
تسبب جنوح سفينة MV Ever Given في 23 مارس أثناء عبورها لقناة السويس في إغلاق الممر الملاحي الأهم الذي يربط بين قارتي أسيا وأوروبا وهو ما دفع إلى انتظار أكثر من 300 سفينه لعبور القناة التي تربط البحرين الأبيض المتوسط والأحمر.
وحديث العديد من وسائل الإعلام العالمية عن الخسائر التي قد تلحق بالاقتصاد العالمى حال استمرار إغلاق القناة بواسطة تلك السفينة العملاقة، تلك المخاوف أعادت للاذهان حقيقة أن مصر تتملك أحد الشرايين المهمة التي تسهل حركة التجارة العالمية والتي بدونها ستحتاج السفن إلى قطع مسافة تزيد عن 7000 كيلو متر مربع واللجوء للدوران حول طريق رأس رجاء الصالح وإضافة عدد 8 أيام أخرى لزمن الشحن المحتمل واستهلاك المزيد من الوقود الذي يرفع من تكلفة الشحن ومن ثم تكلفة تسعير المنتجات.
ما هي سفينة MV Ever Given
سفينة Ever Given هي سفينة حاويات تصنف على أنها سفينة من الدرجة الذهبية وهي واحدة من أكبر سفن الحاويات بالعالم المملوكة لشركة Shoei Kisen Kaisha وهي شركة تابعة للشركة اليابانية Imabari Shipbuilding المتخصصة في ملكية وتأجير السفن. حاليا فإن السفينة مستأجرة وتشغلها شركة Evergreen Marine لنقل الحاويات والشحن والتي يقع مقرها في مدينه تايوان. أما شركة Ever Given فهي شركة مسجلة في بنما وتقع مسؤولية إدارتها فنيا على عاتق شركة إدارة السفن الألمانية Bernhard Schulte Shipmanagement. وتعتبر حاوية Ever Given واحده من عدد 13 سفينة حاويات تم بنائها وفقا لتصميم Imabari 20000 الذي تم تطويره بواسطة شركة Imabari Shipbuilding اليابانية. يبلغ طولها 344.94 مترا ويبلغ طول هيكلها 58 متر وعمقها 32.9 مترا، وغاطسا محملا بالكامل يبلغ 14.5 مترا، تلك الأبعاد تجعل من السفينة قادرة على حمل 20224 حاوية، وتزيد قدرة حملها عن 220 ألف طن.
أهمية قناة السويس للتجارة العالمية
لقناة السويس أهمية اقتصادية وبيئية كبيرة حيث توفر حوالى 6000 – 7000 كم من المسافة التي يجب أن تقطعها السف من ميناء سنغافورة إلى ميناء هامبرج ب ألمانيا، وبالتالي فإن تلك المسافة تعني إضافة ما بين 6 – 8 أيام أخرى إلى موعد التسليم المطلوب لوصول البضاعه البضاعة تظل بالبحر لحوالى 30 يوما تقريبا ولا تحتاج إلى ثمان أيام أخرى قد تعرضها للتلف، وهو مايشغل ضغط على سلاسل التوريد العالميه، التي باتت في حاجة إلى توفير مسارات أسرع لنقل بضائعها في ظل طلب عالمي متنامي واقتصاد عالمي لازال يعاني من أثار جائحة فيروس كوفيد-19.
يعبر من قناة السويس بين 10 – 12% من التجارة العالمية (بلغ حجم التجارة العالمي لعام 2019 مبلغ 19 تريليون دولار، أي أن قناة السويس هي ممر لبضائع بحوالي 2.28 تريليون دولار سنويا) ومن ثم فهى تعتبر أهم ممر ملاحي بين دول أسيا وبين أوروبا. حيث تشير التقديرات العالمية إن اغلاق قناة السويس يكبد العالم يوميا خسائر بحوالي 9.6 مليار دولار يوميا.

أما عن عدد السفن التي تعبر قناة السويس فهي فيبلغ عددها أكثر من 50 سفينة يوميا، أي حوالي 18900 سفينة سنويا، بحمولات بضائع تقدر بحوالى 1207 ملايين طن. ويمكن أن تصل تكلفة الشحن بالسفينة الواحدة (من الصين إلى المملكة المتحدة) إلى أكثر من 20 مليون دولار ( 1000 – 1100 دولار للحاوية مضروبا في عدد 20 ألف حاوية وهي عدد الحاويات التي تحملها سفينة MV Ever Given وتستغرق عدد أيام بين 30 – 35 يوما في البحر. وتزيد تلك المدة إلى 38 – 43 يوميا في حال أن قررت تلك السفن أن تسلك مسارا أخر غير قناة السويس.
ويفسر ذلك الأمر الأهمية العالمية وسبب إهتمام العديد من وسائل الاعلام العالمية بالقناة أثناء فترة إغلاقها المؤقت الذي تسببت به تلك السفينة. ومن ثم فإن في حال عدم العبور من قناة السويس فإن ذلك يعني زيادة الزمن المستغرق للشحن بحوالي 25% (زيادة بعدد ثمان أيام أخري على الزمن المحدد) وهو ما يعني زيادة تكلفة الشحن كل ذلك سينعكس على تكاليف البضاعه وأسعار المنتجات عالميا وعلى معدلات التضخم عالميا، ويزيد من احتمالات تلف البضائع المنقولة في حال أن كانت قابلة للتلف.

ساهمت الأسباب السابق ذكرها والمتعلقة بزيادة الزمن المستغرق وتكاليف نقل البضائع في ارتفاع أسعار خام برنت للبترول بحوالي 4 دولارات للبرميل خلال فترة إغلاق قناة السويس حيث ارتفع سعر البرميل من (60 دولار للبرميل إلى سعر يقترب من 65 دولار للبرميل) ثم عادت تلك الأسعار للاستقرار مرة أخرى فور الإعلان عن تشغيل القناة ليعود سعر البرميل إلى 63.8 دولار للبرميل بعد ساعات قليلة من الإعلان عن إعادة تشغيل القناة.

ويمر بقناة السويس عدد يتراوح بين 4500 – 5000 حاوية نقل بترول تحمل حوالي 238 مليون طن من البترول من أسيا (خاصة الدول العربية) إلى أوروبا. هذا فضلا عن مرور عدد 650 – 700 سفينة تسييل غاز تحمل حوالى 80 مليون طن من الغاز المسال بالقناة.
الخلاصة
أثبتت قناة السويس أهمية جغرافية خلال تلك الازمة التي أظهرت حجم التجارة العالمية التي تمر من خلال تلك القناة، حيث إن ذلك الممر المائي البالغ طوله 120 ميلا (193 كيلو مترا) يساهم في تخفيض تكاليف نقل البضائع عالميا بحوالي 25% (خفض 8 أيام من رحلة نقل البضائع من أسيا إلى أوروبا) وهو ما يساهم في تحسين سلاسل التوريد العالمية وجعلها أكثر كفاءة على الوفاء بإحتياجات العملاء من المواد ومستلزمات الإنتاج والبضائع النهائية في الزمن المحدد.
جانب أخر من الأهمية يتمثل في حماية البيئة من الانبعاثات الضارة للكربون الناتج عن حرق الوقود والديزل أثناء المرور بالطريق القديم عبر طريق رأس رجاء الصالح وهو وما ينتج عنه من أثر على انبعاثات الكربون والاحتباس الحراري والاضرار بالحياة البحرية. ومن ثم تظل قناة السويس هي هدية مصر للعالم التي تساهم في تعزيز منظومة التجارة العالمية وتحافظ على النظام العالمي البيئي.
باحث ببرنامج السياسات العامة