الصحافة الإسرائيلية

الإسرائيليون يتساءلون عن”سر” تأخر مكالمة بايدن لنتنياهو؟

عرض-محمد هيكل

يتساءل الداخل الإسرائيلي والمهتمون بالعلاقات الأمريكية الإسرائيلية عن سبب تأخر المكالمة الهاتفية “شبه التقليدية” بين الرئيس الأمريكي الجديد ورئيس الوزراء الإسرائيلي التي دائما ما تترك (المكالمة)انطباعا بأولوية إسرائيل كحليف وشريك بالمنطقة والعالم.

فقد مرت الأسابيع الثلاثة الأولى من ولاية الرئيس المنتخب حديثا جو بايدن دون أن يجري اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين بنتنياهو بينما أجرى اتصالات بعدد من الزعماء الأخرين مما جعل المتخصصين والمراقبين يتساءلون حول سبب ذلك.

هل يأتي ذلك انتقاماً من العلاقات الطيبة التي تمتع بها نتنياهو مع ترامب أم أن للأمر علاقة بالانتخابات الإسرائيلية المقرر إجراؤها أواخر مارس المقبل؟

هذه الأسئلة حول تأخر المكالمة الهاتفية بين المكتب البيضاوي ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي  بشارع بلفور دعت المتخصصين للتعمق في خفايا الموقف المستجد وهو ما دعا الكاتب المختص في شؤون الشرق الأوسط ومدير لجنة القدس لدى صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية ستيف هندركس لان يكتب مقالا تحت عنوان ” إسرائيل تسأل ، لماذا لم يقم الرئيس الأمريكي بمكالمة رئيس الوزراء الإسرائيلي حتى الآن”.

وذكر الكاتب في المقال أنه ومنذ تنصيب بايدن رئيساً للولايات المتحدة ينتظر نتنياهو ورود اتصال من المكتب البيضاوي ، فكما جرت العادة يتحدث الرئيس الأمريكي الجديد تليفونيا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بعد أيام من توليه للمنصب وهو ما فعله الرئيسيان السابقان باراك أوباما ودونالد ترامب.

لكن وبعد ثلاثة أسابيع من توليه منصبه وبعد أن تواصل بايدن مع عدد من القادة لم يتواصل مع مكتب نتنياهو من قريب أو من بعيد وهو ما جعل البعض يرى أن المرحلة الحالية تمثل ” تعثر فاتر” في العلاقات بعد فترة ” الحضن الدافئ” التي تمتع بها نتنياهو خلال ولاية ترامب.

وأشار الكاتب إلى رؤية المحللين الإسرائيليين حول الموقف الراهن ، فوفقاً للخبير الأمني والسياسي والكاتب  بصحيفة “هآرتس “ الإسرائيلية ليوسي ملمان فإن بايدن وفريقه يهدفان من تجاهل مكالمة نتنياهو للتدليل “على أنك لست مميزا” لدى الإدارة الأمريكية.

ويضيف ملمان في مقاله المنشور في صحيفة ” هآرتس “ أن ذلك يعني لنتنياهو ” أن العلاقات الشخصية والتجانس بين نتنياهو وترامب لن يمنعه فحسب من تعزيز موقعه في واشنطن بل سيكون عقبة في طريقه مع الإدارة الجديدة”.

يضيف الخبير هندركس، بأن المسؤولين في واشنطن وفي تل أبيب يرفضون فكرة أن ترتيب وسجل مكالمات بايدن يحمل توبيخاً خفياً لإسرائيل أو رئيس حكومتها وهو ما دعا البيت الأبيض للقول إن بايدن يتصل بكل منطقة ومنطقة الشرق الأوسط دورها أتِ.

ووفقاً للسفير الأمريكي السابق لإسرائيل في عهد أوباما ، دان شابيرو، ” فإنه لا داعي للدراما ” ، مشيرا إلى أنه يتوقع أن يدق هاتف مكتب نتنياهو في وقت قريب.

وأضاف شابيرو ” بايدن تسلم المسؤولية في وقت نواجه فيه طوارئ وطنية غير مسبوقة ولم يسبق لأي رئيس تولى المسؤولية في وقت عصيب كهذا إلا الرئيس روزفلت، المكالمات الهاتفية التي أجراها تعكس ذلك”.

كان بايدن تحدث لكل من رئيس الوزراء الكندي و الرئيس المكسيكي ثم تحدث مع عواصم أوروبية وأسيوية أخرى متحدثا مع قادتها عن قضايا محورية أهما التغير المناخي و التجارة العالمية، حلف الناتو ومجابهة التمدد الصيني، ومواجهة جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية الناجمة عنها.

يضيف كاتب المقال ستيف هندركس أن نتنياهو نفسه قلل من فرضية أن يكون تأخر اتصال  بايدن هدفه هو توبيخ نتنياهو ضمنيا حيث أشار نتنياهو في وقت سابق إلى أنه عمل مع بايدن سابقاً كما أنهما يعرفان بعضهما البعض منذ عقود ، يضيف نتنياهو أنه تحدث لبايدن بعد إعلان فوزه بالانتخابات الرئاسية نوفمبر الماضي.

وفي مؤتمر صحفي مع نظيره اليوناني في القدس الأسبوع الماضي رد نتنياهو على سؤال حول سبب تأخر المكالمة الهاتفية بينه وبين الرئيس الأمريكي الجديد ليجيب نتنياهو بأن ” الرئيس الأمريكي يتصل بقادة العالم بحسب الترتيب الذي يراه”.

 وأضاف نتنياهو ” التحالف الأمريكي الإسرائيلي قوي كما هو حال صداقتنا الممتدة ل40 عاما ، لكن ذلك لا يعني اننا سنتفق في كل شيء”.

كما وجه نفس السؤال للمتحدثة باسم البيت الأبيض جين بيساكي التي قالت ” إن بايدن يتطلع لمحادثة نتنياهو فإسرائيل حليف استراتيجي وشريك مهم في منطقة الشرق الأوسط  كما أنها شريك بالأمن بالمنطقة مع الولايات المتحدة ، وسيتحدث بايدن له قريبا ” لكنها لم تشر إلى تاريخ معين ، وفقا للصحيفة.

يضيف الكاتب هندركس أن نتنياهو بنى صورته كعملاق سياسي جزئياً من خلال الترويج لعلاقات الاتصال السريع مع قادة العالم ومع واشنطن على وجه الخصوص حيث دائماً ما تباهى بوجود خط ساخن بينه وبين الرئيس ترامب على مدار ثلاث انتخابات إسرائيلية سابقة، وقد بدى في ولاية ترامب أن واشنطن قادرة على مساعدة نتنياهو حيث قدمت له العديد من التنازلات منها مثلاً دعم ضم مرتفعات الجولان قبل وقت قصير على توجه الناخبين الإسرائيليين لصناديق الاقتراع وهو ما كان له دوره في احتفاظ نتنياهو بمنصبه، لكن الأن ومع الانتخابات الإسرائيلية الرابعة في عامين والمقرر إجراؤها في 23 مارس المقبل فأن التناقض مع البيت الأبيض الذي لم يقم بمكالمة هاتفية مع نتنياهو بعد قد يلقي بظلاله على المشهد الانتخابي الإسرائيلي.

ووفقا لمستشاره الإعلامي السابق أفيف بوشينسكي فإنه ” لاشك أن نتنياهو مستاء من ذلك” الذي أضاف ” أعتقد أن نتنياهو سينظر للأمر على أنه قلة احترام له”  وقد رفضت السفارة الأمريكية في القدس التعليق على الأمر ، وفقا للتقرير.

يقول الكاتب والخبير في الشؤون الدولية ستيف هندركس أن أمر عدم اتصال بايدن بنتنياهو تضخم للدرجة التي دعت مبعوث إسرائيل السابق بالأمم المتحدة داني دانون لنشر تغريدة من حسابه الشخصي بقائمة الدول التي اتصل بها بايدن متسائلاً ” هل حان الوقت الأن للاتصال بزعيم إسرائيل؟ أقرب حليف للولايات المتحدة؟ ” مضيفا لتغريدته رقماً لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.

 يرى بعض الخبراء في الشؤون الإسرائيلية تغريدة داني دانون الأخيرة هي محاولة منه لإهانة نتنياهو وهو ” دانون” الذي من المحتمل أن يكون منافساً مستقبليا لنتنياهو على زعامة حزب الليكود، الذي يخشى أن تكون عهد بايدن امتداد لفترة الفتور في العلاقات بين واشنطن وتل أبيب خلال حقبة الرئيس الأسبق بارك أوباما والتي كان فيها جو بايدن نائباً للرئيس.

ويضيف الكاتب أن الصداقة التي تجمع القائدين والذين يصفان بعضهما البعض ” بالصديق القديم” قد تخفف من التوترات، لكن تأخر المكالمة الهاتفية والتناقضات الجارية حولها تأكد المخاوف بأن إسرائيل قد تراجعت في الأهمية وفقاً لرأي الخبير الإسرائيلي والمستشار الإعلامي السابق لنتنياهو أفيف بوشينسكي.

وأضاف ” أن الإسرائيليين متفقون تماماً حول المكانة الممنوحة لقادتهم من واشنطن وينظرون للأمر بأهمية حيث ينتظر الجمهور الإسرائيلي زيارة رئيس الوزراء لواشنطن ويبحثون في التفاصيل البرتوكولية، ” هل تم إطلاق المدافع؟” ، ” هل أقام نتنياهو خلال زيارته في بلير هاوس؟”  الإسرائيليون يهتمون بهذه الأشياء، لكن الأن رئيس الوزراء لا يمكنه الذهاب لهناك أو حتى مكالمة هاتفية ، إنها قضية ”

+ posts

باحث ببرنامج السياسات العامة

محمد هيكل

باحث ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى