إيران

كيف اعتقل “الحرس الثوري” الإيراني المعارض “روح الله زم”؟

أعلنت السلطات القضائية الإيرانية أمس الثلاثاء 8 ديسمبر 2020 تأييد حكم الإعدام الصادر بحق الصحفي البارز والمعارض “روح الله زم“؛ بتهمة ارتكاب أعمال تهدد الأمن القومي، فضلاً عما قالته طهران من تعاونه مع جهات استخباراتية خارجية.

أسس “زم” منذ أعوام قليلة قناة على تطبيق “تليجرام” سُمّيت بـ”آمد نيوز” كانت دائماً ما توجه الانتقاد للمسؤولين الحكوميين في إيران، وهو ما أثار حفيظة السلطات والمسؤولين بوجه عام.

ونشر الحرس الثوري العام الماضي أخباراً تفيد باعتقال “زم”، في عملية وصفها بـ”المبتكرة” شملت “تضليلا وخداعا”. 

سُمي على اسم الخميني، من هو روح الله زم؟

ولد “روح الله محمد على زم” في طهران عام 1973. وكان والده محمد على زم من المسؤولين الحكوميين الإيرانيين فيما بعد ثورة 1979، حيث تولّى رئاسة القطاع الفني لمنظمة الدعاية الإسلامية. وكان ذلك من بين المناصب الحكومية التي تولاها خلال الفترة ما بين عاميّ 1980 إلى 1990.

 وتعد أسرة “زم” متدينة شديدة الولاء لروح الله الخميني، بل إن محمد على زم أطلق اسم “روح الله” على ابنه تيمنا بالخميني.

 وبحسب تقارير صحفية، فإن “روح الله زم” كان يلتقي بالخميني حينما كان والده محمد على يصطحبه معه إلى منزله.  

اعتقال “زم” خلال احتجاجات مناهضة لإعادة انتخاب أحمدي نجاد

 وخلال احتجاجات عام 2009 ضد إعادة انتخاب الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد لولاية ثانية، تم اعتقال الابن “روح الله زم” حين دعم آنذاك المرشح الإصلاحي آنذاك مهدي كروبي.

وبعد الإفراج عنه، غادر “روح الله زم” إيران متجهاً إلى ماليزيا ثم إلى فرنسا.  

رسالة “زم” إلى خامنئي

 وخلال السنوات الأولى له خارج إيران، أرسل روح الله زم خطابات إلى آية الله علي خامنئي تحدث خلالها عن عمليات تعذيب وسوء معاملة داخل سجون إيران.

تأسيس موقع معارض للحكومة الإيرانية وتصنيفه كـ”مارق”

 وخلال هذه السنوات، أسس “روح الله زم” قناة على تطبيق تليجرام أسماها “آمد نيوز”. ذاع صيت هذه القناة بين الإيرانيين لاحقاً، خاصة منذ اندلاع احتجاجات عامي 2017-2018.

 وعملت القناة، التي وصل عدد متابعيها آنذاك إلى أكثر من مليوني شخص، على نشر أخبار تتعلق بالمسؤولين الإيرانيين كان من بينها ما نشر حول حسابات بنكية تعود لرئيس السلطة القضائية في ذلك الوقت “صادق لاريجاني”.

وبسبب استمراره في هذا النشاط، صنّفت الحكومة الإيرانية “زم” على أنه صحفي “مارق ومناهض للثورة”. وأغلق تطبيق تليجرام موقع “آمد نيوز” لاحقاً بعد دعوات من الحكومة الإيرانية.

كيف اعتقل الحرس الثوري روح الله زم؟

 أعلن الحرس الثوري اعتقال “زم” يوم 14 أكتوبر 2019 إثر زيارة للأخير إلى العاصمة العراقية بغداد، وذلك في عملية قال إنه استخدم خلالها “أساليب استخباراتية حديثة وتكتيكات مبتكرة” للإيقاع بزم.

وفي تقرير لها يوم 17 أكتوبر 2019، ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” في نسختها بالفارسية أن مصدراً في الحكومة العراقية أبلغها بأن “زم” حصل على تأشيرة الدخول إلى العراق من سفارته في باريس.

 ومع وصول الطائرة التي تحمل “زم” إلى بغداد، طبقاً لبي بي سي، خرج جميع المسافرين الذين كانوا على متن الطائرة باستثناء “زم” الذي لم يسمح له بالخروج.

وأضافت “بي بي سي” أنه تم اعتقال زم يوم السبت 12 أكتوبر 2019 في حوالي الساعة 03:30 بالتوقيت المحلي، واستلمه مسؤولون إيرانيون بعد ذلك بساعات وجرى نقله إلى إيران عن طريق البر.

وأعلنت إيران رسميا خبر اعتقال زم يوم الاثنين 14 أكتوبر.

سفر “زم” للعراق من أجل مساعدة بقيمة 30 مليون دولار

 ويقول زملاء “زم”، حسب تقرير لبي بي سي، إن بعض الأفراد تواصلوا معه عن طريق زميلته “شيرين نجفى”، التي كانت تقيم على الأراضي التركية، وأبلغوه بأن المرجع العراقي آية الله السيستاني مستعد لمقابلته والمساعدة في جمع 30 مليون دولار له من أجل تأسيس محطة تلفزيونية.

نفي أي دور للسيستاني في اعتقال “روح الله زم”

وعلى الرغم من ذلك، نفت شيرين نجفى أن يكون للسيستاني شخصياً أي دور في هذه العملية. وقال مكتب السيستاني، في رسالة إلى بي بي سي، إنه لا علاقة للأخير “أو أي من مقلديه أو مكتبه بزيارة روح الله إلى العراق”.

وأضاف مكتب السيستاني أنه طلب من مسؤولين كبار في إيران توضيح سبب ذكر اسم السيستاني في هذه القضية.

الانتهاء من اعتقال روح الله زم

 وتضيف “بي بي سي” أن “زم” حصل على التأشيرة العراقية في وقت قياسي خلال نصف ساعة فقط على الرغم من توجهه متأخراً إليها في ذلك اليوم.

 وقام أشخاصٌ كانوا يتواصلون مع “زم” من داخل العراق بإرسال تذكرة السفر إليه عن طريق البريد الإليكتروني متظاهرين بأنهم من مكتب السيستاني.  

 وسافر “زم” بالفعل إلى العراق، وفي 14 أكتوبر 2019 أعلن الحرس الثوري في بيان له عن اعتقال زم واصفاً إياه بأنه أحد المشاهير في “وسائل الإعلام المعادية والحرب النفسية”.

 وأعلنت زوجة “زم”، مهسا رازاني، بعد يومين من نشر خبر اعتقاله أنه اختطف في العاصمة العراقية على يد الحرس الثوري.

ويمكن إيضاح وتلخيص طبيعة هذه العملية، التي اعتقل خلالها “زم” ووصفها الحرس الثوري بأنها “مبتكرة”، في جملة قالها الصحفي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية “رانن بيرجمان” وهي أن:  “إيران ربما خدعت زم عن طريق استخدام اسم السيستاني، وأن وزارة الاستخبارات الإيرانية لديها القدرة على اختراق أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية للمعارضين والناشطين الإيرانيين والأوروبيين وحتى السيرفرات إن أرادوا ذلك، وأعتقد أنهم فعلاً اخترقوا سيرفر مكتب آية الله السيستاني”.


يشار إلى أن هناك اتفاقية موقعة بين العراق وإيران تنص على تسليم المجرمين بين البلدين، لا تشمل مواد وبنود هذه الاتفاقية تسليم من قام بـ”جريمة سياسية أو عسكرية” من قِبل الطرفين.

+ posts

باحث بالمرصد المصري

علي عاطف

باحث بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى