
“العلاقات الأمريكية الصينية”.. خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الخلف
يمكن القول بشكل عام، أن العلاقات الصينية- الأمريكية من أكثر العلاقات الدولية تعقدا وتداخلا في الفترة الراهنة، لأسباب كثيرة. اقتصاديا، كونهما أكبر اقتصادين في العالم، كما أن بكين أصبحت أكبر شريك تجاري لواشنطن منذ عام 2015، وبلغ حجم التبادل التجاري بينهما حوالي 519 مليار دولار أمريكيا. أما على الصعيد السياسي، فقد برزت الصين كقوة صاعدة على الساحة الدولية وتشابكت مع الولايات المتحدة الأمريكية في عديد من القضايا الإقليمية والدولية.
وتجعل خلافات البلدين في بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي وشبه الجزيرة الكورية، ونزاعهما التجاري وتباين رؤاهما تجاه قضايا الحريات وحقوق الإنسان، العلاقات أكثر تعقيدا، ذلك بسبب كونها تجليات للتنافس بين قوة عالمية صاعدة وقوة أخرى مهيمنة يتراجع دورها يوما بعد يوم، كما أنها انعكاس لتباين حقيقي في المفهوم الصيني والمفهوم الأمريكي للنظام العالمي السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
أبرز الملفات الخلافية
هونج كونج
أبدت الإدارة الأمريكية اهتماما كبيرا تجاه الاحتجاجات المتجددة في هونج كونج. الأمر الذي دفع الصين إلى تأكيد أن شؤون منطقة هونج كونج الإدارية الخاصة هى “شؤون صينية داخلية”، داعية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الالتزام بتصريحاته السابقة بشأن عدم التدخل فى شؤون المنطقة. وذلك تعليقا على تغريدة للرئيس ترامب التي ربط فيها المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين بتسوية الأزمة التى تشهدها هونج كونج، ومطالبته حل الأزمة هناك بطريقة “إنسانية”، واقتراحه عقد لقاء مع الرئيس الصيني فى هذا الصدد.
تايوان
لطالما ظلت تايوان قضية محورية في العلاقات الأمريكية الصينية، وكانت ضمن أهم أسباب التوتر بين البلدين. أعلنت الصين في 17 أغسطس الجاري، أنها قدمت احتجاجا رسميا للولايات المتحدة بشأن بيع أسلحة إلى تايوان من بينها مقاتلات من طراز “إف-16 في” F-16V، في صفقة تقدر قيمتها بـ8 مليارات دولار.
قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية “هوا تشون يينج” إن الجانب الأمريكي انتهك مبدأ “صين واحدة” والبيانات “الصينية – الأمريكية” المشتركة الثلاثة على نحو خطير، مؤكدة أن واشنطن تدخلت بذلك في شؤون الصين الداخلية وألحقت الضرر بسيادة الصين ومصالحها الأمنية.
بحر الصين الجنوبي
تعتبر أزمة بحر الصين الجنوبى إحدى أبرز قضايا الخلاف بين الصين والمجتمع الدولي. اشتعلت التوترات الأخيرة بسبب استمرار وإصرار الصين على تأكيد سيادتها على أجزاء واسعة من البحر؛ إذ أعلنت أحقيتها بنحو نصف البحر الجنوبي، والذي يشكل ممرا لما قيمته 5 تريليونات دولار من التجارة البحرية العالمية السنوية، كما يعتقد أيضا أنه غني باحتياطي النفط والغاز.
كوريا الشمالية
يبدو أن الولايات المتحدة تعمل على تحييد خلافاتها السياسية مع الصين، ولو مؤقتا، من أجل حل أزمة كوريا الشمالية. كان الرئيس الصيني، قد أجرى عدة اتصالات مع نظيره الأمريكي، مؤكدا أن علاقات أمريكا والصين، والمعاهدات التجارية بينهما ستصبح بأفضل حال في حالة تعاونهما معًا لحل أزمة كوريا الشمالية، مؤكدا ثقته بأن الصين قادرة على التعامل مع كوريا الشمالية. وبشكل عام، فإن تحالف أمريكا والصين فيما يخص كوريا الشمالية يقوى تارة، ويضعف تارة؛ إذ أشاد الرئيس ترامب، في 16 نوفمبر 2017، بما اعتبره “خطوة عظيمة” اتخذتها الصين تجاه كوريا الشمالية؛ وذلك بعد أن أرسلت مبعوثا لها إلى كوريا الشمالية لبحث الأزمة النووية مع الولايات المتحدة، غير أنه عاد بعد حوالي شهر فقط من هذا التصريح، ليؤكد أنه يشعر بخيبة أمل بسبب سماح الصين بوصول النفط إلى كوريا الشمالية.
الحرب التجارية
تحاول إدارة ترامب توجيه ضربات قوية للصين تمثلت في فرض التعريفة الجمركية من جانب واحد، وكذا القيام بجهود دبلوماسية كبيرة لمنع اعتماد تقنيات صينية مثل (Huawei G5) في دول حليفة مثل بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، علاوةً على وضع تدابير لمنع شراء التكنولوجيا الأمريكية والأوروبية من قِبل جهات صينية، وتدابير لوقف استثمارات صينية في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الضغط على الحلفاء من أجل تبني رؤية مماثلة للرؤية المُتشددة الأمريكية تجاه بكين، بجانب عرقلة مبادرة “الحزام والطريق”. ومع التقدم المحدود الذي أحرزه الرئيسين الأمريكي والصيني على هامش قمة العشرين، إلا أن الرئيس ترامب جدد خطابه شديد اللهجة تجاه الصين، وفرض رسوم جمركية جديدة واتهمها بالتلاعب بعملتها.
الملكية الفكرية
في 14 أغسطس 2017، قرر الرئيس ترامب، فتح تحقيقات تجارية في الممارسات المتعلقة بالملكية الفكرية في الصين، ونقل التقنيات الأمريكية إلى الصين دون مراعاة حقوق الملكية الفكرية الأمريكية. وأوضح ترامب أن إدارته ستتخذ إجراءً تجاريًا انتقاميًا ضد بكين في وقتٍ قريب. البند 301 من القانون التجاري الأمريكي الصادر عام 1974، والمتعلق بالملكية الفكرية، والذي كان يستخدم بكثافة في ثمانينيات وبداية تسعينيات القرن الماضي، يسمح للرئيس الأمريكي بفرض رسوم جمركية أو قيود تجارية أخرى بشكل أحادي ضد دول أجنبية.