أن تتصالح الرباعية (مصر والسعودية والبحرين والإمارات) مع قطر إعلاءً لشأن المصالح في المنطقة، فهذا شأن السياسة الذى لا يعبّر عن الأمان لقطر أو لنبذها الإرهاب وتمويله. أما أن تفتتح قطر مركزاً لمكافحة الإرهاب برعاية أممية في الدوحة بإدارة جماعة الإخوان المسلمين! فهذا ما يمكن أن نطلق عليه «غسيل سياسي» كما في حالات أموال الفساد والمخدرات والسلاح، حينما يتم استخدامها في مشاريع خدمية لصالح المواطنين لغسل مصدرها القميء الفاسد.
تعود القصة إلى شهر ديسمبر الماضي، حينما افتتحت قطر «المركز الدولي لتطبيق الرؤى السلوكية لمكافحة الإرهاب» في الدوحة برعاية الأمم المتحدة! وليعلن وزير خارجيتها محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أن استضافة بلاده لهذا المركز تعكس التعاون الوثيق بين قطر ومنظمة الأمم المتحدة لتحقيق أهدافها السامية، ودعماً للشراكة بين قطر والمنظمة الدولية لتعزيز قدرة الأجهزة المعنية في الأمم المتحدة على مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف!
هنا وجب التوقف والتأمل في المشهد.. فقطر، ووفقاً للتقارير الدولية، تحتضن مكتباً منذ العام 2013 لحركة طالبان الإرهابية المتطرفة بحكم قوات التحالف الدولي التي ضربت أفغانستان في العام 2001.
كما أن قطر توجد بها قوات الحرس الثوري الإيراني لحماية أمير قطر ونظام حكمه وفقاً لاتفاقية الدفاع المشترك بين قطر وإيران منذ العام 2009، وهو ما ينفى صحة ما أعلنته واشنطن وهى تضغط لإتمام المصالحة العربية مع قطر من أن المقاطعة رمت قطر في أحضان إيران. كما أن قطر مولت ودعمت بالمال والمأوى والإعلام جماعة الإخوان المسلمين ولا تزال حتى يومنا هذا. أضف لما سبق تمويل الإرهاب في سوريا ممثلاً في جبهة النصرة ودعم حماس وحزب الله والحوثيين في اليمن. هذا غير الحركات المسلحة في ليبيا والسودان وغيرهما من الدول. فأي إرهاب ستكافحه قطر؟ وأي رعاية أممية وفرتها لها المنظمة الدولية؟
المعلومات تتحدث اليوم عن تحقيقات تجرى في أروقة الأمم المتحدة حول مدى شرعية دعم المنظمة الدولية من خلال مكاتبها ولجانها الدائمة لمثل هذا المركز المقام على أراضي دولة يعلم العالم حقيقة علاقتها بالإرهاب. المعلومات تتحدث عن رشوة جديدة قدمتها قطر للمنظمة الدولية في العام 2018 في شكل اتفاق على إنشاء مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب في الدوحة مقابل تحمُّل 75 مليون دولار من ميزانيته! المعلومات تتحدث عن علامات استفهام تحيط بالإشادات الأممية بقطر ودورها في محاربة الإرهاب من قبَل فلاديمير فورنكوف، وكيل الأمين العام لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، الذى مدحه وزير الخارجية القطري يوم افتتاح المركز في الدوحة مثمناً جهوده وتعاونه مع الوفد الدائم لدولة قطر واللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية القطرية كي يرى مركز مكافحة الإرهاب بقطر النور! المعلومات تتحدث عن رئيسة إحدى المنظمات البرلمانية الدولية السابقة والمتهمة بتلقي ما يكفى لحضور توقيع الاتفاق فى نيويورك بخلاف المعمول به في تلك الأمور، وبخاصة مع رفض الاتحاد البرلماني الدولي الاعتراف بهذا المركز رغم الضغوط التي تمارَس على مسئوليه من قبَل قطر!
اعتادت قطر دفع الرشاوى لغسيل سمعتها، وليست فضيحة الفوز بتنظيم مونديال كأس العالم 2022 ببعيدة، كما أنها لا تستحى من التصريح بذلك فى تلك الفضيحة الجديدة كما حدث في حفل خاص نظّمه مستشار الأمين العام للأمم المتحدة في النادي الدبلوماسي بالدوحة بالتعاون مع وزارة الخارجية القطرية بمناسبة يوم الأمم المتحدة في ديسمبر 2019 حينما قال سلطان المريخي، وزير الدولة للشئون الخارجية القطري، إن بلاده تسعد بتقديمها الكثير من التبرعات لأنشطة مكاتب وهيئات المنظمة الدولية وإن تلك التبرعات بلغت 500 مليون دولار في 2018-2019.
برعاية أممية وتمويل قطري وحضور إخواني، يسعى تنظيم الإخوان الدولي للعودة بشكل رسمي إلى أروقة الأمم المتحدة ومكاتبها في عملية غسيل سياسي يسعون فيها إلى استعادة دورهم من جديد في ظل تغير ملامح سياسات العالم وانشغاله بجائحة كورونا التي تسيطر على أحداثه اقتصادياً وصحياً وسياسياً.
فضيحة فساد ليست بالجديدة لأمثالي ممن يدركون حقيقة قطر كمنتج منفذ للإرهاب والفوضى في المنطقة، ولكن ماذا عن الأمم المتحدة؟
نقلا عن بوابة “الوطن”
