أفريقيا

زيارة ” ندايشيمي” إلى القاهرة: علاقات ممتدة وثمار مُنتظرة

استقبل الرئيس “عبد الفتاح السيسي” اليوم الأربعاء المُوافق 24 مارس 2021 بقصر الاتحادية الرئيس “إيفاريست ندايشيمي” رئيس جمهورية بوروندي، وذلك في أول زيارة له إلى القاهرة في ظل التعاون والعلاقات الوطيدة التي تجمع بين البلدين، وحظيت هذه الزيارة باهتمامٍ خاصٍ في مُباحثات اليوم مع استعداد مصر تطوير هذا التعاون لتحقيق أهداف التنمية في البلدين سواء على مستوى التبادل التجاري والاستثماري أو على مستوى العلاقات السياسية.

وفي هذا السياق، أكد الرئيس “السيسي” حرص مصر على تطوير وتعميق كافة أشكال التعاون القائمة بين البلدين، حيث شهدت العلاقات تطورات إيجابية خلال السنوات الأخيرة في ظل العلاقات التاريخية المُشتركة التي تجمع بين البلدين، وتعود هذه العلاقات لستينيات القرن الماضي منذ استقلال بوروندي من خلال دور مصر الداعم لحركات التحرر من الاستعمار. 

وشدد “السيسي” على أن مصر ستظل شريكًا رئيسًا لدولة بوروندي في جهودها من أجل تحقيق التقدم، وستقدم كل ما يمكنها من العون والمساندة لجمهورية بوروندي لإنجاز أهداف وخطط التنمية التي يسعى رئيس بوروندى وحكومته من أجلها، مضيفًا أن هناك اهتمامًا بتنمية الإمكانيات الزراعية في بوروندي لما تتمتع به من مساحات شاسعة ومواردها المائية واستغلالها.   

قضايا محل النقاش          

عَكست المباحثات الثنائية بين “السيسي” و” ندايشيمي”، مدى التقارب في وجهات النظر بين البلدين حيال القضايا المُشتركة، تطرقت المُباحثات إلى بحث دعم علاقات التعاون بينهما في كافة المجالات، وسُبل تطويرها خلال الفترة القادمة، والاستفادة من الخبرات المصرية، إلى جانب استعراض آخر التطورات في القارة السمراء وعلى رأسها أزمة سدّ النهضة ومُكافحة الإرهاب ومُحاولة حشد تأييد أفريقي للحقوق المشروعة لمصر والسودان في مياه نهر النيل، والقضايا ذات الاهتمام المُشترك:

  • تطورات سدّ النهضة: بوصفها قضية وجودية تُؤثر على حياة الملايين من المصريين من خلال التأكيد على ضرورة السعي للتوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم ينظم عملية ملء وتشغيل سدّ النهضة في أقرب وقت ممكن، بعيدًا عن أي نهجٍ أحادي يسعى إلى فرض سياسة الأمر الواقع وتجاهل الحقوق الأساسية لشعوب حوض النيل.    
  • مُكافحة الإرهاب: أحد الملفات المهمة في مُباحثات اليوم خاصةً أن الإرهاب حاضر في القارة الأفريقية بشكل كبير، بالإضافة إلى توضيح الأوضاع الاقتصادية في القارة الأفريقية محل النقاش وخاصةً فيما يخص تفعيل منطقة التجارة الحرة الأفريقية وتدعيم البنية التحتية سواءٍ على مستوى القارة أو بين الدول وبعضها البعض. 
  • عمل الشركات المصرية في بوروندي: تم التطرق إلى الحديث عن الشركات المصرية الراغبة للاستثمار في السوق البوروندية في إطار الثقة بأجندة التنمية الطموحة في بوروندي، والاتفاق على تكثيف التعاون في مجال نقل الخبرات المصرية وتوفير الدعم الفني وبناء قدرات الكوادر الوطنية في بوروندي من خلال مُواصلة البرامج التدريبية التي تُقدمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في مختلف القطاعات. 
  • سبُل تعزيز التعاون القائم: في مجال الموارد المائية والري والجهود المُشتركة لتعظيم الاستفادة المستدامة من موارد نهر النيل، والتأكيد على الرؤية المُشتركة لجعل نهر النيل مصدرًا للتعاون والتنمية كشريان حياة لجميع شعوب دول حوض النيل في ظل المشروعات المصرية في بوروندي على سبيل المثال، المشروع الذي تقدمت به مصر من بحيرة فيكتوريا، ويُمكن لبوروندي استخدامه للنقل البحري والنهري.  
  • جائحة “كورونا”: سلطت المُباحثات الضوء على سُبل مُواجهة القارة الأفريقية جائحة “كورونا” في ظل حاجة النظم الطبية الأفريقية للتحديث والتطوير وبناء القدرات، فضلًا عن ضرورة توزيع اللقاحات بشكل عادل في إطار مُبادرة الصحة العالمية “كوفكاس” وحصول الدول الأفريقية على اللقاحات بتكلفة تُناسب أوضاعها الاقتصادية. 

رسائل “ندايشيمي”    

في إطار المؤتمر الصحفي المُشترك، أعرب الرئيس “ندايشيمي” عن تقدير بلاده الكبير لعلاقاتها التاريخية الممتدة والمتميزة مع مصر، مؤكدًا حرص بوروندي على تطوير تلك العلاقات في مختلف المجالات، لاسيما التعاون التجاري والاقتصادي بما يتناسب مع عمق وتميز العلاقات السياسية بين البلدين، فضلًا عن اهتمام بلاده بتعظيم الدعم الفني الذي تُقدمه مصر للكوادر البوروندية في مجالات بناء القدرات، وأيضًا الحصول على دعم الشركات المصرية العاملة في مجال البنية التحتية خاصةً في ضوء الأجندة التنموية الطموحة التي تسعى بوروندي لتنفيذها.

وعلاوةً على ذلك، أشاد “ندايشيمي” بالدور المحوري الذي تضطلع به مصر إقليميًا على صعيد صون وحفظ السَلم والأمن، مشيدًا بالمواقف المصرية الهادفة إلى تحقيق الاستقرار في منطقة البحيرات العظمى وشرق أفريقيا وحوض النيل، والتي انعكست على الدعم المصري الكبير لحل القضايا العالقة خلال الفترة الماضية بما في ذلك دعم وحدة وسيادة بوروندي في كافة المحافل الدولية والإقليمية، وتقدير جهود مصر خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي للدفاع عن مصالح القارة الأفريقية في منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.   

تابع “ندايشيمي” بأن مصر جزءً من القارة الأفريقية، واتضح ذلك في حضور الرئيس “السيسي” القمم الأفريقية والدولية والأوروبية، مُضيفًا “أن مصر ترى الهموم والمشاكل الأفريقية واحدة وتُؤمن بأن الخير يعم على الجميع، مُوضحًا أن “السيسي” اهتم بأفريقيا وهي في عين مصر لأن المستقبل والتنمية واحدًا”.

مُخرجات مهمة           

بعد عَقد مُباحثات منفردة أَعقبتها مُباحثات مُوسعة بين وفدي البلدين لتعزيز العلاقات وترسيخ التعاون الاستراتيجي في شتى المجالات خاصةً على المستوى الاقتصادي والتجاري والأمني والعسكري، بالإضافة إلى الترتيب لعقد اللجنة المشتركة بين البلدين خلال الفترة المُقبلة:   

  1. دعوة رسمية: وَجه “ندايشيمى”، دعوة رسمية إلى الرئيس “السيسى” لزيارة بلاده في الوقت المناسب له، قائلًا، “أحمد الله الذي قادني إلى مصر وسعيدٍ بحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة في هذه الزيارة الرسمية الأولى على هذه الأرض الرائعة”.
  2. توقيع مُذكرات تفاهم: شَهدت مُباحثات اليوم مراسم التوقيع على عددٍ من مُذكرات التفاهم بين البلدين في مجالات الإدارة المتُكاملة للموارد المائية في بوروندي، والإعفاء المُتبادل من تأشيرات الدخول لحاملي جوازات السفر الرسمية، والإعلام، والتربية والتعليم، والسياحة، والثقافة.   
  3. مرحلة جديدة من التعاون: ناشد “ندايشيمى”، وزيري خارجية البلدين بالإسراع في العمل وتكثيف التنسيق بين البلدين خلال الفترة المُقبلة بشأن قضية سدّ النهضة من أجل شعوب حوض النيل الذي يربطهما نهر النيل، والدعوة للاستفادة من الفرص المُتاحة في بوروندي، والتوافق نحو تدشّين مرحلةٍ جديدةِ من علاقة الشراكة الاستراتيجية للارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى آفاق أوسع.

من كل ما سبق، تَعكس زيارة “ندايشيمي” استمرارًا للعلاقات المُمتدة، والتعاون المشترك ووحدة الرؤى التي تربط بين البلدين في ظل أهمية دولة بوروندي كأحد دول حوض النيل، وأيضًا من الدول الأفريقية المتطورة تكنولوجيًا، بالإضافة إلى كونها دولة هامة سواء للمجالات الاقتصادية والتجارية. وكشفت الزيارة مدى التقارب في وجهات النظر بين البلدين حيال مُجمل القضايا المُشتركة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى