مصرسياسة

تطوير القرى الأكثر فقرًا … بداية نهاية الفقر والجهل والفساد

يفرض الواقع الاقتصادي والاجتماعي ضرورات تصبح معالجتها وفق خطة منهجية شاملة أمرًا لا مناص منه لتحقيق الأهداف المنشودة ضمن استراتيجية التنمية الشاملة. ويتحقق هذا الأمر بالنظر إلى الواقع الاقتصادي للكثير من الأسر في مصر، وما يمثله “الفقر” من تحدٍ أمام الدولة والمواطنين على حد سواء؛ إذ إنه يلتهم أي بوادر تنمية اقتصادية واجتماعية منشودة، ويكون مسببًا لظواهر أخرى مثل الفساد والجهل وتزايد معدلات الجريمة والبطالة وتردي الصحة العامة.

وقد يكون الفقر بمثابة مؤشر لخلل واضح في التعليم والتدريب والتأهيل لسوق العمل، وعدم مواكبة المناهج التعليمية لاحتياجات سوق العمل، كما يعد كاشفًا لبعض المفاهيم الاجتماعية المغلوطة كالزهد عن امتهان الحرف اليدوية البسيطة، بل وتفضيل التسول عليها، وتلك عوامل قوية لهدم دولة بالكامل مهما عظمت مواردها وثرواتها.

معدلات فقر متزايدة

رغم تطور وتحسن الأداء الاقتصادي بصفة عامة، إلا إنه قابلها تحديات جسام أبرزها ارتفاع معدل نمو السكان، الذي وصل إلى 2.5% مع نسبة إعالة مرتفعة، الامر الذي مثل ضغط على موارد الدولة وخدماتها، مما أثر على كفاية وجودة الخدمات المقدمة. وهو ما انعكس بدوره على معدلات الفقر التي ارتفعت إلى 32.5% عام 2017/2018 بالمقارنة بـ 27.8% عام 2015.

وحدد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء خط الفقر القومي للفرد في السنة -وهو تكلفة الحصول على السلع والخدمات الأساسية للفرد -عند 8.8 ألف جنيه سنويًا عام 2017/2018. فيما ارتفع حد الفقر وفقًا لنتائج بحث الدخل والإنفاق للعام 2019-2020، إلى 10.2 ألف سنويًا بمتوسط قيمة شهرية تقدر بـ 857 جنيه.

فيما حدد قيمة خط الفقر المدقع للفرد- هو عدم القدرة على الانفاق للحصول على الغذاء فقط (تكلفة البقاء على قيد الحياة)- في السنة عند 5.9 ألف جنيه سنويا عام 2017/2018.

وتختلف قيمة خط الفقر باختلاف المكان والاسعار بكل منطقة وكانت أعلى خطوط الفقر بين أقاليم الجمهورية ببحث الدخل والإنتاج 2019/2020 بالمحافظات الحضرية لتبلغ 11285 جنيه سنويًا، بينما كان خط الفقر المدقع عند 7071 جنيه سنويًا بينما كانت أقلها بحضر الوجه البحري بقيمة 9755 لخط الفقر الكلي و 6304 لخط الفقر المدقع.

وبلغت نسب الفقر في ريف الوجه البحري عام 2019-2020 22% مقارنة بـ 27% بعام 2017-2018، فيما بلغت النسبة في ريف الوجه القبلي 48% عام 2019-2020 مقارنة 52% عام 2017-2018.

وأكد بحث الدخل والانفاق لعام 2019-2020 زيادة نسب الفقراء مع زيادة عدد أفراد الأسرة، وهو ما يؤكد على ضرورة ضبط معدلات النمو السكاني لما يمثله من ضاغط وملتهم لكافة جهود التنمية.

فقد أكدت نتائج بحث الدخل والانفاق 2017/2018 وعام 2019/2020 أيضًا كذب مقولة “المولود بيجي برزقه”، حيث أن نسب الفقر تتزايد بتزايد عدد أفراد الاسرة، فنجد أن نسب الفقراء بين العائلات التي تتكون من فردين على الأكثر لم تتخطى (7.5%)، بينما وصلت نسب الفقر إلى ما يزيد عن 80% بين العائلات التي تزيد أعدادها عن 10 أفراد.

ومع تزايد حجم الاسرة يقل مخصصات كل فرد بها، وتنحسر مجالات الانفاق على الاحتياجات الأساسية للحياة فقط، دونما الاهتمام بالجانب الصحي والتعليمي لأفراد الأسرة. وبالتالي نجد سلسلة متوارثة من الفقراء بين أجيال تتوارث الفقر والجهل والمرض.

فانخفاض المستوى التعليمي هو أكثر العوامل ارتباطًا أيضًا بخطر الفقر، والذي يعتبر سبب ونتيجة في آن واحد فتأثير التعليم والفقر تأثير متبادل، فكلما زاد الفقر كلما زاد العزوف عن التعليم، وقلة المنفق على العملية التعليمية، وكلما قل التعليم كلما زاد اللجوء إلى الاعمال الهامشية زاد العائد المنخفض، أو لجوء البعض للتسول والسرقة لتأمين احتياجاته اليومية، حيث تتناقص معدلاته كلما ارتفع مستوى التعليم. فبلغت نسبة الفقراء بين الاميين 35.6% عام 2019/2020، مقابل 9.4% لمن حصل على شهادة جامعية.

ونظرًا لتزايد معدلات الفقر خلال عام 2017/2018 أخذت الدولة على عاتقها عدد من الإجراءات لتحقيق الحماية للفقراء والخروج من دائرة الفقر، وكان أولى هذه الإجراءات إعداد خريطة للفقر لتحسين الاستهداف الجغرافي للفقراء، تم فيها تحديد الاسر الفقيرة وخصائصها السكانية. هذا فضلا عن برامج الدعم المختلفة، كتوسيع وضبط منظومة الدعم الغذائي، وبرنامج الدعم النقدي المشروط “تكافل وكرامة”، وبرامج الحماية الاجتماعية كسكن كريم، ومبادرة حياة كريمة.

وهو ما بدا يؤتي ثماره بنهاية عام 2019، فقد انخفضت نسب الفقر على مستوي الجمهورية لأول مرة منذ عام 1999/2000 مسجلة نحو 29.7% مقارنة مع 32.5% في البحث السابق الذي تم إجراؤه في عام 2017-2018. كما انخفضت نسبة الفقر المدقع بإجمالي الجمهورية في عام 2019/ 2020 إلي نحو 4.5% مقابل 6.2% في عام2017/ 2018.

نحو القضاء على الفقر

ولأن الفقر يمثل عقبة أساسية في سبيل تحقيق التنمية المستدامة ورفع معدلات النمو الاقتصادي، فضلا عن مخاطره على الاستقرار السياسي والاجتماعي. تعهدت الحكومة باستهداف الفقر، والفجوات التنموية بين محافظات الجمهورية، وقد كلف الرئيس السيسي وزارة التنمية المحلية بوضع برنامج قومي لتنمية وتطوير جميع القرى المصرية البالغ عددها 4741 قرية وتوابعها (30888) عزبة وكفر ونجع اجتماعيا واقتصاديا وعمرانيا بهدف تحسين جودة حياة أهل القري بمشاركتهم الفعلية، لتجد كل قرية نصيباً عادلاً من الخدمات المتنوعة في البنية الأساسية والخدمات العامة، وأيضاً نصيباً عادلاً في المشروعات الاقتصادية ليتحسن دخل أبناء القرى ويجدوا فرصاً للعمل الشريف المنتج.

ويتم تحديد القرى وفقًا لعدد من المعايير، من ضمنها:

  • انخفاض مستوى البنية الأساسية (رصف، كهرباء وإنارة، مياه شرب، صرف صحي)
  • انخفاض عدد الخدمات الحكومية (وحدة صحية ـ مدرسة ـ مركز شباب … إلخ )
  • ارتفاع نسبة البطالة
  • ارتفاع نسبة الأمية
  • انخفاض مؤشرات الرعاية الصحية
  • انخفاض نصيب القرية من موازنة الدولة خلال السنوات العشر الأخيرة
  • توفر أراضي يمكن تنفيذ المشروعات عليها.

 وتشمـل أهداف البرنامج الآتي:

  • تحسين مستوى خدمات البنية الأساسية وتشمل: مياه الشرب – الصرف الصحي – الطرق – الاتصالات – المواصلات – الكهرباء – النظافة والبيئة – الإسكان – وغيرها.
  • تحسين مستوى الخدمات العامة وتشمل: التعليم – الصحة – الشباب – المرأة – الطفل – ذوي الاحتياجات الخاصة – الثقافة – التدريب وإكساب المهرات وغيرها.
  • تحسين مستوى الدخول ويشمل: زيادة الإنتاج، وفرص العمل، وتنويع مصادر الدخل، والاستفادة من كل معطيات التنمية الاقتصادية زراعياً وصناعياً وتجارياً وسياحياً وخدمياً، واستخدام أساليب إنتاج متقدمة فنياً، تتوافق مع البيئة، وتحفظ حق الأجيال القادمة في الرصيد المتوارث من الموارد الطبيعية والمادية.
  • تدعيم مؤسسات المشاركة الشعبية وتشمل: تدريب وتأهيل المواطنين على المشاركة الشعبية، وإتاحة فرص أوسع لكافة فئاتهم في هذه المشاركة في كل مراحل تخطيط وتنفيذ وإدارة وتشغيل المشروعات والخدمات.

ومن المتوقع أن يتم تنفيذ البرنامج على 5 مراحل هي: الاستكشاف والتعرف، استنهاض المجتمع، التخطيط، تنفيذ الخطة التي وضعها أهل القرية، تقييم الإنجاز على ما تحقق، تبدأ من العام المالي 2014/2015 وتنتهي بنهاية العام المالي 2029/2030، وذلك على النحو التالي:

  • المرحلة الأولى: عدد 78 قرية تبدأ إعتباراً من 1-10-2014 وتنتهي في 30-6-2019
  • المرحلة الثالثة: عدد 520 قرية تبدأ إعتباراً من 1-7-2021 وتنتهي في 30-6-2025
  • المرحلة الرابعة: عدد 1040قرية تبدأ إعتباراً من 1-7-2023 وتنتهي في 30-6-2027
  • المرحلة الخامسة: عدد 1300قرية تبدأ إعتباراً من 1-7-2025 وتنتهي في 30-6-2029
  • المرحلة السادسة: عدد 1672قرية تبدأ إعتباراً من 1-7-2026 وتنتهي في 30-6-2030

المرحلة الأولى: عدد 78 قرية تبدأ إعتباراً من 1-10-2014 وتنتهي في 30-6-2019

في 1-2-2015 تم التعاقد مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة على بدء تنفيذ مشروعات الأولوية العاجلة لمشروعات البنية الأساسية (مياه شرب – صرف صحي – طرق – كهرباء) بقرى المرحلة الأولى وعددها 78 قرية بتكلفة إجمالية قدرها 1,075 مليار جنيه.

وبالفعل تم الانتهاء من تنفيذ مشروعات البنية الأساسية وقد تضمنت عدد (219) مشروع بيانها:

  • عدد (58) مشروع مياه شرب بتكلفة قدرها 186,7 مليون جنيه
  • عدد (36) مشروع صرف صحي بتكلفة قدرها 512,7 مليون جنيه
  • عدد (62) مشروع رصف طرق بتكلفة قدرها 289,7 مليون جنيه.
  • عدد (63) مشروع كهرباء بتكلفة قدرها 85,9 مليون جنيه

ويبقى عدد من المشروعات (مياه، صرف صحي، رفع كفاءة المدارس، مكاتب بريد، مراكز شباب، …) بتكلفة 2.096 مليار جنيه لاستكمال عملية التطوير.

المرحلة الثانية: عدد 130 قرية تبدأ إعتباراً من 1-7-2018 وتنتهي في 30-6-2022

بنهاية المرحلة يرجى الانتهاء من تطوير (208) قرية بواقع 8 قرية بكل محافظة لعدد 26 محافظة بعد استبعاد محافظة القاهرة لعدم وجود قرى بها بتكلفة إجمالية قدرها 7,3 مليار جنيه. وذلك بواقع استكمال الاعمال المخططة لـ 78 قرية بتكلفة قدرها 2,1 مليار جنيه، وتنفيذ المشروعات المطلوبة بـ 130 قرية أخرى بتكلفة قدرها 5,2 مليار جنيه.

مبادرة حياة كريمة

أعلن الرئيس السيسي عن إطلاق مبادرة “حياة كريمة” في 2 يناير 2019 – تعد المبادرة أحد مكونات برنامج التنمية المحلية لتطوير القرى المصرية- لتحسين مستوى الحياة للفئات المجتمعية الأكثر احتياجًا على مستوى الدولة خلال العام 2019، بتخصيص 103 مليار جنيه لتطوير القرى الأكثر احتياجا وتوفير كافة المرافق والخدمات الصحية والتعليمية والأنشطة الرياضية والثقافية. وتم تدشين المبادرة لتطوير 1000 قرية على 5 مراحل، تنتشر في 16 محافظة ويعيش بها 12.4 مليون مواطن، وتم البدء من خلال اختيار 277 قرية تتجاوز نسبة الفقر فيها 70%، باعتبارها القرى الأولى بالرعاية، بالتنسيق مع 16 جمعية أهلية للتنفيذ.

يتمحور تنفيذ المبادرة من خلال تنفيذ عدة تدخلات بعدة مستويات كمستوى البنية الاساسية والخدمات الاجتماعية، وتدخلات خاصة بالتنمية الاقتصادية عن طريق توفير فرص العمل، وتدخلات الحماية الاجتماعية والتي تستهدف الفئات الأولى بالرعاية. هذا فضلا عن توفير قوافل طبية للكشف على الأهالي وتوفير الجراحة إذا لزم الأمر وكذلك العلاج، وتوفير أجهزة تعويضية لذوي القدرات الخاصة.

وتتخذ المبادرة سياسة جديدة في التعامل مع الفقر، فلم تقتصر أهداف المبادرة علي المواطن فحسب وإنما اتسعت لتشمل الارتقاء بمسكنه وتعليمه وصحته، وكذلك البيئة المحيطة. هذا جنبًا إلى جنب قيام المجتمع المدني بدوره في رفع الوعي بقضايا تؤثر بلا شك على التنمية المستدامة كمشكلة الزيادة السكانية، حيث يتم التوعية بالصحة الإنجابية وتنظيم النسل، وذلك بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي.

  • المجموعة الأولى:

تشمل المجموعة الأولى من المرحلة الأولى من المبادرة تطوير 143 قرية بـ 11 محافظة ترتفع فيها نسبة الفقر عن 70%، معظمها في محافظات الصعيد بواقع 7 محافظات في الوجه القبلي وبها أكثر من 130 من أصل 143 قرية. وهي المنيا واسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان والوادي الجديد ومطروح والبحيرة والدقهلية والقليوبية بإجمالي 1.81 مليون مستفيد وباستثمارات بلغت 3.95 مليار جنيه. وتنتهي في يونية عام 2021، وضمت المرحلة تطوير 61 قرية كبيرة الحجم تم بها تطوير الصرف الصحي والمدارس وتوصيل مياه، هذا فضلا عن 53 تدخل للفئات الأولى بالرعاية في شكل تغيير منزل أو توفير رعاية صحية وغيره. وبنهاية العام يكون قد تم الانتهاء من 12 قرية في محافظات مطروح واسيوط والمنيا وسوهاج وقنا والاقصر.

ومن خلال المبادرة أصبحت 49 قرية بإجمالي حوالي 406 ألف مواطن مغطاة بخدمات الصرف الصحي المأمونة، كما تم تحسين ورفع كفاءة خدمات مياه الشرب النظيفة بـ 87 قرية بإجمالي حوالي1.329 مليون نسمة، كما تم توصيل 40 ألف وصلة منزلية لمياه والشرب والصرف الصحي للفئات الاكثر احتياجا داخل القري، كما تم تنفيذ 917 فصل جديد تستوعب 36.680 ألف تلميذ بالقري المستهدفة. و42 قرية تم رفع كفاءة وتطوير وتجهيز الوحدات الصحية بها وفقا لنموذج التأمين الصحي الشامل.

  • المجموعة الثانية:

فيما تستهدف المجموعة الثانية من المرحلة الأولى 287 قرية، نسب الفقر تزيد فيها على 68%؜، باستثمارات 9.6 مليار جنيه وتتركز الاستثمارات في قطاع الصحة من خلال انشاء أو رفع كفاءة الوحدات الصحية والتعليم وانشاء مدارس جديدة أو اضافة فصول أو رفع كفاءة مدارس قائمة، كذلك توصيل مياه الشرب إلى 100 % من القرى المستهدفة. هذا فضلا عن ضخ 120 مليون جنيه لتأهيل أو توفير مراكز شباب في القرى التي لا يوجد بها. كما يتم ضخ 108 ملايين جنيه في قطاع الطب البيطرى باعتباره دعامة الاقتصاد الريفي، كذلك دعم قطاع الري من خلال تبطين الترع والذي يخلق مساحات جيدة لاستغلالها في المشروعات وكذلك حفاظا على البيئة من التلوث.

واستثمارًا لنجاح المبادرة كلف الرئيس السيسي بتوسيع نطاق مبادرة «حياة كريمة» لإحداث تطوير شامل في 1000 قرية مصرية جديدة تضاف وتنفذ بالتوازي مع الـ 375 قرية الجاري العمل فيها ضمن المرحلة الحالية للمبادرة. ويستفيد من المرحلة الجديدة من المبادرة حوالي 18.5 مليون مواطن مصري.

وفي 27 ديسمبر 2020، أعلن الرئيس السيسي عبر صفحته الرسمية توجيهه للحكومة والمؤسسات المعنية بالتعاون مع الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني بإطلاق المرحلة الثانية للمبادرة والتي تستهدف ٥٠ مركز على مستوى الجمهورية بإجمالي ١٣٨١ قرية موزعة على مختلف محافظات الجمهورية، على أن يتم بدء التنفيذ في يناير باشتراك كل الأجهزة الحكومية المعنية 2021. وروعي في اختيارها أنها تضم أكبر عدد من القري التي كان مخطط شمولها بمبادرة “حياة كريمة” خلال الأعوام المقبلة.

ويستهدف البرنامج إحداث تطوير في كافة التجمعات الريفية بالقرى الواقعة في نطاق المراكز التي سيتم اختيارها من خلال توفير خدمات البنية الأساسية، وتحسين الاتصالية الجغرافية من خلال رصف الطرق والإنارة العامة، وتوفير خدمات المدارس والمرافق الصحية، فضلًا عن تبطين الترع وتحسين نظم الري والصرف الزراعي ومشروعات التنمية الاقتصادية والخدمات الاجتماعية التي تستهدف الفئات الأولى بالرعاية، بالإضافة إلى تحسين نمط السكن من خلال التوسع الرأسي الذي يحد من التعدي على الأراضي الزراعية.

وأوضحت وزارة التنمية المحلية، آلية اختيار القرى الأكثر فقرا بمصر سيكون من خلال اختيار المراكز حيث سيتم اختيار المركزين الأكثر فقرا بكل محافظة. وتضم المرحلة الأولى من المبادرة المحافظات الأكثر فقرا على مستوى الجمهورية، وهم سوهاج وأسيوط والبحيرة، والمنيا.

وكشف الدكتور خالد قاسم، مساعد وزير التنمية المحلية، إن الدولة خلال الست سنوات الماضية ضخت استثمارات في الصعيد قيمتها 345 مليار جنيه، لافتًا إلى إنه سيتم الانتهاء من تنمية 1000 قرية في 2024، بينها 664 قرية في الصعيد.

لافتًا إلى أنه تم إنفاق 10.5 مليار جنيه على 2291 مشروعا لتلبية احتياجات المواطنين في القرى الأولى بالرعاية في الصعيد، حيث تم إنفاق 450 مليون جنيه على 100 وحدة صحية، و1000 مشروع رصف وكباري للطرق الفرعية في القرى والنجوع، وتم إنفاق 750 مليون جنيه على 150 مدرسة، ومليار ونصف المليار جنيه على 200 مشروع مياه شرب، و1.4 مليار جنيه، على 500 مشروع كهرباء وإنارة، كما تم ضخ معدات للنظافة في القرى والنجوع في 10 محافظات هي الأولى بالرعاية قيمتها 750 مليون جنيه. مشيرًا إلى أن برنامج التنمية في صعيد مصر بدأ بمحافظتي سوهاج وقنا.

وكشف، أنه تم ضخ 500 مليون دولار في مشروعات برنامج التنمية في صعيد مصر، من ميزانية الدولة، و500 مليون دولار أخرى بشراكة استراتيجية مع البنك الدولي، من خلال قرض طويل الأمد.

تأصيل جهود الحكومة وفقًا لأهداف التنمية المستدامة

الإجراءات الحمائية التي اتخذتها الحكومة خلال السنوات الأخيرة ساهمت في تقليل نسب الفقر إجمالًا بحوالي 3%، فيما انخفضت معدلات الفقر بريف الوجه البحري بحوالي 5% خلال العامين الأخيرين، وذلك بمقارنة بحثي الدخل والانفاق لعامي 2017/2018 و2019/2020.

وفي حقيقة الأمر، مبادرة حياة كريمة وغيرها من برامج الحماية الاجتماعية هي جزء من خطة الدولة المصرية 2030، والتي تعمل على تطوير البرامج الداعمة لتحقيق الرؤية والاهداف الاستراتيجية للعدالة الاجتماعية. من خلال رفع كفاءة منظومتي الحماية والدعم وتوسيع نطاق تأثيرها وربطها بقاعدة بيانات دقيقة ومحدثة، وتقييمها وفقًا للية واضحة لقياس كفاءتها بما يضمن تحقق الحماية ووصول الدعم بمختلف انواعه المالية والعينية إلى مستحقيه وتعظيم مردوده المجتمعي.

كما هدفت الخطة تحقيق الاندماج المجتمعي من خلال العمل على تقليص الفجوات المجتمعية والجيلية دون الاخلال بتكافؤ الفرص، من خلال دعم ريادة الاعمال لإتاحة فرص لتشغيل الشباب واستيعاب طاقاتهم مع التركيز على شباب المناطق الأكثر فقرًا.

كذلك تحقيق التوازن في التوزيع الجغرافي للخدمات من خلال تحفيز العمل التنموي على المستوى المحلي ووضع معايير واضحة ومحددة لتوزيع الاستثمارات المخصصة لتمويل الخدمات العامة على المستوى المحلي. من خلال تطوير برنامج تحفيزي وتشاركي يهدف للتوجه التدريجي من العمل الخيري إلى العمل التنموي لجميع مؤسسات المجتمع المدني في كافة محافظات الجمهورية.

كل هذه البرامج تهدف للوصول إلى تحقيق عدد من الأهداف الكمية الفرعية، في 2030، فتهدف الخطة أن تصل نسبة السكان تحت خط الفقر المدقع إلى 0% عام 2030 بينما كان من المخطط أن تصل النسبة إلى 2.5% عام 2020إلا أن النسبة الحالية وصلت إلى نحو 4.5%، ويرجع ذلك إلى تأثير برنامج الإصلاح الاقتصادي، فضلا عن تأثير جائحة كورونا المستجد التي سببت أزمة ركود اقتصادي عالمي، وزيادة معدلات البطالة، والفقر.

كما تهدف الخطة إلى وصول مؤشر الفجوة الجغرافية في نسبة السكان تحت خط الفقر إلى نسبة 5% عام 2030، في حين كانت النسبة في 2014 تقدر بـ17%، كما تهدف الخطة أن تكون نسبة المرأة المعيلة تحت خط الفقر في 2030 تقدر بـ5%، ووفقا لإحصائيات المجلس القومي للمرأة فإن المعيلات تمثلن نسبة 18% من السيدات في مصر، بينما تصل نسبة النساء اللاتي يعملن في مهن “هشة” غير منتظمة إلى 40% من إجمالي العاملات في مصر.

كما أشارت الخطة إلى عدد من المؤشرات ذا التماس مع قضية الفقر والتي لم يتحدد المعيار الكمي المستهدف لها في 2030، مثل نسبة المسنين تحت خط الفقر، نسبة السكان بالمناطق العشوائية غير الآمنة، نسبة الأطفال بلا مأوي، الفجوة الجغرافية في جودة خدمات التعليم والصحة، والحصول على عمل لائق، وعدد المستفيدين من برامج الرعاية الاجتماعية، وقياس مدى كفاءة المنظومة الحكومية في استهداف الفئات المستحقة للدعم.

وكل هذه البرامج والاهداف تصب في بوتقة أسمي وهي البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة للتنمية المستدامة، والذي اتخذ الهدف الأول له من بين سبعة عشر هدف هو هدف القضاء على الفقر.

وعلى الصعيد العالمي، ما زال أكثر من 800 مليون شخص يعيشون على أقل من 1.25 دولار في اليوم، وكثير منهم يفتقرون إلى الغذاء الكافي ومياه الشرب النظيفة والصرف الصحي. وقد أدى النمو الاقتصادي السريع في بلدان مثل الصين والهند إلى رفع الملايين من براثن الفقر، ولكن التقدم كان متفاوتا. إذ كان التقدم محدودا في مناطق أخرى، مثل جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، اللتان تمثلان معاً 80 في المائة من الذين يعيشون في فقر مدقع.

كما أن من المتوقع تؤدي أزمة تغير المناخ إلى تفاقم الأزمة، فتعديل أنماط هطول الأمطار سيؤدي إلى انخفاض الإنتاجية الزراعية، وهو ما قد يؤثر على دخول صغار المزارعين الذين يعتمدون على إنتاج السلع الأساسية لكسب عيشهم.

ووفقًا لتقرير لمنظمة الأغذية والزراعة لعام 2018 أن مناطق خطوط العرض المنخفضة، حيث تقع معظم البلدان النامية وأقل البلدان نمواً، تتأثر الزراعة بالفعل سلبًا بتغير المناخ، وتحديداً بسبب ارتفاع وتيرة حالات الجفاف والفيضانات. وفقًا لهذه الدراسة، يمكن أن تنخفض غلة المحاصيل في غرب إفريقيا والهند بنسبة 2.6 – 2.9٪ بحلول عام 2050. جنبًا إلى جنب مع النمو السكاني الكبير في هذه المناطق، ومن المرجح أن يسبب هذا الانخفاض نقص هائل في الغذاء.

كورونا تزيد الفقر

فبينما حقق العالم انتصارات كبيرة في تقليل معدلات الفقر منذ عام 2000، إلا أن جائحة كورونا كان لها رأي اخر، فأكدت دراسة أممية إنه قبل كـوفيد-19، كان من المتوقع أن ينخفض المعدل بنسبة 2.7 % بين عامي 2019 و2021. إلا أن الأزمة الصحية العالمية ستدفع 96 مليونا إلى الفقر المدقع حول العالم بحلول عام 2021، منهم 47 مليون من النساء والفتيات.

بينما أوضحت دراسة منشورة بمدونة البنك المركزي في أكتوبر 2020، أن حوالي 9.2% من سكان العالم أو 689 مليون نسمة يعيشون في فقر مدقع في عام 2017. فيما تشير تقديرات الدراسة بناء على تقرير الآفاق الاقتصادية إلى أنه من المحتمل أن تؤدي جائحة كورونا إلى أن عددا إضافيا يبلغ 88 مليون شخص سيعيشون في فقر مدقع في عام 2020 نتيجةً لجائحة كورونا، وأن هذا العدد قد يرتفع إلى 115 مليونا في سيناريو يفترض تدهور الأوضاع بسبب الجائحة، مع احتمال وقوع تأثيرات اقتصادية أشد للجائحة.

حيث يُقدِّم تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية لشهر يونيو مجموعتين من تنبؤات النمو: (أ) سيناريو خط الأساس مع استمرار جائحة كورونا بمستوياتها الحالية (يفترض انكماش النمو العالمي بنحو 5% في 2020)؛ و(ب) سيناريو تدهور الأوضاع بسبب الجائحة (يفترض انكماش النمو بنحو 8% في 2020). وتُقدَّر الأعداد الإضافية من الفقراء بسبب جائحة كورونا على أساس الاختلاف في معدلات الفقر المستمدة من استخدام تنبؤات تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية لشهر يونيو ومقارنتها بتنبؤات التقرير لشهر يناير.

ويرى التقرير أن معظم الفقراء الجدد عند خط الفقر المدقع، وكذلك عند خطوط الفقر الأعلى يعيشون في جنوب آسيا. تليها منطقة أفريقيا جنوب الصحراء عند خط الفقر 1.90 دولار للفرد يوميا وشرق آسيا والمحيط الهادئ عند خط الفقر 5.50 دولارات.

أما عن الوضع في مصر فكشفت دراسة للجهاز المركز للتعبئة العامة والاحصاء عن تأثر الحالة العملية لـ 61.9% للأفراد المشتغلين من ظهور فيروس كورونا بمصر، فترك 26% منهم العمل نهائيًا، وخاصة بين الذكور. كما ترتفع النسبة قليلا في الحضر لتصل إلى 63.5% مقابل 60.7% في الريف.

كما أوضحت الدراسة أن حوالي ربع الافراد لم يتأثر دخلهم، أما أغلبية الافراد (73.5%) أفادوا بأن الدخل قد انخفض منذ ظهور الفيروس، كما أوضحت الدراسة أن أصحاب المؤهلات العليا هم الأقل تأثرًا بانخفاض الدخل، بينما كان التأثير الأكبر لذي شهادة الثانوي العام/ الازهري وما دونها.

وقد أثر فيروس كورونا على النمط الاستهلاكي اليومي للمواطن المصري فقد انخفضت قيم استهلاك البروتينات بنسب تصل إلى الربع فيما ارتفع استهلاك المنظفات بنسبة تزيد عن 65%. وكانت زيادة أسعار السلع وانخفاض دخل الاسرة أهم أسباب انخفاض استهلاك الاسر من السلع الغذائية (لحوم- طيور- أسماك) لحوالي 70% من أسر العينة. وواجهت حوالي 40% من الاسر الامر بالاقتراض(السلف).

وأوضحت الدراسة أن ثلث الأسر تعاني من عدم كفاية الدخل للوفاء بالاحتياجات خلال الشهر الماضي، وقد ارتفعت النسبة قليلا بالريف لتصل إلى 34.3% مقابل 31.8% بالحضر. وأوضحت الدراسة أن أقل نسبة لعدم كفاية الدخل بلغت 29.8% للأسر صغيرة الحجم (1-4 أفراد)، وارتفعت النسبة تدريجيا مع ارتفاع عدد أفراد الاسرة لتصل 38.7% للأسر التي عدد أفرادها (7 أفراد فأكثر).

وفي سبيل ذلك اتخذت الدولة عدد من الإجراءات الحمائية لمجابهة أثر فيروس كورونا على الأسر الأكثر فقرًا كصرف منحة 500 جنيه للعمالة غير المنتظمة، توسيع تغطية برنامجي تكافل وكرامة اللذين يقدمان تحويلات نقدية مشروطة، وتوزيع المستلزمات الطبية والصحية على القرى الفقيرة.

ولأن هدف الحكومة هو وضع مصر على مسار قوي نحو التعافي. من خلال اتخاذ إجراءات تيسيرية للسياسة المالية العامة من شأنها دعم الاقتصاد وتلبية الاحتياجات المترتبة على الأزمة، بما في ذلك الإنفاق الصحي والحماية الاجتماعية، جاء اعلان الرئيس السيسي المرحلة الثانية من مبادرة حياة كريمة بتطوير 1381 قرية بـ 50 مركز على مستوى الجمهورية، في هذا التوقيت بما تتضمنه من مشروعات تطوير القطاع الصحي، وتوصيل خدمات مياه الشرب، والصرف الصحي، لهذه القرى بالتعاون بين القطاع الحكومي والجمعيات الاهلية والمجتمع المدني، للتخفيف عن كاهل المواطن المصري وتوفير خدمات صحية مستدامة.

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

هبة زين

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى