
إعادة الانتشار الاماراتي في اليمن بالتنسيق مع الحليف السعودي ..وقطر تفشل في الصيد في الماء العكر
مقال بعنوان “قطر والوقيعة بين الرياض وأبوظبي” نشر في “الشرق الأوسط” وأطلق إشارة البدء.. تصريحات متتالية لوزير الخارجية الإماراتي “أنور قرقاش” نشرت تعليقا على هذه الخلفية.. الوزير الإماراتي تحدث، ففند المزاعم وأكد الحقائق وأزاح الضباب.. خيالات قطرية لازالت تدور في فلك التباعد الإماراتي السعودي، وتأتي وتذهب محاولة إثبات ذلك باذلة جهود مضنية.
خيالات الدوحة هيأت لها أو هكذا أرادت أن تضع اللقاء الإماراتي الإيراني بين خفر السواحل في إطار انتهاج أبوظبي لمنحى مغاير لحليفتها الرياض بل ولدول المقاطعة الرباعية وجاءها الرد على لسان الحكومة الإماراتية مؤكدة أنها لقاءات دورية مع إيران تمت بمعرفة الدول الخليجية وليس في الشوارع الخلفية، وما ساند الرواية تصريحات مصدر خليجي بإن اجتماعات خفر السواحل روتينية ولا جديد في ذلك، عدا أن الإيرانيين يحاولون تضخيم الخبر، والدوحة التي انتهجت نهجا عدائيا لا تنتظر الذرائع ، فقد تلقت الخبر وأعادت نشره أكثر من مرة لعلها تنجح في زرع الوقيعة، وزادت حدة خيالاتها عندما وصفت إعادة الانتشار الإماراتي في اليمن بالتخلي عن السعودية.
قرقاش أكد أن إعادة الانتشار الإماراتي في اليمن تتم لدعم وقف إطلاق النار الهش الذي توسطت فيه الأمم المتحدة في “الحديدة ” والذي دخل حيز التنفيذ ديسمبر الماضي.
ولم يفت “قرقاش” كعادته التأكيد على استراتيجية العلاقات الإماراتية السعودية وعمق التحالف بين البلدين الذي يتجاوز ما هو دائر في اليمن بكثير ويمتد إلى محاور عديدة، بدءا من التوافق حول تحجيم النفوذ الإيراني ،مرورا بدعم الحل السياسي في ليبيا ووصولا إلى التوائم في المواقف من جماعات الإسلام السياسي والجماعات الإرهابية.
القوات الإماراتية في اليمن: بين الانسحاب الآمن وإعادة الانتشار
مصادر وصفت بالمطلعة قدرت أعداد القوات الإماراتية الموجودة في اليمن بـ 10 آلاف جندي، أو هم كذلك قبل حديث إعادة الانتشار الذي ذاع صيته في الآونة الأخيرة ليمهد الطريق أمام تخفيض أعداد القوات الإماراتية في اليمن بنسبة تتراوح من 50 إلى 75% وإذا صحت الأرقام فإن 5 آلاف جندي إماراتي لن يغادروا اليمن وقد يصل هذا الرقم إلى 2500 جندي على أقل التقديرات.
وفي وقت سابق ، خفضت أبوظبي أعداد قواتها في القاعدة العسكرية الأمريكية في ميناء عصب الإرتيري وذلك عقب تزايد التصعيد في منطقة الخليج بين طهران وواشنطن ، وهو ما جعل البعض يضع تخفيض القوات العسكرية الإماراتية في مختلف الجبهات في إطار القلق من أن تكون هدفا سهلا للحرس الثوري الإيراني. تخفيض القوات الإماراتية وإعادة تموضعها في اليمن ترك الباب مفتوحا أمام كثير من السيناريوهات والتكهنات أبرزها هل ستؤثر إعادة الانتشار على سير العمليات العسكرية في اليمن؟
تفاهم الحلفاء .. التحرك خطط له منذ عام بالتنسيق مع الرياض
نجحت أبوظبي خلال الأعوام الماضية، في تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، وعلى رأسها صد محاولات تغيير التوازنات في المنطقة، وعودة الدولة وتحرير الأرض، ولذلك فإن ما يبقى أمام التحالف هو مشروع الاستقرار السياسي واستدامته، لذا فإن التغييرات التكتيكية في مسرح العمليات أمر طبيعي، بحيث يتم تحريك الوحدات من منطقة إلى أخرى وفقا لمتطلبات جبهات القتال ضمن تحركات مدروسة ، بغرض إبقاء النشاط والزخم للمقاتلين في مسرح العمليات، وهذا التحرك مطلوب في أي حرب”. علاوة على أن هذه التحركات يتم تنفيذها بالتنسيق الداخلي في التحالف.
التحالف الإماراتي – السعودي: يتجاوز الحرب في اليمن
في الثامن من يوليو 2019 أعلنت الإمارات العربية المتحدة عزمها خفض وإعادة انتشار لقواتها في اليمن، و في 17 من نفس الشهر استقبل عادل الجبير وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي وعضو مجلس الوزراء بمكتبه في جدة، أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة، لتضع الدولتان سويا كل السيناريوهات المؤججة بعيدًا عن التناول، وقبل جلسة مجلس الأمن في يوليو الجاري، أكد نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان دعم المملكة للحل السياسي في اليمن، وذلك في اجتماعه مع مبعوث الأمم المتحدة لليمن مارتن جريفيث، كما قالت الأمم المتحدة في وقت سابق إن طرفي الحرب اتفقا على إجراءات جديدة لفرض وقف إطلاق النار وتسهيل انسحاب القوات من ميناء الحديدة.
وعلى خلفية ذلك، صرح المندوب السعودي في الأمم المتحدة عبد الله المعلمي أن أزمة اليمن “آن لها أن تنتهي” . وفي المقابل وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عباس الموسوي تصريح سفير السعودية بالأمم المتحدة، عبد الله المعلمي، بشأن إنهاء حرب اليمن بأنه “إشارة إيجابية”، مؤكدة أن “رد إيران سيكون إيجابيا عليه”.
وأضاف محمد جواد جمالي، نائب رئيس لجنة الأمن في البرلمان الإيراني، أنه يمكن أن تكون السعودية حليفا وشريكا استراتيجيا لإيران، بالاتساق مع ما أفاد به وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، حول إن بلاده مستعدة للحوار مع السعودية ، وهو ما يصب في أن هناك تقاربا سعوديا إماراتيا بشأن إمكانية الحوار مع طهران إذا عمدت الأخيرة إلى خفض التصعيد، وهو ما يدحض المزاعم القطرية حول انفراد أبوظبي بموقف مغاير تجاه إيران عقب لقاءات خفر السواحل.
الخرطوم والكويت تؤكدان وحدة التحالف
وفي صفعة أخرى للدوحة حسم رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، أمر وجود القوات السودانية، التي تشارك ضمن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في الحرب على جماعة “أنصار الله” في اليمن.
وذكر البرهان ، في مقابلة لتلفزيون بلاده الرسمي ، أن “القوات السودانية باقية في اليمن”، مشيرا إلى أن تلك القوات هناك بموجب اتفاقية مع التحالف السعودي الإماراتي”.
وأكد فيما قاله بإن “الإمارات لم تنسحب من اليمن وهناك إعادة انتشار وتموضع”، لافتا أيضا إلى أن قوات بلاده لم تنسحب من الساحل الغربي لليمن، نافيا ما تردد من أنباء عن قيام القوات السودانية بملء فراع القوات الإماراتية في اليمن.
أما نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله، فقد قال في تصريح له على هامش مشاركته في احتفال السفارة الفرنسية في الكويت بعيدها الوطني، إنه “لا جديد بالنسبة للقوات الكويتية المشاركة مع الأشقاء في السعودية للدفاع عنها، والأشقاء في الإمارات يتحدثون عن دعم خيار السلام وهذا الخيار جميعنا نسعى لتحقيقه ودعمه وتعزيزه”، لافتا إلى أن “ما أعلنته الإمارات حول الانسحاب مسألة لا تتعدى عملية إعادة انتشار وإعادة تموضع لهذه القوات”.
دعوى الانسحاب الصوري
وصفت بعض الصحف والوكالات الأجنبية الأنباء المتداولة، حول نية أبوظبي سحب قواتها بأنها مجرد “انسحاب صوري” ، ويعزى السبب في ذلك إلى أن الإمارات لم تشارك إلى حد كبير في عمليات القتال المباشر، ولكن المؤكد أنها اضطلعت بدور أكبر في تدريب قوات أمنية يمنية، بعد انهيار الجيش اليمني وانقسامه ما بين مؤيد ومعارض في أعقاب الحراك الشعبي في 2011 ، حيث نجحت الإمارات في تدريب الالاف الجنود بالمنطقة الجنوبية من اليمن، إضافة إلى استمرار تواجد قادة الألوية الإماراتية لتقديم المشورة، وإدارة قاعدة جوية عسكرية في مدينة عدن “أكبر مدن الجنوب”، ولذلك فإنه من غير المتوقع أن يغير تخفيض القوات الإماراتية في اليمن من مسارات الحرب الدائرة هناك، خصوصًا في ظل تواجد تلك القوات على الخطوط الأمامية، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى الانتصار أو ممارسة ضغط يفضي إلى حل سياسي.
ليس لكل عاصفة سكون
عاصفة الحزم التي انطلقت في عام 2015 لإعادة الشرعية إلى اليمن لن تهدأ حتى تحقق مبتغاها، وتعيد الأمل إلى الشعب اليمني مرة أخرى، وتخلصه من براثن الإرهاب الحوثي، ولن تنفك عرى التحالف الذي تتزعمه السعودية والإمارات طالما بقيت العلاقات بين البلدين في مستواها المعهود من الشراكة على مختلف المستويات.