إيران

الخيارات المحدودة … كيف تخطط طهران لإعادة تسليح قواتها

بعد أن فشلت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قبل رحيلها من البيت الأبيض، في محاولاتها الحثيثة لتمديد الحظر الدولي على الأسلحة، الذي فرضه مجلس الأمن الدولي على إيران، بموجب القرارين رقم 1737 و1747، باتت طهران منذ أكتوبر الماضي، متحررة بشكل كامل من هذا الحظر، الذي تم فرضه عام 2007، وتم الاتفاق عام 2015، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2231، على أن يتم رفع الحظر بشكل كامل بعد خمس سنوات من توقيع خطة العمل المشتركة، المعروفة إعلامياً باسم (الاتفاق النووي).

هذا الوضع – وإن كان ظاهرياً يوفر لطهران هامش كبير من حرية الحركة على المستوى التسليحي – إلا أن حقيقة الأمر أن الخيارات المتاحة أمامها في هذا الصدد تبقى قليلة، وهو نفس الحال فيما يتعلق بالخيارات المتوفرة لدى الولايات المتحدة الأمريكية كي تحد من شهية طهران لاستيراد الأسلحة المتطورة من الخارج. لفهم حقيقة الخيارات المتوفرة لكلا الجانبين، لابد من العودة قليلاً إلى الوراء، والتعمق في تاريخ الصراع بين الجانبين في هذا المضمار تحديداً.

الولايات المتحدة تصدر السلاح للثورة الإيرانية

ربما يرى البعض أن مسألة قيام الولايات المتحدة بتصدير الأسلحة لإيران تعد ضرباً من ضروب الخيال، لكن حقيقة الأمر أن تاريخ العلاقات بين الجانبين يحمل تعاوناً في المجال التسليحي، كان انكشاف تفاصيله بمثابة أحد أهم خيبات الأمل التي أصابت المجتمع الأمريكي، وشكلت نقطة سوداء في تاريخ إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان، الذي تولى منصبه في يناير 1981، وهو يضع نصب عينيه النظام الإسلامي الذي بدء في التشكل تدريجياً في إيران عقب ثورة عام 1979.

كان الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، قد فرض على إيران قبيل تركه منصبه، حظراً للأسلحة على خلفية اندلاع المعارك بينها وبين العراق، لكن جاءت إدارة ريجان لتضع مقاربة نادرة في تاريخ العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران في فترة ما بعد ثورة الخميني، تتعلق بشكل أساسي بإجراء معاكس تماماً لما كانت تلتزم به إدارة ريجان أمام المجتمع الدولي.

فقد خلصت تقديرات الإدارة الجديدة في منتصف عام 1981، إلى أن طهران ظلت رغم حظر السلاح الذي فرضته الإدارة السابقة، قادرة بشكل أو بأخر على شراء الأسلحة من بعض دول الاتحاد السوفيتي، والصين، بل وتمكنت من الحصول على قطع غيار خاصة بالمقاتلات وأنظمة الدفاع الجوي، التي كان السواد الأعظم منها في هذا التوقيت أمريكية الصنع. لهذا بدأت إدارة ريجان في محاولة البحث عن طرق أخرى من أجل بسط نفوذها على الداخل الإيراني، بطريقة تسمح بأن تظل طهران على مسافة من السيطرة السوفيتية، ومن جهة أخرى تسمح لإدارة ريجان بالاستفادة من هذه العلاقة لدعم السياسات الأمريكية في مناطق أخرى.

هذه المحاولات أفضت إلى عقد اتفاق بين جورج بوش الأب – الذي كان يشغل حينها منصب نائب الرئيس الأمريكي – وبين رئيس الوزراء الإيراني آنذاك الحسن بني صدر، خلال اجتماع حضرته عدة شخصيات استخبارية إسرائيلية، تضمن تزويد الولايات المتحدة وإسرائيل طهران بشحنات من الأسلحة والذخائر، على أن تدفع طهران قيمتها على شكل شحنات نفطية. ملامح هذا الاتفاق ظهرت بشكل عرضي غير مقصود، في الثامن عشر من يوليو 1981، حين تحطمت طائرة شحن من نوع (سي أل-44) تابعة لشركة شحن أرجنتينية تدعى (Transporte Aéreo Rioplatense)، خلال طريق عودتها من طهران في اتجاه مطار لارنكا في قبرص، حيث ضلت الطائرة الأرجنتينية طريقها ودخلت الأجواء الأذربيجانية، وتم اعتراضها بواسطة مقاتلة تابعة لسلاح الجو السوفيتي، إلا أن تصادماً في الجو حدث بين الطائرتين، أسفر عن سقوطهما، ومقتل طاقم طائرة الشحن. وقد أتضح من خلال التحقيقات التي أجرتها السلطات السوفيتية، أن هذه الطائرة كانت تنقل أسلحة إسرائيلية من تل أبيب إلى طهران، مروراً بقبرص.

في المجمل تلقت طهران من إسرائيل ما قيمته نصف مليار دولار من الأسلحة، خلال الفترة ما بين عامي 1981 و1983، وشملت هذه الأسلحة بشكل رئيسي قطع غيار المقاتلات الأمريكية الصنع – خاصة مقاتلات (أف – 4 فانتوم) – بجانب قطع غيار وذخائر خاصة بالدبابات البريطانية الصنع، وذخائر متوسطة وثقيلة، ومدافع مضادة للدبابات، وصواريخ مضادة للدبابات. وقد تعددت الدلائل على أهمية هذا الدعم الإسرائيلي لطهران خلال الحرب مع العراق، ومنها ما أسفر عنه فحص مقاتلة إيرانية من نوع (أف – 4 فانتوم)، هبطت في المملكة العربية السعودية في مايو 1984، حيث اتضح أن هذه المقاتلة كانت مزودة بقطع غيار حديثة التصنيع، تم بيعها في وقت سابق لإسرائيل.

كامل تفاصيل الاتفاقات الإيرانية – الأمريكية/الإسرائيلية، تم الكشف عنها بشكل كامل في نوفمبر 1986، حين أطلع الكونجرس الأمريكي على تقارير تفيد بإن إدارة ريجان قامت بمخالفة سلسلة من التعديلات القانونية التي تم سنها ما بين عامي 1982 و1984، والتي حظرت بشكل كامل أي تعاون في المجال العسكري مع عدة جهات من بينها إيران، وجبهة (كونترا) التي كانت تحاول إسقاط الحكومة التي شكلتها جبهة التحرير الوطني في نيكاراغوا – المعروفة باسم جبهة ساندينيستا – لكن أكتشف الكونجرس أن إدارة ريجان قامت ببيع اسلحة وقطع غيار عسكرية إلى إيران، واستخدمت العوائد المالية الناتجة عن هذه العملية لتمويل أنشطة جبهة (كونترا).

تلقت طهران خلال الفترة ما بين أغسطس 1985 وأكتوبر 1986، ثماني شحنات من الأسلحة الأمريكية، شملت بشكل أساسي صواريخ (تاو) المضادة للدروع، وقطع غيار خاصة بمنظومات الدفاع الجوي (هوك). بمجرد الكشف عن تفاصيل الاتفاقات بين الجانبين، توقفت الصفقات التسليحية بين الجانبين بشكل كامل، وتصاعد التوتر بينهم على خلفية حرب الناقلات التي اندلعت في منطقة الخليج العربي، وتعرض عدد من القطع البحرية الأمريكية لأضرار جراء الألغام البحرية الإيرانية.

بالنظر إلى ما تقدم، لا يمكن في قادم السنوات استبعاد عودة التعاون العسكري بين واشنطن وطهران، خاصة أن الأخيرة تحاول حالياً استغلال الرغبة الأمريكية في العودة للاتفاق النووي، في الحصول على تنازلات امريكية قد تتضمن شكل من أشكال التعاون العسكري بين الجانبين، قد يكون على هيئة غض واشنطن الطرف عن تزود طهران بمنظومات قتالية من دول مثل الصين وروسيا، علماً أن الأولوية الأميركية على المستوى الاستراتيجي تبقى محاولة الحد من القدرات العسكرية الإيرانية التقليدية، وكذا القدرات الصاروخية الباليستية، التي تحاول إدارة بايدن أن تجعلها ضمن الملفات التي ستتم مناقشتها مع طهران، بالإضافة إلى الدور الإقليمي الحالي لإيران في منطقة الشرق الأوسط، ومسألة العودة للاتفاق النووي.

الهندسة العكسية … المحور التاريخي للتصنيع العسكري الإيراني 

استخدمت طهران بشكل موسع مبدأ (الهندسة العكسية)، في تطوير تسليح قواتها العسكرية بشقيها (النظامي – الحرس الثوري)، وذلك منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي، حيث قامت بمعاونة الصين وكوريا الشمالية، بإعادة تصنيع عدد من المنظومات القتالية الشرقية المنشأ، بما في ذلك ناقلات الجند المدرعة والدبابات، والأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وتوسعت في هذه الاستراتيجية بشكل أكبر منذ عام 2010، وتوجد أمثلة عديدة على هذا من بينها تصنيعها لعدة أنواع من الطائرات الأمريكية دون طيار، مثل الطائرة الأميركية الشبحية من دون طيار (أر كيو – 170 سنتينال)، التي سيطرت إيران عليها عام 2011، بعد إصابتها بخلل فني قرب الحدود العراقية – الإيرانية، وقامت بعد فحص بدنها وإلكترونيات التحليق الخاصة بها، بتصنيع عدة أجيال منها بشكل محلي، ظهر أخرها خلال مناورات (الرسول الأعظم 15). من الأمثلة الإضافية على تصنيع إيران للطائرات الأمريكية دون طيار عن طريق الهندسة العسكرية، الطائرة (الياسر) التي اعتمدت إيران في تصميمها على تقنية تصنيع الطائرة الأمريكية دون طيار (سكان ايجل)، بعد أن سيطرت على طائرتين من هذا النوع أواخر عام 2012.

من الأمثلة اللافتة في هذا الصدد ، بعض المنتجات المحلية التي أعلنت عنها إيران عام 2019، خلال معرض (اقتدار 40)، ومنها الطائرة الهدفية دون طيار (QT-33A)، والتي تم انتاجها لتصبح منصة لاختبار صواريخ ال جو – جو التي تنتجها إيران اشتقاقا من الصواريخ الأمريكية والسوفيتية. اللافت هنا أن هذه الطائرة هي في الأساس تعديل أجرته إيران على طائرات التدريب الأمريكية الصنع (T-33A T BIRD) التي أمتلكها سلاح الجو الإيراني في خمسينيات القرن الماضي، وتم إخراجها من الخدمة وتخزينها منذ سنوات طويلة.

استنسخت إيران بشكل مكثف الصواريخ السوفيتية والروسية الموجودة في ترسانتها، ومن أمثلة ذلك صاروخ (هويزه)، الذي تم الإعلان عنه أيضاً للمرة الأولى في معرض (اقتدار 40)، ويمثل الجيل الجديد من صواريخ (سومر) الجوالة، ويتميز عن النسخة السابقة بمداه الذي يصل إلى 1350 كلم، ويعتمد تصميمه بشكل أساسي على صواريخ الكروز السوفيتية (KH-55) و(KH-65E)، التي حصلت عليها إيران من أوكرانيا في تسعينيات القرن الماضي. الأسلحة الإسرائيلية كانت ضمن المنظومات التي قامت إيران بتصنيعها عن طريق الهندسة العسكرية، ومنها صواريخ (سبايك) المضادة للدبابات، حيث حصلت إيران عام 2006 على عدة صواريخ من هذا النوع، ومن ثم قامت بتصنيع نظائر مماثلة له محلياً، تحت اسم (الماس).

على المستوى البحري، لجأت إيران في بعض الأحيان إلى تحوير بعض الوسائط البحرية المدنية، لتصبح ذات أستخدام عسكري، خاصة في ما يتعلق بوسائط النقل البحري، حيث قامت بتعديل عدة سفن شحن مدنية، لتصبح مخصصة للنقل العسكري، وقامت أواخر العام الماضي، بالكشف عن (حاملة للمروحيات)، تتكون أساساً من سفينة شحن مدنية تم تعديل سطحها ليسمح بهبوط المروحيات عليه.

التعديلات التي أجرتها البحرية الإيرانية على بعض الوسائط التي تمتلكها، شملت أيضاً الطوربيدات التقليدية، ومن أمثلة ذلك الطوربيد المأهول (غافاسي)، حيث يعتبر هذا الطوربيد نسخة معدلة محلياً من الطوربيدات البحرية الثقيلة من عيار 533 مللم، تحول بموجبها إلى مركبة غوص متعددة المهام يبلغ طولها حوالي سبعة أمتار، ويتكون طاقمها من غواص واحد او غواصين، وتستخدم هذه المركبة في العمليات البحرية الخاصة بجانب إمكانية استخدامها لبث الألغام.

يضاف إلى ذلك، جانب من جوانب التعاون العسكري بين طهران وكوريا الشمالية، وهي زوارق الطوربيد القابلة للغوص (ذو الفقار)، التي يتم تصنيعها محليا اعتمادا على نموذجين من نماذج زوارق الطوربيد الكورية الشمالية (تايدونج – بي)، التي حصلت عليها إيران عام 2002. يمتلك هذا الزورق أمكانية الغوص تحت سطح الماء، حيث يحتوي على محركين الأول يعمل بوقود الديزل والثاني يعمل بالكهرباء، ويتسلح بطوربيدات من عيار 324 مللم.

خلال الأشهر القليلة الماضية، ظهرت مؤشرات عديدة تؤكد أن اهتمام الصناعات الحربية الإيرانية، أصبح يركز أكثر في المرحلة المستقبلية، على القوات البحرية، حيث بدأت الصناعات البحرية الإيرانية، في تصنيع عدة قطع بحرية جديدة، منها غواصات ثقيلة، تتراوح إزاحتها بين 2000 و3000 طن، خاصة ان إيران أعلنت أواخر العام الماضي عن الانتهاء من تحديث أول غواصة خفيفة محلية الصنع من الفئة (غدير)، التي تمتلك منها البحرية الإيرانية نحو 23 غواصة، وشمل التحديث تزويد الغواصة بمحرك جديد، بجانب القدرة على إطلاق صواريخ الكروز. كما تخطط البحرية الإيرانية أيضاً لتصنيع أول مدمرة ثقيلة في سلاح البحرية الإيراني، من المتوقع أن تبلغ ازاحتها ما بين 6000 و6500 طن، وذلك ضمن برنامج تصنيع المدمرات (هرمز – لوغمان)، الذي يتضمن تصنيع ثلاثة نماذج من المدمرات.

التصدير أولوية … لا الاستيراد

الحديث عن تصدير طهران لأسلحتها إلى الخارج ربما يكون مثير لتعجب البعض، لكن واقع الحال أن طهران قامت خلال فترة العقوبات التسليحية عليها، بتصدير الأسلحة إلى عدة دول، بما في ذلك فنزويلا، التي ظهرت فيها بشكل مفاجئ في نوفمبر الماضي، نماذج لطائرات بدون طيار من نوع (مهاجر 6) الإيرانية الصنع، وأتضح أن هذا الظهور هو جزء من تعاون أوسع بين الجانبين في مجال التصنيع العسكري المشترك، تقوم فيه كركاس بتصنيع هذا النوع من الطائرات دون طيار، بترخيص من طهران. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يثار فيها موضوع تسلح فنزويلا بأسلحة إيرانية، فقد سبق وصرح الرئيس الكولومبي أن فنزويلا بصدد الحصول على تقنيات صاروخية باليستية من إيران.

الصادرات العسكرية الإيرانية بشكل عام لا تتوفر أرقام دقيقة حولها، لكن وفقاً لمعهد (سيبيري) لأبحاث السلام، قامت طهران بتصدير ما قيمته 430 مليون دولار من الأسلحة في الفترة ما بين عامي 2000 و2020، علماً ان هذا الرقم يشمل فقط ما تيسر احصاؤه أو تتبعه من عمليات لنقل الأسلحة الإيرانية، التي شملت العراق وسوريا ولبنان واليمن، وسابقاً السودان. وعلى الرغم من أن القوس الجغرافي المتاح لتصدير الأسلحة الإيرانية سيبقى محدوداً جداً ومرتبطاُ بشكل أساسي بالدول التي لدى إيران هامش معين من السيطرة داخلها، الا ان اداء بعض المنظومات العسكرية الإيرانية، في بعض النزاعات العسكرية، مثل الحرب في اليمن، ربما يمثل حافز لتوسيع دائرة التصدير العسكري الإيرانية، والتي ظلت إلى حد كبير مخفية عن أعين الرقابة الدولية، إلا فقط في مناسبات قليلة تم فيها اعتراض سفن مدنية تحمل شحنات من الأسلحة الإيرانية قبالة السواحل الفلسطينية او اليمنية.

الصين وروسيا وكوريا الشمالية … خيارات طهران لإكمال منظومتها التسليحية

خلال فترة الخمس سنوات الأولى من بداية برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني عام 1987، كان لكوريا الشمالية دور أساسي في تأسيس القوة الصاروخية الإيرانية، حيث باعت لإيران ما يصل إلى 300 صاروخ باليستي من نوع (سكود بي)، وتطور التعاون بين الجانبين ليشمل الجانب الفني والتصنيعي للتقنيات الباليستية. منذ ذلك التوقيت ظلت الاتهامات الأمريكية مستمرة لطهران، بأنها تستقى توجهاتها نحو التسليح النووي من النهج والخبرات الكورية الشمالية، وهو ما يمكن فهمه بالنظر إلى تاريخ العلاقات العسكرية بين بيونج يانج وطهران، حيث كانت الأولى من اهم مصادر تسليح طهران خلال الحرب مع العراق.

تاريخياً، كانت الصين من أكبر موردي الأسلحة لطهران خلال حقبة ثمانينات القرن الماضي، حيث صدرت إليها الدبابات والطائرات المقاتلة وناقلات الجند المدرعة وصواريخ البحرية والدفاع الجوي، لكن تقلص هذا التعاون في الحقب اللاحقة، إلى أن قام رئيس جمهورية الصين الشعبية (شي جين بينغ)، في يناير 2016، بزيارة إيران والتوقيع على اتفاقية شراكة شاملة معها، تضمنت تطوير التعاون العسكري بين البلدين في مجالات عديدة، وبالفعل شهدت الفترة ما بين عامي 2014 و2019، نحو 14 مناورة وتدريب عسكري مشترك بين جيشي البلدين. الأوساط العسكري الإيرانية أعلنت خلال الفترة الماضية عن اهتمامها ببعض المنتجات العسكرية الصينية، على رأسها المقاتلة (جي10- سي)، وسفن الهجوم السريع (تايب -02) والغواصات من الفئة (يوان)، والصواريخ المضادة للطائرات (واي جا -22)، ومنظومات الدفاع الجوي (أتش كيو -10).

المضمار الأهم للتعاون المحتمل بين الجانبين، سيكون في مجال الطائرات المسيرة، فقد تبوأت بكين خلال السنوات الماضية، مكانة كبيرة في هذا المجال، خاصة في صناعة الطائرات المسيرة الهجومية. فقد بدء فعلياً التعاون في هذا المجال بين البلدين، ففي أكتوبر 2015، وقّعت شركة الدفاع الإلكتروني الإيرانية، عقوداً مع عدد من الشركات الصينية، يسمح لها باعتماد نظام (بايدو-2) للملاحة بالأقمار الصناعية للأغراض العسكرية. وهو نظام أكثر دقةً من نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي أس)، وهو ما سينعكس إيجاباً على قدرات رسم الخرائط والبحث والتهديف التي ستتمتع بها الطائرات المسيرة الإيرانية الصنع.

فيما يتعلق بموسكو، فهي تبدو الطرف الأقرب لتفعيل التعاون العسكري مع طهران، بالنظر إلى أنه موسكو كانت الدولة الوحيدة التي عقدت صفقة عسكرية رئيسية مع طهران خلال السنوات الأخيرة، حين زودتها عام 2016، بأربعة بطاريات من منظومة الدفاع الجوي بعيدة المدى (أس – 300 بي ام يو2). التعاون العسكري بين الجانبين كان كبيراً خلال العقد الماضي، ففي أوائل عام 2016، زار وفد عسكري روسي ضخم طهران، وعقد مع القيادة العسكرية الإيرانية جولة من المباحثات، تضمنت استئناف تشغيل خط إنتاج دبابات (تي 72) في إيران، وتزويد الجيش الإيراني بصواريخ (ياخونت) للدفاع الساحلي، ومقاتلات اعتراضية. احتمالات تجدد هذه المفاوضات في ظل رفع العقوبات التسليحية على طهران أصبحت كبيرة بطبيعة الحال، لكن يمكن القول أن المنظومة الرئيسية التي ستتفاوض عليها طهران مع موسكو، ستكون منظومات الدفاع الجوي (أس – 400)، بجانب عدد كبير من المقاتلات الاعتراضية، حيث يعاني سلاح الجو الإيراني من تقادم معظم المقاتلات الرئيسية المتواجدة في ترسانته.

                                                                 خلاصة القول

ترى طهران في التصدير العسكري للخارج، وإدامة التصنيع العسكري واستخدام مبدأ الهندسة العكسية، ومحاولة التفاوض مع دول مثل روسيا والصين على شراء منظومات قتالية ودفاعية متقدمة، المخارج الأساسية لاستغلال رفع الحظر التسليحي عنها. لكن ستبقى مرونة حركتها في كافة هذه المخارج، رهناً بالتسوية السياسية التي ستتوصل لها مع واشنطن، ومدى قدرة المفاوض الإيراني على الحصول على تنازلات من الولايات المتحدة فيما يتعلق بما هو مسموح على المستوى التسليحي لإيران كي تحصل عليه، خاصة أن الإدارة الأمريكية الحالية لا تمتلك نفس الأسباب التي توفرت سابقاً رونالد ريجان لتبرير منح طهران أسلحة أمريكية أو تسهيل حصولها على تقنيات عسكرية من دول أخرى، كما تجد واشنطن نفسها الآن ملاحقة بضغوط دول عدة على رأسها إسرائيل، للتضييق قدر الإمكان على هامش حركة طهران في مساعيها لشراء أسلحة ومنظومات من الخارج. الأكيد ان المفاوضات المرتقبة بين الجانبين ستعد مفصلية في هذا الصدد، ولهذا يجب الانتظار حتى تتضح الصورة بشكل أكبر، هذا أن لم تكن هناك في الكواليس أمور اخرى غير معلنة، ولنتذكر أن إدارة ريجان كانت تزود طهران في ثمانينات القرن الماضي بالأسلحة، في نفس التوقيت الذي أطلقت فيه هذه الإدارة أوائل عام 1983، حملة دولية لمنع تسليح إيران!

المصادر:

1- https://2u.pw/eOfHE

2- https://2u.pw/EHACg

3- https://2u.pw/B23VM

4- https://2u.pw/72UQA

5- https://2u.pw/L8q9v

6- https://2u.pw/L8q9v

7- https://2u.pw/4WYmJ

8- https://2u.pw/zCKi8

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

محمد منصور

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى