تركيا

“فاينانشيال تايمز” البريطانية: سياسة تركيا أصبحت ” لا جيران بدون مشاكل”

عرض-  محمد هيكل

ضمن سلسلة تقارير تحليلية تبحث في الطموحات الجيوسياسية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان نشرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية الجزء الأول من السلسلة بعنوان ” لعبة أردوغان الكبيرة: الجنود والجواسيس وسعي تركيا للقوة”.

ويلقي تقرير الصحيفة الضوء على طموحات أردوغان بدءا من توجهه نحو أفريقيا الجديدة وأصابعه الخفية المتحركة في أوروبا وعلاقاته المتدهورة مع الاتحاد الأوروبي والنظر في الشؤون الداخلية وانعكاسات نهجه الخارجي على الأوضاع الداخلية وعلى الإقليم وخطواته المستقبلية وفقا لنهجه اعتمادا على التحليلات من الخبراء في الشأن التركي.

وذكرت الصحيفة البريطانية، التي بدأت الحديث عما حدث في ناجور ناغورني قره باغ، أن آلافا من الآذاريين احتفلوا بانتصار بلادهم في المعركة وعجت ساحة الحرية في العاصمة الأذارية “باكو” بالآلاف من رجال القوات المسلحة والمواطنين في احتفالية حضرها الرئيس التركي أردوغان ضيف شرف الشهر الماضي.

وأضافت الصحيفة أنه على مدى السنوات الخمس الماضية شن أردوغان توغلات وعمليات عسكرية في كل من سوريا والعراق وأرسل قوات إلى ليبيا واشترك في مواجهات بحرية مع اليونان- أثارت هذه التدخلات غضب حلفاء تركيا في الناتو وإعادة إشعال خصومات قديمة وولدت أعداء جددا.

( شكل يوضح الوجود العسكري التركي في العالم ، مع وجود تركي بقوات حفظ السلام في كل من البلقان ولبنان ) وفقاً للصحيفة

وأوضحت الصحيفة أن الخبراء والمحللين الاستراتيجيين يجادلون أن سياسة أردوغان الخارجية تحمل خطرا كبيرا على الاقتصاد وعلى علاقاته مع جيرانه والقوى الكبرى فخلال العشر سنوات السابقة كانت استراتيجية السياسة الخارجية التركية  هي “صفر مشاكل مع جيرانها” لكن الوضع تغير وتحول إلى ” لا جيران بدون مشاكل” في عهد أردوغان.

وأضافت الصحيفة أن منتقدي السياسة الخارجية التركية يصفونها ” بالعثمانية الجديدة” بينما يدافع عنها المسؤولون الأتراك كونها ” دفاع عن المصالح التركية”

يقول المتخصص في الشؤون التركية بالمعهد الألماني للعلاقات الدولية والدراسات الأمنية سينسم أدار ” أعتقد أن تركيا في تاريخها لم تكن يوماً معزولة بالقدر الذي نراه الآن” ، مضيفا ” أن هناك تزايدا في عدد الدول التي تواجه تركيا”.

وذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” أن أردوغان والذي يرغب في البقاء في السلطة على قدر المستطاع استغل نهج سياساته الخارجية لتحصيل مكاسب محلية وهو ما ذهب به بعيداً لدرجة وصفه للحكومة الألمانية “بالنازية” ونصيحة الرئيس الفرنسي ماكرون بإيجاد ” علاج نفسي” ، هذا الأسلوب الذي يكسب به داخلياً لا تتقبله أوروبا الذي وصف أحد دبلوماسيها للصحيفة الرئيس أردوغان ” بأنه الولد المشاغب بالمدرسة”.

وأضافت الصحيفة أن العلاقات التركية الجديدة ليست على أفضل حال فعلاقة أردوغان بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين دائما ما تكون معقدة ومشحونة للغاية وهو ما دلل عليه مقتل 34 جنديا تركيا في سوريا في هجوم ألقت واشنطن اللوم فيه على موسكو.

المشكلات الاقتصادية وخطاب أكثر مرونة

تحت هذا العنوان الفرعي، ذكرت الصحيفة البريطانية أن نهج أردوغان في سياساته الخارجية أضر بالمصالح الاقتصادية للبلاد حيث أعاق هذا النهج الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد التي تشتد الحاجة إليه إلى جانب المخاوف من طريقة  أردوغان لإدارة الأوضاع الاقتصادية في البلاد، الأمر الذي أدى لضغط على الليرة التركية فمثلا ألغت شركة فولكس فاجن الألمانية خطط لبناء مصنع جديد لها في تركيا بعد احتجاج دولي على هجوم تركيا على القوات الكردية في سوريا العام 2019.

( شكل يوضح تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا ).

ترى الصحيفة أن المخاطر الاقتصادية والنهج العدائي الخارجي وظروف جائحة كورونا أضرت بالاقتصاد التركي البالغ 750 مليار دولار وتعرض الاقتصاد لهزة كبيرة نوفمبر الماضي مما أدى رحيل صهر الرئيس التركي بيرات البيرق من منصب وزير المالية.

منذ ذلك الحين ومع فوز الرئيس الأمريكي جو بايدن بالانتخابات الرئاسية بدأ أردوغان باتخاذ نبرة مغايرة أكثر تقرباً للغرب حيث قال في اجتماع بخاصية ” الفيديو كونفرنس” مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فان دير لايين” أن مستقبل تركيا هو في أوروبا” ودعا لمزيد من التعاون بين الطرفين في مجالات التجارة والهجرة.

المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية والخبير بمركز” التقدم” الأمريكي وهو مؤسسة فكرية قال للصحيفة الأمريكية حول مستقبل نهج أردوغان ” أعتقد أن الهدف المتمثل في وجود سياسة خارجية مستقلة وقوية – مع البقاء داخل حلف الناتو سيبقى كأولوية – ربما سيخفف أردوغان من حدة خطابه لكني لا أعتقد انه سيخفف من رؤياه ومساعيه”.

وبنهاية تقريرها الأول ضمن سلسلة تقارير عن الرئيس التركي أردوغان، ذكرت “فاينانشيال تايمز” أن الرئيس التركي لطالما كان “براجماتيا” وعلى استعداد لاتخاذ قرارات صعبة إن لزم الأمر للحفاظ على قبضته القوية على السلطة لكن يرى المحللون والخبراء أن أردوغان لن يكون على استعداد لتقديم التنازلات المطلوبة لتحسين علاقته بحلف الناتو والولايات المتحدة.

+ posts

باحث ببرنامج السياسات العامة

محمد هيكل

باحث ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى