
السفير المصري بواشنطن: إثيوبيا لا تظهر أي إرادة سياسية حقيقية لحل أزمة سد النهضة ونرحب بمشاركة إدارة بايدن في المفاوضات
عرض – ماري ماهر
أكد معتز زهران، السفير المصري بواشنطن أن إثيوبيا لا تظهر أي إرادة سياسية على الإطلاق في التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة، ولهذا هناك حاجة إلى تدخل أمريكي ودولي، وهو أمر مرحب به من أجل كسر الجمود. مشيرًا في الوقت ذاته إلى جهود الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة دونالد ترامب ووزير الخزانة ستيفن منوشين بالتعاون مع البنك الدولي في التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن ملئ وتشغيل سد النهضة في فبراير من العام الماضي، لكن أديس أبابا رفضت الحضور والتوقيع عليه.
وأوضح في مقابلة مع موقع المونيتور الأمريكي: “نحن بالتأكيد نشجع الإدارة الجديدة على المشاركة الكاملة في رعاية حل المحادثات المتوقفة”. محذرًا من أنه إذا لم تتم إدارة مصدر المياه هذا بعناية، فهناك إمكانية لتعطيل سبل العيش لأكثر من 150 مليون مصري وسوداني، وكل هذا يمكن أن يخلق سيلًا من الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية، في ظل أن مصر تعتمد على نهر النيل في 95% من احتياجاتها المائية.
وأكد زهران أن مصر متمسكة بالتفاوض والحوار البناء، وأنها لا تعترض على حق الإثيوبيين في تحقيق التنمية والتحول إلى دولة مصدرة للطاقة الكهربائية، لكن لابد أن يتفق بناء وتشغيل سد النهضة مع القانون الدولي؛ كونه سيؤثر على ملايين الأشخاص في مصر والسودان، مشددًا على ضرورة إكمال الدراسات المطلوبة حول التأثيرات البيئية والهيدرولوجية للسد وتلك المتعلقة بسلامته الهندسية.
وفي شأن العلاقات المصرية-الأمريكية في ظل إدارة الرئيس جو بايدن، أكد السفير معتز زهران، أن أحد المميزات الفريدة في العلاقات بين البلدين أنها تتجاوز القضايا المحلية إلى وجود أهداف ومصالح استراتيجية مشتركة وحدت كلا البلدين لعقود على رأسها التعاون العسكري والاستخباراتي والتنسيق الأمني والقضايا الإقليمية. مذكرًا بأن مصر تعاملت على مدار تاريخها مع إدارات أمريكية سابقة من الديمقراطيين والجمهوريين، وتسعى اليوم إلى مواصلة دعم الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة. وفي هذا الإطار، أوضح زهران أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان أول من هنأ الرئيس بايدن في نوفمبر الماضي بعد صدور نتائج الانتخابات، معربًا عن تطلع القاهرة للتعاون مع الإدارة الجديدة.
وأكد زهران أن هناك عدة ملفات على أجندة العلاقات الثنائية، وبشأن موقع قضيتي حقوق الإنسان والحريات فيها، قال إن الناس في مصر قادرون على ممارسة حقوقهم بشكل كامل، وقد أُقر العديد من التشريعات المتعلقة بتمكين المرأة وذوي الاحتياجات الخاصة والحرية الدينية وغيرها، وهي كلها أمور منصوص عليها في الدستور.
وردًا على سؤال بشأن كيف نجحت مصر في إدارة الاقتصاد وكونها الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي نجحت في تحقيق نمو اقتصادي في ظل جائحة كورونا، وما إذا كان ذلك مرتبطًا ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أطلقه الرئيس السيسي قبل 5 سنوات. قال السفير معتز زهران إن الاقتصاد المصري استطاع تحقيق نمو إيجابي خلال العام الماضي بلغ 3.6%، وبحسب التقديرات فهي البلد الوحيد في المنطقة الذي حافظ على النمو الإيجابي خلال الجائحة، مشيرًا إلى استدامة مؤشرات الاقتصاد الكلي ونمو القطاع الخاص مدفوعًا بالإصلاحات التي شهدتها بيئة الأعمال التجارية وقانون الاستثمار الذي عظم القدرة التنافسية للاقتصاد المصري بشكل كبير.
وأكد زهران أن مصر وضعت استراتيجية اقتصادية واجتماعية متكاملة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، وعلى الرغم من أنها تبنت سياسات صارمة للغاية كتخفيض دعم الوقود، إلا أن المصريين تفهموا الأمر وأدركوا أنها ضرورية لحياتهم وللمضي قدمًا نحو تحقيق رؤية مصر 2030، وقد انعكس ذلك إيجابيًا على الاقتصاد، مشيرًا إلى أن بعض دول المنطقة تفكر في تبني برنامجًا إصلاحيًا بالشراكة مع صندوق النقد الدولي، منها على سبيل المثال، السودان.
ولفت السفير إلى المشاريع الضخمة الجارية على أرض مصر، كالتوسع في الأراضي الزراعية، والمشروعات السكنية فهناك 14 مدينة جديدة يجري تشيدها في مصر حاليًا وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة، وكذلك مشروع التأمين الصحي الشامل. وأشار إلى اكتشافات الغاز في السنوات الأخيرة، مؤكدًا أن مصر لا تعتمد فقط على المصادر التقليدية للطاقة، لكنها تتوسع الآن في المصادر المتجددة، وأبرز مثال على ذلك محطة بنبان للطاقة الشمسية في أسوان جنوبًا.
وفيما يتعلق بالأزمة الليبية، أوضح السفير زهران أن مصر تدعم الحل السياسي وترفض أي حل عسكري للأزمة، وقد استضافت بالفعل عددًا من جولات الحوار بين طرفي النزاع، وبالتالي فهي داعم رئيس لجهود الأمم المتحدة في هذا الإطار، مؤكدًا أن مصر سوف تحترم خيارات الشعب الليبي الذي سيعبر عنها أطراف العملية السياسية المجتمعون في جنيف، ومشددًا على ضرورة خروج القوات الأجنبية والميليشيات الإرهابية المدعومة من أطراف خارجية من الأراضي الليبية، فضلًا عن ضرورة وقف الدعم التركي للجماعات المسلحة هناك، معتبرًا أن أنقرة تحاول خلق سوريا جديدة في ليبيا.
وعدّ زهران أن توقيع مصر والسعودية والبحرين والإمارات وقطر على اتفاقية المصالحة خلال قمة مجلس التعاون الأخيرة التي انعقدت في يناير الماضي، يمثل تطورًا إيجابيًا يجب مراقبته للتأكد من تنفيذ قطر لالتزاماتها.
وفيما يتعلق بالعلاقات المصرية السودانية، أشار السفير إلى دعم مصر لسودان مستقر والتعاون مع الحكومة السودانية سواء ذات مكون مدني أو عسكري، لافتًا إلى وجود شراكة متعددة المجالات بين البلدين، إذ تقدم مصر المساعدات للخرطوم في مجالات البنية التحتية والمواصلات، وأرسلت القاهرة مساعدات إنسانية وطبية للبلاد خلال الفيضانات الأخيرة وفي ظل جائحة كورونا، وكذلك تركز الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية على دعم السودان في مواجهة الاضطرابات على حدوده الجنوبية مع إثيوبيا خاصة في ظل الأزمة التي اندلعت مؤخرًا في إقليم التيجراي. وبالمثل أكد زهران أن مصر تدعم جهود العراق في القضاء على الإرهاب وتحسين الظروف الاقتصادية.
وأخيرًا فيما يتعلق بدور مصر في القضية الفلسطينية بالنظر إلى المتغيرات الأخيرة، أوضح السفير المصري بواشنطن أن القاهرة كانت أول من رحب باتفاقيات تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، مؤكدًا في الوقت ذاته على مركزية القضية الفلسطينية في السياسة الخارجية المصرية، وانخراطها في قلب الجهود الدولية لإيجاد حل شامل للأزمة على أساس “حل الدولتين”، مشيرًا إلى استضافة القاهرة مباحثات الرباعية الدولية بمشاركة الأردن وفرنسا وألمانيا، وقيادة جهود المصالحة الفلسطينية-الفلسطينية، ومشددًا على ضرورة دعم عقد الانتخابات الفلسطينية الداخلية وفقًا للجدول الزمني المقرر لها في مايو المقبل.
باحثة ببرنامج العلاقات الدولية



