سياسة

“مصر والسعودية” ومواجهة تهديدات الأمن العربي

يعد انعقاد لجنة المتابعة والتشاور السياسى بين مصر والسعودية برئاسة وزير الخارجية المصري سامح شكري ووزير الخارجية السعودى الأمير فيصل بن فرحان آل سعود فى 1 ديسمبر 2020 بالرياض خطوة فى مسار التكامل الاستراتيجي بين قوتين محوريتين فى المنطقة لمواجهة التهديدات التي تمس الأمن العربي بشكل مباشر أو غير مباشر، كما أن انعقادها يأتى تنفيذا لأحكام مذكرة التفاهم الموقعة بين الدولتين فى يونيو 2007 لإنشاء هذه اللجنة، كما سبق وتم عقد عدة اجتماعات للجنة المتابعة والتشاور السياسى فى الرياض ديسمبر 2011 وآخر فى القاهرة فى يناير2015 على مستوى وكلاء الوزارات والسفراء لبحث القضايا الثنائية والإقليمية بما يحقق الأمن القومى العربى.

لماذا الآن؟


يأتي انعقاد لجنة المتابعة والتشاور السياسي في ضوء التطورات المتلاحقة التي تشهدها المنطقة، فهناك العديد من التحولات والتطورات سواء في الملف الليبي والحوار القائم بين أطراف الصراع، بالإضافة إلى تطورات الملف السوري وانعقاد الجولات الخاصة بلجنة مناقشة الدستور بجنيف بين وفدي الحكومة والمعارضة، بالإضافة إلى تعقديات الصراع فى اليمن وتمدد إيران وتدخلها بطريقة مباشرة أو عبر وكلائها فى دول عديدة ومنها لبنان والعراق، فضلا عن متابعة القضية الفلسطينية فى ضوء قدوم إدارة أمريكية جديدة برئاسة جو بايدن.
كما يمثل التنسيق المصري السعودي فى إطار هذه اللجنة تأكيدا على محورية العلاقات بين مصر والسعودية على كافة المستويات سياسيا واقتصاديا وعسكريا، إضافة إلى أن التعاون بين مصر والسعودية ليس وليد اللحظة بل هو مترسخ تاريخيا، وأن التنسيق المستمر بينهما لا شك يمثل خطوة إيجابية فى تعزيز أمن المنطقة العربية ومواجهة تحديتها.

تحديات قائمة:


يمكن الإشارة إلى عدد من التحديات التى تواجه استقرار وأمن المنطقة العربية تتضح فيما يلى:
التدخلات الإقليمية: هناك عدد من التهديدات المتصاعدة التى تواجه الأمن العربى وتمثلت فى توظيف الطائفية ودعم المليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية للتدخل فى الدول العربية سواء من قبل إيران أو تركيا، وتصاعد نقل المرتزقة إلى سوريا وليبيا، بالإضافة إلى التهديدات الإرهابية والهجمات المتكررة التي واجهتها المنشآت النفطية فى السعودية.
تطورات القضية الفلسطينية: تمثل القضية المركزية للأمن العربى، وفى ضوء التطورات المتلاحقة التى تشهدها هذه القضية من حيث العلاقات العربية مع إسرائيل لاسيما التطبيع مع الإمارات والبحرين، والسياسات الإسرائيلية المستمرة من حيث احتلال الأراضي الفلسطينية وضم الجولان السوري ومنطقة غور الأردن وشمال البحر الميت وقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، كل هذه التطورات تستدعى التنسيق العربى المشترك.
التهديدات العربية العربية: التهديد الذى تمثله دولة عربية لدول عربية أخرى من حيث دعم جماعات إرهابية تمثل تهديدا لأمن واستقرار هذه الدول وما يمثل ذلك من تحدى يواجه الأمن العربى، وعلى أثره كانت المقاطعة العربية العربية بين قطر وكل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر منذ مايو 2017.

مخرجات اللجنة



تتوافق الرؤية المصرية والسعودية تجاه أبرز قضايا الأمن العربى، وقد تمثل ذلك فى مخرجات لجنة المتابعة والتشاور السياسى بين الدولتين:
القضية الفلسطينية: تمثل القضية المركزية للأمة العربية، وتؤكد كل من مصر والسعودية على الحل العادل الشامل من حيث إقامة الدول الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية استناداً لمبادرة السلام العربية ولقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ووفق مبادئ القانون الدولى.
ليبيا: تأكيد الدولتين على ضرورة الحفاظ على استقرار ليبيا ووحدة وسلامة أراضيها ورفض التدخلات فى شؤونها ومحاولات زعزعة الأوضاع الداخلية والإقليمية من خلال دعم الإرهاب والتطرف وضرورة التوصل إلى حل سياسى شامل وفقا لما تم الاتفاق عليه فى مسار برلين وإعلان القاهرة الصادر فى يونيو 2020، ودعم مصر والسعودية لإعادة بناء الدولة الليبية ومؤسساتها.
الأمن العربي: رفض التدخلات الإقليمية فى الشئون الداخلية للدول العربية ومحاولات زعزعة أمن واستقرار المنطقة وتأكيد مصر والسعودية على أهمية دور الجامعة العربية فى حل أزمات المنطقة فى إطار القرارات الدولية ووفق لمبادئ القانون الدولى، والعمل على تعزيز العمل العربى المشترك، بالإضافة إلى أهمية ضمان حرية الملاحة فى الخليج العربى ومضيق باب المندب والبحر الأحمر ورفض أى محاولة للتأثير على حرية الملاحة بهم، لما يشكل ذلك من تهديد للأمن والاستقرار الإقليمى. بالإضافة إلى التأكيد مرارا من قبل الدولة المصرية على أمن منطقة الخليج كجزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى.
سد النهضة: تأكيد السعودية على الحفاظ على الأمن المائى المصرى باعتباره جزءا لا يتجزأ من الأمن المائى العربى من حيث دعم السعودية لمساعي الدولة المصرية نحو التوصل إلى اتفاق ملزم لكافة الأطراف بشأن سد النهضة من خلال المفاوضات الجادة، وبذل المساعى الحميدة لإجراء عملية التفاوض.
التعاون الثنائي: تم التأكيد على تعزيز التعاون الاقتصادى وإزالة المعوقات التى تواجه زيادة التبادل التجارى والاستثمارى، بالإضافة إلى تنسيق الجهود وتبادل الخبرات بينهما فى تطبيق نظام التعليم عن بعد، ومواجهة جائحة كورونا.
ختاما يمكن القول إن البيان الختامي للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين مصر والسعودية يعكس الرغبة في استمرار التنسيق المستقبلي بين الدولتين سواء على مستوى التعاون الثنائي أو التنسيق بشأن الملفات الإقليمية لاسيما في ضوء التأكيد على أهمية الاستمرار في آلية التنسيق والتشاور السياسي بين مصر والسعودية بما يحقق المصالح والأهداف المشتركة.

+ posts

باحث ببرنامج العلاقات الدولية

رحاب الزيادي

باحث ببرنامج العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى