
يوم الصحة العالمي: المجهودات المصرية نحو تحقيق العدالة في الصحة
يحتفل العالم بيوم الصحة العالمي في 7 أبريل من كل عام، وهو اليوم نفسه الذي أنشئت فيه منظمة الصحة العالمية في عام 1948. وفي كل عام يتم اختيار موضوع صحي لمناقشته وتسليط الضوء عليه، وهذا العام اختارت منظمة الصحة العالمية أن يكون اليوم تحت شعار “الطريق نحو إقامة عالم يتمتع بقدر أكبر من العدالة والصحة”، وفي هذا التقرير عرض شامل لكافة الخطوات المصرية التي تم اتخاذها خلال الأعوام القليلة الماضية لإصلاح القطاع الصحي المصري من أجل تحقيق العدالة في الصحة.
القطاع الصحي المصري ما بعد يناير 2011
شهد القطاع الصحي المصري، وفقًا لبيانات البنك الدولي، مرحلة انتقالية هشة بعد أحداث يناير 2011. حيث كافح سبعة وزراء للصحة خلال هذه المرحلة، من أجل تحسين الخدمات الصحية المُقدمة للمواطنين، والارتقاء بالقطاع الصحي المصري بشكل عام. فالإصلاحات الصحية ما قبل عام 2011، ركزت علي توسيع نطاق تقديم الخدمات الأساسية في مجال طب الأسرة، وكذلك حاولت أن توسع من تغطية مظلة التأمين الصحي، ولكن بسبب ندرة الموارد المادية والبشرية استحال تحقيق ذلك.
أما البرلمان المصري، فحاول بعد أحداث يناير 2011 أن يمرر قانونين من أجل توسيع مظلة تغطية التأمين الصحي، كما أقر في عام 2013 قانونًا ثالثًا لضم المزارعين تحت مظلة التأمين الصحي. إلا أن كل تلك القوانين غير المدروسة بشكل جيد، والتي أضافت لنظام التأمين المزيد من المستفيدين دون وضع خطة تمويلية في المقابل، أدت إلى زيادة عجز هيئة التأمين الصحي.
الخطوات الأولى لإصلاح القطاع الصحي المصري
أولى الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد توليه رئاسة مصر في عام 2014، القطاع الصحي أهمية بالغة؛ نظرًا لكونه أحد أبرز الملفات التي تخدم المواطن المصري. ولكن كما هو الحال في كثير من البلدان، واجهت مصر اختيارات صعبة في محاولة تلبية المطالب والتوقعات المتزايدة للسكان؛ إلا أنها استطاعت أن تحقق خلال الفترة الماضية تقدمًا حقيقيًا وملموسًا في تقديم الخدمات في المنظومة الصحية على مستوي الجمهورية، سواء من خلال الاهتمام بالبنية التحتية للمستشفيات والوحدات الصحية بالقرى، أو من خلال الاهتمام بالمعدات والعنصر البشرى. ذلك بالإضافة إلى إطلاق العديد من المبادرات الصحية تحت رعاية رئيس الجمهورية؛ لرفع كفاءة ومستوى الخدمة المقدمة للمواطنين والتي استهدفت كافة الفئات بدءًا من الأطفال وحتى كبار السن.
وخلال الفترة من 2014 وحتى 2020، استطاعت الدولة المصرية أن تنتهي من تنفيذ (960) مشروعًا في مجال الصحة والسكان بإجمالي استثمارات بلغ (81290) مليون جنيه مصري. وقد تمثلت أهم الإنجازات في تنفيذ نحو (200) مشروع متعلق بتطوير المستشفيات والمعاهد الطبية ومراكز الخدمات الطبية المتخصصة. وكذلك تم تنفيذ (40) مشروعًا مرتبطًا بهيئة الإسعاف المصرية، ونحو (19) مشروعًا قوميًا للمستشفيات النموذجية، ذلك إلى جانب تطوير الوحدات الصحية، وتنفيذ نحو (25) مبادرة داخل جمهورية مصر العربية و(13) مبادرة لدعم القطاع الصحي بأفريقيا، ومن أبرز تلك الإنجازات ما يلي:
- توجيه استثمارات ضخمة تقدر بأكثر من 120 مليار جنيه لتحسين القطاع الصحي.
- نجاح كل المبادرات التي تم إطلاقها بهدف تحقيق صحة أفضل للمواطن والمرأة والطفل.
- إجراء 413 ألف جراحة عاجلة ضمن المبادرة الرئاسية للقضاء على قوائم الانتظار.
- تطوير المستشفيات الجامعية (113مستشفى جامعي) بزيادة 25 مستشفى عن 2014.
- تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأنسولين محلي الصنع وتوطين صناعة أدوية الأورام وبعض الأمصال واللقاحات.
- إطلاق وتطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل بعدد من المحافظات.
- إصدار أكثر من 2 مليون قرار علاج على نفقة الدولة.
- تعميم مبادرة “100 مليون صحة” على الدول الأفريقية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.
- تدريب الكوادر الطبية بأفريقيا على نموذج إجراء المسح الطبي للفيروسات وإمدادهم بالدعم الفني اللازم.
- إيفاد عدد من القوافل الطبية لمبادرة الرئيس لعلاج مليون أفريقي من فيروس سي بدولتي تشاد وجنوب السودان.
- إرسال شحنات من الأدوية الأساسية والمستلزمات الطبية إلى بعض الدول مثل إريتريا والسودان.
- إرسال قوافل طبية في مجال العيون لقياس قوة الإبصار لألفين من الأطفال في إريتريا.
- إرسال قوافل أخرى تدريبية إلى الصومال في مجالات الأمومة والطفولة وطب الطوارئ.
التأمين الصحي الشامل وبناء مظلة صحية تشمل كل المصريين
تُعد منظومة التأمين الصحي الشامل الجديدة بمثابة بوابة العبور نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخاصة فيما يتعلق بمجال الرعاية الصحية واستراتيجية ورؤية مصر 2030. ولقد ساندت القيادة السياسية والحكومة المصرية بقوة هذه المنظومة؛ إذ إنها تكفل للمواطنين من مختلف فئات الشعب من القادرين وغير القادرين الحصول على كافة خدمات الرعاية الصحية الشاملة، وتهدف إلى إصلاح نظم الرعاية الصحية بالكامل وليس قطاع التأمين الصحي فقط، فضلًا عن تقديم خدمات الرعاية الصحية للجميع بما يحقق التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، بجانب تقديم خدمة صحية جيدة تغطى جميع الأمراض، وأخيرًا تعديل هيكل إنفاق الأسر التي توجه 60% من دخلها للإنفاق مباشرة على الصحة، علمًا بأنه سيتم تطبيق القانون على 6 مراحل تغطى كافة محافظات الجمهورية.
تم البدء في تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع التأمين الصحي الشامل في محافظة بورسعيد في يوليو من عام 2019، بتكلفة بلغت 10 مليار جنيه. تبع ذلك، في منتصف شهر فبراير الماضي، الإعلان عن بدء تطبيق المشروع في ثلاث محافظات أخرى هي: الإسماعيلية، والأقصر، وجنوب سيناء، بتكلفة إجمالية 23.03 مليار جنيه للمحافظات الثلاث، منها 10.125 مليار جنيه لمحافظة الإسماعيلية، و9.625 مليار جنيه لمحافظة الأقصر، و3.28 مليار جنيه لمحافظة جنوب سيناء.
فيما يتم العمل حاليًا على تأهيل وتطوير المستشفيات الموجودة في محافظتي السويس وأسوان، لإطلاق مشروع التأمين الصحي الشامل بهما قريبًا، بميزانية تُقدر بنحو 18 مليار جنيه، وفقًا للخطة الزمنية المقررة لتطبيق المشروع في محافظات المرحلة الأولى بميزانية إجمالية قدرها 51.11 مليار جنيه خلال خمس سنوات.
ويصل إجمالي عدد المواطنين الذين سجلوا في نظام التأمين الصحي الشامل من محافظات المرحلة الأولى من المنظومة -والتي تضم ست محافظات وهي “بورسعيد والأقصر والإسماعيلية وأسوان وجنوب سيناء والسويس”، والتي بدأ تسجيل المواطنين بها منذ الأول من شهر أكتوبر 2019- حتى الآن إلى ثلاثة ملايين و315 ألف مواطن.
المبادرة الرئاسية للقضاء على قوائم الانتظار
ارتكزت إدارة مبادرة القضاء على قوائم الانتظار على توحيد قواعد البيانات بين نفقة الدولة والتأمين الصحي لمنع صرف العلاج أو الإنفاق على نفس التدخل من أكثر من مصدر، واحتواء قاعدة البيانات الموثقة على كافة التفاصيل والإجراءات التي تمت طبيًا وماليًا لكافة المرضى، وبما يسهل تحديد الاحتياجات الفعلية في المستقبل، بجانب توحيد مصدر البيانات الموثقة والصحيحة لحجم الإنفاق وإتاحة جميع المعلومات لكافة الجهات ذات الصلة بشفافية ووضوح، لدعم اتخاذ القرار على أسس سليمة.
وهو ما يمكن من تحديد الاحتياجات الفعلية بدقة. وكذا تم التأكد من التزام كافة أفراد الفريق الطبي بتطبيق القوانين واللوائح والالتزام بالمعايير، بما يضمن تقديم الخدمات الصحية للمرضى بطريقة لائقة، وتحقيق الاستجابة لمتطلبات حالة كل مريض على حدة، ووضع نظام للرقابة المالية والتدقيق، بما يضمن إحكام الرقابة على تنفيذ القرارات بكفاءة وفاعلية.
ونجحت المبادرة، والتي نُفذت على مرحلتين بتكلفة بلغت 5 مليار جنيه، في إجراء 413 ألف عملية جراحية، تضمنت 125 ألفًا و822 عملية قسطرة قلب، و19 ألف و774 جراحة قلب مفتوح، و101 ألفًا و725 جراحة رمد، و12 آلاف و655 جراحة مخ وأعصاب، و13 ألفًا و501 جراحة عظام، و15 ألفًا و555 جراحة أورام، فيما تم الانتهاء من 2077 زراعة قوقعة، و194 زراعة كلى، و283 زراعة كبد. وقد قللت المبادرة من مدة انتظار المرضى لإجراء العمليات الجراحية، والمساواة بينهم في جميع التخصصات من مدة انتظار قد تصل إلى 400 يوم، إلى حوالي 17 يومًا فقط.
المبادرة الرئاسية للقضاء على فيروس سي والأمراض غير السارية
في عام 2018، أطلقت تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي المبادرة الرئاسية “100 مليون صحة”، والتي هدفت وبشكل أساسي إلى الكشف عن الإصابة بالأمراض غير السارية كالسكري وارتفاع ضغط الدم والإصابة بالسمنة؛ وذلك لتوعية المواطنين وتقديم الاستشارة الطبية اللازمة لهم للتقليل من معدلات الوفيات الناتجة عن الاصابة بالأمراض غير السارية. وتم خلال المبادرة فحص ما يزيد عن 60 مليون مواطن على مستوى الجمهورية، وتلقى نحو 1.1 منهم العلاج، فيما من المقرر أن تتسلم مصر من منظمة الصحة العالمية شهادة بخلو البلاد من فيروس سي.
المبادرة الرئاسية لدعم صحة المرأة المصرية
تُعد هذه المبادرة استكمالًا لمبادرة 100 مليون صحة، وتهدف للكشف عن سرطان الثدي وسيستفيد من المبادرة حوالي 30 مليون سيدة على مستوى الجمهورية، وتم تخصيص نحو 116 مستشفى للفحص وتقديم الخدمات للسيدات، وحتى الآن، تم فحص 10.3 مليون سيدة مصرية، واكتشاف 2325 حالة سرطان ثدي وبدء علاج 1900 حالة منها.
المبادرة الرئاسية لمكافحة مسببات ضعف وفقدان الإبصار بالمدارس “نور الحياة”
بدأت هذه المبادرة في 7 فبراير 2019 ولمدة ثلاث سنوات ونصف بإجمالي تمويل بلغ مليار جنيه من صندوق تحيا مصر، ويتم تنفيذ المبادرة على 4 مراحل. تستهدف المبادرة الكشف المبكر على خمسة ملايين تلميذ بالمرحلة الابتدائية إضافة إلى 2 مليون مواطن من الحالات الأولى بالرعاية وتوفير مليون نظارة طبية وإجراء 250 ألف عملية جراحية في العيون.
وتعمل المبادرة على إعادة دمج وتمكين ضعاف البصر، ورفع الوعي لدى المواطن للوصول بمصر خالية من الإعاقة البصرية التي يمكن تجنبها. وحتى الآن تم اجراء الكشف الطبي لنحو 630 ألف طالب، وتوفير نحو 67 ألف نظارة طبية للطلاب بالمجان.
مبادرة المستشفى النموذجي
تم إطلاق المشروع القومي للمستشفيات النموذجية على مستوى جميع محافظات الجمهورية، بالتزامن مع البدء في تطبيق المشروع القومي للتأمين الصحي الشامل، للنهوض بالخدمات الصحية لغير القادرين ويتضمن تجهيز وتشغيل مستشفى نموذجي في كل المحافظات؛ للمساهمة في إحداث طفرة وتحسن ملموس في المجالات الصحية ضمن خطة الدولة لتحقيق “الإصلاح الصحي”.
ومن خلال المستشفى، يتلقى المريض الخدمة الطبية بجميع تخصصاتها داخل المحافظة، وكذلك لا يحتاج المرضى لقطع مسافات طويلة لتلقي الخدمة الطبية، ما يسهم في القضاء على أزمة سعي المواطنين من القرى والريف والمحافظات البعيدة للقاهرة بحثا عن العلاج.
المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن السمنة والأنيميا والتقزم
انطلقت المبادرة في مطلع فبراير من عام 2019 بالتعاون ما بين وزارتي الصحة والتعليم، للكشف المبكر عن السمنة والأنيميا والتقزم لطلاب المرحلة الابتدائية، بإجمالي تكلفة نحو 380 مليون جنيه، وتم حتى الآن فحص8 ملايين و60 ألفًا و967 طالبًا بمختلف مدارس الجمهورية، وتستهدف المبادرة فحص نحو 14 مليون طالب خلال عام 2021.
المبادرة الرئاسية “حياة كريمة”
شملت مبادرة حياة كريمة إطلاق قوافل طبية تهدف إلى تقديم الخدمة الطبية لكبار السن والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة بالمجان في المناطق النائية والمحرومة من الخدمات الصحية على مستوى الجمهورية حيث يتم تقديم الخدمة الطبية (الكشف – العلاج – التحاليل الطبية – الأشعة السينية – الموجات الصوتية)، ووفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن وزارة الصحة ولسكان تم تقديم الخدمة الطبية والعلاج بالمجان لـ184 ألفًا و797 مواطنًا من خلال 156 قافلة طبية مجانية تم تنفيذها على مستوى محافظات الجمهورية خلال شهر مارس الماضي.
المبادرة الرئاسية لعلاج الأمراض المزمنة والكشف المبكر عن الاعتلال الكلوي
أطلقت وزارة الصحة “مبادرة رئيس الجمهورية لفحص وعلاج الأمراض المزمنة والاكتشاف المبكر للاعتلال الكلوي” في سبتمبر الماضي؛ بهدف الكشف المبكر ومتابعة الفحص والعلاج والحد من مرضية ومضاعفات ووفيات الأمراض المزمنة، لجميع المواطنين فوق سن الــــ 40 سنة وكذلك المواطنين في الفئة العمرية من 18 إلى 40 سنة، والمسجلين في قاعدة بيانات 100 مليون صحة والمصابين بارتفاع في نسبة السكر في الدم وارتفاع ضغط الدم عن المعدلات الطبيعية. وشارك في المبادرة أكثر من 6500 فريق طبي حيث تم فحص وعلاج نحو 23.7 مليون مواطن بتكلفة إجمالية قدرها 66.7 مليون جنيه.
المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن ضعاف السمع حديثي الولادة
انطلقت في شهر سبتمبر 2019 المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن ضعف السمع لدى حديثي الولادة، وذلك من خلال إجراء مقياس السمع للرُضع من عمر يوم وحتى 28 يوم، من أجل سرعة الكشف عن الإصابة بضعف السمع، وتسهيل الإجراءات العلاجية للطفل المصاب وإنقاذه من الإصابة بفقدان السمع بتمويل سنوي قدره 49 مليون جنيه.
وتستهدف المبادرة كل المواليد الجدد، والذين يصل عددهم سنويًا لنحو 2.6 مليون طفل، حيث يتم إجراء مقياس السمع، الذي يبلُغ تكلفته خارج إطار المبادرة حوالي 200 جنيه، بالمجان بالوحدات الصحية يبلغ عددها 1300 وحدة ُمنتشرة بجميع محافظات الجمهورية، وتم إجراء المسح السمعي لنحو 1.1 مليون طفل حديث الولادة.
مبادرة دعم صحة الأم والجنين
انطلقت هذه المبادرة في مارس الماضي، لفحص السيدات الحوامل من فيروس “بي وبكتيريا الزهري وفيروس نقص المناعة البشرى الإيدز”، إلى جانب فحص الضغط وإجراء القياسات الفيزيائية الخاصة بالوزن والطول وقياس نسبة السكر في الدم، لمنع انتقال الأمراض من الأم للجنين. ويشارك 163 مستشفى و3512 وحدة صحية في المبادرة بإجمالي تكلفة تصل إلى 55.5 مليون جنيه.
الحملة القومية للقضاء على الديدان المعوية لطلاب المدارس الابتدائية
تنطلق الحملات القومية للقضاء على الديدان المعوية لطلاب المدارس الابتدائية ورياض الأطفال المصريين وغير المصريين المقيمين على أرض مصر بالمجان، وذلك على مستوى المدارس بجميع محافظات الجمهورية، وبإجمالي تكلفة نحو 360 مليون جنيه. وخلال العام الدراسي 2019/2020 تم فحص نحو 10.8 مليون طالب، فيما يُستهدف فحص 15 مليون طالب بالمرحلة الابتدائية ورياض الأطفال بجميع المدارس (حكومي – خـاص – أزهري) خلال عام 2020/2021.
برامج تأهيل القوى البشرية الطبية
لم يكن اهتمام الدولة بالمستشفيات والمبادرات الصحية هو فقط خطوات الارتقاء بالمنظومة الصحية، ولكن أيضًا تعمل الدولة على الارتقاء كذلك بالقوى البشرية التي تعمل في منظومة الصحة، إذ أطلقت وزارة الصحة أولى الدورات التدريبية للبرنامج التدريبي الموحد لتأهيل القوى البشرية، برعاية الرئيس السيسي، لتكون الأداة الفاعلة في تطبيق نظام التأمين الصحي الشامل الجديد.
ويجري في الوقت نفسه تنفيذ دورات أخرى للأطقم الطبية والإدارية بالمحافظات بالتوازي مع تطبيق قانون التأمين الصحي الجديد، فضلًا عن الدورات التدريبية للبرنامج التدريبي الموحد لتأهيل القوى البشرية لتطبيق القانون.
إنشاء هيئة الدواء المصرية والهيئة المصرية للشراء الموحد
يُعد مشروع قانون الحكومة بإنشاء هيئة الدواء المصرية والهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي وإدارة التكنولوجيا الطبية، أحد أبرز التشريعات الحيوية في مجال الدواء والتي من شأنها تطوير المنظومة الصحية وتوفير الدواء بشكل منتظم ومواجهة الممارسات الاحتكارية في القطاع وتنمية الصناعات الطبية، بالإضافة إلى مواجهة ظاهرة الأدوية المغشوشة.
وتتولى هيئة الدواء المصرية، الاختصاصات المقررة لوزارة الصحة والسكان والهيئات العامة والمصالح الحكومية فيما يخص تنظيم تسجيل وتداول ورقابة المستحضرات والمواد الخام التي تدخل في تصنيعها أينما وردت في القوانين ذات الصلة واللوائح والقرارات التنظيمية.
تهدف الهيئة إلى تنظيم وتنفيذ ومراقبة جودة وفاعلية ومأمونية المستحضرات والمستلزمات الطبية المنصوص عليها في القانون، وتقوم على تنفيذ أحكام قانون مزاولة مهنة الصيدلة المعمول به، بما لا يخالف أي من أحكام هذا القانون، وتتولى جميع الصلاحيات والاختصاصات والتصرفات القانونية اللازمة لذلك.
فيما تتولى الهيئة المصرية للشراء الموحد، إجراء عمليات الشراء للمستحضرات والمستلزمات الطبية البشرية لجميع الجهات والهيئات الحكومية، وذلك مقابل أداء رسم شراء ويحصل رسم الشراء نقدًا أو بأية وسيلة دفع أخرى، وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون، قواعد حساب الرسم بما لا يجاوز الحد الأقصى المقرر وأحوال الإعفاء من سداده كليا أو جزئيا.
توطين صناعة الدواء وإنشاء مدينة الدواء “جيبتوفارما” في الخانكة
دشن الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الخميس الموافق 1 ابريل 2021، مدينة الدواء المصرية والتي يطلق عليها جيبتو فارما، بمنطقة الخانكة بمحافظة القليوبية. يأتي إنشاء هذه المدينة بعد عامين ونصف من التخطيط لزيادة التعاون مع القطاع الخاص في مجال صناعة وإنتاج الدواء؛ بهدف تحويل مصر إلى مركز إقليمي لصناعة الدواء في منطقة الشرق الاوسط، ولتوطين عدد من الصناعات الدوائية الهامة مثل علاجات الاورام ومشتقات البلازما، وهو ما سيؤهل مصر إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من كافة المنتجات الدوائية في خلال أعوام، هذا إلى جانب القضاء على أي ممارسات احتكارية للأدوية وتنظيم وضبط أسعار الدواء.
تقام مدينة جيبتوفارما على مساحة 180 ألف متر، وبطاقة إنتاجية قدرها 150 مليون عبوة سنويًا. وتضم المدينة مصنعين، أحدهما مصنع للأدوية غير المعقمة ويضم 15 خط إنتاج، لتلبية كافة احتياجات السوق المصري من الادوية؛ فيما تتمثل أولوية الإنتاج والتصنيع في الوقت الحالي للأمراض غير السارية والمزمنة مثل علاجات الضغط والسكري وأمراض القلب وأمراض الكلى والمخ والأعصاب، هذا بالإضافة إلى المضادات الحيوية ومضادات الفيروسات والفيتامينات المُضمنة في البروتكول العلاجي لفيروس كورونا.
وتعتمد مدينة جيبتوفارما بالكامل علي أحدث التقنيات التكنولوجية المتاحة في مجال تصنيع الدواء، والتي لا تعتمد على التدخل البشرى، فضلًا عن أنها مجهزة بمستشعرات لسرعة كشف الأدوية غير المطابقة للمواصفات على خطوط الانتاج؛ وذلك من اجل الوصول لأعلى مستويات الجودة المطلوبة، وضبط الجرعات الدوائية غير المتوافقة مع المعايير المطلوبة بسرعة وسهولة.
وتعتمد المدينة على تقنيات حديثة لإجراء التنظيف الذاتي للمصانع، وهو الأمر الذي يساهم في مواصلة عملية الإنتاج في المصانع دون توقف، مما يحقق عملية الارتقاء بمنظومة التصنيع الجيد، وتطبيق أعلى معايير الجودة العالمية، من خلال اعتماد المدينة على أحدث وأدق قياسات التشغيل، وكذا الاهتمام بالموارد البشرية لاسيما العمالة الشابة المدربة والقادرة على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة.
تتضمن مدينة جيبتوفارما كذلك معامل مُجهزة بأحدث التقنيات من أجل عمليات البحث والتطوير ورقابة الجودة والمتابعة، وذلك بالتعاون مع فرق بحثية من شركات خاصة وأجنبية. وتستهدف المدينة في المرحلة الأولى تلبية احتياجات السوق المصري من الادوية ثم التصدير بنسب تتراوح بين 25 إلى 30% من إنتاج المدينة على مراحل للدول الافريقية والشرق الاوسط. هذا وتسعى جيبتوفارما للحصول على شهادات الاعتماد الأوربية لتصدير الأدوية المنتجة على أرض مصر للسوق الاوروبية.
ومن المقرر أن يتم طرح منتجات مدينة الدواء في الأسواق عقب الانتهاء من كافة الاختبارات التي يتم إجراؤها الآن على الجرعات التي تم إنتاجها، على أن يُطرح تباعًا كل منتج يتم الموافقة على طرحه من هيئة الدواء المصرية. كما سيكون هناك تعاون مشترك بين مدينة جيبتوفارما وهيئة الدواء من أجل العمل على نشر الثقافة الدوائية السليمة، وذلك لترشيد الاستخدام الخاطئ للدواء، ليكون استخداماته هي الاستخدام ذو الحاجة فقط، دون إسراف في استخدام الأدوية.
الجينوم المرجعي المصري
يعد مشروع الجينوم المرجعي للمصريين وقدماء المصريين، الذي أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسي في مارس 2021، واحدًا من أضخم وأهم المشروعات الطبية، التي من شأنها إحداث نقلة نوعية في القطاع الصحي المصري، وجودة الحياة والصحة العامة للمصريين عبر استخدام أحدث التقنيات والتكنولوجيات المتاحة في تحديد الأساسيات والخواص الجينية للأمراض المُختلفة، مما يسهل من تشخيص وعلاج الأمراض الوراثية، وبعض الأمراض غير السارية الأكثر شيوعا في مصر مثل أمراض القلب وأورام السرطان.
حيث تحدث هذه الأمراض الوراثية بسبب التغييرات أو الطفرات التي تحدث في الحمض النووي، والتي تؤدي إلى ترجمة البروتينات بطريقة خاطئة؛ مما يتسبب في إحداث خلل في البروتين الناتج، وتحور في خصائصه الفيزيائية والكيميائية، وبالتالي تتغير وظيفة البروتين في الخلية، ويعتمد المرض الناتج وشدته على طبيعة ودور البروتين الذي تغيير، وفُقدت وظيفته داخل الخلية البشرية.
ويمتلك كل شعب من شعوب العالم، محتوى وراثيًا وجينيًا فريدًا؛ بسبب تنوع البيئات المعيشية والعادات والسلوكيات المجتمعية لكل منهم. ودفع هذا الاختلاف أن تقوم المراكز البحثية العالمية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، بدراسة البيانات الوراثية لمواطنيها؛ من أجل ايجاد أفضل البروتكولات العلاجية، التي تتوافق مع المحتوي الوراثي لشعوب تلك البلدان، أي لا تكون هذه العلاجات مناسبة مع مواطني البلدان الأخرى.
فالتركيبة الجينية هي من تحدد مدى قابلية الشخص للإصابة بالأمراض المختلفة، ومدى استجابته للعلاج؛ فالدواء الواحد قد لا يتناسب مع الشخص بالقدر الذي يتناسب به مع أشخاص آخرين، بمعنى آخر قد يُسبب الدواء للشخص آثارًا جانبيةً خطيرة، بينما قد لا يحدث ذلك مع الآخرين.
ويُعد تأسيس مشروع الجينوم البشري المرجعي للمصريين، خطوة مهمة في سبيل توفير قاعدة معرفية شاملة حول الجينوم المصري، يمكن من خلالها دراسة الجينوميات الشخصية والجينات المصرية الشائعة وتأثيرها على الأساس الجزيئي للأمراض الوراثية، وبالتالي إمكانية مواجهة تلك الأمراض وتطوير سبل الطب الدقيق وتأصيل مفهوم الطب الشخصي في مصر.
جاء الإعلان الأول عن هذا المشروع، في السادس من أكتوبر من عام 2020، حينما أعلنت أكاديمية البحث العلمي عن خطة مشروع الجينوم المرجعي للمصريين وقدماء المصريين والمركز المصري للجينوم. وتضمنت الخطة ثلاثة محاور؛ الأول بناء جينوم مرجعي مصري يحمل المتغيرات الجينية الطبيعية والأكثر شيوعًا بين المصريين، والثاني دراسة جينوم المصريين القدماء، والثالث يكمن في البحث عن التغيرات الجينية المرتبطة بالأمراض الشائعة لدى الشعب المصري. وهدفت الأكاديمية إلى أن يُسهم هذا المشروع في رسم خريطة مرجعية للمصريين، من أجل تعيين أبرز العوامل الجينية التي تؤثر في الاستجابة للعلاجات والأمراض المختلفة؛ وبالتالي تحديد بروتكول علاجي أفضل للمصريين.
وبعد خمسة أشهر من دراسة الخطة، أعطى الرئيس السيسي إشارة البدء في هذا المشروع نظرًا لأهميته البالغة، على أن يتم بالتعاون بين أكاديمية البحث العلمي ووزارات الدفاع والصحة والاتصالات وأكثر من 15 جامعة ومركزًا بحثيًا ومؤسسة مجتمع مدني، بميزانية قدرها ملياري جنيه من أجل دراسة المحتوى الجيني لألاف المتطوعين المصريين.
وستتولى أكاديمية البحث العلمي تنسيق المشروع، مع تشكيل مجلس إداري يتكون من ممثلي عدة مؤسسات وطنية وعلمية، وستنبثق منه لجنة علمية لوضع الخطة التنفيذية ومتابعتها، ولجنة لوضع المعايير الأخلاقية وقواعد خصوصيات المعلومات، فيما سيتم إنشاء المعمل المركزي للمشروع ومقره الأساسي داخل “مركز البحوث الطبية والطب التجديدي” التابع لوزارة الدفاع. وسيكون المركز هو المشرف على التنسيق بين المجموعات البحثية المشاركة، والمكونة من عدة جامعات ومؤسسات علمية مصرية، وذلك بموجب اتفاقية تعاون ثلاثي بين أكاديمية البحث العلمي ومركز الطب التجديدي والجهات المنفذة للمشروع، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من تنفيذ هذا المشروع بحلول عام 2025.
سيتيح مشروع الجينوم البشري المصري إمكانية تحديد الطفرات في الجينات من خلال مقارنة المادة الوراثية للمرضى مع الجينوم المرجعي، وتعتبر هذه الخطوة هي الأساس الذي يعتمد عليه علم الطب الشخصي Personalized medicine، والذي يُعرف بأنه تصميم العلاج وأساليب الوقاية من الأمراض لكل فرد، بناءً على تركيبته الفريدة من المادة الوراثية.
وكذلك، يستطيع العلماء إدخال تغييرات مهمة في القطاع الطبي مثل تقليل الوقت اللازم للتشخيص، وزيادة دقة وكفاءة التشخيص، مع الاستفادة من هذه المعلومات الوراثية وإضافتها إلى قواعد البيانات، لتصبح مرجعًا شاملًا خاصًا بالمحتوى الوراثي في المجتمع المصري.
ويُعد هذا المشروع فرصة لتدريب صغار الباحثين في مجال المعلوماتية الحيوية، إذ إنه من المخطط أن يتضمن المشروع عدة مجموعات بحثية، منها مجموعة لبناء الجينوم المرجعي المصري، ومجموعة لدراسة جينوم قدماء المصريين، ومجموعة لدراسة الجينوم الوظيفي؛ أي الجينات الفعالة في الأمراض المختلفة، وأخيرًا، مجموعة المعلوماتية الحيوية التي ستستخدم أدوات برمجية من أجل تحليل البيانات الجينية الناتجة عن سائر المجموعات البحثية؛ مما يستلزم الاستعانة بموارد وقدرات وتقنيات حاسوبية عالية الجودة وذات سعة تخزين عالية، ونظام سيبراني امني قوي لحماية وتأمين البيانات.
مجابهة جائحة كورونا والتصنيع المحلي للقاحات كورونا
شكلت جائحة كورونا تحديًا كبيرًا للقطاعات الصحية في شتي أنحاء العالم، ولكن حرصت الحكومة المصرية ممثلةً في وزارة الصحة والسكان، على تقديم كافة الجهود الممكنة من أجل التصدي لهذه الأزمة، عبر توفير كافة الأدوات اللازمة لمجابهة الجائحة من أدوات تشخيصية وعلاجية وواقية لفيروس كورونا. حيث حرصت على تقديم الخدمات الطبية لجميع المرضى بمختلف التخصصات من خلال تخصيص ممرات آمنة بالمستشفيات لمنع الاختلاط بين المرضى المصابين بالفيروس وغير المصابين، فضلًا عن استكمال المبادرات الرئاسية للكشف عن وعلاج الأمراض المزمنة، مما ساهم في تحسين صحة المواطنين وخفض معدل الوفيات بالفيروس.
كذلك، تم اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية والاستباقية لمواجهة فيروس كورونا المستجد منذ بداية الجائحة، إذ تم تخصيص مستشفيات الفرز والعزل للحالات المصابة والمشتبه في إصابتها بفيروس كورونا المستجد، فضلًا عن وضع بروتوكولات لتشخيص الحالات وكذلك بروتوكولات العلاج والتي تم وضعها من قبل اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا المستجد، وأثبتت فاعليتها في ارتفاع معدل الشفاء للحالات المصابة بالفيروس.
وبعد حوالي شهرين من انطلاق حملة التلقيح المصرية ضد فيروس كورونا المستجد، والتي بدأت في ال 24 من شهر يناير الماضي، اعلنت وزارة الصحة والسكان أن عدد المواطنين الذين سجلوا أنفسهم عبر الموقع الالكتروني لتلقي اللقاح، قد تجاوز 400 ألف شخص، فيما يصل إجمالي متلقي اللقاح إلى حوالي 150 ألف شخص. ويتم التخطيط للتوسع في الأماكن المخصصة لتلقى المواطنين لقاحات فيروس كورونا على مستوى الجمهورية، حيث سيتم تخصيص أكثر من 5000 وحدة ومركز صحي وأكثر من 600 مستشفى لتلقى لقاحات فيروس كورونا، والتي يصل إجمالي عددها حتى الآن، لنحو مليون ونصف جرعة لقاح.
تتكون خطة التلقيح المصرية من لقاحين أساسين؛ اللقاح الأول هو لقاح سينوفارم الصيني، والذي تعتمد تقنيته على فيروسًا غير نشط يثير استجابة مناعية لدى متلقيه، وتمكنه من مقاومة الفيروس. تم تجربة هذا اللقاح سريريًا في مصر بمشاركة 3000 متطوع، ضمن تجربة عالمية أُطلق عليها “من أجل الإنسانية” بالتعاون مع الحكومة الصينية، وشركة G42 الإماراتية، ولكن حتى الآن لم يتم الإعلان عن نتائج فاعلية اللقاح الصيني في التجارب المصرية، ولكن تم الاعلان عن نتائج الفاعلية في الإمارات (86.5%)، وفي الصين (79.6%). فيما أصدرت هيئة الدواء المصرية الترخيص بالاستخدام الطارئ للقاح سينوفارم في 3 يناير 2021.
أما اللقاح الثاني، فهو لقاح أكسفورد/أسترازينكا، والذي تعتمد تقنيته على النواقل الفيروسية، والتي يتم فيها استخدام نسخة معدلة وراثيًا من الفيروس المسبب لنزلات البرد العادية (الفيروسات الغدية) لنقل بروتين الأشواك أو ما يطلق عليه “سبايك” من فيروس كورونا إلى داخل الخلايا، بما يساعد على تحفيز الاستجابة المناعية وإنتاج اجسام مضادة تلتصق فورا بفيروس كورونا عند دخوله الجسم، وحصل هذا اللقاح على الموافقة بالاستخدام الطارئ من هيئة الدواء المصرية في 31 يناير 2021.
بدأت إجراءات تنفيذ خطة التلقيح المصرية، من خلال إطلاق موقع إلكتروني لتسجيل الراغبين في تلقي اللقاح، مع تحديد اولوية التلقيح للعاملين في القطاع الطبي، ولكبار السن، واصحاب الامراض المزمنة مثل الفشل الكلوي والأورام، اعتمادًا على مبادرة الكشف عن الأمراض غير السارية عبر المستشفيات ومراكز العلاج الخاصة بهم. ووفقًا للتصريحات الرسمية، تعتمد خطة التلقيح المصرية على توفير 100 مليون جرعة من اللقاحات، ما سيكون كافيًا لتلقيح حوالي 50 مليون مصري.
وتشمل الخطة الحصول على 40 مليون جرعة من لقاح سينوفارم الصيني، و20 مليون جرعة من لقاح استرازينيكا/اكسفورد، و40 مليون جرعة من تحالف جافي عبر منصة كوفاكس العالمة للقاحات. وحتى كتابة هذا التقرير، يبلغ إجمالي اللقاحات التي وصلت مصر حوالي مليون جرعة لقاح؛ 650 ألف جرعة من لقاح سينوفارم الصيني، 900 ألف جرعة من لقاح استرازينيكا/اكسفورد. فيما يتم حاليًا تجهيز الاعتمادات المالية لشراء اللقاحات التي تم الاتفاق عليها، لتوفيرها في أسرع وقت ممكن، على أن يقوم صندوق تحيا مصر بتحمل التكلفة عن الأشخاص غير القادرين، وسيتم ربطه بأنظمة تكافل وكرامة، اما القادرون على شراء اللقاح سيدفعون ثمنه طالما توافرت لهم القدرة على شرائه.
ولا تقتصر الخطة الوطنية للتلقيح على استيراد اللقاحات فقط من الخارج، بل تُخطط الحكومة المصرية لتوقيع اتفاقية لبدء تصنيع لقاح شركة سينوفاك الصينية ضد كورونا المستجد محليًا في مصر، ذلك عبر الاستعانة بالقدرات الانتاجية للشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات “فاكسيرا”.
ويعتمد لقاح شركة سينوفاك علي نفس التقنية التقليدية التي يعمل بها لقاح شركة سينوفارم الصينية، حيث يتكون اللقاح من فيروس خامل يثير استجابة مناعية لدي متلقيه. وخضع هذا اللقاح للتجارب السريرية في عدة دول منها البرازيل وتركيا وإندونيسيا، وكانت النتائج من تلك التجارب متباينة للغاية؛ حيث أظهرت التجارب السريرية في البرازيل أن فاعلية اللقاح تصل الي (78%) في الوقاية من حالات الإصابة الخفيفة التي تحتاج إلى علاج، بينما أظهرت البيانات المرحلية للتجارب السريرية في تركيا أن اللقاح كان فعالًا بنسبة (91.25%)، أما إندونيسيا فأعلنت ان فعالية اللقاح تصل إلى (65.3%).
تتمثل إحدى المزايا الرئيسية لهذا اللقاح في إمكانية تخزينه في ثلاجة عادية في درجة حرارة ما بين (2) إلى (8) درجات مئوية على غرار لقاح أوكسفورد/ أسترازينيكا، لكنه أغلى ثمنًا منه؛ فوفقًا لشركة بيو فارما الحكومية الإندونيسية يبلغ سعر الجرعة الواحدة من لقاح سينوفاك حوالي (13.60) دولارًا، بالمقارنة مع (4) دولارات للجرعة الواحدة من لقاح أوكسفورد/ أسترازينيكا.
ولا تزال المفاوضات قائمة بين الجانبين المصري والصيني، حول إجراءات التصنيع والتكلفة المقترحة للجرعة الواحدة من اللقاح. وخضعت شركة فاكسيرا للتقييم المبدئي من قبل ممثلين من منظمة الصحة العالمية للتأكد من جاهزيتها لبدء تصنيع لقاح سينوفاك. ويتوقع أن يُحقق هذا التصنيع المحلي اكتفاءً ذاتيًا لمصر من لقاحات كورونا، وكذلك يتم التخطيط لأن تصبح مصر مركزًا لتصدير لقاحات كورونا إلى الدول الأفريقية.
وخلال الأيام القليلة المقبلة، ووفقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة والسكان، من المتوقع أن تتسلم مصر الدفعة الثانية من لقاحات كورونا عبر التحالف الدولي للقاحات والأمصال “جافى”، وذلك في إطار مبادرة كوفاكس العالمية، والتي تهدف إلى توفير حوالي ملياري مليار جرعة لقاح بحلول نهاية 2021، وتوزيعها على البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض (92 دولة)، والتي لن تستطيع تلبية احتياجاتها من اللقاحات. وذلك بما يعادل تلقيح (20%) من سكان تلك البلدان، على أن تكون أولوية التلقيح للأطقم الطبية والفئات المعرضة لخطر الوفاة في حال إصابتها بفيروس كورونا المستجد، مع الاحتفاظ بمخزون مؤقت يبلغ نحو 5% من إجمالي عدد الجرعات المتاحة من اللقاح جانبا؛ لبناء مخزون للمساعدة في مقاومة تفشي الأمراض الحادة ودعم المنظمات الإنسانية.
ومن المتوقع أن تتكون الدفعة من اللقاحات لمصر من حوالي (4.5) مليون جرعة لقاح، ويتم الإعداد لتوقيع اتفاقية لشراء المزيد من جرعات لقاح سينوفارم الصيني، لتطعيم أكبر قدر ممكن من الفئات الاكثر عرضة للخطر بسبب فيروس كورونا. على أن تشمل تلك الفئات كافة العاملين في القطاعات الصناعية والسياحية والاقتصادية، وذلك بالتوازي مع تلقيح كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة؛ وذلك لتعزيز الاقتصاد المصري من خلال حماية الفئات الأكثر إنتاجية في البلاد، فبعد تلقيهم للقاح سيتمكنون من الذهاب إلى العمل.
ذلك بجانب إلى أن هذه الفئات هي الأكثر إصابة بعدوى فيروس كورونا المستجد دون ظهور أي أعراض، وبالتالي بعد حماية هذه الفئات من الاصابة، من الممكن السيطرة على تفشي الفيروس. كذلك سيتم تلقيح المواطنين الذين سوف يؤدون فريضة الحج خلال موسم الحج الحالي 1442 هجريًا، وذلك عبر بعثة الحج الطبية بالتنسيق مع وزارات السياحة والداخلية والتضامن الاجتماعي؛ حيث سيحصل المواطنون الذين تلقوا لقاح فيروس كورونا على شهادات إلكترونية تثبت تلقيهم للقاح عبر الموقع الإلكتروني الخاص بوزارة الصحة باللغتين العربية والإنجليزية.