فشل قطري في التوغل سياسيا بالسودان بعد البشير
قفزت قطر خارج محدودية مساحتها، مستغلة الاحتياجات الإنسانية في السودان والفقر المدقع، وبدأت في تنفيذ أجندتها الخاصة بداية منذ ثورة الشعب السوداني، متخفية في أغراضها الخبيثة وراء دعمها لحقوق الشعب السوداني في البحث عن حريته وكرامته، ولكن في خفايا الأمور دعمت نظام عمر البشير؛ وهو ما يعد تحديا واضحا للإرادة الشعبية، لاعتبارات أن قطر تلتقي مع نظام البشير على أرضية واحد منطلقة من ايديولوجية تنظيم الإخوان.
ولم تكن محاولات تميم مدفوعة بالرغبة في تحسين الظروف المعيشية في السودان؛ لتجنبهم من الأوضاع الإقتصادية السيئة، وإنما لهيمنة وتنفيذ خطط لتوسيع رقعة نفوذها واستثماراها في القارة السمراء؛ ليكون سندا لتنظيم الإخوان، حتى يجد لعناصره في السودان ملجأ لنشر التطرف واستمرار الاحتجاجات دون التوصل لوضع توافق بين جميع الفصائل لعدم الاستقرار على شخصية معينة لقيادة الفترة الانتقالية فيما سيؤثر ذلك سلبيا على الأمن القومي العربي.
اقتصاديا
تعد قطر من أكبر المستثمرين العرب في السودان؛ حيث تسعى لتوسيع منافذ تدخلها في المناطق التي تشكل مجالًا حيويا للأمن القومي العربي، لزعزعة الأمن والاستقرار وتنفيذ أجندتها الإرهابية؛ لذا ضخت مليارات الدولارات بالسودان ومولت جماعات سياسية ودينية متطرفة لبناء نفوذ سياسي واقتصادي وخلق جماعات ضغط بالساحة السياسية.
ومن الغريب، أن قطر والسودان يوقعان مذكرة تفاهم بشأن التعاون العسكري بينهما، رغم أن كليهما يقع في قارة وإقليم مختلف؛ مما يدل ظاهريا أن قطر وقعت على هذه الاتفاقية؛ لمعاناة السودان بحالة من الارتباك في إدارة تحالفاتها وسياستها الخارجية.
والحقيقة أن قطر تسعى لتعزيز وجودها بمنطقة أفريقيا من خلال مشاركتها وتدخلها الاقتصادي مع دول ساحل البحر الأحمر لتعلب دورا فاعلا في التجارة الدولية برا وبحرا، حيث تم الإعلان عن الشراكة القطرية السودانية لتطوير ميناء سواكن.
وتنص الشراكة على تقديم تمويل قطري بقيمة أربعة مليارات دولار ويقضي الاتفاق بدخول الدوحة شريكا في الميناء بنسبة 49 % من حصة المشروع؛ لتنفيذ أجنداتها الإرهابية واستقطاب السودانيين لصالح سياستها.
في عام 2006، بدأت قطر الاعلان عن مشروع “مشيرب” العقاري بالسودان الذي يقع على مساحة 206000 متر مربع تصل التكلفة لـ 400 مليون دولار.
وبدأ البناء في عام 2009، كما وقعت صفقة بقيمة مليار دولار في عام 2009 لاستئجار الأراضي الزراعية في السودان، وفي أواخر عام 2017، استثمرت شركة قطر للتعدين مليار دولار في السودان، وخلال نفس الفترة تم الإبلاغ عن مجموعة َQNB التي تدير 14 فرعًا في جميع أنحاء السودان، وأقامت العديد من المؤسسات القطرية مثل بنك قطر الوطني، وأنشاء الخطوط القطرية من وإلى السودان.
تسقط أسهم الشبهات حول الدور القطري مستغلة علاقتها بنظام الرئيس المعزول عمر البشير؛ لتهيمن على ميناء بورتسودان وميناء عثمان دقنه من خلال عقود مباشرة وغير مباشرة، كما كثفت الخطوط الجوية القطرية البحث عن خطوط بديلة، وتقديم وجهات جديدة بعد أن خسرت الأسواق الخليجية والعربية الأكثر أهمية بسبب المقاطعة العربية؛ لذا تستغل الدوحة الرحلات التجارية لنقل أموال وأسلحة وجهاديين.
السياسية
استضافت قطر في عام 2009، اجتماعات لمناقشات وساطة بين السودان وتشاد، اللذين كانا على خلاف حول مزاعم قيام حكوماتهما لتقديم الدعم لجماعات المعارضة داخل بلديهما واستمرار هذا الخلاف منذ عام 2005.
وتوسطت قطر خلال عام 2011، في اتفاق سلام بين الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة(جماعة متمردة مقرها في دارفور)، وهدفت قطر من خلال تلك الوساطة السيطرة على الوضع السياسي بين الطرفين؛ حيث قدمت مساعدة مالية، كما انعقد اتفاق سلام آخر بمساعدة قطر في عام 2013، بين الحكومة السودانية وحركة العدالة والمساواة.
رفضت الحكومة السودانية، وفي يونيو 2017، الانضمام لدول المقاطعة لقطر ، إلا أنها أخذت موقف التوسط في المناقشات بين جميع الأطراف نتيجة تخوفها من تلك الأزمة، حيث لم يغفل في ذاكرة التاريخ علاقة السودان ودعمها للجماعات؛ فتبين هذا من خلال ادانة الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي علي الحاج محمد ، ما نشرته الكتلة السعودية لقائمة تضم أسماء الإرهابيين التي تربطهم صلة بقطر وجماعة الإخوان، أما موقف قطر بالسودان، استمرت في تقديم الدعم المالي والسياسي للسودان، مما يدلل أن قطر تتعامل بالأموال لنشر أجينداتها الخاصة، ومن بين الأسباب للمقاطعة قطر أيضًا علاقتها مع الجماعات الإسلامية كجماعة الإخوان المسلمين.
قطر تستقطب السودانيين من خلال معونات وفتح باب الهجرة
تستغل قطر فقر الدول واحتياجاتها؛ لذا تستقطبهم مقابل تقديم الدعم والمساعدات المالية، مبرهنة موقفها من هذا أنها تسعى في تخفيف الظروف المعيشية السيئة وتوفير السكن اللاجئين في إقليم دارفور بالسودان، ولكنها في الحقيقة تخطط لتنفذ محاولاتها وأجنداتها في نشر فكرها المتطرف والإرهابي بالبلاد؛ لزعزعة استقرار القارة السمراء. وتساند جماعات الاسلام السياسي كـ (جماعة الإخوان المسلمين)، حيث تم التوصل إلى اتفاق في عام 2017 بين الحكومة السودانية وصندوق قطر للتنمية وتخصيص 70 مليون دولار لبناء قرى نموذجية في منطقة، كما فتحت أبواب الهجرة لتستقطب أبناء السودان بأرضيها، إذ يعد السودانيين من أول الدول التي هاجرت لقطر؛ حيث يقدر عددهم بنحو 60 ألف مغترب سوداني يقيمون في قطر، كما يوجد بقطر مدرسة سودانية تقع في منطقة أبو هامور بالدوحة وتضم ما يزيد عن 1800 طالب.
سياسة قطر المتناقضة جعلت العالم يستغرب من ممارستها العبثية في التدخل بشؤن القارة السمراء؛ حيث فسر المتابعون لشأن الإفريقي أن ممارسات قطر لم تجد أبداً الحضور القوي والنفوذ على بلاد الإقليم، وأن أموالها لم تفيد في تنفيذ أجنداتها لصالح الجماعات المتطرفة والإرهابية، كما لم تحقق رغبتها في التوغل بالدول الافريقية، برغم من النظام القطري له وجود ما ومحاولات استكشاف لفرص الاستثمار، إلا أن دورهم يقتصر على التمويل وخدمة مواقف واستراتيجيات القوى العظمى المؤثرة في القارة الإفريقية.
وفي كثير من دول القارة أحبطت أجهزة الأمن والمصالح الإدارية مخطط قطر الإرهابي، قبل حصولها على تراخيص تتعلق بالنقل الجوي التي تهدف من خلفه البحث عن المعادن واليورانيوم والاستكشافات النفطية، وانكشفت فضائح وجرائم النظام القطري عند كثير من دول القارة السمرة؛ لذا مع سقوط نظام البشير في السودان؛ ورفضت السلطات الخرطوم استقبال وفد قطري، مما يؤدي لضعف دور قطر في القرن الإفريقي، وتتبخر مئات الملايين التي أنفقت من صناديق قطر السيادية على مشاريع في السودان.