سياسة

الدبلوماسية البرلمانية المصرية في برلمان عموم أفريقيا

برلمان عموم إفريقيا أو كما يسمى البرلمان الإفريقي هو مؤسسة شابة تم إنشاؤها كأحد أجهزة الاتحاد الإفريقي، وتعد منصة للشعوب الإفريقية للمشاركة الكاملة في التنمية والتكامل الاقتصادي للقارة، والمساهمة في المناقشات واتخاذ القرارات بشأن المشاكل والتحديات التي تواجه القارة. وكذلك، يعد البرلمان الإفريقي أحد الأجهزة التسعة المنصوص عليها في المادة 5 من القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي والمعتمد في 11 يوليو 2000 في لومي عاصمة جمهورية توغو.

ويحظى برلمان عموم إفريقيا بأهمية خاصة؛ فقبل إنشائه لم تكن هناك آلية قارية لمناقشة أوسع حول التنمية والمسائل الأخرى التي تؤثر على الشعوب والدول الإفريقية، ولـم يكن في البرلمانات الوطنية آلية لإدراج واستدامة برنامج قاري.

النشأة والأهداف

101482

برلمان عموم إفريقيا يعد أعلى سلطة في الاتحاد الإفريقي، حيث يمارس الدور الرقابي، وتأسس في 18 مارس 2004، وله صلاحية استشارية و فترة الرئاسة تمتد لخمس سنوات، وكان مقره السابق في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا  ولكنه نقل وأصبح مقره الرسمي في مدينة ميدراند بجنوب إفريقيا، ويتألف من 265 ممثلًا منتخبًا من جميع الدول الـ 53 للاتحاد الإفريقي، وكل دولة عضو صدقت على البروتوكول المنشئ للبرلمان الإفريقي ممثلة بخمسة أعضاء فيه، بما في ذلك امرأتان على الأقل لكل دولة عضو لضمان تنوع الآراء والخلفيات، ويتم انتخابهم أو تعيينهم بواسطة البرلمانات الوطنية الخاصة بهم أو أي جهاز تشريعي آخر في الدول الأعضاء. ويجتمع البرلمان مرتين على الأقل في العام في جلسة عادية، بالإضافة إلى الدورات الاستثنائية طبقًا للمستجدات التي قد تطرأ على القارة، وتجتمع اللجان الدائمة مرتين في السنة، عادة ما تكون في مارس وأغسطس.

ويهدف البرلمان الإفريقي إلى تسهيل تنفيذ سياسات وأهداف “منظمة الوحدة الإفريقية”، وتعزيز حقوق الإنسان والشعوب وتقوية المؤسسات الديمقراطية والثقافة الديمقراطية والحكم الرشيد والشفافية وسيادة القانون من قبل كافة أجهزة الاتحاد، وأيضًا تحفيز التعاون والتنمية في إفريقيا وتوطيد التضامن القاريّ وخلق الشعور بالمصير المشترك بين الشعوب الإفريقية، وتسهيل التعاون بين المجموعات الاقتصادية الإقليمية ومحافلها البرلمانية. ويهدف أيضًا إلى الإسهام في مواءمة وتنسيق النصوص التشريعية للدول الأعضاء، وتعزيز تنسيق سياسات وإجراءات وبرامج وأنشطة المجموعات الاقتصادية الإقليمية وهيئاتها التشريعية، بالإضافة إلى ممارسة المهام التشريعية ودراسة ومناقشة ميزانية الاتحاد الإفريقي وتقديم التوصيات بشأنها قبل إقرارها، إلى جانب المشاركة في خلق الوعي لدى الشعوب الإفريقية عن طريق: تعريف الشعوب بالأهداف والسياسات، وتعزيز السلام والأمن والاستقرار بما يؤدي إلى تكامل القارة الإفريقية ومتابعة استراتيجية مشتركة للإنعاش الاقتصادي.

آمال وتطلعات

بالنسبة لبرلمان عموم إفريقيا فهو لايزال منذ إنشائه حتى الآن جهازًا استشاريًا تابعًا لمنظمة دولية حكومية وهي الاتحاد الإفريقي، وما يصدره عبارة عن توصيات، ومن ثمّ فهي لا تأخذ صفة الإلزام. علاوة على أنه يرفع بعض الأمور إلى مؤتمر الرؤساء بالاتحاد مشمولًا بتوصيات وليس بقرار؛ إذ يقدم التوصيات التي تهدف إلى الإسهام في تحقيق أهداف الاتحاد الإفريقي واسترعاء الانتباه إلى التحديات واستراتيجيات القيام بأي مهام أخرى يراها مناسبةً لتحقيق الأهداف السابق ذكرها.

وعلى الرغم من عدم امتلاك برلمان عموم إفريقيا أي سلطات تشريعية إلا أنه قد يكون مفيدًا في تقوية التناغم بين العمل البرلماني في المستويات الوطنية والإقليمية. ولذا ولأن برلمان عموم إفريقيا هو أحد الأجهزة الرئيسة للاتحاد الإفريقي؛ فإن الهدف المأمول منه هو الانتقال من أهدافه المحددة في تحمل مسؤولية الإشراف على تنفيذ سياسات وأهداف الاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية الإقليمية، وكذلك تعزيز عملية التكامل الإفريقي من خلال إجراءات تشريعية للبرلمانات الوطنية تماشيًا مع توصيات وآراء برلمان عموم إفريقيا، والتطور من جهة استشارية إلى مؤسسة ذات سلطات تشريعية كاملة، وأن يصبح منبرًا جامعًا لشعوب القارة الإفريقية يعبر عن إرادتها ويروج لقضاياها، فهو التجمع الوحيد الذي يضم كافة الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي.

دور الدبلوماسية البرلمانية المصرية في برلمان عموم إفريقيا

نواب مصر يؤدون اليمين الدستورية في برلمان عموم أفريقيا | بوابة أخبار اليوم  الإلكترونية

تواصل مصر إعطاء الأولوية لإفريقيا في أجندة سياستها الخارجية. وعضويتها ببرلمان عموم إفريقيا ترسخ مكانتها في إفريقيا عامة وفي منطقة حوض النيل على وجه الخصوص، وعضويتها في البرلمان الإفريقي تعزز دور البرلمان المصري في إرساء الدبلوماسية البرلمانية، وقد أدى يوم الاثنين 24 مايو 2021 خمسة أعضاء من مجلسي النواب والشيوخ المصريين اليمين الدستورية أمام برلمان عموم إفريقيا في نسخته الخامسة كأعضاء جُدد في البرلمان الإفريقي.

ويعد النواب الخمسة المصريين سفراء مصر البرلمانيين في 53 دولة إفريقية. ولا ينكر أحد الدور الواضح والمهم للدبلوماسية البرلمانية المصرية في إفريقيا وخاصة في السنوات الأخيرة والتي على إثرها حرص البرلمان المصري على استحداث لجنة جديدة هي لجنة الشؤون الإفريقية والتي أُنشئت؛ بهدف استعراض التطورات المختلفة على الساحة الإفريقية وإثراء المناقشات لحل مختلف المشاكل والقضايا التي تواجه القارة الإفريقية، والعمل من خلالها على التواصل مع كافة دول القارة وتشكيل الرأي العام الشعبي الذي يؤثر على قرارات الحكومات والمنظمات الدولية.

وجدير بالذكر أن الدبلوماسية البرلمانية تختلف كثيرًا عن الدبلوماسية التي تمارسها السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة الخارجية، وتتنوع أشكال الدبلوماسية البرلمانية؛ إذ توجد دبلوماسية برلمانية ثنائية تربط بين برلمانيين، وهناك دبلوماسية برلمانية جماعية تربط بين عدة برلمانات كما هو الحال في برلمان عموم إفريقيا والتي تسعى الدبلوماسية البرلمانية فيه إلى تحقيق آمال وتطلعات الشعوب الإفريقية، وتحقيق القيم والمبادئ المشتركة، بما في ذلك الشورى والديمقراطية والحرية والأخوة والمساواة والعدالة وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب.
مجمل القول، إنه على الرغم من قصر مدة وجود برلمان عموم إفريقيا، وأنه لا يمتلك سوى صلاحيات رسمية محدودة، إلا أنه أصبح أحد المؤسسات الرئيسة للتكامل الإفريقي؛ كونه يتمتع بإمكانية التأثير والتدقيق في مؤسسات الاتحاد الإفريقي الأخرى، والمساهمة في إضفاء الشرعية على عملية التكامل السياسي بأكملها عبر القارة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى