الانتخابات الأمريكية

تعرف على أولويات “بايدن” في المائة يوم الأولى بالبيت الأبيض

يبدأ الرئيس الأمريكي حديث الانتخاب “جو بايدن” تولي مهامه بعد حلف قسم “الولاء” في العشرين من يناير المقبل مع كثير من الوعود الانتخابية قطعها على نفسه خلال السباق الرئاسي تتسع مجالاتها لتشمل معظم القضايا الحيوية المهمة للولايات المتحدة ومواطنيها داخليا مثل مجابهة أزمات “كورونا” و”العنصرية المؤسسية” و”الهجرة غير الشرعية” وغيرها من الملفات أما خارجيا يهدف لتغيير سياسات ترامب التي تسببت في تراجع الصورة الذهنية العالمية للبلاد وأثرت على حضورها وعلاقاتها مع الحلفاء.

اليوم الأول في المكتب البيضاوي

وتعد مواجهة جائحة “كورونا” أول ما يشغل “بايدن” عقب تسلمه للسلطة وليس أدل على ذلك أنه شكل، بعد أيام قليلة من إعلانه رئيسيا منتخبا، فريقه الاستشاري لمواجهة الجائحة.

ويترأس هذا الفريق ، المنوط به وضع الخطط لمجابهة خطر الجائحة ، المفوض السابق لإدارة الدواء والغذاء ديفيد كسلر، فيما يضم كلا من الجراح العام السابق فيفيك ميرفي والطبيبة المتخصصة في علم الأوبئة من جامعة يال مارسيلا نونيز سميث.

ويكون الفريق مسؤولا عن العلاج وتوفر اللقاح وعدالة توزيعه والحد من خطر الجائحة وهو ما أكده بايدن في تصريحاته السابقة أن :” الفريق الاستشاري  سيساعدني في تحديد توجهي في إدارة خطر الجائحة ، التأكد من جودة اللقاحات ، وتوزيعها بشكل صحيح وعادل وبالمجان وحماية المواطنين” /على حد قوله/.

وألمح “بايدن” أنه سيعمل على وضع خطة بمجموعة جديدة من المساعدات للأسر الأمريكية المتضررة من الجائحة وستكون جاهزة قبل تسلمه السلطة بالتعاون مع محافظي وعمداء الولايات والمدن الأمريكية.

يذكر أن بايدن أعلن أكتوبر الماضي أنه سيطالب الكونجرس برفع تقرير عن حجم الموارد وكيفية توزيعها لمعرفة “الطريقة المثلى لدعم قطاع الصحة العامة والاقتصاد”.

وتتضمن خطة بايدن لمواجهة الجائحة في أول أيامه بالمنصب الجديد التوسع في الفحوصات الخاصة بالكشف عن الإصابة للمواطنين الأمريكيين وخطة لزيادة انتاج المواد الطبية الوقائية اعتمادا على قانون الإنتاج الدفاعي.

وسيدعم أيضا تشريعا لإنشاء هيئة تضمن عدم وجود عنصرية في التعامل مع المصابين بالفيروس وضمان حصول الجميع على الرعاية اللازمة بغض النظر عن اللون والعرق وهو المقترح الذي كانت اقترحته عليه نائبته كاميلا هاريس في وقت سابق.

بالإضافة لذلك ستتضمن خطط “بايدن” لمجابهة “كورونا” عودة الولايات المتحدة لمنظمة الصحة العالمية بعد إعلان الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب انسحاب واشنطن منها، ملمحا في الوقت نفسه إلى أنه سيحافظ للطبيب أنطونيو فاوتشي على منصبه كمدير لوكالة مكافحة العدوى بعد أن ألمح ترامب لقرب إقالته.

ملف الهجرة

كان “بايدن” قال إنه مع أول أيامه في البيت الأبيض سيعمل على وضع خطة تساعد أكثر من 11 مليون شخص يعيشون في الولايات المتحدة بشكل غير شرعي في الحصول على إقامة شرعية عن طريق برامج مخصصة تساعدهم على ذلك.

بالإضافة لذلك سيجعل “بايدن” برنامج العمل المؤجل للقادمين بمراحل الطفولة دائما وهو البرنامج الذي بموجبه يسمح لمن قدموا للولايات المتحدة بسن الطفولة ببقاء سنتين إضافيتين لتقنين أوضاعهم ، بينما تتضمن الخطة تشديد الرقابة الحكومية على سلطات الهجرة والجمارك الأمريكية بالإضافة لهيئة الجمارك وحماية الحدود.

كان “بايدن” دعا في وقت سابق إلى ضرورة محاسبة الأفراد المسؤولين عن المعاملة غير الانسانية التي يتلقها بعض المهاجرين غير الشرعيين، في أعقاب شكاوى حول المعاملة التي يتلقها المهاجرون في مراكز احتجازهم وسيسعى لاستغلال باقي المبلغ المخصص لبناء الحائط الحدودي مع المكسيك لدعم سلطات الجمارك لكنه لن يهدم الأجزاء التي تم الانتهاء منها بالفعل.

وتعهد بايدن بأنه فور تسلمه للسلطة سيعمل على وضع تشريع يسمح بإعادة شمل الأسر التي تفرقت عن أبنائها عند الحدود مع المكسيك بموجب قانون أقره ترامب، ليس ذلك فحسب بل تعهد أيضا برفع حظر السفر والهجرة للولايات المتحدة عن بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة وهو القرار الذي اتخذه ترامب وأثار كثيرا من الجدل في وقت صدوره فمن المتوقع أن تكون خطوة إلغاء هذا القرار من أول خطوات الرئيس الجديد في أيامه الأولى بالبيت الأبيض.

العنصرية ضد الأقليات

وتعقد الأقليات لاسيما الأمريكيون من أصول أفريقية آمالها على الرئيس الأمريكي الجديد بعد اختياره للنائبة هاريس في أعقاب تكرار المواقف التي اتسمت بالعنصرية خلال ولاية الرئيس ترامب أبرزها مقتل الشاب جورج فلويد الأمر الذي كان شرارة لاحتجاجات موسعة طالت معظم الولايات ضد العنصرية المؤسسية.

ويخطط بايدن بهذا الخصوص لأن يؤسس لجنة لمراقبة الشرطة الوطنية في غضون ال100 يوم الأولى من توليه لمنصبه ضمن جزء من خطة أكبر لإصلاح جهاز الشرطة في جميع الولايات كما تتضمن الخطة الإشراف والتحقيق من خلال وزارة العدل حول أي انتهاكات شرطية أو سوء السلوك.

العلاقات الخارجية

سيحاول بايدن في وقت مبكر بعد وصوله للبيت الأبيض، تصحيح مسار التحالفات الأمريكية مع الدول بالأخص الأوروبية والتي كانت تأثرت خلال ولاية الرئيس ترامب من خلال اتصالات مكثفة مع زعماء العالم.

ووفقاً لعدة مصادر صحفية أمريكية سيسعى بايدن خلال السنة الأولى من ولايته لعقد مؤتمر عالمي للدول الديمقراطية للتناقش مع الرؤساء الديمقراطيين حول طرق مكافحة الفساد العالمي والممارسات الاستبدادية والتوسع في حماية حقوق الإنسان.

ولعل أبرز دليل على أهمية العلاقات الخارجية للرئيس حديث الانتخاب بايدن هو تسميته لأنتوني بلينكين وزيرا للخارجية وهو أول منصب يعينه بايدن من ضمن طاقمه بعد نائبته كاميلا هاريس.

 بايدن سيسعى لتشكيل فريق بقيادة وزير خارجيته بلينكين لإعادة مسار العلاقات الأمريكية المتضررة مع الحلفاء كما سيعيد مع أول شهوره في البيت الأبيض الولايات المتحدة لاتفاقية باريس للمناخ فهو قال مسبقاً أنه سيجعل قضية التغير المناخي على رأس أولوياته وسيعيد بلاه لاتفاقية باريس التي كان أنسحب منها ترامب، كما العودة لمنظمة الصحة العالمية وهو ما أشرنا له سابقاً. بالإضافة لذلك لدى الرئيس حديث الانتخاب خطة طموحة خصص لها 2 ترليون دولار لخفض انبعاثات الكربون بالولايات المتحدة اعتمادا على زيادة مشروعات الطاقة النظيفة التي ستساهم في خلق العديد من الوظائف للأمريكيين.

أما على مستوى ملفات الشرق الأوسط فينتظر العالم لمعرفة مستقبل شكل العلاقات الأمريكية الإيرانية في ولايته فهو كان أشار في أكثر من مناسبة أنه على استعداد للعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني الذي انسحبت منه إدارة ترامب العام 2018 ،حيث يرى  بايدن أن سياسة الضغط الأقصى التي ينتهجها ترامب مع إيران جاءت بنتائج عكسية فقد أدت لتصعيد وتوتر شديد مع الجانب الإيراني الذي أستمر في مناوشات من خلف الستار مع الولايات المتحدة وحلفائها بالخليج على مدار ولاية ترامب ، كما يرى أن طهران باتت أقرب لامتلاك السلاح النووي مما كانت عليه قبل ترامب، فمن المتوقع أن يسعى الرئيس الجديد للعودة للاتفاق مع إيران مقابل رفع العقوبات الطاحنة من عليها والحصول على ضمانات لأمن الخليج وهو عكس النهج ” الترامبي” الذي يرى الكثيرون أنه فشل في تحجيم إيران.

أما في اليمن فمن المتوقع أن يكون بايدن أقل دعماً للحرب التي تقودها المملكة العربية السعودية ضمن تحالف عربي  ضد الجماعات الحوثية الساعية للسيطرة على الحكم في اليمن ومدعومة بشدة من إيران ، سيكون ذلك بسبب اعتراض العديد من أعضاء حزبه وبالأخص التيار اليساري بالحزب الديمقراطي للمشاركة في هذه الحرب بعد صدور تقارير تشير لسقوط ضحايا من المدنيين بالإضافة لاستمرار تأزم الأوضاع الإنسانية.

عالمياً سيسعى بايدن لإعادة صورة الولايات المتحدة كالقطب القائد للمشهد العالمي لكن ذلك سيستلزم منه أولاً ترميم الصدع في العلاقات الخارجية التي تسبب بها ترامب ، كما لن يكون ذلك بالأمر اليسير فالكثير قد تغير في السنوات الأخيرة مع تعاظم قوة الصين وتوسع النفوذ الروسي حول العالم ، بالإضافة لتراجع صورة الولايات المتحدة حتى في نظر حلفائها التقليديين الذي يرغب بايدن في قيادتهم.

ستكون أولوية بايدن خلال أشهره الثلاث الأولى هي للشؤون الداخلية أكثر من الخارجية لكن ذلك لا يعني أنه لن يتحرك على الصعيدين ، بايدن على العكس من ترامب يؤمن بالتخصص أكثر من الـ”كاريزما ” وفن القيادة وهو ما ترجم في قراراته بتشكيل فرق ولجان متخصصة لمعالجة الأوضاع الأنية كمجابهة الجائحة ، لجنة لمراقبة سلوك الشرطة ، لجنة لمجابهة العنصرية المؤسسية ولجنة متخصصة لمساعدته في العلاقات الخارجية وغيرها وهو ما يعني أن الإدارة الأمريكية القادمة قد تكون أكثر نشاطاً من إدارة ترامب وستكون مستعدة للدخول في مختلف الملفات على الصعيدين الداخلي والخارجي مع أول أيام بايدن ذو ال77 عاماً في البيت الأبيض.

+ posts

باحث ببرنامج السياسات العامة

محمد هيكل

باحث ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى