الصحافة المصرية

نظام التعليم الجديد..مشروع مصر القومي لبناء الانسان

تدرك الدولة المصرية حتمية تطوير التعليم بصفته ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة، وقد أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي أن بناء الإنسان المصري على رأس أولويات الدولة، ويجب أن يتم بناؤه على أساس شامل ومتكامل بدنياً وعقلياً وثقافياً. 

وبدأت الدولة تطوير التعليم، باعتباره يمثل الجناح الثاني لمنظومة بناء الإنسان المصري التي تقوم على النهوض بمنظومتي التعليم والصحة، لما يمثلانه من أهمية بالغة في بقاء المجتمع المصري قويا ومتماسكا.

وتواكب إعلان الرئيس مع فلسفة نظام التعليم الجديد الذي أقرته وزارة التربية والتعليم، وهي الفلسفة التي تقوم على التعامل مع العملية التعليمية كمنظومة شاملة ومتكاملة في جوانبها العلمية والتربوية والثقافية والرياضية، والوصول إلى مرحلة الفهم والابتكار وتنمية الملكات الإبداعية.

2019.. عام التعليم

أعلن الرئيس السيسي أن عام 2019 هو عام التعليم، باعتباره الركيزة الأساسية للنهضة والتقدم ومن أهم ركائز الأمن القومي المصري، مما يؤكد الاهتمام المتنامي من الدولة بهذا الملف الاستراتيجي والعمل على الارتقاء والنهوض به لمستوى أفضل، ويعد إعلان عام 2019 عاما للتعليم بمثابة خريطة واضحة واستراتيجية شاملة تضع التعليم في مكانته في منظومة النهضة الشاملة التي تشهدها البلاد في كل المجالات، كما يعد دفعة قوية لتحقيق نقلة نوعية للتعليم.

التعليم في الدستور المصري

تنص المادة  19 في الدستور المصري على أن “التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه في مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقاً لمعايير الجودة العالمية، والتعليم إلزامي حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية، وفقاً للقانون، وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومي الإجمالي، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها.

 مليون تلميذ بمراحل التعليم قبل الجامعي

 شهد العام الدراسي 2017/ 2018، ارتفاعا في أعداد التلاميذ بمراحل التعليم قبل الجامعي، ليبلغ عددهم 23.2 مليون تلميذ، وكان في 2016/ 2017، قد بلغ 22.5 مليون تلميذ، أما إجمالي عدد المدرسين لتلك المراحل التعليمية “تعليم قبل الجامعي”، فبلغ 1.19 مليون مدرس بزيادة 2.8.

محاور استراتيجية تطوير التعليم

تنقسم استراتيجية تطوير التعليم إلى أربعة محاور هي: تطوير نظام التعليم، وتعديل نظام الثانوية العامة، وفتح المدارس اليابانية والمدارس التكنولوجية بالنسبة للتعليم الفني.

أولا- تطوير النظام التعليمي

تهتم الدولة بتطوير النظام التعليمي من خلال تطوير المناهج وأسلوب التدريس ففي مرحلة رياض الأطفال: يتلخص النظام الجديد برياض الأطفال، في مناهج جديدة تماما، وطريقة تدريس مبتكرة، وتهدف هذه المناهج لأن يتعود الطفل منذ الصغر على أن يلغي من ذاكرته فلسفة الحفظ والتلقين، ويكون شخصية مبتكرة مفكرة طموحة، تستطيع حل المشكلات، والتفكير خارج الصندوق، وأن يكون الطفل أكثر انتماء لوطنه، ويتمحور كل ذلك حول “بناء الشخصية المصرية“.

 تم إلغاء الامتحانات في الصفين الأول والثاني الابتدائي، واستبدالها بتطبيقات تقيس قدرات الطلاب، بالإضافة إلى توفير مناهج رقمية للصفوف من الثاني الابتدائي وحتى الثالث الإعدادي.

المواد العلمية باللغة الإنجليزية

ستكون الدراسة باللغة العربية بدءا من مرحلة رياض الأطفال حتى نهاية المرحلة الابتدائية وهو ما ينطبق على المدارس الحكومية والتجريبية، أما في المرحلة الإعدادية يدرس الطالب العلوم والرياضيات باللغة الانجليزية. ويؤجل تطبيق هذا النظام على المدارس التجريبية التي تدرس اللغات إلى العام المقبل، لإتاحة الفرصة لأولياء الأمور لاختيار المدرسة المناسبة لأبنائهم. وقد تم شراء مناهج رقمية ومواد تفاعلية اثرائية، حتى تتم تنقية المناهج من الزيادات غير المفيدة، وسيتم تغيير شكل أسئلة الامتحان بما يكشف استيعاب الطلاب وفهمهم للمناهج التعليمية وليس الحفظ والتلقين.

ثانيا- تعديل نظام الثانوية العامة

أعلنت الدولة البدء التدريجي في خطة رقمنه المناهج التعليمية، من خلال البدء في توزيع مليون جهاز تابلت تعليمي على طلاب الصف الأول الثانوي كخطة تجريبية ابتداءً من العام الدراسي 2018\2019، وقد تم توزيع الأجهزة مجانًا على طلاب المدارس الحكومية ، وأعلنت الدولة عن تعديل نظام الثانوية العامة بحيث يكون التقييم على ثلاث سنوات، عن طريق عدد من الامتحانات يخوضها الطالب على مدار السنوات الثلاثة، ويتم احتساب المجموع التراكمي على أساس الدرجات الأعلى بنسب تدريجية تضمن حضور الطلاب وخوضهم لجميع الامتحانات، كما سيتم إلغاء نظام المواد المنتهية، حيث ستكون الدراسة في جميع المواد ممتدة على مدار العام، كما أعلن عن إلغاء تقسيم “علوم – رياضة” داخل الشعبة العلمي، بحيث يصبح التقسيم إلى شعبتين فقط “علمي – أدبي “.

12 امتحانا في 3 سنوات

تم الانتهاء بالكامل من تعديل نظام الثانوية العامة عام 2020 -2021، ابتداء بالصف الأول الثانوي، وستبقى مناهج الثانوية العامة كما هي ولا تغيير إلا في طريقة التقييم والامتحانات حيث سيؤدى الطالب 12 امتحانا في 3 سنوات، يختار منها أفضل 4 امتحانات من حيث الدرجات التي حصل عليها وهو ما يتيح أكثر من فرصة للتعويض. وتعتمد الامتحانات في النظام الجديد على الفكر والتحليل والإبداع لقياس المهارات الفكرية والمعرفية للطالب.

ثالثا ً: المدارس المصرية اليابانية

تسعى المدارس المصرية اليابانية إلى تطبيق النموذج الياباني من الأنشطة التعليمية “توكات سو”، وتشير هذه الكلمة إلى مفهوم التنمية الشاملة للطفل من جميع الجوانب.

وانطلق العمل بالمدارس المصرية اليابانية بـ 35 مدرسة، اعتبارًا من العام الدراسي 2018/ 2019، إضافة إلى 7 مدارس سوف تدخل الخدمة العام الدراسي الجديد 2019 – 2020، واقتصر التقديم على مرحلة رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي، وكانت لغة الدراسة الأساسية هي العربية، وقررت وزارة التربية والتعليم التحول إلى الانجليزية اعتبارًا من العام الجديد.

رابعاً- المدارس التكنولوجية

يحتل التعليم الفني والتدريب المهني في الاستراتيجية المستقبلية “رؤية مصر 2030″، مساحة كبيرة ضمن محور الأهداف الاجتماعية، منها تحديد الأهداف الاستراتيجية الخاصة بالتعليم الفني والتدريب، وتستهدف هذه الاستراتيجية طالب التعليم الفني، وأصحاب الأعمال ، وتحتل منظومة التعليم الفني في دول العالم المتقدم، وفى الاقتصاديات سريعة النمو مكانة كبيرة، وترجع أهمية التعليم الفني إلى أنه أحد أهم آليات الدولة في مواجهة البطالة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وزيادة القدرة التنافسية للاقتصاد ، وتم تغيير اسم مدارس التعليم الفني الجديدة (نظام التعليم المزدوج) لتصبح مدارس التكنولوجيا التطبيقية يحصل فيها الطالب على شهادة التكنولوجيا التطبيقية نظام الثلاث سنوات .

نظام إكساب الجدارات

وهذا النظام قائم على تغيير جميع مناهج التعليم الفني إلى نظام إكساب «الجدارات» في غضون السنوات القليلة القادمة، وتتكون الجدارات من مهارات مهنية وفنية مصحوبة بمعارف وسلوكيات وتوجهات حديثة من قبل الفني الذي يتم إعداده حسب هذا النظام، من خلال تعليم فني متقدم ذي مستوى جودة عالمية، حتى يتم الاستفادة من الموارد البشرية، ويكون هناك جيل جديد قادر على إحداث التغيير، وأيضًا تغيير نظام وشكل التقييم الخاص بالامتحانات، ليصبح قائماَ على الفهم وليس الحفظ والتلقين.

البنك الدولي يشيد بخطة مصر في تطوير التعليم

أشاد البنك الدولي بخطة مصر لتطوير التعليم من خلال الشروع في إجراء تغييرات واسعة للنظام التعليمي باستخدام التكنولوجيا من أجل تقديم ودعم وقياس وإدارة عملية التعلُّم والتطوير المهني للمعلمين، وبحسب التقرير فإن التقنيات الرقمية تتطوَّر بسرعة مذهلة، وتُحدِث تحوُّلات سريعة في طبيعة العمل. وأكد البنك إن التحدي الذي تواجهه البلدان في أنحاء العالم هو التكيُّف مع الاقتصاد الرقمي الجديد، والحرص على تزويد كل جيل جديد بالقدرات التي تُمكِّنه من اقتناص الفرص التي يخلقها.

الاهتمام بالمعلم

برنامج “المعلمون أولا “

وضعت الدولة قاعدة بيانات للمعلمين على مستوى الجمهورية، وسعت إلى استغلال منظومة قاعدة بيانات برنامج “المعلمون أولا” فيما يتعلق بالنقاط التي يحصل عليها المعلمون المشاركون في البرنامج، والتي تحتسب وفق أداء المعلم أثناء مشاركته في البرنامج. 

واتخذت الدولة أيضا خطوات نحو تعزيز وصقل مهارات المعلم المصري فيما يتصل بالتثقيف المالي، والإسهام في تنمية المهارات الشخصية للمعلم حتى تتواكب مداركه مع التطور السريع للاقتصاد العالمي، وفى مجال التنمية المهنية للمعلمين، نفذت برامج تدريبية عدة لأعضاء هيئة التدريس، حيث تم تدريب عدد كبير من المعلمين على استخدامات بنك المعرفة المصري، وتدريب قرابة 130 ألف معلم على منظومة التعليم الجديدة.

كما تم تخصيص 20% من المنح الدراسية خارج وداخل مصر لكوادر التعليم لمدة 10 سنوات، كذلك ربط التعليم بسوق العمل عبر الاهتمام بالتعليم الفني من خلال إنشاء هيئة للجودة في التعليم الفني، والاهتمام بتدريب المعلمين وتأهيلهم للنظام عبر إنشاء مركز لتدريب المعلمين طبقًا للمعايير الدولية.

بنك المعرفة المصري

أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم السبت الموافق 9 يناير 2016 مشروع بنك المعرفة المصري أكبر مكتبة رقمية في العالم تحت مسمى «المحتوى العلمي في كل بيت مصري.

بهدف تثقيف وتعليم كل المصريين بالمجان، وإتاحة المحتوى العلمي للعديد من الموسوعات العلمية والمواد والمناهج التعليمية لكل فئات المجتمع المصري من المواطنين والباحثين والطلاب على اختلاف فئاتهم العمرية. حيث يجد الباحث الأكاديمي فيها كل ما يفيده للارتقاء بالبحث العلمي، كما يجد فيها
الشاب المتطلع للمعرفة أحدث ألوان المعرفة الإنسانية في جميع المجالات.

واتاح بنك المعرفة لمجتمع الباحثين والعلماء والأطباء والطلاب وغيرهم من كل من أراد ان يقوم ببحث علمي المصادر العلمية مثل الكتب والدوريات العلمية الدولية التي تصدر من كل بلاد العالم في كل تخصصات الحياة من الطب والصيدلة والهندسة والتعليم والزراعة وخلافه.

المنتدى العالمي الأول للتعليم العالي والبحث العلمي

افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي المنتدى العالمي الأول للتعليم العالي والبحث العلمي بين الحاضر والمستقبل في العاصمة الإدارية الجديدة خلال الفترة من 4 إلى 6 إبريل 2019، وقد شارك في فعالياته نحو 2000 شخصية، من بينهم كبار المسئولين والعلماء والخبراء والمهتمين بالتعليم الجامعي والبحث العلمي والابتكار، وأكثر من 300 شخصية أجنبية من كبار العلماء ورؤساء الجامعات الدولية ونواب وزراء التعليم وخبراء التعليم من 55 دولة، بالإضافة إلى ممثلي المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالتعليم العالي والبحث العلمي. 

واستهدف المنتدى خلق منصة دولية لتناول حاضر ومستقبل التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار من خلال مناقشات حوارية تتناول عددا من القضايا المطروحة عالميا بطريقة تسمح بتبادل الخبرات والتجارب العالمية في مجالات تطوير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.

توصيات المنتدى

شملت توصيات المنتدى العالمي الأول للتعليم العالي والبحث العلمي اعتماد أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030 لتوفير تعليم عالي الجودة، وإعادة إحياء ثقافة التعلم بين الطلاب لتقييم تجربة اكتساب المهارات الجديدة بدلاً من الاهتمام بالشهادات فقط. والتركيز على قيم التسامح والتضامن والحوار بين الشباب.

كما شملت التوصيات أيضا مراجعة المناهج الحالية لتلبية الاحتياجات المستقبلية (الوطنية والدولية)، وتصميم برامج مخصصة لتلائم احتياجات سوق العمل في المستقبل.

وتضمنت التوصيات كذلك القضاء على القوالب النمطية وتقديم الدعم، في مهن العلوم والتكنولوجيا والابتكار، للفتيات والنساء للعمل لمواصلة المهن العلمية ومتطلباتها.

وأوصى المنتدى العالمي الأول للتعليم العالي والبحث العلمي أيضا بمشاركة أفضل ممارسات التعليم العالي والبحث العلمي مع دول الاتحاد الإفريقي والعالم العربي والاتحاد الأوروبي والاقتصادات الناشئة.

وأكد المنتدى ضرورة تنظيم المنتدى GFHS  سنويا لمتابعة التوصيات ومواكبة وتيرة التعليم العالي السريعة التغير.

كاتب

هالة فودة

باحثة ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى