
أبرزهم “مشهور”و”مميش”.. تعرف على مسؤولي هيئة قناة السويس الذين حملت معداتها أسماءهم
نجحت هيئة قناة السويس صباح اليوم الاثنين، في تعويم ناقلة الحاويات البنمية الجانحة “إيفر جيفين” بشكل كامل وتوجيهها إلى منطقة البحيرات المرة لفحصها، بعد سته أيام من الجهد المتواصل لإعادة فتح المجرى الملاحي الأهم في العالم، حيث استجابت السفينة البالغ طولها 400 متر وعرضها 59 مترًا ووزنها نحو 224 ألف طن لمناورات الشد والقطر التي تمت بواسطة 8 قاطرات جرى توزيعهم وفقًا لاعتبارات فنية وهندسية محددة للحفاظ على جسم السفينة.
وبدأت مناورات السحب بواسطة القاطرتين “بركة 1″ و”عزت عادل” من مقدمة السفينة بقوة شد 160 طنًا لكل منها، وشاركت القاطرتان تحيا مصر 1 وتحيا مصر 2 في دقع مقدمة السفينة ناحية الشمال، فيما قامت 4 قاطرات هم عبد الحميد يوسف ومصطفى محمود وبورسعيد 1 وبورسعيد 2 بدفع مؤخر السفينة جنوبا، بينما عملت القاطرة الهولندية APL GUARD والقاطرة ماراديف على شد مؤخر السفينة جنوبًا. وعلى مدار الأيام الماضية، عملت الكراكة مشهور على تكريك 27 ألف متر مكعب من الرمال بمحيط منطقة مقدمة السفينة مع مراعاة مسافات الأمان، وقد وصل التكريك إلى عمق 18 مترًا، علاوة على استخدام الحفارات الأرضية التي تسمح بالاقتراب أكثر من السفينة.
فمن هؤلاء الذين أُطلقت أسماؤهم على تلك المعدات؟
• الكراكة مشهور: تحمل اسم ثالث رئيس مصري لهيئة قناة السويس المهندس مشهور أحمد مشهور، الذي ولد في 1 أبريل 1918، وحصل على بكالوريوس الهندسة المدنية من جامعة القاهرة عام 1941، ثم عمل مهندس بالسكك الحديدية بين عامي 1941 و1942، ثم ضابط مهندس بالقوات المسلحة بين عامي 1942 و1956، فنائب مدير التحركات ومدير التحركات بين عامي 1956 و1965، حيث لعب دورًا هامًا في تأميم قناة السويس حيث كان أحد ثلاثة عهد إليهم الزعيم جمال عبد الناصر بالاستيلاء على هيئة قناة السويس وإدارتها عقب خطاب التأميم الشهير في 26 يوليو 1956.
ثم عينه عبد الناصر رئيسًا لهيئة القناة في 14 أكتوبر 1965 واستمر في منصبه حتى 31 ديسمبر 1983 بدرجة وزير ثم بدرجة نائب رئيس وزراء، خلال تلك الفترة لعب دورًا محوريًا في الحفاظ على معدات وأفراد الهيئة طوال فترة غلق القناة بين عامي 1967 و1973، وقبل الحرب مباشرة أمر بتعبئة جميع إمكانات الهيئة من أفراد ومعدات وورش ومعديات وأوناش وأحواض سفن ومستشفيات وطاقات وموارد بشرية تحت تصرف القيادة العسكرية، وقاد المقاومة الشعبية في الاسماعيلية بعد عدوان 1967، وعقب الانتصار شارك في إعادة القناة للملاحة في يونيو 1975، وقاد خطة التطوير التي استغرقت خمس سنوات بين عامي 1975 و1980 لتكون قادرة على استقبال جميع أنواع السفن والناقلات العملاقة مع تحديث معدات المرافق.
وقد شارك مشهور في الكثير من المؤتمرات الملاحية والاجتماعات مع غرفة الملاحة الدولية والمنظمة الدولية للملاحة، وتولى العديد من المناصب الأخرى منها رئيس الجمعية العربية للتعدين والبترول، ورئيس مجلس النقل والمواصلات بأكاديمية البحث العلمي. وتقلد العديد من الأوسمة المحلية والدولية منها: وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى عام 1956، ووسام الجمهورية من الطبقة الأولى ووسام الجمهورية من الطبقة الثالثة، ووسام الخدمة العسكرية من الدرجة الأولى، ووسام التحرير ووشاح النيل عام 1980، ووسام فلسطين، ووسام نهضة بولندا، ووسام الليجيون دي اونير الفرنسي، ووسام بونو جراند اوفسييه من جمهورية توجو. وتوفي مشهور في 7 يوليو 2008 عن عمر يناهز الـ 90 عامًا.
والكراكة مشهور هي الأضخم التي تمتلكها هيئة قناة السويس، وقد تم بنائها عام 1996 في ترسانة شركة “رويال اي إنش سي” بهولندا، وتعتبر ضمن فئة الكراكات الماصة الطاردة ذات الحفار، تبلغ قدرتها الكلية 30800 حصان، وقدرة طلمبات التكريك 7342*2 حصان، وقدرة الحفار 3263 حصان، وتستطيع التكريك بين عمقي 8 و35 متر. ويبلغ طولها 140.3 متر، وعرضها 22.4 متر، وارتفاعها 7.2 متر، وغاطسها 4.95 متر.
• القاطرة عزت عادل: تحمل اسم الرئيس الأسبق لهيئة قناة السويس المهندس محمد عزت عادل، وولد عادل في 10 نوفمبر 1925 وحصل على بكالوريوس هندسة مدنية من جامعة القاهرة عام 1950، وكان مشروع تخرجه عبارة عن 6 مواسير ضخمة تعبر أسفل قناة السويس لنقل المياه من غرب إلى شرق القناة. وتقلد العديد من المناصب قبل أن يصبح رئيسًا لهيئة قناة السويس عام 1984، منها ضابط بسلاح المهندسين وقائد جناح المفرقعات بمدرسة الهندسة العسكرية حتى عام 1953، ثم انتدب مساعدًا لمدير هيئة البترول 1954، وعُين سكرتير عام مساعد لهيئة قناة السويس عام 1957، ومدير إدارة التموين بالهيئة عام 1961، ورئيس مجلس إدارة شركة التمساح عام 1962 إلى جانب عمله الأساسي، ومدير إدارة شئون المالية والإدارية بهيئة قناة السويس عام 1966، ورئيس لجنة الدفاع المدني والمشرف على الدفاع الشعبي بعد نكسة 1967 وحتى انتصار 1973، ومدير إدارة التحركات بالهيئة حتى عام 1983.
ثم تولى المهندس عادل عزت رئاسة هيئة قناة السويس عام 1984، وبلغ سن الستين في العام التالي لكن الرئيس الراحل محمد حسني مبارك مدَّ خدمته 10 سنوات أخرى حتى عام 1996، وخلال تلك الفترة نفذ العديد من أعمال التطوير. وقد مثَّل عام 1945 علامة فارقة في مسيرة عزت عادل المهنية، عندما اختاره الزعيم جمال عبد الناصر ضمن فريق مكون من ثلاثة شخصيات هم المهندس محمود يونس والمهندس عزت عادل والمهندس عبد الحميد بكر لوضع خطة تأميم قناة السويس، وكان حينها برتبة ملازم أول. وقبلها كان مشاركًا في تدريب الجنود على الأعمال الفدائية التي تستهدف الإنجليز حيث بدأت مصر تشدد الخناق على الإنجليز في التل الكبير والفنارة ومنطقة القناة ضمن خطة للاستقلال.
ومن أهم إنجازاته التي سبقت تعينه رئيس للهيئة الإشراف على مشروع توسيع وتعميق القناة بين عامي 1975 و1980 الذي هدف توسيع المجرى لأكثر من 200 متر وتعميقه لأكثر من 18 قدمًا، كما أشرف على تدريب المدنيين الفدائيين بعد نكسة 1967 لتوليه قيادة لجان الدفاع الشعبي. وقد كرمه الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتزامن مع حفل افتتاح قناة السويس الجديدة عام 2016 وكان تخطى الـ 90 عامًا.
وتعتبر القاطرة عزت عادل (المعروفة أيضًا ببركة 1) الأقوى في الشرق الأوسط بقوة سحب مستمر تصل إلى 160 طن، وتبلغ سرعتها 17.5 عقدة، وطولها 69.2 متر، وعرضها 15.5 متر، وعمقها 7.4 متر، وغاطسها 6.4 متر، ووزنها الكلي 2320 طن، ومساحة سطحها 434 متر مربع مع قوة 15 طن/متر مربع. وهي مجهزة بأربعة محركات ديزل كلًا منهم 3990 حصان عند 600 لفة/الدقيقة، ومدى بحري 6000 ميل بحريًا، كما أنها مجهزة بمضختي إطفاء تضخ كلًا منهما 3600 م3/ساعة و2 مدفع ضخ للمياه يتم التحكم فيهما عن بعد من غرفة القيادة، ويصل ارتفاع عمود المياه إلى 150 متر فوق سطح البحر وطول مسار المياه إلى 193 متر، وأيضًا مجهزة بخزان سعة 200 م3 للتمكن من المشاركة في عمليات مكافحة التلوث وتخفيف الحمولة. وقد نفذت العديد من عمليات القطر الناجحة في أعالي البحار لحفارات البترول والأحواض العائمة والسفن والصالات ومنصات البترول.
• القاطرة عبد الحميد يوسف: من أحدث القاطرات التي انضمت لأسطول ترسانة بورسعيد في أغسطس 2019، وتحمل اسم المستشار السابق لرئيس الهيئة للشئون الهندسية، المهندس الراحل عبد الحميد يوسف، وهو أحد القامات المرموقة في تاريخ هيئة قناة السويس على مدار 59 عامًا هم مدة خدمته التي بدأت عام 1985 حتى وافته المنية في مايو 2019. وقد كان يوسف شاهدًا على أهم التواريخ والأحداث في مسيرة القناة خلال الستة عقود الفائتة، حيث شارك في مشروع التطوير الذي أطلقه الزعيم جمال عبد الناصر عام 1985 تحت اسم “البرنامج الثامن المعدل”، بعد تطهير المجرى الملاحي من آثار العدوان الثلاثي عام 1956، بهدف توسيع قناة السويس وتعميق الغاطس من 34 قدم حتى 38 قدم، وإنشاء كوبري الفردان.
وتوالت مساهمة يوسف في النهوض بالمجرى الملاحي العالمي عبر المشاركة في مشروعات كوبري الفردان، وكوبري النصر العائم، وكباري الربط بين ضفتي القناة، والمساهمة في تطهير المجرى عقب انتصار أكتوبر 1973، ثم تطويره بعد إعادة فتحه أمام الملاحة العالمية في 5 يونيو 1975، إلى المشاركة في إنشاء قناة السويس الجديدة.
والقطارة عبد الحميد يوسف بُنيت في ورش ترسانة بورسعيد البحرية لصالح هيئة قناة السويس، بأيدي مصرية، وبتكلفة إجمالية 200 مليون جنيه، يصل الطول الكلي للقاطرة نحو 35.87 مترًا، وعرضها 12.5 متر، وعمق 5.25 متر، وتعمل بغاطس 3.35 متر، وبسرعة 13 عقدة، وقوة شد 70 طنًا، وتصل قدرة المحركات لنحو 2640 كوات، وهي تمتلك رفاصات عالية الكفاءة من صناعة شركة “فويث” الألمانية، وماكينات من شركة دايهاتسو اليابانية، ويبلغ عدد طاقمها 12 فردًا.
• القاطرة مصطفي محمود: انضمت لأسطول قاطرات قناة السويس في ديسمبر 2019، وتحمل اسم الشهيد الرائد بحري مصطفى محمود عبد الله أحد الأبطال الذين استشهدوا خلال العملية الشاملة “سيناء 2018”. وكان محمود مقاتلًا فذًا حيث استطاع في وقت قصير الحصول على العديد من الفرق التدريبية المتقدمة منها فرقة الصاعقة وفرقة الضفادع البشرية وفرقة مظلات وفرقة قادة قفز وفرقة قتال متلاحم، وعمل مع فرقة قوات خاصة بحرية، وتولى فرقة الصاعقة لطلبة الكلية الحربية، كما حصل على دورة “السيل” وهي أعلى مستويات التدريبات القتالية التي تجمع مهارات القتال في البحر والأرض والجو.
وكان الشهيد أحد الكوادر الهامة فى القوات المسلحة، وعُرف بلقب “بوتشر الجميل” أو “الجزار” لكثرة ضحاياه من الإرهابيين حيث دائمًا ما تصيب طلقاته أهدافها مباشرة. وقد شارك في الحصار الذي نفذته القوات المسلحة ممثلة في القوات البحرية بالتعاون مع الأجهزة الأمنية على العناصر التكفيرية في نطاق رفح والعريش لقطع وصول الإمدادات إليهم عبر البحر، وتكبيدهم أكبر خسائر ممكنة ومنع تجديد إمكانياتهم.
وقد شارك الرائد مصطفى محمود في العلميتين العسكريتين “حق الشهيد” و”سيناء 2018″، حتى جاء يوم استشهاده في 15 مارس 2018، حينما تلقى استغاثة دعم من زملائه، وسرعان ما لبى النداء وانطلق في سرية تامة حاملًا سلاحه إلى موقع القتال حيث اشتبك مع الإرهابيين وأسقط العديد منهم بطلقات قناصة ملحقًا خسائر فادحة بعناصرهم، فما كان منهم إلى أن وجهوا نيران أسلحتهم إلى مصدر إطلاق النار حتى اُصيب البطل بطلقة خطيرة في صدره، تم على إثرها إخلائه من الموقع رغم رفضه للإخلاء وإصراره على اكمال القتال، لكنه ما لبث أن استشهد.
وعلى غرار نظيرتها “عبد الحميد يوسف”، بُنيت القاطرة بأيدي مصرية في ترسانة بورسعيد لصالح هيئة قناة السويس، بتكلفة 200 مليون جنيه أيضًا، وبقوة شد 70 طنًا، ويبلغ طولها 35.87 متر، وعرضها 12.5 متر، وغاطسها 3.35 متر، وسرعتها 13 عقدة، وهي تمتلك رفاصات عالية الكفاءة من صناعة شركة “فويث” الألمانية، وماكينات من شركة دايهاتسو اليابانية.
• الكراكة مهاب مميش: كان منتظر وصولها بعد أسبوع حال لم تنجح مناورات الشد والقطر، وهي تحمل اسم الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس السابق، الذي وُلد في 6 أغسطس 1948، وتخرج من الأكاديمية البحرية المصرية عام 1971، حيث عمل ضابطًا بحريًا، وتولى قيادة سلاح الغواصات ثم قيادة قاعدتين ورئيس شعبة التدريب ورئيس شعبة العمليات ورئيس الأركان البحرية حتى تقلد منصب القائد الأعلى للقوات البحرية بين 2007 و2012، ليكون اول قائد من سلاح الغواصات يتولى هذا المنصب.
وخلال مسيرته العسكرية نال درجة زمالة أكاديمية ناصر العسكرية العليا، وحصل على دورات تدريبية بالولايات المتحدة الأمريكية أعوام 1983 و1992 و1995 و1998و 2004، وعلى دورات تدريبية فى الإمارات خلال الفترة من 1987 و1989، وابتعث عدة مرات إلى بريطانيا عام 1980، وفرنسا عام 2002، واليونان عام 1999، والصين عام 1992. وحصل على العديد من الأوسمة والأنواط والميداليات منها: ميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة، ونوط التدريب، وميدالية القوات البحرية المصرية، ونوط تحرير سيناء، ونوط الواجب العسكري، وميدالية اليوبيل الفضي لتحرير سيناء، وميدالية 6 أكتوبر 1973، وميدالية اليوبيل الفضي لنصر أكتوبر، وميدالية اليوبيل الفضي لثورة يوليو، وميدالية اليوبيل الذهبي لثورة يوليو، وميدالية 25 يناير، ووسام الجمهورية من الطبقة الأولى.
وفي 12 أغسطس 2012، عُين مميش رئيسًا لهيئة قناة السويس حيث قاد أحد أهم مشروعات تطوير قناة السويس ألا وهو حفر قناة السويس الجديدة منذ إعلان الرئيس السيسي إطلاقه في 5 أغسطس 2014 حتى افتتاحها في 6 أغسطس 2015، حيث نجح في تقليص المدة الزمنية المقررة للتنفيذ من 5 سنوات إلى عام واحد فقط، وبعدها أسند له الرئيس السيسي رئاسة الهيئة الاقتصادية لقناة السويس في 30 أبريل 2017، إذ ساهم في وضع خطة تطوير محور القناة، إلى أن ترك رئاسة الهيئتين في 17 أغسطس 2019 وعُين مستشارًا لرئيس الجمهورية لمشروعات محور قناة السويس والموانئ البحرية.
وتعد الكراكة مهاب مميش الأكبر والأضخم في الشرق الأوسط وتاريخ القناة، حيث انضمت للهيئة في مايو 2020، وتم بناءها في ترسانة شركة “رويال اي إنش سي” الهولندية، وهي بمثابة تحديث للكراكة مشهور ومصممة للخدمة الشاقة بقدرة 29 ألفا و190 كيلو وات، ويبلغ طولها الكلي 147.4 متر، وعرضها 23 متر، بعمق 7.70 متر، وغاطس 5.50 متر، وإنتاجية 3600 متر مكعب من الرمال/الساعة على طول 4 كم، وهي مجهزة بمضخة واحدة مغمورة ومضختين داخليتين بطاقة القاطع المثبتة 4800 كيلو وات، ويبلغ أقصى عمق تكريك لها 35 مترًا.
باحثة ببرنامج العلاقات الدولية