أفريقيا

يحدث في إفريقيا من 25- 31 يناير: محاولة إغتيال رئيس تونس، وتصاعد التوترات بين السودان وإثيوبيا

إعداد- هايدي الشافعي

“يحدث في إفريقيا”، تقرير يقدم عرض لأبرز الأحداث على الساحة الافريقية والموضوعات التي تناولت قضايا القارة في فترة سابقة، لتجعلك دائما في مواكبة الأحداث.

شهدت الفترة من 25 حتى 31 يناير عددا من الأحداث المهمة على الصعيد الافريقي، أبرزها تعرض رئيس الوزراء التونسي لمحاولة إغتيال فاشلة، وتصاعد التوترات الحدودية بين السودان وإثيوبيا، بالاضافة إلى تنامي الخلاف بين الصومال وكينيا، وفيما يلي عرض للقضايا الثلاث المختارة:

(1)

محاولة إغتيال الرئيس التونسي قيس سعيد

أعلنت الرئاسة التونسية يوم الأربعاء 27 يناير نجاة الرئيس قيس سعيد من محاولة تسميم بمادة “الريسين” القاتلة وذلك خلال ظرف مشبوه وصل قصر قرطاج.

وعلى إثر ذلك تم نقل نادية عكاشة مديرة ديوان الرئيس التونسي إلى المستشفى بعد فتحها الظرف الموجه إلى الرئيس سعيد لكنها وجدته خاليًا وعانت لاحقًا من فقدان البصر قصير المدى والصداع، وتم نقلها إلى المستشفى لفترة وجيزة، وفقًا لبيان صادر عن الرئاسة. وقال البيان إنها خرجت من المستشفى لكنها ما زالت تعاني من الصداع ويراقبها الأطباء.

وأضاف أن موظفة أخرى كانت في نفس الغرفة مع عكاشة عندما فتحت المظروف، وظهرت عليها أعراض متشابهة لكنها أقل حدة. 

وتشير التقارير إلى أن محاولة الإغتيال التي تعرض لها الرئيس التونسي قيس سعيد، جاءت  بعد تصريحات له ضد حركة النهضة الإخوانية، واتهامه إياها بأنها تقف وراء الأزمة العامة التي تعيشها تونس منذ 10 سنوات، بوقوفها وراء إدارة ما سماه بـ”الغرف المغلقة” التي تتحكم في الساحة السياسية والعامة في تونس.

قائمة من الزعماء سبقت الرئيس التونسي

ارتبط اسم الريسين، بالعديد من حوادث الاغتيالات ومحاولات استهداف الرؤساء والمسؤولين، ففي عام 2018 أعلنت السلطات الأمريكية، إحباط محاولة إرسال رسائل إلى البيت الأبيض تحتوي على “غاز الريسين” السام لاستهداف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، كذلك كان هناك محاولات شبيهة مع ملكة بريطانيا إليزابيث، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفي عام 2014 كانت هناك محاولة ايضًا مع الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، كما تستخدم مادة الريسين بخلاف حوادث الاغتيالات واستهداف الزعماء، كسلاح بيولوجي من قبل الإرهابيين لقتل الآلاف.

ويعد المصدر الأساسي لمادة الريسين هو بذور نبات الخروع التي يتم طحنها ومعاملتها كيميائيا على عدة مراحل لاستخراج هذا السم الفتاك، وتكمن خطورة هذا السم في عدم وجود ترياق له حتى الآن فهو شديد السمية والجرعة القاتلة للبشر صغيرة جدا، فكمية في حدود 2مللي جرام كافية، ومفعول لا يمكن إيقافه أو علاجه، حيث يسبب غاز الريسين الوفاة خلال 36 إلى 72 ساعة من التعرض لكمية صغيرة منه بحجم رأس دبوس، ولا يوجد أي ترياق معروف لهذه المادة السامة، لذلك فهو أكثر سمية بكثير من مواد مثل غاز السارين أو حتى السيانيد والزرنيخ.

(2)

تصاعد التوترات الحدودية بين السودان وإثيوبيا

نشرت شبكة “عاين” الاخبارية السودانية يوم 26 يناير، تقريرًا حول تصاعد التوترات الحدودية بين السودان وإثيوبيا، ذكرت فيه أن السودان يرفض التراجع عن وجوده العسكري المكثف على طول الحدود بينما تطلق القوات الإثيوبية قذائف الهاون، ومع ذلك، تعهدت القيادة من كلا الجانبين بالهدوء ورد الحقوق.

ويشير التقرير إلى أن القوات الإثيوبية المتمركزة في منطقة عبد الرفيع، أطلقت يوم الأحد، قذائف هاون باتجاه قوة استطلاع سودانية كانت تعبر جبال أبو طيور، بحسب تقارير إخبارية، ولم ترد انباء عن وقوع اصابات.

لا تراجع ولا حوار

دعت السلطات الإثيوبية إلى الحوار بشرط أن تغادر القوات السودانية المنطقة الحدودية المتنازع عليها، لكن قيادات بارزة في الجيش السوداني شددت على أن السودان لن يتراجع عن أراضٍ تشكل بحسبهم أراضٍ ذات سيادة، وقال مصدر عسكري في مجلس السيادة لم يتم الكشف عن هويته “العودة إلى الوراء لن يكون من بين خيارات الجيش السوداني”. “ما الذي يتفاوض عليه السودان؟ لا تفاوض هذه أرضنا”.

قال رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق الركن عبد الفتاح البرهان، في خطاب ناري أخير، إن السودان تحلى بالصبر على هذه المنطقة الحدودية لفترة طويلة، وتحمل “25 عامًا من التجاوزات والتهديدات والاتهامات، لكن كل شيء له نهاية”، وقال البرهان: “السودان لم يبدأ الصراع، كما فعلت إثيوبيا، والآن العين بالعين”.

واستكمالًا للتصعيد، قال نائب رئيس أركان الجيش السوداني الفريق الركن عبد الله البشير، خلال خطاب بولاية القضارف الحدودية مع إثيوبيا، إن “القوات المسلحة ستظل سدا منيعا لحفظ أمن البلاد وحماية أراضيها، لم نسعَ لقتال الجيران، لكن لدينا حدود موروثة ومعروفة عبر الأجيال”، وذلك حسب ما نقلته “سبوتنيك عربي” عن وكالة الأنباء السودانية الرسمية، يوم الجمعة 29يناير. وأضاف: “لن نصبر على قتل النساء والأطفال، ولنا أرض تضع إثيوبيا يدها عليها، سوف نسعى لعودتها فهي معروفة للجميع”، مؤكدًا على أنه لن يكون هناك ترسيم آخر للحدود، وأن السودان لن يفرط في شبر واحد من أراضي منطقة الفشقة بالشريط الحدودي مع إثيوبيا.

ويطالب كلا الجانبين بملكية منطقة الفشقة، حيث ادعى السودان منذ فترة طويلة أن الحدود المتنازع عليها في منطقة الفشقة تقع ضمن الأراضي السودانية حسب ترسيم الحدود الاستعماري عام 1902. لكن السلطات الإثيوبية رفضت الاعتراف بهذا الإعداد الحدودي خلال محادثات ديسمبر في العاصمة السودانية الخرطوم، وانتهى الاجتماع كما انتهى في عام 1998، دون اتفاق.

ومما يزيد الأمر تعقيدًا حقيقة أن الرئيس السابق عمر البشير قد حافظ على “حدود ناعمة” لمساحة 600 كيلومتر مربع من الأراضي الحدودية الخصبة لعقود، وكان البشير قد سمح للمزارعين الإثيوبيين بالاستقرار في الفشقة مقابل دعم سياسي، لكن منذ نوفمبر 2020، في ظل حكومة انتقالية جديدة، تمركزت القوات السودانية على طول الحدود المتنازع عليها بينما شنت إثيوبيا هجمات متفرقة احتجاجا على ذلك.

في أقل من أسبوع، قتلت العصابات الإثيوبية المسلحة (المعروفة باسم الشفتة) ما لا يقل عن ثمانية مدنيين في قريتين على طول الحدود في وقت سابق من هذا الشهر.

وأعلنت السلطات في المنطقة الحدودية بولاية القضارف في السودان، نزوح سكان 34 قرية بالقرب من الحدود، وبحسب المحلل السياسي السوداني محمد عبد العزيز، فإن الهجمات تنفذ من قبل مليشيات من قبيلة الأمهرة، ثاني أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا، في محاولة لـ “تنفيذ هجمات إرهابية ضد المدنيين لترهيبهم ودفعهم لإخلاء المنطقة. “

في 13 يناير، قالت وزارة الخارجية السودانية إن الطائرات الحربية الإثيوبية اخترقت المجال الجوي السوداني – وهي خطوة وصفتها وزارة الخارجية بأنها “خطيرة وغير مبررة”.

التوتر حول سد النهضة

لا يقتصر التوتر بين السودان وإثيوبيا على هذه المنطقة الحدودية فحسب، بل يتركز أيضًا في اتجاه الجنوب على طول حدود ولاية النيل الأزرق السودانية ومشروع إثيوبيا الأكثر طموحًا لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وهو سد النهضة الإثيوبي الكبير.

فمنذ نوفمبر، شدد السودان موقفه من المفاوضات الثلاثية بين إثيوبيا ومصر حول السد وتأثيره على مياه النيل، وعلقت المحادثات بشأن سد النهضة بعد أن طالب السودان بتغيير منهجية التفاوض، داعيا إلى دور أكبر للاتحاد الأفريقي في التوصل إلى اتفاق ملزم، حيث يمثل أحد مطالب السودان الرئيسية هو اتفاق ملزم لتجنب ما فعلته إثيوبيا العام الماضي: ملء سد النهضة في يوليو 2020 دون تشاور. وقال وزير المياه والري السوداني الدكتور ياسر عباس “المضي في الملء دون اتفاق يمثل مخاطرة كبيرة على السودان، ونحن بحاجة للعمل لتلافي هذا السيناريو .. السودان ليس بلداً ضعيفاً يتوسل من أجل حقوقه”.

حرب لا يريدها أحد

في الوقت الذي يتفق الطرفان على تصاعد التوترات بينهما، لكن من المرجح أن يتفق الطرفان أيضًا على عدم استفادة أي من الطرفين من الحرب، فبينما يعاني السودان من التضخم المفرط وطوابير الخبز الطويلة واتفاقيات السلام مع الجماعات المتمردة السابقة داخل السودان، فإن الجيش الإثيوبي يعاني من ضغوط كبيرة في التعامل مع نزاعات داخلية متعددة.

ومع ذلك، هناك سبب رئيسي آخر قد يجعل إثيوبيا لا ترغب في تصعيد التوترات مع السودان فيما يتعلق بنزاع تيغراي – السودان يحمل المفتاح في تحديد ما إذا كان هذا الصراع سيكون قصير الأجل أم طويل الأجل، فطالما استمر السودان في إغلاق الحدود ومنع وصول الجبهة الشعبية لتحرير تيغري إلى قاعدة خارجية، فإن الجبهة الشعبية لتحرير تيغري تظل محاصرة مع منافذ قليلة للوصول إلى الإمدادات وإعادة تخزينها، حيث تُجبر جبهة تيجراي المعزولة حاليًا، على التشتت والاستمرار في حرب عصابات محدودة وممتدة، فجميع السبل الممكنة مغلقة أمامها، وليس من السهل أن تفوز جبهة تيجراي وهي معزولة تمامًا … وهي حاليًا ليس لديها أي مصدر محتمل للدعم باستثناء السودان.

(3)

تنامي الخلاف بين الصومال وكينيا

نشر موقع “AllAfrica” مقالا يوضح تصاعد الخلاف الدبلوماسي بين كينيا والصومال هذا الأسبوع، بعد أن اتهمت مقديشو نيروبي بالوقوف وراء هجوم في بلدة حدودية أسفر عن مقتل 11 مدنياً، كماهددت الصومال بالانسحاب من الهيئة الحكومية للتنمية (IGAD) بعد أن حكمت الجماعة لصالح كينيا في خلاف دبلوماسي بين البلدين.

وكانت الصومال قطعت العلاقات الدبلوماسية مع كينيا في 15 ديسمبر 2020، وطردت السفير الكيني من أراضيها، كما كتبت إلى الكتلة الإقليمية المكونة من ثمانية أعضاء، للمطالبة ببعثة مستقلة للتحقق من مزاعم أن كينيا كانت تسلح وتدرب ميليشيا لمحاربة قوات الجيش الوطني الصومالي المتمركزة في جيدو بالقرب من حدودهما المشتركة، وتم تشكيل بعثة لتقصي الحقائق، وخلصوا في تقريرهم إلى إنهم لم يجدوا أي دليل يدعم انتهاكات كينيا، وانتقدوا الصومال لقطع العلاقات مع كينيا، بحجة أن المشاكل التاريخية التي يواجهها البلدان لا يمكن حلها إلا من خلال علاقات دبلوماسية أعمق.

رداً على التقرير، قال وزير الخارجية والتعاون الدولي الصومالي محمد عبد الرزاق، يوم الأربعاء 27 يناير، إن بلاده سترفض التقرير “بكامله” لأن المحققين كانوا “منحازين، حزبيين، غير منصفين، متنازعين ومصممون سلفا على تبرئة كينيا، وأن الصومال تتمسك بقوة بجميع اتهاماتها الأولية ضد كينيا وستسعى بكل الوسائل لحماية سيادتها”، مهددا بانسحاب بلاده من إجاد.

من جانبها، رفضت كينيا جميع الاتهامات التي وجهها الصومال لها، ومنها اتهامات لقوات الدفاع الكينية العاملة في بعثة الاتحاد الأفريقي بالتخلي عن قواعدها المحررة لحركة الشباب، فضلا عن استمرار انتهاك المجال الجوي الصومالي، ودعمها للمليشيات المسلحة في الصومال.

وقالت وزارة الخارجية الكينية إن النتائج التي توصل إليها الفريق دليل على أن مزاعم الصومال كانت حيلة سياسية تهدف إلى تشتيت انتباه المنطقة عن القضايا الأمنية، وأن كينيا لن تنجر إلى الحملة الطائشة التي يبقى هدفها الوحيد خلق شقوق مصطنعة لغايات ضيقة ومحلية على حساب السلام والأمن الإقليميين والتكامل الإقليمي.

سنوات من التوتر

ويذكر تقرير منشور على “The Africa Report” أنه في حين أن الخلاف الدبلوماسي بين مقديشو ونيروبي محتدم منذ عدة سنوات، فقد تصاعد في الأشهر القليلة الماضية حيث يخوض الرئيس محمد عبد الله “فرماجو” أزمة انتخابية في الصومال.

من المقرر أن تنتهي ولاية الرئيس فارماجو في 8 فبراير 2021، ويواجه 14 معارضًا على الأقل، من بينهم رئيسان سابقان، ولم يُجر الصومال بعد انتخابات برلمانية بعد انتهاء فترة الهيئة التشريعية الحالية في أواخر عام 2020

قضايا أخرى داخل اللعبة

على الرغم من أن الخلافات الأخيرة تبدو وكأنها تدور حول وجهة نظر الصومال بأن كينيا تدعم المعارضة في جوبالاند ومقديشو في الأزمة الانتخابية الحالية، إلا أن هناك قضايا أخرى داخل اللعبة.

حيث تقع جوبالاند على الحدود بين البلدين وهي مصدر دائم للتوتر، ويقال إن الميليشيا التي اتهمت الصومال كينيا بدعمها هي قوات وزير الأمن في جوبالاند عبد الرشيد جنان، وهو مطلوب من قبل مقديشو بعد فراره من الحجز في يناير 2020 وهرب إلى كينيا بحسب ما ورد.

وبعد شهر من هروبه، انخرطت مليشياته في قتال ضد الجيش الصومالي في جيدو، مما أسفر عن مقتل خمسة مدنيين وإصابة العشرات.

ويذكر أن انتخابات جوبالاند، التي أجريت في أغسطس 2019، أدت إلى تدهور العلاقات بين مقديشو ونيروبي، خاصة بعد إعادة انتخاب الشيخ مادوبي، وأجرت الحكومة الفيدرالية انتخابات موازية في الولاية الحدودية الجنوبية، لكنها انتهت بالاعتراف بإعادة انتخاب مادوبي في يونيو 2020

+ posts

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

هايدي الشافعي

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى