
هل يتدخل القدر لينقذ الحديد والصُلب المصرية؟
في ١١ يناير الماضي أعلن مجلس إدارة شركة الحديد والصلب المصرية عن نتيته تصفيتها، بعد ٦٧ عامًا من العمل في السوق المصرية وقيادتها في مُعظم هذه الفترة، وقد جاء القرار نتيجة ما تبكدته الشركة من خسائر فادحة خلال السنوات العشر الأخيرة، وصل إجماليها إلى ٨٫٣٩ مليار جنيه، بلاضافة لعدم نجاحها في تحقيق أية أرباح خلال السنوات العشر الماضية، كما يوضح الشكل التالي:
وقد كانت الخسائر مُحصلة تشابك أخطاء الإدارة والتقلبات المحلية في السياسة الصناعية، وأخيرًا الأوضاع العالمية للحديد الذي شهد فائض ضخم جدًا في العرض خاصصة من الشركات الصينية، حتى أصبحت وحدها تُنتج أكثر من نصف الإنتاج العالمي، كما يوضح الشكل التالي:
وفي الوقت الذي أعلنت الشركة فيه وضع نفسها تحت التصفية، وكانت على وشك اتخاذ إجراءاتها، تغيرت الظروف العالمية تغيرًا جذريًا، اذ دخلنا فيما يُطلق عليه “الدورة الفائقة”، وبدأت الإدارة الصينية تتبنى سياسة لخفض الانبعاثات الحرارية بحيث تلتزم بالسياق العالمي.
القدر قد يكون تدخل لمنح الشركة قُبلة الحياة، بعدما عجزت فعليًا اثنتين من أقوى بيوت الخبرة الأوروبية والروسية في إيجاد حلول تبعث الشركة من جديد.
فبداية ظهر تأثير الدورة الفائقة جليًا على المعادن بكافة أشكالها، وخصوصًا النحاس والصلب، لترفع أسعارهما بشدة، بسبب ارتفاع الطلب لمُجاراة التوقف في عملية التشييد خلال فترة الجائحة من ناحية واستجابة لبرامج التحفيز الضخمة سواء في أوروبا، أو الولايات المُتحدة الأمريكية، والتي اتجه جُزء مُعتبر منها لشراء المنازل، مما رفع الطلب من جديد على الصُلب٫
كذلك على جانب العرض أعلنت الصين خفض إنتاجها من الصُلب تدريجيًا حتى يصل نصفه في العام ٢٠١٩ بحلول العام ٢٠٥٠، حتى تستطيع الالتزام بسيناريو المُناخ ١.٥ درجة مئوية.
لذلك بدأت أسعار الحديد بالارتفاع بشدة خلال العام الجاري كما يوضح الشكل التالي:
ويتضح من الشكل ارتفاع أسعار الحديد الصُلب من مُستويات ٣٫٥ ألف يوان في بداية العام الماضي، إلى مستويات ٦ آلاف يوان في مايو الماضي، ليبلغ في وقت كتابة المقال ٤٫٩ ألف دولار وذلك بأعلى من ٥٠٪ للطُن في أقل من عام٫
تُشير التوقعات كذلك إلى استمرار الاتجاه إلى الارتفاع مع اتجاه المُنتج الصيني إلى الانخفاض.
هذه الظروف أعطت الشركة وضع آخر تمامًا عما كان يجري وقت صدور قرار تصفيتها، حيث أصبح من المُجدي إقالتها وإعادة هيكلتها في ظل الأسعار الجديدة الحالية والمُستقبلية.
لاحظت شركة “فاش ماش” الأوكرانية هذه التطورات وحللتها واستنتجت أنه يُمكنها التعاون مع الحكومة المصرية لبعث الشركة من جديد، فأرسلت عرضًا لمجلس إدارة الشركة لتأهيل وتطوير وإدارة الشركة بنظام المُشاركة في الإيراد، كما توضح الصورة التالية:
أرجح بشدة أن تنتهي الدراسة للموافقة على عرض الشركة، إلا لو تضمن شروط تنص على استحواذ على أصول مُقابل عملية الإدارة، وفي هذه الحالة سنكون أمام عملية نصب حرفية لا أعتقد أن تقع فيها الإدارة المصرية.