مصر

“أولويات التنمية”.. الإنسان المصري في المقدمة

تمسك الرئيس السيسي منذ توليه فترة رئاسته الأولى بضرورة أن تكون تنمية الإنسان المصري في مقدمة أولويات الدولة المصرية، وهو ما أكدت عليه استراتيجية التنمية المستدامة “رؤية مصر 2030″، وترجمته برامجها التنفيذية إلى واقع ملموس. وانتهجت الدولة المصرية نهجًا شاملًا لضمان الوصول إلى جميع الفئات، ومنحت كل فئة اهتمامًا ذا طبيعة خاصة من خلال مبادرات قطاعية موسعة. وامتدت جهود الدولة المصرية في مسارات متوازية بداية بتدريب وتأهيل الشباب ومبادرات الصحة وبرامج الإسكان الاجتماعي والقضاء على العشوائيات وتوسيع نطاق الدعم الاجتماعي وصولًا إلى إطلاق أكبر مشروع تنموي تشهده مصر في تاريخها، المشروع القومي لتنمية الريف المصري “حياة كريمة”.

التوسع في برامج الإسكان

إيمانًا من القيادة السياسية بأن الحياة الكريمة للمواطنين تبدأ من توفير المسكن الملائم، وتنوعت مشروعات الدولة المصرية بين القضاء على العشوائيات، وبرامج الإسكان الاجتماعي لمحدودي الدخل، وبرامج الإسكان المتوسط والمتميز لفئات الطبقة المتوسطة. وتمكنت الدولة المصرية من تنفيذ أكثر من 195 ألف وحدة في 316 منطقة غير آمنة تم تطويرها وبلغت تكلفتها 24 مليار جنيه، كما أن العمل مستمر للانتهاء من تنفيذ أكثر من 50 ألف وحدة سكنية في 41 منطقة عشوائية بتكلفة 16 مليار جنيه.

C:\Users\M.Salma\OneDrive\Desktop\الاسكان-الاجتماعي.jpg

أما فيما يتعلق بالإسكان الاجتماعي، فمن المقرر تنفيذ 725 ألف وحدة سكنية خلال 6 سنوات بكافة المحافظات والمدن الجديدة -تم الانتهاء من تنفيذ عدد 414 ألف وحدة-  تشمل وحدات مكونة من غرفتين وصالة أو ثلاث غرف وصالة كاملة التشطيب تقدم للمستفيد بسعر تكلفة الإنشاء فقط غير مُحمل عليها سعر الأرض أو المرافق أو الخدمات، كما يتم تقديم دعم مباشر للمستفيد يتراوح ما بين 5 الى 25 ألف جنيه، ويتم سداد ثمن الوحدة على مدى 20 عامًا بفائدة مدعمة من البنك المركزي، وقد بلغ الدعم المخصص لتمويل إسكان محدودي الدخل خلال العام المالي الماضي 7.5 مليار جنيه.

إضافة إلى ذلك، فقد تبنت وزارة الإسكان مشروع الإسكان المتوسط الذي يهدف لإتاحة وحدات سكنية بسعر مناسب أقل من مثيلاتها المقدمة من القطاع الخاص في أفضل مواقع بالمدن الجديدة بإجمالي عدد 400 ألف وحده سكنية، ووفرت الوزارة وحدات كاملة التشطيب ضمن محور “سكن مصر” ضمن المرحلة الأولى منه بتنفيذ عدد حوالي 57 ألف وحدة سكنية بمساحات من 106 م2 حتى 118 م2. 

مخصصات الدعم في الموازنة العامة للدولة

لا تتوقف أشكال الدعم الذي تقدمه الدولة المصرية عند دعم الإسكان، ولكن تتنوع بتنوع القطاعات المختلفة التي يستفيد منها المواطنون المصريون، ولعل أبرز هذه القطاعات ذات التأثير المباشر على المواطنين دعم الخبز والسلع التموينية والدعم النقدي من خلال برنامجي تكافل وكرامة. ويستفيد حوالي 64 مليون مواطن من دعم السلع التموينية، بينما ارتفع عدد المستفيدين من الدعم النقدي من 1.7 مليون أسرة إلى 3.8 مليون أسرة بإجمالي 14.3 مليون فرد. وعلى الرغم من أن قيمة الدعم لا تتجاوز 450 للفرد في برنامجي تكافل وكرامة، إلا أن إجمالي قيمة ما تتحمله الدولة تخطى 19 مليار جنيه سنويًا.

وفيما يتعلق بدعم السلع التموينية فقد تطورت قيمته على مدار الخمس سنوات ماضية، حيث ارتقعت من 80.5 مليار جنيه في العام المالي 2017/2018 إلى 87.2 مليار جنيه في موازنة العام المالي الحالي بنسبة بلغت 27% من إجمالي فاتورة الدعم التي بلغت 321 مليار جنيه وفقاً لوزارة المالية في 2021/2022، ويبلغ عدد المستفيدين من دعم السلع التموينية 24 مليون بطاقة تموينية بإجمالي 64 مليون مواطن، بينما يستفيد من دعم الخبز 71 مليون مواطن، وتصل قيمة دعم الخبز فقط 50.6 مليار جنيه.

ويعد دعم السلع التموينية والدعم النقدي أحد أهم أوجه الدعم التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر والتي أصرت الدولة المصرية على الاستمرار والتوسع فيها من أجل تخفيف المعاناة عن كاهل الأسر الأكثر احتياجًا منذ البدء في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي؛ ولم تتوقف الدولة المصرية عند دعم السلع وبرنامجي تكافل وكرامة، ولكن استحدثت برنامج دعم العمالة غير المنتظمة أثناء جائحة كورونا ليستفيد منه ما يزيد عن 550 ألف مواطن بقيمة إجمالية تجاوزت 275 مليون جنيه.

رفع الحد الأدنى للأجور والحفاظ على مستويات التضخم عند أقل مستوى ممكن

على الرغم من إقرار الحد للأجور ليكون ١٢٠٠ جنيه منذ سبتمبر 2013، إلا أن هذا الأجر لم يكن كافيًا لضمان مستوى الحياة الذي تسعى الدولة المصرية إلى توفيره لمواطنيها، خاصة بعد البدء في تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي في 2016، حيث بلغ مستوى التضخم في أسعار السلع والخدمات أعلى مستوى على الإطلاق وصل إلى 33% عام 2017، مما ألقى بمعاناة أكبر على كاهل المواطنين الذين يعتمدون في الأساس على مثل هذا الدخل.

وفي هذا الصدد، عملت الدولة المصرية على تحسين الأجور بشكل مستمر وتقديم برامج حمائية للفئات الأكثر عرضة للفقر، كما تواصلت الجهود للحفاظ على مستويات التضخم عند أدنى مستوى ممكن، وقد تم ذلك من خلال مسارين أساسيين: الأول تمثل في خفض معدلات التضخم والتي وصلت في بعض الأوقات إلى نسبة “سالبة”، أي أن أسعار السلع لم تشهد أي زيادة ولكن على العكس انخفضت، وبلغت نسبة التضخم في أكتوبر 2019 حوالي 4.5%، وفي 2020 استقر عند 5.1% منخفضاً عن النسبة المستهدفة (12:6%) بحوالي 1%.

أما المسار الثاني فيتمثل في رفع الحد الأدنى للأجور في يونيو 2021 من 1200 جنيه إلى 2400 جنيه، على أن يتم تطبيق هذا القرار على العاملين في القطاعين الحكومي والخاص لضمان ألا يتأخر أحد عن الركب، وأن يتقاضى العاملون أجرًا يوفر لهم مستوى معيشة مناسب.

الجدير بالذكر أن معدل الفقر في مصر انخفض إلى 29.7 بالمئة في السنة المالية 2019/2020 من 32.5 بالمئة في 2017/2018، وارتفع متوسط صافي الدخل السنوي للأسرة على مستوى الجمهورية 14.4 بالمئة إلى 69.1 ألف جنيه في 2019/2020 من 60.4 ألف جنيه في 2017/2018 .

حياة كريمة .. المشروع الأكبر في بناء الجمهورية الجديدة

يعد المكسب الأكبر من المبادرة الرئاسية التي أطلقت في أواخر 2019 هو إيجاد فرصة حقيقية لتضافر جهود مؤسسات الدولة من أجل تحقيق التنمية الشاملة للإنسان المصري خاصة في الريف المصري الذي يمثل سكانه 57% من إجمالي عدد السكان في مصر. إن الأهداف التنموية التي تستهدفها “حية كريمة” تمثل نسبة كبيرة من أهداف التنمية المستدامة التي أطلقتها الأمم المتحدة في 2015، فهي تحقق أهداف القضاء على الفقر وتوفير التعليم الجيد والمنصف والشامل وتقديم نظام صحي شامل، كما تضمن تفعيل الشراكات، وتقدم مشروعات صغيرة ومتوسطة مستدامة للفئات المهمشة، وتراعي البعد البيئي من خلال مشروعات متعددة مثل مشروع تبطين الترع.

إن المدى الزمني والمقدر بثلاث سنوات، وحجم الإنفاق المقرر لتنفيذ مشروعات حياة كريمة في الريف المصري والمقدر بحوالي 600 مليار جنيه يؤكد جدية الدولة المصرية في القضاء على الفقر متعدد الأبعاد عند قاطني الريف، حيث تتضمن المشروعات الخدمات التعليمية وخدمات الصحة وتوصيل المرافق مثل مياه الشرب والكهرباء والصرف الصحي وتوفير مصدر للوقود بتوصيل الغاز الطبيعي للقرى.

علاوة على ما سبق، فإن المبادرة تعتمد على التصنيع المحلي في توفير المواد المستخدمة في المشروعات التي تنفذها الشركات والهيئات المشاركة في المشروع، والاعتماد على أبناء القرى في تنفيذ المشروعات ما يضمن توفير فرص عمل ملائمة لهؤلاء المواطنين. وتعمل وزارة التضامن الاجتماعي بالتعاون مع جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتقديم التمويل اللازم لعدد من الأسر في هذه القرى لبدء مشروعاتهم الخاصة.

في الأخير، لا يمكن حصر كل جهود الدولة لضمان بناء الإنسان المصري وتنمية قدراته في مقال واحد لأن المجالات متعددة والقطاعات متداخلة، ولكن المؤكد هو أن الدولة المصرية لا تدخر جهدًا للتنمية إلا وبذلته ولا سبيلاً لتنمية القدرات البشرية لمواطنيها إلا وسلكته من أجل مواطن واعٍ وقدار على المشاركة بفاعلية في دفع عجلة التنمية للمجتمع ككل.

محمود سلامة

باحث ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى