
“تليجراف” البريطانية: أردوغان يرعى قوة من نخبة “المرتزقة” لمنافسة “فاغنر” الروسية
عرض – محمد حسن
لم يتوقف السعي التركي الحثيث لتوفير الدعم العسكري للميليشيات المسلحة ونقل آلاف من المرتزقة لبؤر الصراع الملتهبة؛ بل انخرطت أنقرة في برامج رفع الكفاءة القتالية لشبكة ميليشياتها المسلحة وعناصر مرتزقتها الجائلين في الإقليم.
وفي هذا الصدد، ألقت صحيفة “التليجراف” البريطانية الضوء على الدور التركي الذي يتسع في ملف المرتزقة، بالرغم من الجهود الدولية المضنية للوصول بالأزمة الليبية لعتبة التسوية السياسية الشاملة وتوحيد الفرقاء الليبيين، بداية من مؤتمر برلين وإعلان القاهرة، مروراً بمسارات المفاوضات في جنيف.
ونشرت الصحيفة البريطانية تقريرا عن الرعاية التركية الحصرية لنخبة من عناصر المرتزقة التابعين لها، وذلك لمنافسة مجموعة “فاغنر” الروسية. وتشير لمهندس عمليات تجنيد ورعاية المرتزقة لصالح تركيا، وهو الجنرال السابق في الجيش التركي “عدنان تانريفردي”.
إذ تصفه الصحيفة البريطانية بأنه أحد الشخصيات المقربة من الرئيس أردوغان، ولديه خبرة في جميع فنون الحرب المظلمة اللا متماثلة بدءاً من تكتيكات التخريب ومكافحة التمرد وتنفيذ الاغتيالات.

يدير الرجل الذي يصف نفسه “بالوطني المحترم” شركة “صادات” التركية التي تقدم الخدمات الأمنية والتدريب لعملائها ولديه علاقات وثيقة الصلة مع آلاف المرتزقة السوريين. وقد سألته الصحيفة البريطانية الأسبوع الماضي عن علاقاته الوطيدة تلك، وخاصة بعد اتهامه من قِبل الحكومة الأمريكية بإرسال الآلاف من المرتزقة السوريين لليبيا. فأجاب الرجل بالنفي وأكد أن ليس لشركته الأمنية “صادات” أي علاقة بصناعة المرتزقة كما ليس لها أية ارتباطات بالتنظيمات والجماعات الإرهابية.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أهمية تقرير أرسلته القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا “أفريكوم” للحكومة الأمريكية، في شهر يناير.
وذكر التقرير أن شركة “صادات” تشرف على أكثر من 5 آلاف مرتزق سوري في ليبيا، بعضهم لديه ارتباطات سابقة بجماعات إرهابية. وتابع تقرير “أفريكوم” أن عناصر المرتزقة السوريين في ليبيا يتم تدريبهم بواسطة شركة صادات، وأن العديد من المرتزقة قد هربوا، كما وردت أنباء متزايدة عن السرقة والاعتداء الجنسي وسوء السلوك من قبل هؤلاء المرتزقة وهو ما من المرجح أن يزيد من تدهور الوضع الأمني.
وتوضح الصحيفة أن الاتهامات الأمريكية غذت الشكوك حول مجموعة صادات، والتي يقول معارضو أردوغان إنها تعمل كجيش رئاسي خاص. ويقارنون طريقة عملها مع مجموعة فاغنر الروسية، التي تقوم بعمليات عسكرية خارجية للرئيس فلاديمير بوتين.
تأتي هذه الاتهامات في الوقت الذي يسعى فيه أردوغان إلى توسيع النفوذ العسكري التركي في الخارج، واستعادة مجد “الدولة العثمانية” باعتبارها القوة الأولى في العالم الإسلامي. كما يخوض حاليًا مواجهة مع القادة الأوروبيين بشأن قراره استئناف التنقيب عن الغاز في المياه المتنازع حولها مع قبرص واليونان وهي أجزاء من البحر الأبيض المتوسط تعتبرها تركيا ساحتها الخلفية.
وتتابع الصحيفة، أن عدنان تانريفيردي والذي كان القائد السابق للقوات الخاصة، من بين مجموعة من الضباط الذين يُزعم أنهم أُجبروا على ترك الجيش التركي في أواخر التسعينيات لأنهم يشاركون أردوغان الميول الإسلامية. أسس مجموعة السادات مع زملائه السابقين في عام 2012، على الرغم من أنه على عكس معظم الجنود الآخرين، الذين يعملون ببساطة لمن يدفع أكثر، فإن يعمل وفق أيديولوجيا لطالما يُعبر عنها الموقع الالكتروني لشركة صادات، وتتمحور حول:” تدريب جيوش الأمة الإسلامية إلى الحد الذي لم يعد يعتمدوا فيه على الغرب. مساعدة”.
وتقول الصحيفة البريطانية إن الأدوار المشبوهة لشركة “صادات” التي ترفض حتى الإفصاح عن الدول التي تقيم معها علاقات واتفاقات؛ قد كُشفت بواسطة العديد من السياسيين المعارضين لأردوغان. حيث كشف هؤلاء الدور الكبير لشركة صادات في مساندة أردوغان إبان محاولة الانقلاب الفاشلة 2016، وقد تورط ضباط من الشركة في المواجهات العنيفة التي اندلعت في شوارع إسطنبول عشية بدء الانقلاب.
وتأكدت الدور الكبير لهذه الشركة في قمع المعارضين وتعذيب جنرالات الجيش التركي الموجودين في قوائم “الانقلاب”، وذلك بعدما عين أردوغان “عدنان تانريفردي” مستشاره العسكري الرئيسي. وقد استقال تانريفردي هذا العام بعد خطاب مثير للجدل قال فيه إن شركة صادات تعمل على تمهيد الطريق لعودة المهدي المنتظر!
وقبل عامين، زعمت ميرال أكشينار، وزيرة الداخلية التركية السابقة والسياسية المعارضة أن شركة الصادات كانت تدير أيضًا معسكرات تدريب للميليشيات الموالية للحكومة التركية بالقرب من ساحل البحر الأسود التركي. وزعمت أن وظيفتهم كانت إثارة المشاكل إذا لم تكن الانتخابات في صالح حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه الرئيس أردوغان.
ينفي تانريفيردي مثل هذه المزاعم، ويصر على أن شركته لديها أقل من عشرة مستشارين، ولم يتم إرسال أي منهم في قتال مباشر، ورد قائلاً: “هل تعتقد أن شركة لديها حوالي عشرة موظفين يمكن أن يكون لها دور في قمع مؤامرة انقلاب؟”.
وشعر تانريفيردي بالاستياء عندما سُئِل عما إذا كانت شركة الصادات بمثابة الجيش الخاص للرئيس، وقال إنها فكرة لا يمكن أن تصدقها سوى صحيفة بريطانية.
ومن جهة اخري قال البروفيسور هوارد آيسنستات، الخبير في شؤون تركيا في جامعة سانت لورانس بنيويورك، للصحيفة التركية إن المعارضة التركية ربما بالغت في تقدير أهمية الصادات، معتبرة في ظاهرها الرؤية العظيمة الموضحة على موقعها على الإنترنت.
لكنه أضاف: “لا أعتقد أن هناك أي شك في أن “الصادات” قد عملت عن كثب مع الحكومة التركية في سوريا وليبيا، وهم صريحون جدًا بشأن فكرة إبراز القوة التركية في العالم الإسلامي. علينا فقط أن نكون حذرون من افتراض أنهم مهمون بقدر ما يقدمون أنفسهم “.
وتقول الصحيفة البريطانية أن هذه وجهة نظر يشاركها السيد تانريفيردي، الذي يزعم أن مهمته الوحيدة إلى ليبيا كانت في عام 2013، عندما تفاوضت شركته على محاولة لبناء منشأة عسكرية خاصة بالجيش الليبي.
وفي حديثه مع الصحيفة البريطانية أصر “تانريفردي” على أنه سيكون هناك في ليبيا قريبًا العديد من الشركات التركية العسكرية. وأضاف أن “تركيا بحاجة إلى عشرات وربما المئات من الشركات مثل الصادات”. “هذا من أجل أمن وازدهار وبقاء الدول الإسلامية”.
هذا وقد تناول المرصد المصري في ورقاته المنشورة قبل عام، شركة “الصادات” وأساليب تركيا في تقنين إرسال المرتزقة للميدان الليبي من خلاها. https://twitter.com/almarsadalmasry/status/1211659191934443520?s=20