دول الخليج العربيسياسة

تعليق “المركز المصري” على الجهود الكويتية لإنهاء أزمة قطر مع دول “الرباعي العربي”

أثارت مبادرة دولة الكويت لتسوية أزمة مقاطعة دول الرباعي العربي (مصر – السعودية – الإمارات – البحرين) لقطر، والتي أعلنها وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح يوم 4 ديسمبر الجاري ردود فعل واسعة.

وقد أصدرت وزارة الخارجية المصرية تصريحا هاما حول هذه الأزمة، أعرب فيه المتحدث الرسمي باسم الوزارة المستشار أحمد حافظ عن تقدير مصر لاستمرار الجهود المبذولة من جانب أمير الكويت ودولة الكويت الشقيقة لرأب الصدع العربي وتسوية الأزمة الناشبة منذ عدة سنوات بين قطر ودول الرباعي العربي، وذلك في إطار الدور المعهود للكويت وحرصها الدائم على الاستقرار في المنطقة العربية، وذلك ردًا على سؤال صحفي.

وذكر المتحدث الرسمي: “نأمل في هذا الصدد أن تسفر هذه المساعي المشكورة عن حل شامل يعالج كافة أسباب هذه الأزمة ويضمن الالتزام بدقة وجدية بما سيتم الاتفاق عليه”. وتؤكد مصر في هذا المقام بأنه انطلاقًا من مسئولياتها ووضعها، فإنها تضع دائما في الصدارة الحفاظ على التضامن والاستقرار والأمن العربي.

وعقب البيان المصري، أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، الدكتور أنور قرقاش، أن علاقات مجلس التعاون مع مصر ركن أساسي في المحافظة على الأمن العربي واستقرار المنطقة. وثمن في تغريدة له على حسابه الرسمي بتويتر جهود الكويت والمساعي الأمريكية نحو تعزيز التضامن في الخليج العربي. وأضاف: “الإمارات تدعم المساعي السعودية الخيّرة بالنيابة عن الدول الأربع، وتتطلع إلى قمة خليجية ناجحة”.

تعليق المركز المصري

الدكتور عبد المنعم سعيد، رئيس الهيئة الاستشارية للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية:

يبدو أن “الأزمة القطرية” لم تصل إلى حل بعد؛ وأنه لا يزال هناك الكثير الذي يجب عمله حتى تكون قطر جاهزة لتسوية حقيقية وليس مجرد كلمات تضع الرماد في العيون. لم يكن ذلك لتقصير في الجهود الكويتية التي بذلتها حكومة الكويت لرأب الصدع الخليجي، ورفع غمة عن العمل العربي المشترك. ويبدو أنه كان هناك ما يكفي لدى الدبلوماسية الكويتية للتفاؤل من قرب تقريب وجهات النظر بين قطر من ناحية ودول التحالف الرباعي من ناحية أخري.

ومما ساعد على هذا الانطباع أن الرئيس الأمريكي ترامب المنتهية ولايته أراد بذل جهود إضافية لحل الأزمة قبل خروجه من البيت الأبيض من خلال زيارات قام بها “مايك بومبيو” وزير الخارجية و”جاريد كوتشنر” المستشار الخاص للرئيس. وبالفعل فإن بعضًا من التخفيف جرى للهجوم الدعائي على المملكة العربية السعودية؛ ولكن بالمقابل جري تكثيف الهجوم من قبل قنوات الجزيرة وأذرعها “الشقيقة” من جماعات الإخوان وأجهزتهم الإعلامية للهجوم على مصر والإمارات والبحرين.

والأخطر أن قطر كثفت من اتصالاتها مع تركيا حيث عقدت قمة تركية قطرية في أنقرة نجم عنها كما هو معتاد العديد من الاتفاقيات التي تستهدف التخفيف من عمق الأزمة الاقتصادية في تركيا والدفاع عن الليرة التركية الآخذة في الانهيار.

الرسالة القطرية ظلت على حالها أن تحالفها مع تركيا المؤثر على الأوضاع الجيوسياسية في الخليج سوف تستمر وتكون أكثر عمقًا حتى ولو على حساب أموال الشعب القطري الشقيق. مثل هذه الخطوات لا تعكس تغيرًا في السلوك القطري عما كان عليه الأمر قبل وقوع الأزمة، فقطر لم تعطِ ما يشير إلى استعدادها لتخفيض الأجواء العدائية التي تجعل من قطر حامية للإسلام تارة، والعروبة تارة أخري، والليبرالية وحريات الأفراد تارة ثالثة.

هذا النوع من النفاق السياسي من دولة تضم تحت أجنحتها كافة التنظيمات الإرهابية المتشحة برداء الإسلام وفي المقدمة منها جماعة الإخوان المسلمين؛ ولا يوجد فيها لا أحزاب ولا نقابات ولا جماعات أهلية تذكر، لا يشير إلى تغير المسار بحال من الأحوال.

التعليق الذي صدر من وزارة الخارجية المصرية، ومن د. أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي يسجل بوضوح التقدير الكامل للجهود الكويتية المقدرة؛ ولكنه يدرك في ذات الوقت أن المصالحة لا تعني تجاهل الواقع المر الذي تحاول فيه القيادة القطرية الحصول على التقارب مع دول التحالف الرباعي شكلا، بينما تبقي الأحوال على حالها في المضمون كمنصة للمجموعات الإخوانية، والإعلام المغرض الكذوب، والتحالفات المشبوهة مع تركيا وإيران، وهي دول كرست نفسها للهجوم السياسي والعسكري على السعودية والإمارات والبحرين.

الأرجح أن قطر لن تحصل على تسوية للأزمة؛ وأعان الله الشعب القطري الشقيق علي عمليات الاستنزاف الجارية لموارده الواقعة في خدمة الاقتصاد التركي وعمليات الغزو والاعتداء الذي تقوم به تركيا تجاه أقطار عربية عديدة.

الدكتور محمد مجاهد الزيات، المستشار الأكاديمي للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية:

تصاعد الحديث عن نجاح الوساطة الكويتية لإنهاء الخلاف الرباعي مع قطر، وجاء في الإعلان الكويتي عن ذلك والذي أعلنه وزير الخارجية الكويتي توجيه الشكر للسيد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي ترامب على جهوده التي ساعدت في التوصل إلى هذه النتيجة. البيان الكويتي لم يشر تفصيليا لما تم الاتفاق عليه وركز بصفة أساسية على أن الهدف الأساسي هو إعادة التماسك لمجلس التعاون لدول الخليج، ولم يتم الإشارة للشروط التي سبق أن حددتها دول الرباعي لتحقيق المصالحة مع قطر، كما لم يشر البيان الكويتي إذا ما كانت هذه المصالحة تتعلق بدول الرباعي، ومصر بصفة خاصة.

الأمر الذي أثار الكثير من علامات الاستفهام حول هذا الموضوع. وزاد من الغموض الذي رافق الإعلان الكويتي الذي رحبت به الولايات المتحدة بصفة خاصة، وبالتالي جاءت تصريحات المتحدث باسم الخارجية المصرية، على ذلك كاشفة عن الموقف والتقييم المصري لما تم الاتفاق عليه بهذا الخصوص حيث أكد ما يلي:

التقدير المصري للجهود الكويتية لتحقيق المصالحة بين قطر ودول الرباعي العربي، وأن تسفر هذه الجهود عن حل شامل يعالج كافة أسباب الأزمة، في إشارة واضحة للشروط التي سبق أن أعلنتها دول الرباعي العربي. كما أكد ضرورة ضمان الالتزام بدقة وجدية بما سيتم الاتفاق عليه، وأكد البيان بصورة واضحة أن مصر وانطلاقًا من مسؤوليتها تحرص على الحفاظ على التضامن والاستقرار والأمن العربي

ومن ناحية أخرى، جاءت تغريدة وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي الدكتور أنور قرقاش والتي أكد فيها موقف دولة الإمارات التي تثمن جهود السعودية فيما جرى من حوار لتحقيق تلك المصالحة نيابة عن الدول الأربعة، وأكد بصورة واضحة دور مصر في المحافظة على الأمن العربي.

الثابت أن ما جرى حتى الآن هو التجاوب مع الضغوط الأمريكية للتوصل إلى هذه النتيجة. وتحقيق مصالحة حقيقية سوف يتوقف على ما يتم بخصوص المطالب المصرية والإماراتية، والهدف الحالي يتركز على تقريب المواقف، على أن تُناقش قضايا الخلاف لاحقًا تفصيليا؛ وذلك لإنجاح القمة الخليجية القادمة.

والواضح أيضًا أن دول الرباعي العربي سوف تحرص على تماسك تحالفها كمحور للحركة والتعامل مع التطورات الإقليمية الجارية في المنطقة، وأن التوصل لتفاهمات مع قطر لن يكون على حساب تماسك هذا التحالف، خاصة وأن تحقيق مصالحة حقيقية سوف يستغرق وقتًا طويلًا وجهودًا مكثفة وآلية تضمن التنفيذ.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى