
تحت شعار” مولوا واستجيبوا وامنعوا وأجمعوا” العالم يحتفل باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة
تحتفل الأمم المتحدة وجميع دول العالم، في الخامس والعشرين من نوفمبر، من كل عام، باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة والذي يقام لرفع الوعي حول أوجه العنف الذي تتعرض له وتعاني منه النساء حول العالم مثل العنف المنزلي والزواج القسري وغيره من أشكال العنف المتعددة.
وقد حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 25 نوفمبر، اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، بالقرار 54/134, ويعود هذا التاريخ إلى ذكرى تعذيب واغتصاب واغتيال الأخوات ” باتريا ومينرفا وماريا تيريزا ميرابيل” في عام 1960 بأوامر من “رافائيل ليونيداس تروخيو“، الديكتاتور الدموي من جمهورية الدومينيكان والتي اعتبرت فترة حكمه هي الأشد ضراوة وعرفت بعصر العبادة الشخصية. وكانت الأخوات ميرابيل، اللواتي يطلق عليهن أيضًا لقب الفراشات، قد تعرضن للاضطهاد والاغتيال بسبب نشاطهن السياسي في مناهضة بطش الديكتاتور الدومينيكي آنذاك.
مفهوم العنف الممارس ضد المرأة
عرفت الأمم المتحدة في عام 1993 العنف الممارس ضد المرأة على أنه “أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عنه أو يرجح أن يترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة.”
“مولوا واستجيبوا وامنعوا وأجمعوا”
دشنت الأمم المتحدة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة هذا العام تحت شعار حوّل العالم إلى البرتقالي: موّلوا، واستجيبوا، وامنعوا، وأجمعوا!” ويستمر نشاط اليوم الدولي خلال حملة لمدة ستة عشر يومًا تنتهي في 10 ديسمبر 2020 وهو اليوم العالمي لحقوق الإنسان.
وتناقش حملة الـ 16 يوم موضوع “الجائحة الخفية” والمقصود بها تنامي ظاهرة العنف ضد المرأة وخاصة العنف المنزلي في ظل أزمة كوفيد-19, ووصول الخدمات الأساسية، مثل ملاجئ العنف المنزلي وأرقام المساعدة إلى حدها الأقصى، إذ أشارت الأمم المتحدة لزيادة ملحوظة في المكالمات التي تصل أرقام المساعدة حيث وصلت إلى خمسة أضعافها في تونس و7.5 في الولايات المتحدة، وأربعة أضعاف في إيطاليا منذ بدء الجائحة.
كما صرحت منظمة الصحة العالمية بان التقارير الواردة من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الصين والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وعدة بلدان أخرى، تشير إلى زيادة كبيرة في حالات العنف وانخفاض عدد الناجيات اللاتي يلتمسن الخدمات بسبب تدابير حظر الخروج، وعدم الرغبة في الذهاب إلى الخدمات الصحية خوفاً من العدوى.
حقائق وأرقام عالمية
تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن معدلات العنف ضد النساء لا تزال تشكل حاجزًا في سبيل تحقيق المساواة والتنمية والسلام، وكذلك استيفاء الحقوق الإنسانية للنساء. وتُظهر الجهود المبذولة لمنع العنف ضد المرأة وإنهائه على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية أن هناك إفلاتا واسع النطاق من العقاب.
فتشير التقديرات بتعرض حوالي ثلث النساء حول العالم لأحد أشكال العنف الأسري أو الانتهاك الجسدي, حيث تقتل واحدة من كل اثنتين من النساء اللاتي قُتلن في جميع أنحاء العالم على أيدي عشيرهن أو أسرهن؛ بينما يقتل واحد فقط من بين 20 رجلًا في ظروف مماثلة.
وتشير الأرقام بأن 71% من جميع ضحايا الاتجار بالبشر في العالم هم من النساء، و3 من أصل 4 من هؤلاء النساء يتعرضن للاستغلال الجنسي.
كما تعاني حوالي 200 مليون فتاة على مستوى العالم من ممارسة الختان. وبالنسبة للزواج المبكر، فأشارت منظمة الصحة العالمية إلى تزويج ما يقرب من 750 مليون امرأة على قيد الحياة اليوم في جميع أنحاء العالم قبل بلوغهن سن الثامنة عشرة ولا تزال حوالي 48% من النساء لا يتخذن بحرية قراراتهن بشأن العلاقات الجنسية واستخدام وسائل منع الحمل والرعاية الصحية.
أرقام ومؤشرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري
يأخذ العنف ضد المرأة أشكالًا مختلفة أبرزها العنف الجسدي من قبل الزوج، وكذلك العنف النفسي والجنسي، بالإضافة إلى زواج القاصرات والتحرش الجنسي وختان الإناث.
وطبقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ووفقًا لنتائج مسح التكلفة الاقتصادية للعنف القائم، على حسب النوع الاجتماعي للسيدات في الفئة العمرية (18-64 سنة) – مصر عام 2015، فقد بلغت نسبة النساء السابق لهن الزواج اللاتي تعرضن لعنف بدني أو جنسي من قبل الزوج 34.1%، كما تعرض 9.8% من النساء السابق لهن الزواج لعنف بدنى وجنسي ونفسي على يد أزواجهن بالإضافة إلى تعرض 89.5% من النساء المصريات لتشويه الأعضاء التناسلية” ختان الإناث”
كما أشارت الإحصائية إلى أن أكثر من ربع النساء المصريات (27.4%) قد تزوجن قبل بلوغهن 18 سنة، وحوالي 6.6%من النساء قد تعرضن لأي شكل من التحرش في المواصلات العامة، وما يقرب من 9.6% قد تعرضن لأشكال مختلفة من أنواع التحرش في الأماكن العامة.
وفي ظل جائحة كورونا وتنامي ظاهرة العنف المنزلي عالميًا فأفاد استطلاع الرأي الذي أجراه المجلس القومي للمرأة بالتعاون مع المركز المصري لبحوث الرأي العام “بصيرة” وهيئة الأمم المتحدة للمرأة بزيادة معدلات العنف الذي تتعرض له المرأة المصرية من ناحية الزوج (ضرب- إهانة لفظية) بنسبة 7%، وزيادة المشاكل الأسرية بنسبة 33% خلال الجائحة.
في ظل الجائحة جهود مصرية وإشادة أممية
وطالما كان الموضوع السنوي لحملة الـ 16 يوم هو ” الجائحة الخفية” فجدير أن تُذكر جهود الدولة المصرية التي بدأت التحرك الفوري لاحتواء أزمة كوفيد-19 المتفشي عالميًا, وتخفيف وطأته على المرأة المصرية, فاتُخذت العديد من السياسات والإجراءات لمواجهة التداعيات الناتجة عنه منذ بدء الأزمة في مصر، فكانت الحكومة المصرية أول حكومة على مستوى العالم تقوم بإصدار ورقة البرامج والسياسات المقترحة بشأن خطة الاستجابة السريعة للاحتياجات الخاصة بالمرأة أثناء انتشار فيروس كورونا المستجد، آخذه في الاعتبار احتياجات النساء ذوات الإعاقة ، والمسنات ، والحوامل ، والنساء في سن الإنجاب ، وما يرتبط بذلك من آثار صحية ونفسية عليها.
ولدعم توظيف المرأة ومشاركتها في سوق العمل، قام جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، في تخصيص محفظة تمويلية تصل إلى 5.4 مليار جنيه لتمويل مشاريع للنساء على وجه الخصوص في المحافظات الحدودية والعليا. ومن المتوقع أن يتم تنفيذ 216 ألف مشروع صغير على مدى خمس سنوات، وسيتم تمويل 250 ألف فرصة عمل ومشروع من خلال البنوك ومنظمات المجتمع المدني التي تتعاون مع الجهاز.
إضافة إلى ذلك، قامت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في إطلاق حزمة من البرامج التعليمية للمرأة لإعدادها لدخول سوق العمل، من خلال مركز تطوير الأعمال النسائية التابع له.
كما عززت الدولة المصرية أيضًا أحكام الإجازة للنساء في هذا الوقت، وفقًا للمرسوم رقم 719 لعام 2020، الذي منح المرأة الحامل أو من يرعى طفلًا أو أكثر دون سن 12 عامًا إجازة استثنائية طالما استمر سريان المرسوم ومنح الموظفات اللائي يعتنين بأطفالهن المعاقين إجازة دون فقدان وظائفهن.
وقامت وزارة التضامن الاجتماعي بالتخطيط لإضافة 60 ألف أسرة إلى برنامج تكافل وكرامة للتحويلات النقدية وزيادة ميزانيتها من 18.5 مليار جنيه إلى 19.3 مليار جنيه، والوصول إلى إجمالي 3.6 مليون أسرة بحلول عام 2021 (بما في ذلك حوالي 16 مليون مستفيد)، كما قامت الوزارة بزيادة أعداد المستفيدين من القروض الميسرة وذات الفائدة البسيطة لعمل مشروعات متناهية الصغر لتحسين مستوى معيشة الأسرة.
تلك الإجراءات السريعة والصارمة دعت هيئة الأمم المتحدة للمرأة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى الإشادة بريادة الدولة المصرية في المنطقة واهتمامها بمراعاة احتياجات المرأة ومساندتها خلال جائحة كوفيد -١٩ في التقرير الصادر حول “استجابة الحكومات في شمال أفريقيا وغرب آسيا للجائحة” والذي احتلت فيه الدولة المصرية المركز الأول في الشرق الأوسط بين الدول التي اتخذت إجراءات وتدابير جادة لحماية المرأة خلال جائحة فيروس كورونا المُستجد.
وقد رصد التقرير 21 إجراءً اتخذته الدولة المصرية لمراعاة اعتبارات النوع الاجتماعي، من توفير الحماية الاقتصادية للمرأة، ومعالجة أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر، والاستجابة للعنف ضد المرأة. وكانت مصر هي الوحيدة في المنطقة التي سجلت استجابة فريدة بتدابير شاملة تغطي الأبعاد الرئيسية للتقرير.
وختامًا؛ تقوم الدولة المصرية بمواجهة العنف القائم ضد المرأة، مستهدفة كل ما من شأنه الحفاظ على مكانتها وكرامتها ومستقبلها، وتؤكد الدلالات جدية الدولة في التصدي إلى مختلف أشكال العنف من خلال القيام بخطوات حثيثة وإقرار سلسلة من القوانين التي تنتصر للنساء في مصر مما يؤدي إلى إرساء القواعد لمجتمع آمن مستقر.
باحثة ببرنامج السياسات العامة