
مجلة روسية : مقترحات بايدن العاجلة لشرق آسيا والمحيط الهادئ
عرض – داليا يسري
تحت عنوان “ماهي المقترحات العاجلة على الأجندة الاستراتيجية لإدارة بايدن في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ“، نشرت مجلة الحياة الدولية الروسية، مقالا لكاتبه “فلاديمير بتروفسكي”، الحائز على دكتوراه في العلوم السياسية وكبير باحثي معهد الشرق الأقصى التابع لأكاديمية العلوم الروسية.
يستهل الكاتب مقاله بالإشارة إلى أنه على الرغم من أن الإدارة الأمريكية لم تُعلن بعد عن مفهومها الخاص بالسياسة في شرق آسيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، فإنها مع ذلك تتخذ بالفعل أولى خطوات سياساتها الخارجية المتعلقة بهذه المنطقة.
ومثال على ذلك، أن أبدى رئيس البنتاجون، لويد أوستن، تأييده للمطالبات اليابانية لجزر سينكاكو المُتنازع عليها في بحر الصين الشرقي، مشيرًا إلى أنها تأتي تحت البند الخامس من المعاهدة الأمنية بين الولايات المتحدة واليابان.
في غضون ذلك، نشرت خدمة أبحاث الكونجرس الأمريكية، وهي مؤسسة فكرية مؤثرة وعنصر متكامل للمعلومات والدعم التحليلي لعملية اتخاذ القرار في السياسة الخارجية، تقرير تحت عنوان “المنافسة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين في بحر الصين الجنوبي والشرقي”، والتي تعكس بعض الخطوط العريضة لاستراتيجية السياسة الخارجية الأمريكية المستقبلية. بحيث من الممكن أن تكون الأهداف المشتركة للمنافسة المحتملة بين الولايات المتحدة والصين في منطقة بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي، فيما يلي؛
- تنفيذ التزامات الحلفاء تجاه اليابان والفلبين.
- تعزيز هيكل الأمن الإقليمي في غرب المحيط الهادئ، بقيادة الولايات المتحدة وبمشاركة الحلفاء.
- الحفاظ على توازن القوى الإقليمية لصالح الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها.
- حماية مبدأ حرية الملاحة.
- منع الصين من أن تتحول إلى قوة إقليمية مهيمنة في شرق آسيا، وجعل ذلك هدفًا على أجندة الأهداف الاستراتيجية الأمريكية، في علاقاتها مع الصين.
وذكر الكاتب أنه من المحتمل أن يتم تضمين هذه المبادئ في وثيقة استراتيجية مستقبلية، نظرًا لتوافقها من حيث المعنى والروح مع الخطاب الأخير الذي أدلى به الرئيس بايدن في وزارة الخارجية. ثم تابع شارحًا كيف ظلت مشكلة جزر “دياويو”، والجزر المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، بمثابة محور يعمل على تعقيد صفو العلاقات اليابانية الصينية على مدار عدة سنوات. بحيث تبقى هناك أسئلة عالقة حول ملكية الجزر، وكذلك حول ترسيم خط الحدود، الذي يقسم مناطقها الاقتصادية الخالصة. ويقول الكاتب أن التوصل الى حلول بشأن هذه المشكلات هو أمر معقد للغاية بسبب احتوائها على موارد طبيعية بما في ذلك النفط والغاز.
كما أن الأوضاع صعبة للغاية بشكل خاص في بحر الصين الجنوبي، حيث تتنازع فييتنام وتايوان وماليزيا والفلبين وبروناي على جنسية جزر أرخبيل “سبراتلي” الواقعة في الجزء الجنوبي الغربي من البحر الى جانب الصين. فيما تُصر الصين على أنها تمتلك بالفعل جزءً كبيرًا من بحر الصين الجنوبي، الذي يطالب به جيرانها أيضًا.
وعبرت الصين، في إطار الحوار بينها وبين بقية دول القارة، عن رغبتها في حل المشكلة بالطرق السلمية. بحيث تواصل بكين التزامها بمبدأ حل جميع القضايا من خلال الحوار والتشاور مع أصحاب المصلحة، وكذلك التزامها بدعم حرية وسلامة الملاحة في بحر الصين الجنوبي. وفي الوقت نفسه، تحاول الولايات المتحدة التي تتدخل في هذه العملية، أن تعارض دائما موقف الصين لصالح دعم الأطراف الأخرى.
أما بالنسبة للتصريحات الأمريكية حول حرية الملاحة، فإنه من الممكن أن نقول إن واشنطن تلعب دورًا مزدوجًا في هذه المسألة. إذ أن الكاتب يرى أن المسؤولون في واشنطن يحبون إعلان تأييدهم لحرية الملاحة، على الرغم من أن كل الأطراف التي تتحدى واشنطن مواقفها لا يعارضون حرية الملاحة! إذا يبدو أن الولايات المتحدة تتحدث ليس فقط عن حرية الملاحة للأساطيل التجارية، ولكن أيضًا للقوات البحرية الأمريكية. إذ أن الولايات المتحدة ترغب في الحصول على حرية رفع علمها بشكل واضح في المنطقة ليس فقط على أساطيلها التجارية فحسب ولكن أيضًا على اساطيلها البحرية العسكرية.
يقول الكاتب أن تقرير خدمة أبحاث الكونجرس الأمريكية يوصي بشدة بتأييد قرار محكمة العدل بلاهاي في عام 2016، والذي يقضي برفض الاعتراف بالحق التاريخي للصين في المياه وما بها من جزر. وفي الوقت نفسه، رفضت الصين المشاركة في جلسات التحكيم، معبرة عن شكوكها في مدى شرعية المحكمة ولم تتقبل هذا القرار واتهمته بأنه قرار بني على انحيازات. وبالتالي، فإن معنى التوصيات المقترحة للاستراتيجية المستقبلية للإدارة الأمريكية في تقرير خدمة أبحاث الكونجرس الأمريكية، يتلخص في محاولات خلق توتر جديد في بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي من أجل تسهيل ممارسة الضغوط على الصين.
وعلق الكاتب، أن جميع المشاركين في هذا الوضع يدركون بوضوح مدى تعقيد الوضع. إذ أنه من المهم تجنب الحوادث، التي يشارك بها أنشطة بحرية خطيرة.
وفي الوقت شرح الكاتب أن الجانب الصيني يدعو بشكل ثابت الجانب الأمريكي الى تطوير استراتيجية وآلية لإدارة الخلافات فيما بينهم. إن احتمالية إجراء حوار بين الولايات المتحدة والصين حول هذه القضية، على الرغم من التصريحات الدعائية الصادرة من كلا الجانبين، تعد الاحتمالية الأكثر ترجيحًا نظرًا لأن كلا البلدان بحاجة الى إرساء نوع من أنواع قواعد السلوك المتبادل فيما بينهما.
ويقترح الكاتب أنه يمكن للولايات المتحدة والصين بالإضافة الى عدد من الدول الأخرى في المنطقة، إبرام اتفاقية بشأن منع الأنشطة البحرية الخطرة، على غرار الاتفاقية السوفيتية الأمريكية بشأن منع الأنشطة العسكرية الخطرة لعام 1972.
باحث أول بالمرصد المصري