
“مشروعات الاستزراع السمكي”… طفرة لتحقيق الأمن الغذائي وآفاق جديدة للاقتصاد
حظيت مسألة “الأمن الغذائي” بأولوية متقدمة على أجندة الرئيس عبد الفتاح السيسي التنموية، وهو ما لاحظناه من حجم المشروعات الغذائية التي أطلقها على مدى نحو 6 سنوات ونصف بما في ذلك قطاعات الزراعة والإنتاج الحيواني والداجني والسمكي، ومن أمثلتها مشروعات الاستزراع السمكي ومشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان، وإنشاء الصوبات الزراعية، ومشروع مستقبل مصر، ومشروع المليون رأس ماشية، ومشروعات تصنيع الألبان، وغيرهم، فضلًا عن ضمان توافر احتياطي كاف من مختلف السلع الاستراتيجية.
وفي هذا السياق، يستعرض التقرير أبرز مشروعات الاستزراع السمكي التي شهدتها البلاد خلال الأعوام الأخيرة، وانعكاساتها على الاقتصاد المصري.
مشروع الفيروز شرق بورسعيد
افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس السبت، مشروع الاستزراع السمكي الفيروز ببورسعيد، ضمن خطة الدولة للتوسع في إنتاج الأسماك من خلال المزارع، بالنظر إلى أن حجم الإنتاج عن طريق الصيد من المسطحات المائية المفتوحة منخفض للغاية ولا يلبي كافة احتياجات السكان من هذا الغذاء، والتي يلجأ له المواطنون إلى جانب الدواجن لسد احتياجاتهم من البروتين عوضًا عن اللحوم الحمراء التي لا يُغطي إنتاجها سوى 57% فقط من احتياجات السوق المحلي، إلى جانب ارتفاع أسعارها نسبيًا مقارنة بالدواجن والأسماك، وهو ما يجعل الأخيرين مفضلين بشكل أكبر لدى القطاعات الأقل دخلًا.
ويأتي المشروع ضمن خطة الدولة لتحقيق التنمية الشاملة والمتكاملة في شبه جزيرة سيناء عامة ومنطقة قناة السويس خاصة، وتحويلها إلى عنصر جذب للسكان، عبر إقامة مشروعات زراعية وصناعية وخدمية وتعدينية وسياحية وسكنية ومشروعات طاقة، وغيرها من المشروعات في كافة المجالات، بما يساهم في تنفيذ خطة الدولة نحو التوسع العمراني والخروج من الوادي الضيق إلى استكشاف مناطق جديدة تحوي العديد من الخيرات غير المستغلة، وبما يحقق أيضًا معادلة الأمن القومي في تلك المنطقة التي تُعد البوابة الشرقية لمصر، بعد تطهيرها من البؤر الإرهابية على يد الجيش المصري.
وينضم المشروع -الذي يقع في محافظة بورسعيد –إلى سلسلة من المشروعات التي شهدتها المحافظة منذ تولي الرئيس السيسي الحكم، وأهمها اكتشاف وتطوير حقل ظهر للغاز الطبيعي، وأنفاق قناة السويس، وكوبري النصر العائم الذي يربط بورسعيد وبورفؤاد عبر قناة السويس، وتطوير بحيرة المنزلة، ومشروع التأمين الصحي الشامل، وغيرهم.

ويقام المشروع على مساحة 26 ألف فدان تقريبًا بمواجهة 17.5 كم بمحاذاة ساحل البحر المتوسط وعمق 10 كم شرق بورسعيد، ويشتمل على 3 جوانب هم: أحواض للصيد سميت مشروع الفيروز، ومنطقة الدبية وأسطول للصيد البحري يعمل داخل وخارج المياه الإقليمية. وبخصوص أحواض الاستزراع فهي تقام على مساحة 15 ألف و886 مترًا مربعًا، بإجمالي 5906 حوضًا يصل حجم الواحد منها 1.75 فدانًا، مقسمة كالتالي: المزرعة “أ” 3521 حوض استزراع سمكي على مساحة 9500 فدان، والمزرعة “ب” 1810 حوضًا على مساحة 4898 فدانًا، والمزرعة “ج” 575 حوضا على مساحة 1592 فدانا.
ويضم المشروع بحيرة جديدة إلى رقعة البحيرات الداخلية وهي بحيرات الفيروز للصيد بمساحة 9762 فدانًا التي كانت في الماضي جزءً من ملاحة بورفؤاد والتي روعي فيها تحديد أقصى جهد للصيد، بالتعاون مع الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية والمعهد القومي لعلوم البحار والمصايد. كما يتضمن ترعة رئيسية وأخرى الفرعية؛ بحيث تستخدم الترعة الرئيسية لتغذية 331 حوض استزراع سمكي بالمياه العذبة، ويبلغ إجمالي أطوالها 39.7 كيلومتر، فيما يبلغ إجمالي أطوال الترعة الفرعية 200 كيلومتر، وتعملان كمكون رئيسي في استكمال المعالجة البيولوجية، لوجود الطحالب وأسماك العائلة البورية والقشريات التي تتغذي على المواد العضوية المتبقية بمياه الصرف بعد معالجتها.
ويحتوي المشروع على مفرخ لإنتاج حتى 160 مليون زريعة دنيس وقاروص ولوت و500 مليون يرقة جمبري سنويًا، وحضان لتحضين حتى 160 مليون إصبعية دنيس وقاروص ولوت، بالإضافة إلى تحضين حتى 500 مليون يرقة جمبري سنويًا، ومصنع لفرز وتغليف الأسماك، ومصنع أعلاف بإنتاجية 150 ألف طن سنويًا، ومصنع لإنتاج الثلج، ومحطات مياه، ومولدات كهرباء، ومنطقة إدارية وسكنية وإعاشة للعاملين بالمشروع، ووحدة بيطرية ومعامل تحاليل وأبحاث، مركز تدريب للعاملين بالمشروع، ومخازن للأعلاف والمعدات والمهام وقطع الغيار، ومنظومة مراقبة إلكترونية.
وتعتبر قناة السويس المصدر الرئيسي لتغذية الأحواض الرئيسية بالمياه ثم رفعها للأحواض الفرعية عن طريق طلمبات على جانبي الأحواض، وقد تم وضع أساليب علمية للحفاظ على نقاء ونظافة المياه الناتجة عن الاستزراع واستخدام الأعلاف، بنفس درجة النقاء للمياه المُغذية للمشروع من خلال تصميم الأحواض، حيث يتم تربية أسماك الدنیس والقاروص في الأحواض الأعلى لأن هذه الأسماك تحتاج إلى مياه ذات مواصفات خاصة، بعدها يتم صرف المياه الناتجة عن التربية في هذه الأحواض إلي أحواض يتم فيها تربية أسماك العائلة البورية، والتي تعتمد في غذائها على متبقيات النيتروجين والفسفور الناتج من صرف أسماك الدنیس والقاروص، دون إضافة أعلاف جديدة.

وتتم تغذية الأسماك المستزرعة على أعلاف تجارية مصنعة ذات مواصفات غذائية وتصنيعية فائقة الجودة، تحتوي على نسبة بروتين خام لا تقل عن 42%، ودهون خام لا تقل عن 10%، بالإضافة إلى المعادن والفيتامينات اللازمة لزيادة معدلات النمو. ويتابع نمو الأسماك بأخذ عينة من الحوض كل أسبوعين ووزنها وحساب متوسط وزن السمكة الواحدة وتسجيله في سجل خاص، وتحسب كمية العلف اللازمة لتغذية الأسماك بالحوض على أساس الوزن الجديد.
أما بخصوص مشروع الاستزراع السمكي بمثلث الديبة غرب بورسعيد؛ فهو يقع على مساحة 203 فدانًا، تضم المرحلة الأولى 107 فدانًا بإجمالي 61 حوض سمك، تنقسم إلى 41 حوض للأسماك البحرية بطاقة إنتاجية 250 طن، و20 حوض للجمبري بطاقة إنتاجية 100 طن، وتقدر تكلفتها الإجمالية بـ 300 مليون جنيه. أما المرحلة الثانية فتقع على مساحة 96 فدانًا بإجمالي 12 حوضًا. ويشمل المشروع 4000 حوض استزراع سمك بحري ومفرخ لإنتاج 160 مليون زريعة سمكية و500 مليون يرقة جمبري سنويًا، وحضانة لتجهيز 160 مليون أصبعية من الأسماك و300 مليون يرقة جمبري سنويًا، ومصنع أعلاف لإنتاج 150 ألف طن علف سنويًا، ومصنع فرز وتصنيع وتعبئة وتغليف الأسماك.
وفي سياق المشروع ذاته، يتم إنشاء 100 سفينة صيد للشباب للصيادين للمساهمة في حل أزمة البطالة وتوفير فرص عمل لأهالي مدن القناة، بالتعاون بين الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وشركة القناة للإنشاءات البحرية التابعة لهيئة قناة السويس. وقد تم الانتهاء من 34 مركب يبلغ طول الواحد 23.9 متر، وعرض 7.20متر، وعمق الغاطس 2.40 متر وسعة استيعابية للأسماك 100 طن، وبكل منها وحدات إعاشة لـ 12 صيادًا، وماكينة رفاس بقوة 700 حصان، وماكينة تصنيع ثلج سريعة للتجميد، وثلاجات لحفظ الأسماك، وبها وأوناش مخاطيف وأجهزة ملاحية وبوصلة، وهي حديثة ومؤهلة للإبحار بأعالي البحار.
تبلغ تكلفة المركب الواحد 18 مليونًا وتتولى شركة الأعمال الهندسية البورسعيدية التشطيبات والبناء بنسبة 80% بمعدات مصرية إلا بعض المهمات يتم استيرادها من الخارج بنسبة 20%. وقد تم تدشين أحواض السفن ويبلغ حجم الحوض الواحد 120 مترًا وعرض 80 مترًا ويسع لـ 6 سفن صيد أطوال حتى 30 مترًا. وجاري حاليًا استكمال المشروع على مرحلتين تتضمن الأولى 34 مركبًا والثانية 32 مركبًا.

مشروعات متعددة
مشروع الفيروز ليس هو الأول من نوعه الذي تنفذه مصر في إطار خطتها نحو الاكتفاء الذاتي من الأسماك، فقد شهدت عدة محافظات مشروعات مماثلة، نستعرضها على النحو التالي:
• مشروع بركة غليون بكفر الشيخ: هو أكبر مشروع للاستزراع السمكي بالشرق الأوسط، ويحوي ثلث المحافظة من الاستزراع السمكي، وقد بدأ العمل فيه في يوليو 2015، على مرحلتين، بحيث تقع الأولى على مساحة 4000 فدانًا بواقع 1359 حوضًا موزعين كالآتي: 466 حوضًا لتربية الأسماك وتسمينها بطاقة إنتاجية تتجاوز 3000 طنًا سنويًا، مساحة الحوض الواحد 50 في 150 متراً. و83 حوضًا من المياه العذبة لأسماك البلطي والبوري على مساحة 500 فدان، و655 حوضًا للجمبري، بطاقة إنتاجية 2000 طنًا بالدورة الواحدة التي لا تستغرق أكثر من 6 أشهر، مساحة الحوض الواحد 50 في 50 مترًا.

ويبلغ إجمالي إنتاج تلك المرحلة 3000 طن أسماك و5000 طن جمبري سنويًا، موجهين للاستهلاك الداخلي والتصدير للخارج في نفس الوقت. وتضم أيضًا 10 ورش لتربية اليرقات والجمبري، و155 حضانًا لتحضين الزريعة ورعاية الأسماك، ومركز للأبحاث والتدريب والتطوير، ومنطقة إسكان للعاملين، ومركز تحكم بالكمبيوتر، ومعامل مجهزة على أحدث الأساليب العملية للكشف المبكر عن الأمراض ومكافحة الفيروسات إن وجدت والعمل على علاجها، ومنطقة صناعية على مساحة 55 فداناً تضم مصنع لتجهيز وتعبئة وتغليف الأسماك بطاقة إنتاجية 100 طنًا في اليوم، ومصنع لإنتاج الأعلاف بطاقة إنتاجية 180 ألف طن سنويًا، ومصنع لإنتاج الثلج بطاقة إنتاجية 60 طنًا في اليوم، ومصنع لعبوات الفوم بطاقة إنتاجية 1200 عبوة في اليوم، ومصنع لتجهيز وإنتاج وتعبئة الأسماك “بروسيسنج” بطاقة إنتاجية 100 طن في اليوم، بالإضافة إلى إنشاء الترع والقنوات الخرسانية، ووضع طبقة بلاستيكية “بولى إيثيلين” عالي الكثافة حفاظًا على المياه وعدم تسربها. وقد افتتح الرئيس السيسي تلك المرحلة في 18 نوفمبر 2017.
أما المرحلة الثانية فتقع على مساحة 9000 فدان، وتشمل مصنع لإنتاج مسحوق السمك، ومصنع إنتاج شكائر الأعلاف ومحطة معالجة المياه. ويوفر المشروع 5000 فرصة عمل مباشرة و10 آلاف غير مباشرة، ويجري المشروع بمشاركة 28 شركة مصرية وبخبرة صينية. وقد أدى المشروع إلى وقف الهجرة غير الشرعية من محافظة كفر الشيخ، حيث كانت منطقة غليون الحدودية نقطة انطلاق المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر المتوسط إلى الدول الأوروبية.
• مشروع الاستزراع السمكي شرق قناة السويس: يقع على مساحة نحو 7500 فدان، بإجمالي 4440 حوض سمك موزعة على 5 أحواض ترسيب رئيسية، وتضم أسماك بحرية عالية الجودة، منها: دنيس ولوت وثعبان البحر وسهلية وقاروص وبلطي وبوري. وقد جرى إنشاء المشروع على 3 مراحل. تم افتتاح المرحلة الأولى في 28 ديسمبر 2016، على مساحة 1900 فدان بواقع 1034 حوض استزراع سمكي. وفي نهاية عام 2017، تم افتتاح المرحلة الثانية على مساحة 2900 فدان بواقع 1600 حوض استزراع سمكي ضمن أحواض الترسيب رقمي 22 و23 وجزء من 18، التي استمر بها العمل لمدة عام عقب الانتهاء من المرحلة الأولى. وشملت مصنع أعلاف لإنتاج 150 ألف طن سنويًا على مرحلتين، ومفرخ لإنتاج 160 مليون ذريعة دنيس وقاروص ولــوت، و500 مليون يرقة جمبري سنويًا، وحضّان لتحضين حتى 160 مليون إصبعية سمك دنيس وقاروص ولــوت، و300 مليون يرقة جمبري سنويًا، ومركز تدريب العاملين بالمشروع، ومخازن أعلاف، ومصنع فرز وتصنيع وتعبئة وتغليف الأسماك، ومخازن للمعدات والمهمات، وقطع الغيار وترع ومصارف

وأخيرًا جرى افتتاح المرحلة الثالثة من المشروع في نوفمبر 2018، على مساحة 2700 فدان، بواقع 1400 حوض استزراع سمكي ضمن أحواض الترسيب رقم 17 وجزء من 18، وتضمنت وحدات سكنية للعمال، وتوفير جميع المعدات والأدوات اللازمة للمشروع من طلمبات مياه ومولدات كهربائية ومعدات تغذية آلية ومنظومة مراقبة، وتتضمن أحواض المشروع أحواض تحضين وأحواض تربية.
وتجدر الإشارة إلى أن جميع مباني المشروع منفذة باستخدام تكنولوجيا عالية للتأمين ووحدة إطفاء تعمل ذاتيًّا حالة حدوث حريق، طبقًا للكود المصري، ويتوافق المشروع بشكل كامل مع المعايير والاشتراطات البيئية؛ بهدف صيانة وحماية حقوق الجيل الحاضر في الحصول على احتياجاتهم دون المساس بحق الأجيال المقبلة وهو ما يطبق مبدأ التنمية المستدامة.
• مشروع الاستزراع السمكي بمحافظة الإسماعيلية: تم الانتهاء من المرحلتين الأولى والثانية بإجمالي 4140 حوضًا، شملت استزراع 2175 حوضًا بأنواع متنوعة من الأسماك (432 حوضًا لأسماك الدنيس و45 حوضًا لأسماك القاروص و48 حوضًا لأسماك القاروص والدنيس معًا و95 حوضًا لأسماك اللوت و230 حوضًا للجمبري و7 أحواض لأسماك الحنشان و1038 حوضًا لأسماك العائلة البورية و15 حوضًا لأسماك البلطي في المياه المالحة و250 حوضًا لأسماك بلطي المياه العذبة، فضلًا عن زراعة أسماك السهلية والسيجان). وبلغ إجمالي إنتاج المشروع 351 طنًا من الأسماك المتنوعة عالية الجودة طُرحت بالسوق المحلى.

أما المرحلة الثالثة فتتضمن إنشاء وحدة بنظام الاستزراع المكثف لإنتاج من 20 إلى 25 كجم للمتر المكعب من المياه بمعدل من 300 إلى 400 طن سنويًا للفدان في الدورة الواحدة، وإنشاء مصنع أعلاف لإنتاج 150 ألف طن علف سنويًا على مرحلتين، وإنشاء مصنع فرز وتصنيع وتعبئة وتغليف الأسماك، وتجهيز منطقــة إدارية وسكنية بخدماتها المختلفة ومباني إعاشة للعاملين بالمشروع، وقد تم الانتهاء من 4 مباني إدارية، وإنشاء مفرخ لإنتاج حتى 160 مليون زريعة قاروص ودنيس ولوت، وإنتاج 500 مليون يرقة جمبري سنويًا، وتجهيز مخازن رئيسية وفرعية للأعلاف والمعدات والمهمات، وإنشاء وحدة بيطرية ومعامل تحاليل وأبحاث.
• سوق السمك الجديد بالإسماعيلية: يقع على طريق البلاجات على مساحة تقدر بحوالي 7200 متر مربع بتكلفة 44 مليون جنيه، ويضم 20 محل أسماك جملة، و160 فرشًا لبائعي الأسماك، و16 كافتيريا كل منها مكون من طابقين كاملة الخدمات والمرافق الأساسية.

• مشروع استزراع التونة الزرقاء بمنطقة جرجوب غرب مرسى مطروح: يُعد الأكبر من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، تنفذه الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة بالتعاون مع مؤسسة “تونة تك الألمانية”. وتشمل المرحلة الأولى 44 حوض لإنتاج الأسماك البحرية بطاقة 280 طن، و32 قفص بحري لإنتاج أسماك التونة الزرقاء بطاقة إنتاجية 3840 طن كمرحلة أولى. وتعتبر التونة الزرقاء من أهم أنواع الأسماك الاقتصادية ذات القيمة التجارية العالية؛ إذ يصل وزن السمكة الواحدة إلى 600 كيلو جرام، وهي من الأنواع المهاجرة، حيث تهاجر من مياه الأطلسي باتجاه البحار الدافئة ومنها البحر المتوسط خلال فصلى الربيع والصيف، بغرض التكاثر ووضع البيض.

ويمثل المشروع نقلة نوعية في الإنتاج السمكي بمصر، إذ سيستخدم فيه تكنولوجيات حديثة يتم تطبيقها لأول مرة، وسيشهد تطبيق برنامج متابعة ورصد للحالة البيئية لمنطقة الأقفاص في المشروع والمناطق المحيطة بها عن طريق قياس وتسجيل جميع الخواص الفيزيائية والكيميائية للمياه والتربة في هذه المواقع بصفة دورية طوال فترة وجود الأسماك في الأقفاص، لضمان توفير أقصى درجات الأمان البيئي للأسماك التي سيتم إنتاجها وفق معايير الجودة العالمية.
• بحيرة عرب العليقات بالقليوبية: هي أول مشروع للاستزراع السمكي في القليوبية، وتقع البحرية على مساحة 85 فدانًا، وقد تم إنزال 5 دفعات من الزريعة بها تقدر كل منها بحوالي 80 ألف أصبعية بلطي، بإجمالي حوالي 390 ألف زريعة، كما تم إنشاء 40 قفصًا سمكيًا بقطر 8 أمتار للقفص، واستزراع القفص الواحد بـ 8000 أصبعية بلطي للوصول بالإنتاجية إلى 2 طن للقفص بإجمالي 80 طنًا للدورة الواحدة.
• مشروع المزرعة النموذجية بالأقصر: تقع بقرية “الزريقات” بمدينة أرمنت جنوب غرب الأقصر، وقد بداية التفكير في إنشائها مطلع عام 2014، ومع تولي الرئيس السيسي الحكم منتصف العام ذاته انطلق العمل بها، وتم الانتهاء من مرحلتها الأولى بحلول نهاية العام. وهي تقع على مساحة 4500 متر بإجمالي 4 أحواض سمكية، توفر من 120 إلى 150 فرصة عمل، وبتكلفة إجمالية تقدر بحوالي ٧ ملايين جنيه.
• الاستزراع السمكي بالدقهلية: تضم محافظة الدقهلية عددًا من المزارع السمكية، التي تنتشر معظمها في منطقة قلابشو ببلقاس، ومنطقة المنزلة والمطرية والجمالية وغيرها.
الانعكاسات على الاقتصاد
يعتبر قطاع الثروة السمكية في مصر أحد القطاعات الواعدة في الاقتصاد، وواحد من أهم مصادر الدخل القومي، وتشغل المصائد السمكية مساحات شاسعة تتنوع بحسب طبيعتها فمنها البحار كالبحرين الأحمر والمتوسط ومنها البحيرات، إلى جانب مصادر المياه العذبة وتشتمل على نهر النيل بفرعيه والترع والمصارف، لكن إنتاجها ما زال منخفضًا (لا يتعدى 400 ألف طن منها 183 ألف طن من البحريات ويساهم تطويرها في زيادة حجم الإنتاج مستقبلًا)، وهو ما دفع الحكومة إلى التوجه للاستزراع السمكي.
وقد ساهمت المزارع السمكية التي أقامتها الدولة خلال السنوات الأخيرة في رفع حجم إنتاج مصر من الأسماك ليصل إلى 2.3 مليون طن عام 2020 مقارنة بنحو 1.5 مليون طن عام 2015 حيث شكل إنتاجها 75% من إجمالي إنتاج الأسماك في مصر، وفقًا للتدرج التالي: 1.7 مليون طن بقيمة 32 مليار جنيه عام 2016، وارتفاعًا إلى 1.82 مليون طن عام 2017 بنسبة زيادة 6.8% عن العام السابق، ثم زاد إلى 1.87 عام 2018 بارتفاع نسبته 2.7%، وحوالي 2 مليون طن عام 2019.
ويتضح من طبيعة المشروعات السالف شرحها أنها تدخل في إطار المشروعات الصناعية المتكاملة، وليست قاصرة على إنتاج الأسماك فقط، وهو ما يحقق الاستفادة المثلي للموارد، ويزيد من القيمة المضافة للثورة السمكية المصرية، ويرفع من مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفر الكثير من فرص العمل، فعلى سبيل المثال، يوفر مشروع الفيروز 10 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في كافة المهن والتخصصات المتعلقة بهذا المجال.

واستطاعت مصر من خلال رفع الإنتاج، تقليص حجم الفجوة بين معدلي الإنتاج والاستهلاك، بعدما حققت 97% من الاكتفاء الذاتي من الإنتاج السمكي، والاتجاه نحو التصدير خاصة إلى الأسواق العربية والأوروبية بما يوفر العملة الصعبة ويدعم الاقتصاد المصري؛ إذ تم تصدير 35 ألف طن خلال عام 2019. واعتماد 18 منشأة لتصدير الأسماك إلى دول الاتحاد الأوروبي ومنها ألمانيا وهولندا وبلجيكا وإسبانيا وفرنسا والبرتغال وبريطانيا، واعتماد 10 منشآت لتصدير الأسماك إلى الدول العربية (على سبيل المثال فُتح باب التصدير للأردن، وصُدر 6 آلاف طن من البلطي إلى الإمارات والكويت)، كذلك تم اعتماد 8 منشآت لتصدير الاستاكوزا إلى أمريكا ودول شرق آسيا وبعض من دول الاتحاد الأوروبي، وتسجيل مزرعة بركة غليون للاستزراع السمكي لتصدير الأسماك، واعتماد معمل تشخيص أمراض الأسماك في مشروع بركة غليون للاستزراع السمكي طبقا لمواصفة الأيزو 17025.
وقد قارب نصيب الفرد المصري من السمك المعدل العالمي حيث بلغ 19.6 كيلو جرام سنويًا في حين يبلغ عالميًا 20.3 كيلو جرام، وهي الفجوة التي ستعمل المشروعات الجديدة على سدها. وبذلك تصدرت مصر أفريقيا في حجم إنتاج الأسماك من الاستزراع السمكي، وحلت في المركز السادس عالميًا، طبقًا لإحصائيات منظمة الأغذية والزراعة “الفاو”، كما أنها تأتي في المرتبة الثالثة عالميًا في إنتاج السمك البلطي. وتلعب المزارع السمكية دورًا في الحفاظ على البيئة البحرية، إذ أن كل طن علف تستهلكه الأسماك يخرج إلى المياه في صورة 125 كجم نيتروجين. كما أنها تعمل على تحسين التربة الزراعية فاستخدام مياه أحواض الأسماك في الزراعة يزيد من خصوبة التربة ويقلل من استخدام الأسمدة الكيماوية ويزيد الإنتاج الزراعي بنسبة لا تقل عن 30%.
باحثة ببرنامج العلاقات الدولية