سياسة

قرارات عمل جديدة ” رعاية صحية وتمكين اقتصادي للمرأة”

جاء قرارا وزير القوى العاملة رقم ٤٣ لسنة 2021 ورقم 44 لسنة 2021 واللذين ألغيا أي قرارات أو نصوص سابقة تتعارض مع أحكامهما، ليؤكدا أن حق العمل مكفول للمرأة في المهن والأعمال والأوقات المختلفة مع كفالة الحق في الرعاية و الحماية ومنع تشغيل النساء في وظائف قد تعرض حياتهن للخطر أثناء فترتي  الحمل والولادة، بجانب تنظيم عمل النساء في المنشآت الصناعية و الخدمات المرتبطة بالعمل ليلًا مثل الانتقال الأمن.

محتوى القرار

جاء في المادة الاولي من القرار إجازة عمل النساء ليلًا بناء علي طلبهن، شرط ان تُتخذ التدابير بشأن حماية صحتهن ومساعدتهن على  أداء مسئوليتهن العائلية، وتلقي الرعاية الصحية اللازمة لتجنب المشاكل الصحية الخاصة بالعمل. فيما نصت المادة الثانية على الزام صاحب العمل بتوفير عمل نهاري بديل عن العمل الليلي للمرأة العاملة خلال فترة ستة عشر اسبوعًا علي الأقل قبل وبعد الوضع.

وقد احتوت المادة الثالثة حظر تشغيل النساء خلال فترات الحمل والرضاعة المقررة قانونًا، في الأعمال التي تحتوى على مخاطر تضر بصحتهن الانجابية أو صحة اطفالهن أو اجنتهن مثل، المخاطر الكيميائية، والفيزيائية والبيولوجية و الهندسية. ومنها العمل في صناعة المبيدات الحشرية أو التعدين وصناعة الاسمدة أو العمل في دبغ الجلود او اذابة الزجاج وبعض الأعمال التي تتعرض فيها النساء للمواد المشعة التي قد تحدث تشوهات بالأجنة أو تضر الطفل أثناء فترة الرضاعة. 

إلا أن المادة الرابعة أجازت تشغيل النساء أثناء فترات الحمل والرضاعة في العمل الاداري والاشرافي التي لا يتعرضن فيها للمخاطر المشار اليها في المادة الثالثة ايضًا مع عدم الاخلال بحقوق الأمومة المقررة قانونًا للمرأة العاملة.  

وقد استثني من أحكام المادة 3 و 4، حالات القوة القاهرة التي يتوقف فيها العمل لأسباب خارجة عن إرادة صاحب العمل، والعمل في المنشآت التي يستخدم فيها أفراد الأسرة، إذا كان العمل يتعلق بمواد أولية أو تحضيرية يمكن فسادها بسرعة، ويتحتم العمل الليلي لتفادي خسارة محققة، والحالات التي يشغلن فيها النساء مراكز مسؤولة ذات طابع إداري أو فني، والحالات التي يعملن في أقسام الرعاية الصحية والاجتماعية ولا يشغلن في أعمال يدوية.

واعتبرت المادة السادسة، عدم التزام المنشأة وفروعها باتخاذ الاحتياطات والاشتراطات المقررة، يعرضها للغلق كليًا او جزئيًا او ايقاف الآلات لحين زوال الخطر. 

وبناء علي القرار فقد اختصت وحدة المساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي للمرأة، بالتنسيق مع الادارات المختصة بالوزارة، والمجلس القومي للمرأة، لإعادة النظر بصفة دورية في أحكام القرار لمواجهة اية تطورات او مستجدات ومتابعة تنفيذ احكام القرار، والقيام بإعداد دراسات قياس الاثر اللازمة للقرار ومدي كفالة تمكين المرأة العاملة بين التوفيق بين واجباتها الأسرية ومتطلبات العمل. 

تأثير بعض المواد الضارة علي الحامل والمرضعة

تدخل بعض المواد الكيميائية مثل المبيدات الحشرية  إلى الأم الحامل أو المرضعة  من خلال الفم، الجلد، أو الاستنشاق، وهناك دراسات عديدة تؤكد خطورة المبيدات وانتقالها إلى الأجنة خلال فترة الحمل والرضاعة، مما يؤدي الي التأثير على الجهاز العصبي، و إحداث تشوهات خلقية، أو اضطرابات سلوكية أو حتى إحداث تغييرات في جنس الجنين وما إلى ذلك. ناهيك عن تعرض الحامل الي بعض الاشعة التي قد تحدث تشوهات في الأجنة.

آراء حول القرار

لاقى قرار وزير القوي العاملة اشادة داخلية وصدى واسع بين الحقوقيين المهتمين بمجال المرأة وقد اشادت الدكتورة مايا مرسي رئيسة المجلس القومي للمرأة عبر صفحتها الرسمية، بقرارات العمل الجديدة، التي تؤكد إيمان الدولة المصرية بدور المرأة في التنمية الاقتصادية.ووصفت اياها، بالقرارات التاريخية.

وعلي النقيض رأي البعض ان تلك القرارات تخالف المادة 88 من قانون العمل والتي نصت علي مبدأ المساواة حيث “تسري على النساء العاملات جميع الأحكام المنظمة لتشغيل العمال دون تمييز بينهم متى تماثلت أوضاع عملهم“. وان حظر تشغيل النساء في بعض الاعمال يحد من فرصها في العمل، ويسهم في زيادة نسبة البطالة لديهن .

وفي الحقيقة فان الأمر الشائع  أن تعمل النساء في جميع الأعمال دون تمييز. لكن القانون في المجمل يأخذ بمبدأ التمييز الإيجابي لصالحهن، فيحظر تشغيل النساء في الأعمال الضارة بهن صحياً أو أخلاقياً، وكذلك بعض الأعمال الأخرى التي لا يجوز تشغيل النساء فيها مطلقاً. وهو ما نصت عليه المادة 90 من قانون العمل، والمادة 10 من إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة لسنة 1967 على أنه “لا تعتبر تدابير تمييزية تلك التدابير التي تتخذ لحماية المرأة، في بعض أنواع الأعمال، لأسباب تتعلق بصميم تكوينها البدني“. اذن فقد كفل القانون في المجمل التمييز الايجابي لصالح النساء في بعض الاعمال التي تسبب اضرارًا صحية او تعارض البنية الجسمانية للأنثى، ولا يوجد تعارض بين القرارين حيث اختصت القرارات الجديدة بتنظيم عمل المرأة اثناء فترة الحمل والرضاعة وهي فترة استثنائية في حياة المرأة حيث تكون في امس الحاجة الي الرعاية والحماية. 

النساء في القطاعات الخطرة 

لا توجد بيانات دقيقة عن اعداد النساء عامة في القطاعات الخطرة التي تمثل تهديدًا لصحتهن في حالة الحمل واثناء الرضاعة، فقد قدّر تقرير ” مصر في ارقام 2020” الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء عدد المشتغلين  “15 عام فأكثر ” طبقًا للنوع والنشاط الاقتصادي لعام 2018 , من النساء في القطاعات التي قد تمثل طبيعة عملها خطورة لهن في تلك الفترة الاستثنائية اكثر من 25 الف سيدة وانقسمت كما بالشكل الاتي :

وبلغ نسبة اصابات العمل للنساء في تلك القطاعات وفقًا لإحصاءات اصابات العمل الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء لعام 2020 الاتي : 

ووفقا للبيانات الإحصائية التي كشفتها النشرة السنوية لإحصاءات الأجور والتوظف في القطاعين العام والخاص عن عام 2018، فقد تفوقت النساء  بعدد ساعات العمل عن الرجل  في تلك المجالات ففي مجال التعدين واستغلال المحاجر، بلغ عدد ساعات عمل الإناث الأسبوعية 53 مقابل 49 ساعة للذكور. وفي مجال شبكات الصرف الصحي ومعالجة النفايات، بلغ عدد ساعات عمل الإناث الأسبوعية 52 مقابل 51 ساعة للذكور. واخيرًا في  مجال التشييد والبناء، بلغ عدد ساعات عمل الإناث الأسبوعية 52  مقابل 51 ساعة للذكور.

ويظهر جليًا بناء علي البيانات السابقة ان القرارات الصادرة حديثًا تخدم فئة ليست هينة من النساء في قطاعات هي في المجمل لا تمثل خطورة علي النساء الا في فترات محددة اختصت بها القرارات, وقد جاءت تلك القرارات بعد صدور قانون الخدمة المدنية لعام 2016 لتؤكد أن مشاركة النساء الفعّالة في جميع مجالات سوق العمل، تُعد مطلبًا أساسيًا لتحقيق المساواة والتنمية، فعلى الرغم من التقدم الملموس الذى تم إحرازه لزيادة معدل تمكين النساء الا انه يمكن بذل المزيد في سبيل انخراطهن في سوق العمل وذلك من خلال ؛

  • انتاج ونشر بيانات مصنفة حسب النوع بانتظام ومتابعة تمكين المرأة من خلال توثيق مشاركتها في الحكومة والقطاع الخاص.
  • حصر اعداد النساء في القطاعات والاعمال التي تمثل خطورة علي صحتهن وتقديم الدعم والرعاية لهن.
  • دراسة تطبيق ترتيبات العمل من المنزل وساعات العمل المرنة في القطاعين العام والخاص بما يساهم في مشاركة المزيد من النساء في سوق العمل غرارًا علي تجربة العديد من الدول من بينها دول الاتحاد الأوروبي واليابان.
  • تفعيل المواد القانونية التي تلزم المنشآت الحكومية والخاصة بتوفير حضانات لأبناء العاملين والعاملات. 

آلاء برانية

باحثة ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى