
“مدن الجيل الرابع”.. جيل جديد يغير نمط الحياة في مصر
في ظل توجه الدولة الحديث نحو التحول الرقمي في عديد من المشروعات التي تتبناها لتلك الفترة، والتي كان أخرها “جراج روكسي”، تزايد الاهتمام أيضا نحو خلق مدن ذكية تركز على الانسان في المقام الأول، وتستطيع الاستجابة للظروف الاقتصادية والثقافية والاجتماعية المتغيرة، بخلاف المدن التقليدية، تتسم بطابع رقمي، وتخلو من مظاهر العشوائية، فضلا عن أنها تستخدم بدائل الطاقة الحديثة والتكنولوجيا المتطورة، كما تضم مقومات صحية للسكن والحياة والسياحة، وهي ما أطلق عليها “مدن الجيل الرابع”.
وتعد تلك المدن أحد أبرز الأسباب لتدفق الاستثمارات، فتم تصميمها وتنفيذها على أحدث النظم التخطيطية، التي جعلتها تنفرد بارتفاعات وتصميمات وألوان وطرق وبنية تحتية على أعلى مستوى، بالإضافة إلى اعتمادها على شبكة مرافق ذكية، تراقب إدارة وتشغيل واستهلاك كل المرافق الحيوية عبر عدادات ذكية رقمية، وتتيح استخدام أمثل للمرافق، عن طريق توزيع الفائض المنتج من إحدى الشبكات إلى الشبكات الأخرى، ما يضمن تخفيف الأحمال وتقليل تكلفة التشغيل.
فضلا عن احتواء تلك المدن على مستشعرات وحساسات ذكية ومحولات بيانات ذكية، تستطيع معالجة وتحليل البيانات وتظهرها في شكلها النهائي، من خلال مراكز تشغيل وتحكم، تقيس عديدا من المعلومات وتنقل كل البيانات في نفس الوقت للمواطنين أو السلطات المعنية، منها كاميرات المراقبة وأنظمة العدادات الذكية وأنظمة مرور وساحات انتظار ذكية تدار اّليا، وكذلك أنظمة إنارة وإعلانات تجارية ذكية.
واعتمدت تلك المدن في تصميمها على بنية رقمية موحدة، تركز على شبكة عريضة من كوابل الألياف الضوئية، تغطي المدينة وترتبط مع الشبكات الداخلية وشبكات الجيل الرابع من خلال محولات ربط لضمان تغطية كل احتياجات المدينة وجميع خدماتها.
مع مراعاة وجودها بعيدا عن الشريط الضيق لوادي النيل، الذي مازال يعاني من الزحف العمراني على الأراضي الزراعية، والذي بدروه سيعيد تغيير خريطة مصر التي ستتحول صحاريها المهجورة إلى مدن عامرة بالسكان.
وبالفعل بدأت وزارة الإسكان في العمل على تنفيذ 20 مدينة جديدة – حتى الآن – تحت اسم “مدن الجيل الرابع” تتوزع بمختلف محافظات مصر وأقاليمها، حيث يبلغ إجمالي مساحات هذه التجمعات الجديدة بنحو 580 ألف فدان، ومتوقع أن تستوعب حوالي 30 مليون نسمة، بجانب توفير ملايين فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
“مدن الجيل الرابع” توفر حياة أفضل
التكدس السكاني في القاهرة والعشوائيات المتزايدة، فضلا عن الزحف العمراني المتنامي على حساب الأراضي الزراعية، جعل اللجوء إلى إنشاء جيل جديد من المدن العمرانية، أمرا ملحًا، ولم تكن تلك الأسباب هي كل شيء، فمميزات انشاء تلك المدن كانت أداة جذب قوية للدولة المصرية، جعلتها تقرر تصميم مثل تلك المدن على أرضها، والتي أبرزها:
- إعادة توزيع السكان خارج القاهرة والشريط الضيق لوادي النيل، ومنع تكون مناطق عشوائية جديدة، عبر إقامة مناطق جذب مستحدثة للمواطنين خارج نطاق المدن والقرى القائمة.
- خلق مراكز حضارية جديدة تحقق الاستقرار الاجتماعي والرخاء الاقتصادي، عبر توفير مباني متكاملة الخدمات التي يحتاجها المواطنون.
- تطبيق معايير التنمية المستدامة، مثل “تدوير المخلفات – ووجود مساحات خضراء مفتوحة – وتوفير جميع الخدمات التكنولوجية”.
- تعظيم تنافسية مصر لجذب الاستثمارات، وزيادة معدل النمو الاقتصادي من خلال ربط شبكة مراكز التنمية بالمناطق الإنتاجية، وتوفير الخدمات التقنية المتكاملة للمواطنين على مستوى المحافظات والمدن الجديدة، ما يوفر العديد من فرص العمل.
فيما كانت تلك المدن هي التطور الحديث لثلاثة أجيال عمرانية سابقة،
والتي بدأت بمدن “العاشر من رمضان – 15 مايو – السادس من أكتوبر – السادات – برج العرب الجديدة – الصالحية الجديدة – دمياط الجديدة”، كمدنًا للجيل الأول من عام” 1977 إلى 1982″، ومنها إلى الجيل الثاني من عام “1982 إلى 2000” الذي ضم مدن “بدر – العبور – بني سويف الجديدة – المنيا الجديدة – النوبارية الجديدة – الشيخ زايد”، ومن ثم كان الجيل الثالث من عام “2000 إلى 2014” الذي شهد مدن “الشروق- القاهرة الجديدة – أسيوط الجديدة – طيبة الجديدة – سوهاج الجديدة – الأقصر الجديدة – أسوان الجديدة – قنا الجديدة – الفيوم الجديدة – أخميم الجديدة”.