سياسة

عام التحديات والإنجازات.. تمكين المرأة المصرية أولوية الدولة في عام 2020

كانت قضية المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة المصرية وتوفير الحماية الاجتماعية لها أولوية قصوى على أجندة الدولة المصرية في عام 2020، خاصة مع اجتياح فيروس كوفيد-19 للعالم، وإسفاره عن العديد من الأزمات على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، لاسيما مع الفئات الضعيفة ومنها النساء. وقد لعبت جميع المؤسسات الحكومية الدور المنوط بها لتحقيق غايات الدولة في تلك القضية، وفيما يلي نستعرض أهم الإنجازات التي حققتها الدولة في تحقيق التمكين والحماية للمرأة المصرية.

محور القوانين والتشريعات

توجهت الدولة المصرية لتعزيز مبدأ المشاركة والمساواة بين الجنسين وحفظ حقوق المرأة وتمكينها في شتى المجالات، يأتي ذلك تحت مظلة تشريعية سنّها مجلس النواب المصري، كان أهمها:

قانون رقم 177 لسنة 2020، بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950؛ 

وجاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المذكور، أنه لما كانت جرائم الاغتصاب وهتك العرض وإفساد الأخلاق والتعرض للغير والتحرش الواردة في قانون العقوبات وقانون الطفل هي من الجرائم التي تؤثر على سمعة المجني عليه، فقد جاءت التعديلات بهدف حماية سمعة المجني عليه من خلال عدم الكشف عن شخصيته في الجرائم التي تتصل بهتك العرض وإفساد الأخلاق والتحرش؛ خشية إحجام المجني عليه عن الإبلاغ عن تلك الجرائم.

قانون رقم 189 لعام 2020، بإضافة مادة جديدة لقانون العقوبات، والتي أوردت لأول مرة تعريفًا للتنمر.

ونصت المادة الجديدة على أنه يعد تنمرًا “كل استعراض قوة أو سيطرة للجاني، أو استغلال ضعف للمجني عليه، أو لحالة يعتقد الجاني أنها تسيء للمجني عليه، كالجنس أو العرق أو الدين أو الأوصاف البدنية، أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى الاجتماعي، بقصد تخويفه أو وضعه موضع السخرية، أو الحط من شأنه أو إقصائه عن محيطه الاجتماعي”.

وأقر مشروع القانون عقاب المتنمر بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 30 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.  وتشديد العقوبة إذا توافر أحد ظرفين، أحدهما وقوع الجريمة من شخصين أو أكثر، والآخر إذا كان الفاعل من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ممن لهم سلطة عليه، لتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه، ولا تزيد على 100 ألف جنيه. مع مضاعفة الحد الأدنى للعقوبة حال اجتماع الظرفين. وسيحد هذا القانون كثيرا من حالات التنمر وخاصة على النساء والأطفال.

القانون رقم 6 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 لمواجهة المتهربين من دفع النفقة أو المتعنتين في سداد ديون النفقات

والذي ينص على معاقبة كل من صدر عليه حكم قضائي بدفع نفقة وامتنع عن الدفع مع قدرته عليه بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. وتعليق استفادة المحكوم عليه من بعض الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية والهيئات العامة. وجاء هذا القانون بمثابة حل لمشكلة تُعد من أهم مشاكل قضايا الأحوال الشخصية التي تعاني منها المرأة في أروقة المحاكم.

قانون رقم 200 لسنة 2020 بشأن إنشاء صندوق دعم الأشخاص ذوي الإعاقة.

ويهدف الصندوق إلى تقديم الحماية والرعاية والتنمية الاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة، ودعمهم في جميع النواحي الاقتصادية والصحية والتعليمية والتدريبية وغيرها، بجانب صرف المساعدات المالية لهم.

ويستفيد من القانون فئة عريضة من النساء ذوات الإعاقة؛ إذ يساعدهن الصندوق على الاندماج بصورة أكبر في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية.

قانون رقم 201 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 141 لسنة 2014 بتنظيم نشاط التمويل متناهي الصغر.

ويستهدف القانون تنظيم مزاولة نشاط تمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة الذي يتم خارج القطاع المصرفي “الاقتصاد غير الرسمي“، ولا يخضع لتنظيم قانوني متكامل ويتم ممارسة الجانب الأكبر منه عبر آليات غير رسمية، الأمر الذي يؤدي إلى إهدار الكثير من موارد الاقتصاد القومي.

وتكمن أهمية القانون في دعم المشروعات الصغيرة وتوفير فرص عمل للنساء، خاصة وأن عدد المستفيدين من القانون 3.2 مليون مواطن أغلبهم من السيدات بنسبة 63%.

توفير الحماية في ظل جائحة كورونا

تُعد مصر أول دولة على مستوى العالم تُصدر آلية رصد تتابع السياسات والقرارات والإجراءات، مستجيبة بذلك لاحتياجات المرأة في ظل أزمة كورونا. وكان من تلك السياسات؛

 إعلان وزارة التضامن الاجتماعي تكثيف الإجراءات الاحترازية “حماية المسنات وذوات الاعاقة اللائي يعشن في دور رعاية؛ والتأهب والاستعداد لأية حالة محتملة للعنف ضد المرأة من خلال “مراكز الاستضافة”، بالإضافة الي تضمين السيدات اللاتي تبلغ أعمارهن 65 سنة فأكثر من فاقدي الرعاية في دور مسنين تحت مظلة الحماية الاجتماعية “حماية للنساء المسنات”.

كما أصدر رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 719 لسنة 2020 والذي يشمل ضمن بنوده، منح الموظفة الحامل أو التي ترعى طفلًا يقل عمره عن اثنتي عشرة سنة ميلادية إجازة استثنائية طوال مدة سريان هذا القرار، بجانب السماح لجميع الأمهات العاملات بالقيام بواجباتهن العائلية دون فقدان وظائفهن، ومنح إجازة للعاملة التي ترعى أحد أبنائها من ذوي الاحتياجات الخاصة.

هذا بجانب إعلان وزارة الصحة والسكان اتخاذ إجراءات بخصوص صرف أدوية للأمراض المزمنة وألبان الأطفال ووسائل تنظيم الأسرة لمدة 3 أشهر. “لسهولة الوصول إلى الخدمات الصحية الإنجابية اللازمة للنساء“.

وقد تمكنت الدولة المصرية من خلال البعثة الدائمة لدى الأمم المتحدة، من حشد الدعم والتأييد في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة لاعتماد مشروع قرار مصري غير مسبوق حول “حماية حقوق المرأة والفتاة من تداعيات كورونا” الذي أعدته وزارة الخارجية، ممثلة في قطاع حقوق الإنسان بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة لإعمال ما جاء في ورقة السياسات التي أعدها المجلس القومي للمرأة حول التعامل مع تداعيات فيروس كورونا المستجد على احتياجات المرأة والفتاة.

تمكين المرأة المصرية 

أشار التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين 2020 إلى تقدم الدولة المصرية في مؤشر التمكين السياسي للمرأة، حيث حصلت مصر على تصنيف 103 من 153 ويُعد هذا التصنيف هو الأكثر تقدمًا خلال العشرة أعوام الماضية.

فقد أصبحت المرأة مكونًا رئيسًا في مؤسسات الدولة المصرية، حيث تقلدت العديد من المناصب القيادية في العمل القضائي خلال عام 2020،  كمنصب رئيس هيئة النيابة الادارية ونائبًا لرئيس المحكمة الدستورية، بالإضافة إلى تعيين ما يقرب من 79 معاونًا للنيابة الادارية من النساء بموجب القرار 239 لسنة 2020، ذلك بخلاف ما أحرزته خلال السنوات القليلة السابقة حيث أصبح عدد القاضيات في مصر 66 قاضية في المحاكم الابتدائية لعام 2018، بالإضافة إلى تعيين 6 سيدات كنائبات لرئيس هيئة قضايا الدولة، وتعيين أول سيدة رئيسة المحكمة الاقتصادية لأول مرة في مصر.

وجاءت التعديلات الدستورية 2019 لتقر بتعديل المادة 102 التي من شأنها زيادة نسبة تمثيل المرأة المصرية إلى 25% في مجلس النواب، وهو ما جناه عام 2020 حيث احتلت المرأة 148مقعدًا للمرة الأولى في تاريخ مجلس النواب المصري “وهذا العدد من المؤكد ارتفاعه بعد تعيينات السيد الرئيس“، كما حصلت المرأة على 20 مقعدًا معينًا من رئيس الجمهورية بمجلس الشيوخ، ووصلت لأول مرة إلى منصب وكيل المجلس. كل تلك الإنجازات سوف تزيد من تقدم مصر في التقارير العالمية الخاصة بسد الفجوة بين الجنسين.

وعلي الجانب الاقتصادي فقد بذلت الدولة المصرية العديد من الجهود بشأن المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث أعطى القانون رقم 152 لسنة 2020 بشأن تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر حوافز وإعفاءات وامتيازات ضريبية استفادت منها النساء بشكل كبير ، وبناء عليه  وحسب الهيئة العامة للرقابة المالية، فقد استحوذت المرأة على النصيب الأكبر من التمويل متناهي الصغر، حيث بلغ عدد المستفيدين من النساء في نهاية الربع الثاني من عام 2020 نحو 1.97 مليون مستفيدة بنسبة 63.74% وبأرصدة تمويل قدرها 8.19 مليار جنية،  ساهمت تلك الأرقام إلى حد كبير في تعزيز النمو الاقتصادي للمرأة، والحد من وطأة الفقر، خاصة مع تداعيات جائحة كوفيد-19.

ختامًا تتم عملية تمكين المرأة في الدولة المصرية على بُعدين: الأول هو العمل على إزالة المعوقات التي تعرقل مشاركة النساء، وذلك من خلال القوانين والتشريعات٬ وثانيها تقديم التسهيلات واتخاذ الإجراءات السياسية والبرامج التي تدعم مشاركة المرأة وتمكينها٬ مما يعزز وجودها كعنصر فاعل في المجتمع.

+ posts

باحثة ببرنامج السياسات العامة

د.آلاء برانية

باحثة ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى