
مدير المركز المصري متحدثًا عن افتتاح المنتدى العربي الاستخباري: شراسة الصراع وتطور أنماط المخاطر تدفع أجهزة الاستخبارات العربية إلى تحديث آلياتها
قال الدكتور خالد عكاشة مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية في مداخلة هاتفية على قناة “إكسترا نيوز” تعليقًا على كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال افتتاح أعمال المنتدى العربي الاستخباري إننا أمام خطوة رفيعة المستوى ومتقدمة للغاية في مجال التعاون العربي المشترك في كافة المجالات والأصعدة، ويأتي التعاون الاستخباري على رأس هذه المجالات باعتبار أن المنتدى هو المعني بحماية وصون الأمن العربي بصورته الشاملة وعلى أوضاعه الكاملة لتحقيق أمن هذه الدول مجتمعة.
وأضاف أن المنتدى العربي الاستخباري معني بقدر عالٍ من المهام، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب الذي أصبحت مكافحته ملفًا معقدًا للغاية ويحتاج إلى عديد من مسارات العمل المختلفة التي لا تضطلع بها سوى أجهزة الاستخبارات في اللحظة الراهنة، لافتا إلى أن إشارة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته إلى التعاون المثمر بين أجهزة الاستخبارات العربية لتعزيز منظومة الأمن القومي العربي هي إشارة صائبة تمامًا، وتضع الأجهزة في مقدمة صفوف المواجهة لتحقيق معادلة الأمن القومي العربي التي تعد هدفًا رئيسيًا للرئيس السيسي والرؤساء والملوك العرب.
وحول تشديد الرئيس خلال كلمته على تقاسم الأدوار وتبادل الخبرات والتطوير والتحديث المستمر، أكد مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أنها نقاط شديدة الأهمية لأنها تتعلق بآليات العمل وأن تقاسم الأدوار وتبادل المعلومات والخبرات بين الأجهزة المشاركة في المنتدى خلال الأيام القادمة، يحقق قيمة مضافة لكل أجهزة الاستخبارات العربية مجتمعة، بما يعزز من معادلات الأمن الوطنية لكل الدول كل على حدة وبشكل مجمع لمعادلة الأمن العربية.
وأضاف أن أجهزة الاستخبارات وفي مقدمتها جهاز المخابرات العامة المصرية لا تكف عن تحديث آلياته وتطوير إمكانياته نظرًا لشراسة الصراع حاليًا على مستوى العالم، مؤكدًا أننا اليوم أمام تطور كبير للغاية شهدته ساحة الجريمة المنظمة التي تضم تهريب المخدرات وغسيل الأموال والتهريب والاتجار بالبشر والاتجار غير الشرعي بالأسلحة والمواد المستخدمة في صناعة المتفجرات وغيرها من الجرائم عالية الخطورة لاستخدامها تقنيات العصر الحديث، وبالتالي أصبحت جرائم دولية ترتكب في عدة مناطق وفي دول العالم المختلفة، مما يجعلها تشكل تهديدًا حقيقًيا للدول العربية.
وأشار “عكاشة” إلى أن هناك اقترانًا كبيرًا الآن في العمل بين عصابات الجريمة المنظمة والمنظمات الإرهابية، وهو ما يتطلب اقترانًا مماثلا في العمل أمام أجهزة الاستخبارات العربية والدولية لأنه لم تعد هناك فروقات كبيرة بين الجريمة المنظمة والإرهاب لأن حجم التعاون بينهم والخدمات المتبادلة بين كلا جناحي الخطر اللذين يهددان أمن دول العالم جميعها كبير جدًا، وهو ما يلقي على أجهزة الاستخبارات عبئًا ثقيلًا متمثلا في جمع المعلومات وتحليلها ورصد متغيراتها على مستوى العالم كله، حيث يشهد شرق العالم وغربه نشاطا متنوعا للمشغلين لهذه العصابات ومجموعات الجريمة المنظمة وكذا المنظمات الإرهابية، وعلى الأرض يتم تبادل الكثير من المهام بين العنصرين.
وأضاف أن هذا يتطلب أيضًا تزويد أجهزة الأمن ومكافحة الإرهاب على مدار الساعة بكل المستجدات؛ على مستوى المعلومات وعن نشاط الدول التي تقف داعمة لهذه التنظيمات الإرهابية، وتوفر لهم المأوى والتمويل والملاذات الآمنة وتساهم في نقل عناصر مرتزقة وميلشيات هنا وهناك. وهي جميعها من المهام شديدة التعقيد حيث تدور في سماء العالم وبحاره وعلى أراضيه في نفس الوقت، مفيدًا أن أجهزة الاستخبارات دائمًا وأبدًا لديها هاجس بأنه من الضروري أن تسبق كل هذه التنظيمات بخطوات لكي تحقق نتائج إيجابية في أعمال المكافحة، وأن توجه ضرباتها القاصمة لكل ما يتهدد الوطن قبل أن تصل نيران هذه الأخطار إلى مصر أو أي من الدول العربية.
وأشار الدكتور خالد عكاشة، إلى أن مفهوم الأمن القومي طرأ عليه العديد من التطورات الكبيرة والاتساع خلال الفترة الماضية، إذ لم يعد الأمر مجرد الدفاع عن الحدود تقوم به القوات المسلحة للدول كي تمنع أشكال وأعمال الغزو العسكري المباشر أو احتلال الأراضي، أو غيرها من معادلات الأمن التي شهدتها العصور السابقة، فقد أصبح لمعادلة الأمن القومي للدول الآن بها بعد اقتصادي كبير، وحروب اقتصادية صارت تستخدم الإضرار بالمصالح الاقتصادية والاستثمارية للدول كنوع من أنواع الأسلحة الحديثة التي تمارس بها التهديدات بحق الدول.
وأكد مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن تعقد التهديدات بشكل كبير؛ دفع إلى ظهور مصطلح أشمل من الأمن القومي وهو تأمين “المجال الحيوي”، لافتًا إلى أن الأمن القومي ممتد من أجل تحقيق درجة عالية من الاستقرار، وهو هدف رئيس لكل الجهود التي تبذلها الأجهزة الأمنية والاستخبارية في الدول العربية، مشددًا على أن جهدًا فائقًا في هذا الإطار يقوم به جهاز المخابرات العامة المصرية وكل أجهزة الأمن المصرية المختلفة كلٍ في مجاله.
باعتبار أن تحقيق الاستقرار هو الهدف الاستراتيجي لضمانة الدخول في عمليات النمو والبناء الشامل؛ فصناعة القوة الشاملة للدولة تبدأ من معادلة أمن مستقرة، وبدون هذه المعادلة لا يمكن الحديث عن أي خطوة تنمية أو تطوير، ولذلك منذ اللحظة الأولى بعد 30 يونيو عاد شعار “يد تبني ويد تحمل السلاح” في آن واحد، فالأمر مرتبط ببعضه ارتباطًا وثيقًا لا ينفصل.
وأضاف أنه إذ كان الجهد الأمني على هذه الدرجة من الكثافة والتركيز لمنع أي مهددات فاليد الأخرى من الممكن أن تعمل وتبني لتحقيق مصلحة الوطن ومصلحة المواطن بتوسيع مجال استثماراته ورزقه ومكاسبه الاجتماعية والاقتصادية، وكلها تصب في صالح تحقيق قدرة الدولة الشاملة، ووفق هذا المفهوم تعمل كل مؤسسات الدولة على قلب رجل واحد منذ اللحظة الأولى لثورة يونيو وحتى الآن.
واختتم الدكتور خالد عكاشة مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية حديثه بالتأكيد أن هذه الخطوة المتمثلة في أن تكون القاهرة مقرًا للمنتدى العربي الاستخباري تُشعر الجميع بفخر شديد، وتمثل كذلك خطوة تتبعها خطوات متقدمة للأمام تعزز آليات العمل العربي المشترك. مضيفًا أن هذا الأمر يعطي تأكيدًا بأن الأجهزة والمؤسسات على قدر عالٍ من الوعي الاستراتيجي؛ لأن خطوات في هذا المجال تحقق لها السبق والانتصار، وتحقق لها معادلة أمن حقيقية، تستبق بها كل المهددات بإمكانيات وآليات وإطار عمل يحقق ما يطمح له الجميع لمصر ولكل الدول العربية الشقيقة.