى رأسها مصر، وهو ما تحقق بالفعل فأينما وجدت الفوضى وجدت جماعة الإخوان وهو الأمر الذي أكدته الأحداث لاحقا في مصر وتونس وليبيا واليمن. 

وتم تشكيل “منتدى المستقبل” في قطر عام 2006 برعاية من الحكومتين الأمريكية والقطرية والذي تمت في أروقته صياغة مخطط للمنطقة بدعوى التحفيز على الإصلاح الديمقراطي وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني وتدريب الشباب على التغيير من خلال استخدام وسائل الإعلام الإلكتروني. 

وتأسست “أكاديمية التغيير” في عام 2006 أيضًا وكانت تهدف إلى تدريب الكوادر الشبابية ومؤسسات المجتمع المدني على استراتيجيات ووسائل التعبير والتغيير وتوفير الأدوات اللازمة، وبداية من عام 2009 كان الكثير من الشباب العرب يزورون الدوحة للتدريب في الأكاديمية على عدد من التكتيكات ومنها التنقل بالاضطرابات بين المدن والمناطق، والعمل على تكرار التظاهرات والمسيرات لإنهاك قوى الأمن، والعمل على تشتيتهم. وأيضا محاولة تحييد قوت المسلحة قدر الإمكان. وتكثيف تغطية والتعبئة الإعلامية الموجهة، وهو بالفعل ما حدث في 2011. 

ومع وصول باراك أوباما للحكم في 20 يناير 2009 انتقلت العلاقات بين الإدارة الأمريكية وجماعة الإخوان إلى مرحلة متقدمة ونوعية للغاية، إذ تم تعيين عدد من كوادر الجماعة في مناصب تنفيذية واستشارية بالبيت الأبيض في توجه يكشف عن عزم الإدارة الجديدة دعم الإخوان بكل ما تملك من أدوات. ويعد خطاب باراك أوباما في جامعة القاهرة في 4 يونيو 2009 مؤشرًا على ذلك فقد كانت قيادات جماعة الإخوان مثال سعد الكتاتني وحازم فاروق ويسري تعيلب في مقدمة صفوف الحاضرين بناء على دعوات رسمية من السفارة الأمريكية تحمل اسم أوباما، وقد أشارت مجلة أتلانتك الأمريكية في تقرير لها يوم 3 يونيو 2009 قبيل الزيارة بيوم واحد يفيد بإصرار أوباما على مشاركة 10 من كبار قيادات جماعة الإخوان المسلمين على الأقل لحضور خطابه بجامعة القاهرة.

وبعد شهور من مؤتمر جامعة القاهرة نظمت الإدارة الأمريكية مؤتمر أمريكا والعالم والإسلامي في فبراير 2010 في قطر والذي كانت أجندته تقوم على نشر الديمقراطية والحرية في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى إصدار معهد السلام الأمريكي دراسة بعنوان “المسعى لتكريس الديمقراطية في الشرق الأوسط الكبير” في 21 يناير 2010 وجاءت في 73 صفحة التي نوهت في توصياتها الختامية إلى ضرورة إطلاق التحولات الديمقراطية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بدعوى أن الأنظمة الحالية تقمع شعوبها وغير شرعية ويجب استبدالها. 

وفي يناير 2011 نظمت قطر مؤتمر “الإعلام الشبابي العربي” تحت عنوان “مستقبل الشباب والإعلام في العالم العربي” لمدة 4 أيام، ووجه وكيل وزارة الثقافة القطرية “خالد يوسف الملا” دعوة حضور للقيادي الإخواني “أحمد عبد العاطي” الأمين العام للاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية “إيفسو” التابع للتنظيم الدولي للجماعة وبصحبته عدد من شباب التنظيم، وكانت أغلب ورش عمل المؤتمر تدور حول استخدام التقنيات الحديثة في إحداث تغييرات جذرية في المجتمع العربي.  

وفي نفس الشهر نظمت قطر أيضًا مؤتمر “منتدى الجزيرة لصحافة الإنترنت” والذي أعلن خلاله “وضاح خنفر” المدير العام للجزيرة حينها عن إطلاق “وحدة الاتصال والشفافية وتعزيز المدونات” بهدف تكريس الشفافية والمعرفة لدى المواطن العربي وضرورة قيام الأنظمة العربية بإعادة النظر في السياسات الإعلامية الخاصة بها، وقد شارك عدد كبير من كوادر الجماعة في ذلك المؤتمر، وتعد المدونات والمواقع الإلكترونية من أبرز الأدوات التي كانت تستخدمها الجماعة في ذلك التوقيت لتحقيق أهدافها. 

الأمر الرئاسي لأوباما

نشرت صحيفة نيويورك تايمز في 16 فبراير 2011 وثيقة الأمر الرئاسي الصادر تحت عنوان Presidential Study Directive 11 ورمز لها بـ PSD 11 والتي وقعها باراك أوباما في 12 أغسطس 2010، وتشير الوثيقة إلى أن الهدف من الأمر الرئاسي هو القيام بدراسة رئاسية حول التغيير بدول المنطقة وفي مقدمتها مصر، وذلك عبر تشكيل فريق ضم دينيس روس كبير مستشاري الرئيس للشرق الأوسط، وسامانثا باور مسؤولة ملف قضايا حقوق الإنسان في مجلس الأمن القومي الأمريكي، وجايل سميث مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. وعقد الفريق اجتماعات أسبوعية مكثفة مع خبراء من وزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية وغيرها من الجهات المعنية. 

وبالرغم من أن التقرير الخاص بالأمر الرئاسي جاء في 18 صفحة وكان من المفترض أن يتضمن مناقشة الأوضاع الديمقراطية في عدد من دول المنطقة، إلا أن مصر حازت النصيب الأكبر من التقرير وفقًا لتوجيهات أوباما، إذ أشار مصدر مشارك بالاجتماعات رفض الكشف عن هويته لنيويورك تايمز “إلى أنه لا شك أن مصر كانت تشغل بال أوباما بشكل كبير”.

وعقدت لجنة اللقاءات الأسبوعية الخاصة بدراسة الأمر الرئاسي عدة اجتماعات بعد شهر ونصف من تجهيز تقرير اللجنة مع عدد من خبراء “مجموعة عمل مصر” بمركز كارنيجي للأبحاث والدراسات بحضور اثنين من أبرز أعضاء مجلس الأمن القومي الأمريكي وهما “براديب رامامورثي” مدير إدارة الارتباط العالمي، و”دان شابيرو” مدير إدارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، وحضر من “مجموعة عمل مصر” إليوت إبرامز ودانيل كالينجيرت وسكوت كاربنتر وميشيل دن وروبرت كيجان وبريان كاتوليس وتوم مالينوفسكي، بالإضافة إلى أندرو البرتسون وماريا مكفارلاند من منظمة هيومان رايتس ووتش، وروبرت ساتلوف من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وذلك لمناقشة دعم الإصلاح السياسي في مصر والذي من المؤكد أن جماعة الإخوان كانت تحتل الجانب الأكبر من المناقشات. 

وخلصت الدراسة إلى ضرورة إحداث تغييرات سياسية شاملة في المنطقة وتغيير أنظمة الحكم بها، وهو الأمر الذي تؤكده تصريحات هيلاري كلينتون في 13 يناير 2011 في منتدى المستقبل بالدوحة إذ انتقدت الزعماء والقادة العرب لمقاومتهم التغيير، وفي اليوم التالي مباشرة اندلعت أحداث تونس وتبعتها مصر في 25 يناير وكانت جماعة الإخوان هي القاسم المشترك والأساسي في الأحداث في كلا البلدين. 

وفي ضوء نتائج الدراسة الرئاسية قررت الإدارة الأمريكية اعتماد استراتيجية تقوم على دعم جماعات الإسلام السياسي لتتولى مقاليد الحكم بعد إزاحة الأنظمة الحاكمة وإعادة تشكيل الشرق الأوسط والعالم العربي باستخدام جماعة الإخوان المسلمين، لتكون على غرار الدولة التركية وتطبيق نموذج حزب العدالة والتنمية والسماح لوصول جماعة الإخوان إلى الحكم في مصر وغيرها من الدول العربية.

وهو ما تم بالفعل في مصر بعد أحداث يناير 2011 وأصبحت خطوط الاتصال ساخنة بين الجماعة والأجهزة الأمريكية وفي مقدمتها المخابرات المركزية، وتشير وثائق ويكيليكس إلى القيادي الإخواني سعد الكتاتني كان همزة الوصل بين قيادات الجماعة في مصر والإدارة الأمريكية وحضر عددًا كبيرًا من الاجتماعات في السفارة الأمريكية بالقاهرة مع عدد من مسؤولي الخارجية والأمن القومي الأمريكيين. 

وقامت الإدارة الأمريكية في أغسطس 2011 بتغيير السفيرة “مارجريت سكوبي” وتعيين السفيرة “آن باترسون” السفيرة الأمريكية في أفغانستان حينها بدلًا منها، وفور تسلم “باترسون” دولاب العمل قامت بترتيب لقاء بين “بيل بيرنز” نائب وزير الخارجية الأمريكي و “محمد مرسي” رئيس حزب الحرية والعدالة حينها، وكان هذا اللقاء المباشر هو الأعلى في المستوى بين الإدارة الأمريكية والجماعة في مصر، وتبع ذلك العديد من الاجتماعات مع قيادات الجماعة وعلى رأسهم محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين

صلاح وهبة

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى