مصر

إنجازات رؤية مصر 2030.. إرادة وطنية بجهود مؤسسية

رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030 هي أجندة وطنية تم إطلاقها في فبراير 2016، تعكس خطة الدولة الاستراتيجية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في كافة المجالات. وتستند رؤية مصر 2030 إلى مبادئ “التنمية المستدامة الشاملة” و”التنمية الإقليمية المتوازنة”، وتعكس الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة: البعد الاقتصادي، والبعد الاجتماعي، والبعد البيئي.

وقد قامت الدولة المصرية عام 2018 بتحديث أجندتها للتنمية المستدامة بمشاركة مختلف الوزارات والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني؛ وذلك لمسايرة التغييرات التي طرأت على النطاق المحلي والإقليمي والعالمي. واهتم الإصدار الثاني من رؤية مصر 2030 بتناول كل القضايا من منظور الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة: البيئي والاقتصادي والاجتماعي، فهي رؤية شاملة ومتسقة تتكون من استراتيجيات قطاعية للجهات الحكومية المختلفة.

وكذلك، ترتكز رؤية التنمية المستدامة 2030 على الارتقاء بجودة حياة المواطن وتحقيق تقدم في مستوى معيشته في شتى مجالات الحياة؛ وذلك من خلال التأكيد على ترسيخ مبادئ العدالة والاندماج الاجتماعي ومشاركة كافة المواطنين في الحياة السياسية والاجتماعية وتحقيق المساواة بين الجنسين. يأتي ذلك جنبًا إلى جنب مع تحقيق نمو اقتصادي مرتفع، احتوائي ومستدام وتعزيز الاستثمار في الإنسان. واشتملت رؤية مصر 2030 على سبعة عشر هدفًا للتنمية المستدامة 2030.

الموقف الراهن لأبرز مؤشرات أهداف التنمية المستدامة في مصر

  • الارتقاء بجودة حياة المواطن المصري وتحسين مستوى معيشته 

وتتمثل الأهداف الفرعية في الحد من الفقر بجميع أشكاله، والقضاء على الجوع، وتوفير منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية، علاوة على تعزيز إتاحة الصحة والتعليم، وتحسين جودة وتنافسية التعليم وضمان جودة الخدمات الصحية المقدمة، وتحسين جودة الخدمات الأساسية، وإثراء الحياة الثقافية، وتطوير البنية التحتية الرقمية.

ووفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء “مسح الدخل والإنفاق والاستهلاك” وصلت نسبة السكان الذين يعيشون دون خط الفقر الوطني إلى 32.5% عام 2017/2018 من إجمالي عدد السكان مقابل 27.8% عام 2015.

ووفقًا للنوع ارتفعت نسبة الفقر بين الذكور إلى 33.5% عام 2017/2018 مقابل 31.5% من الإناث. ونظرًا لذلك؛ قامت الدولة بإطلاق العديد من المبادرات لتخفيف الأعباء الاقتصادية على المواطنين وللحد من الفقر بجميع أشكاله؛ فتم إطلاق مبادرة “حياة كريمة” لتحسين مستوى المعيشة وتوفير فرص عمل بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة في المناطق الأكثر احتياجًا، وأطلقت برنامج القضاء على العشوائيات كأحد آليات الحد من الفقر متعدد الأبعاد، وكذلك برنامج تكافل وكرامة للتحويلات النقدية المشروطة للأسر الفقيرة والأكثر احتياجًا وكفالة حقوق أطفالها الصحية والتعليمية.

وبعد انتشار فيروس كورونا المستجد وتضرر عدد واسع من المواطنين جراء فرض الإجراءات الاحترازية، أطلقت الدولة جهودًا لمواجهة تداعيات الأزمة أبرزها إطلاق مبادرة “نتشارك هنعدي الأزمة” من قبل صندوق تحيا مصر لدعم العمالة غير المنتظمة، وتقديم المجتمع المدني مساعدات لدعم المتضررين مثل حملات “دعم العمالة اليومية مسؤولية”، “تحدى الخير”. وقامت الدولة بصرف منحة للعمالة غير المنتظمة خلال مدة الحظر الجزئي، وصرف علاوات لأصحاب المعاشات، علاوًة على مد وقف قانون ضريبة الأطيان الزراعية لمدة عامين، وتوفير السيولة النقدية اللازمة للهيئات السلعية للوفاء بالتزاماتها.

وفيما يتعلق بالهدف الخاص بالقضاء على الجوع وضمان جودة الخدمات الصحية المقدمة فوفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بلغ معدل التقزم للأطفال من 6-59 شهرا تقريبًا 16.2% عام 2015. بينما بلغ معدل انتشار الوزن الزائد (السمنة) للأطفال من 6-59 شهرًا حوالي 9.6% عام 2015.

وبناءً على ذلك أطلقت الدولة مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي للكشف المبكر عن أمراض (الأنيميا والسمنة والتقزم) لدى طلاب المرحلة الابتدائية، وتم إجراء المسح الطبي لـ٦ ملايين و٧٨ ألفًا و٧٤٣ طالبًا، وقياس الوزن والطول ونسبة الهيموجلوبين بالدم، للكشف عن الأمراض الناتجة عن سوء التغذية، ووضع الآليات اللازمة لتحسين صحة الطلاب. أيضًا تم إطلاق مشروع التأمين الصحي الشامل ومبادرة 100 مليون صحة ومبادرة صحة المرأة المصرية.

  • العدالة والاندماج الاجتماعي والمشاركة

وتتمثل الأهداف الفرعية في تحقيق المساواة في الحقوق والفرص، وتحقيق العدالة المكانية، وسد الفجوات التنموية الجغرافية، وتمكين المرأة والشباب والفئات الأكثر احتياجًا وضمان حقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ودعم المشاركة المجتمعية في التنمية لكافة الفئات، وتعزيز روح الولاء والانتماء للهوية المصرية وتنوعها الثقافي، وتعزيز الشمول الرقمي.

وبسبب الجهود التي بذلتها الدولة خلال الفترة الماضية حققت مصر تقدمًا ملحوظًا في التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين لعام 2020؛ إذ يقيس التقرير معايير 153 دولة من خلال مؤشر عالمي يستخدم كإطار لتحديد حجم التفاوت القائم على النوع الاجتماعي ويتابع التقدم المحرز بمرور الوقت. وحدد التقرير 153 دولة بشأن تقدمها نحو المساواة بين الجنسين على أساس أربعة مؤشرات؛ وهي التحصيل العلمي والتمكين السياسي والمشاركة والفرص الاقتصادية بالإضافة إلى الصحة وفرص الحياة.

وطبقًا للتقرير أغلقت مصر 62.9% فقط من الفجوة بين الجنسين، فاحتلت المرتبة 134على مستوى العالم، بدلًا من 135 في عام 2018، والمرتبة الثامنة في مؤشر الفجوة بين الجنسين الإقليمي على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولا يزال يتعين عمل الكثير لمنح فرص متساوية للمرأة في جميع الجوانب وذلك وفقًا للتقرير السنوي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي world economic forum.

واحتلت مصر المرتبة 102 عالميًا في التحصيل العلمي مقابل 90 عام 2006، وذكر التقرير أن معدل القراءة والكتابة في مصر لايزال منخفضًا حيث يصل إلى 65% بين النساء، وهو ما يترجم إلى فجوة بين الجنسين بنسبة 15% لم يتم سدها بعد، واحتلت مصر المرتبة 85 في مؤشر الصحة وفرص الحياة. 

وطبقًا لذلك أطلقت الدولة العديد من المشروعات التي تهدف إلى تمكين المرأة؛ فشهدت الفترة الماضية زيادة نسبة الوزيرات في مجلس الوزراء من 6% في عام 2015 إلى 20% في عام 2017، ثم إلى 25% في عام 2018، وهو أعلى تمثيل على الإطلاق للمرأة في مجلس الوزراء بمصر. 

أيضًا شهدت زيادة نسبة النساء اللائي يشغلن منصب نائب الوزير من 17% في عام 2017 إلى 27% في عام 2018، وزادت نسبة النساء في منصب نائب محافظ إلى 31% في عام 2019. علاوة على العديد من التشريعات التي سُنّت لتوفير أقصى حماية ممكنة للمرأة. أيضًا بذلت الدولة جهودًا في دعم الأشخاص ذوي الإعاقة، ودعم أصحاب المشروعات ورواد الأعمال من الشباب لتوفير سبل التمكين الاجتماعي وأسس المساواة لجميع الفئات، علاوة على الجهود المبذولة لبناء مجتمع المعرفة من خلال استخدام أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

  • اقتصاد تنافسي ومتنوع

تتمثل أبرز الأهداف الفرعية في تحقيق نمو اقتصادي مرتفع احتوائي ومستدام، مع رفع درجة مرونة وتنافسية الاقتصاد، وزيادة معدلات التشغيل وفرص العمل اللائقة، وتحسين بيئة الأعمال وتعزيز ثقافة ريادة الأعمال، وتحقيق الشمول المالي. 

ونتيجة الإصلاحات الاقتصادية الكلية التي اتخذتها مصر والتي أدت إلى العديد من المكاسب ومنها تنوع مصادر النمو، وتطبيق الإصلاحات المالية العامة والنقدية التي عززت من قدرة البنك المركزي على مواجهة الأزمات الخارجية والداخلية كـ (فيروس كورونا وتبعياته)، وكذلك الحد من الضغوط التضخمية، وزيادة فرص العمل؛ حققت مصر قفزة نوعية في المؤشرات الاقتصادية كما يلي:

وأطلقت مصر العديد من المبادرات بهدف تحقيق نمو اقتصادي مرتفع، والاستدامة المالية وتحقيق التحول نحو الاقتصاد الرقمي، أبرزها مبادرة توفير مخصص مالي صافي مبادرات دعم قطاعات الصحة والتعليم والتضامن الاجتماعي في موازنة العام المالي المقبل. بالإضافة إلى المبادرات التي تم إطلاقها لمواجهة أزمة كورونا وللتخفيف من آثارها وكان أبرزها:

  • مبادرة لتقديم الاستشارات القانونية مجانًا للشركات والعاملين في السوق واقتراح البدائل الاقتصادية دون الإخلال بحرية المنافسة ومواجهة أي احتكارات.
  • خفض سعر الفائدة بواقع 300 نقطة أساس مما يساهم في دعم النشاط الاقتصادي بكافة قطاعاته.
  • خفض سعر الفائدة لعدد من مبادرات القطاع الخاص الصناعي، ودعم إحلال وتجديد الفنادق والإقامة وأساطيل النقل السياحي، والتمويل العقاري لمتوسطي الدخل بهدف تعزيز نشاط القطاع الخاص، والقطاع السياحي، والمتعثرين.
  • تخصيص مبلغ مالي لدعم البورصة المصرية للمساهمة في انتعاش السوق، وإقرار نظام جديد لضريبة “كسب العمل بشكل تصاعدي وتحسين الشرائح الضريبية لصالح أكبر جزء من المجتمع، ويخدم الطبقة المتوسطة.
  • إصدار شهادتي “ابن مصر” و”الشهادة البلاتينية السنوية” لمراعاة البعد الاجتماعي للفئات التي تعتمد على العائد من تلك الشهادات.
  • إصدار المحافظ الإلكترونية والبطاقات المدفوعة مقدما مجانًا.
  • نظام بيئي متكامل ومستدام

وتتمثل الأهداف الفرعية في مواجهة الآثار المترتبة على التغيرات المناخية، وتعزيز قدرة الأنظمة البيئية على التكيف، وتعزيز المرونة والقدرة على مواجهة المخاطر والكوارث الطبيعية، والاعتماد المتزايد على الطاقة المتجددة، وصون الطبيعة وحماية مواردها والتنوع البيولوجي، وتبني أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة، وتحقيق أفضل استخدام للموارد الطبيعية.

وفي هذا الإطار تتبنى القيادة السياسية استراتيجية قومية لمعالجة وتحلية مياه البحر، عبر إنشاء شبكة متكاملة من محطات التحلية في المحافظات الساحلية المطلة على البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، إلى جانب التوسع في مشروعات الصرف الصحي في جميع محافظات الجمهورية.

ومن المقرر أن تدخل 19 محطة تحلية جديدة الخدمة في غضون 18 شهرًا لتضاف إلى المحطات القائمة بالفعل والتي يصل عددها إلى 65 محطة مقامة في 6 محافظات. أيضًا قامت الدولة بإطلاق حزمة سياسات منها رفع الدعم وذلك لترشيد استهلاك الطاقة وتحسين كفاءة انتاج ونقل الطاقة الكهربائية. علاوًة على تحفيز التنمية والاستثمار المحلي والأجنبي في مشروعات الطاقة المتجددة مما ساعد على تلبية الاحتياجات المتزايدة على الطاقة دون توقف الخدمة.

  • السلام والأمن المصري

يتمثل أهدافه الفرعية في، ضمان الأمن الغذائي والمائي وأمن الطاقة المستدام، وضمان الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وضمان الأمن المعلوماتي (السيبراني)، وتأمين الحدود المصرية ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.

ولتحقيق الهدف قامت الدولة بـ:

  • وضع حد أقصى لعمليات السحب والإيداع النقدي اليومي.
  •  منح تسهيلات للعملاء غير المنتظمين (الأفراد الطبيعيين) في السداد لتمكينهم من التعامل مجددا مع الجهاز المصرفي.
  •  تأجيل الاستحقاقات الائتمانية للعملاء مع عدم تحصيل عوائد أو غرامات إضافية على التأخر في السداد.
  • مبادرة تقديم تمويل سريع للمشروعات الصغيرة المتضررة بمختلف أنواعها.
  • مبادرة توفير قروض مساندة لقطاع الطيران المدني، مع تأجيل سداد وجدولة المديونيات والمستحقات لشركات الطيران الخاص.
  • تأجيل أقساط القروض لأصحاب المشروعات.
  • اتخاذ عدد من القرارات لدعم سوق المال في ظل أزمة كورونا هي:
  1. خفض ضريبة الدمغة على المقيمين وغير المقيمين.
  2. الإعفاء الكامل للعمليات الفورية على الأسهم من ضريبة الدمغة لتنشيط حجم التعامل.
  3. خفض سعر ضريبة توزيعات الأرباح للشركات المقيدة بالبورصة.
  4. إعفاء غير المقيمين من ضريبة الأرباح الرأسمالية نهائيًا وتأجيل هذه الضريبة على المقيمين.

وتم اتخاذ عدد من القرارات لمساندة قطاع السياحة كونه أحد أكثر القطاعات تضررًا من الأزمة والتي تمثلت في:

  • تخصيص مبلغ مالي لإحلال وتجديد الفنادق ولسداد التزامات الشركات والمنشآت السياحية.
  • إسقاط الضريبة العقارية على المنشآت الفندقية والسياحية.
  • منح تسهيلات ائتمانية لسداد الرواتب والمستحقات المتعلقة بالأنشطة السياحية.
  • تأجيل سداد وجدولة المديونيات والمستحقات عن مقابل استهلاك الكهرباء والمياه والغاز للمنشآت السياحية والفندقية.
  • صرف إعانات من صندوق الطوارئ للعاملين بقطاع السياحة.

وختامًا، فيما يلي نسبة اتاحة مؤشرات التنمية المستدامة حتى عام 2018:

المصادر:

  • تمكين المرأة اقتصاديًا ما بعد جائحة كوفيد-19، مركز بصيرة، مارس 2021.
  • التقرير الإحصائي الوطني لمتابعة مؤشرات أهداف التنمية المستدامة 2030 في مصر، الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، ديسمبر 2019.
  • رؤية مصر 2030، رئاسة الجمهورية.
  • استراتيجية مصر للتنمية المستدامة (رؤية مصر 2030)، الهيئة العامة للاستعلامات، يوليو 2020.
  • النشرة السنوية لإحصاء العاملين بالقطاعين العام والأعمال العام، الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، 2020.
  • محطات التحلية.. «نيل جديد» في مصر، المصري اليوم، أغسطس 2020.
  • كتيب الإحصاءات الاقتصادية جمهورية مصر العربية، المركز المصري للدراسات الاقتصادية،2021.
+ posts

باحثة ببرنامج السياسات العامة

د.هالة فودة

باحثة ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى