
تشاتام هاوس: خمس قضايا رئيسة تكشف توجه إدارة بايدن حيال قضايا الشرق الأوسط
عرض – مروة عبد الحليم
صدر في 18 نوفمبر تقرير عن المعهد الملكي للشؤون الدولية “تشاتام هاوس” تقرير أعده مجموعة من الخبراء بعنوان “خمس أسئلة رئيسة تكشف سياسة بايدن تجاه الشرق الأوسط” سعى التقرير إلى دراسة القضايا الرئيسة للإدارة الأمريكية الجديدة مثل الاتفاق النووي الإيراني، والأزمة العراقية، والفوضى في ليبيا وسوريا، والعلاقات الإسرائيلية الفلسطينية.
أولاً: كيف يرى الخليج فوز بايدن في الانتخابات؟
يشير د. “سنام فاكيل” إلى أن إيران ستكون أفضل حالًا في ظل رئاسة جو بايدن إذ إن هدفه المعلن هو العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) المعروفة باسم الاتفاق النووي الإيراني، على أساس الامتثال المتبادل. وسيتم رفع العقوبات بشرط أن تتراجع طهران عن برنامجها النووي. وعلى هذا يتعين على فريق بايدن أن يعلن عزمه العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، وإنشاء عملية بناء ثقة مرحلية لتخفيف العقوبات مقابل امتثال طهران لبنود الاتفاق.
ولتوقيع اتفاق أكثر استدامة هذه المرة، ستحتاج إدارة بايدن إلى عملية ثانية لتحديد الجدول الزمني للاتفاق النووي والقضايا الإقليمية، وستتطلب هذه الخطوة موافقة إيرانية بالإضافة إلى التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي وإسرائيل والكونجرس الأمريكي.
وفي ظل تلك الأجندة الطموحة، يرى فاكيل أن فوز بايدن لا يلقى ترحيبًا كبيرا في جميع دول مجلس التعاون الخليجي التي تشعر بالقلق من أنه قد يحاكي سياسات باراك أوباما الإقليمية التي تركتها خارج مناقشات خطة العمل المشتركة وأدت إلى تمكين إيران على حساب مخاوفها الأمنية.
وعلى جانب آخر، سيتم بذل الجهود لإنهاء حرب اليمن، ومن المتوقع أن يعلي بايدن من قضايا حقوق الإنسان، وأكدت إدارة بايدن أنها ستكون أكثر تعاونًا حيال القضايا الإقليمية، وقد يكون لدى دول مجلس التعاون الخليجي فرصة للمشاركة بشكل فعال.
ثانيًا: هل سيرسم بايدن مسارًا جديدًا لسياسة الولايات المتحدة في العراق؟
ترى د. “ريناد منصور” أن دونالد ترامب عندما تولى رئاسة للولايات المتحدة، كان العراق على وشك هزيمة داعش والتوجه نحو الاستقرار، ومع اقتراب مغادرة ترامب لمنصبه، يتجه العراق مرة أخرى نحو الصراع.
وعلى الرغم من أن الأزمات الداخلية التي يواجهها العراق، بداية من الانهيار الاقتصادي الوشيك وانتهاءً بالقمع العنيف للانتفاضة الشعبية، إلا أن المتظاهرون والنخبة في بغداد يتفقون على أن إرث ترامب ساهم في تحويل بلادهم إلى ساحة معركة لمحاربة إيران -اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس– وهو ما ساهم في وجود بيئة أمنية غير مستقرة.
وعلى الرغم من أن بايدن على دراية كاملة بملف العراق، من خلال تجربته في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ، وبصفته نائب الرئيس، حيث ترأس ملف أوباما في العراق، فإن سجله الحافل في العراق ليس الأفضل. ويذكر أنه رسم خريطة دعت إلى تقسيم البلاد على أسس عرقية وطائفية في ذروة الحرب الأهلية.
ومعروف أيضًا بدعمه لرئيس الوزراء نوري المالكي الذي أدت سياساته إلى صعود داعش مع خروج الولايات المتحدة من العراق. ومع ذلك، فإن فريق بايدن واثق من أنه تعلّم من التجارب السابقة، وأن علاقاته الراسخة مع القادة العراقيين يمكن أن تقود إلى علاقة استراتيجية أكثر إيجابية.
وعلى عكس سياسة ترامب التي تهدد بإغلاق السفارة الأمريكية في بغداد، سيتطلع بايدن إلى تطبيع العلاقات مع العراق ووضع سياسة أكثر شمولاً تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد محاربة النفوذ الإيراني. وسيكون التحدي المباشر بالنسبة له، الأزمات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تهدد استقرار العراق.
ثالثًا: هل ستمارس إدارة بايدن ضغوطًا على الفاعلين في ليبيا؟
يشير “تيم إيتون” إلى أنه على الرغم من وجود تناقض بين إدارتي أوباما وترامب حول العديد من القضايا، إلا إن التناقض بين سياسات كل منهما تجاه ليبيا تكاد تكون منعدمة. فليبيا لم تكن ذات أولوية، ولم تخصص الولايات المتحدة موارد كبيرة لتقريب الخلافات المتزايدة بين المجتمع الدولي بشأن ليبيا.
وكان عدم التوافق بين مؤسسات الدولة الأمريكية واضحًا ففي عام 2019 عندما زُعم أن مستشار الأمن القومي الأمريكي آنذاك جون بولتون أعطى “الضوء الأخضر” لشن هجوم على الحكومة التي اعترفت الولايات المتحدة بشرعيتها، زعمت التقارير أن ترامب تحدث إلى قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر وأيد جهوده في “مكافحة الإرهاب”.
وقد يكون التأثير الأكبر للولايات المتحدة غير مباشر من حيث كيفية تعامل إدارة بايدن مع الجهات الفاعلة الدولية مثل الإمارات العربية المتحدة وتركيا وروسيا، والتي تتدخل جميعها في ليبيا ولها دور رئيس فيما يحدث. ويذكر أن إدارة ترامب لم تقدم سوى القليل من النقد المباشر للإمارات على وجه الخصوص.
رابعًا: هل ستستطيع رئاسة بايدن إنهاء الصراع في سوريا؟
ترى د. “لينا الخطيب” أن سياسة ترامب تجاه سوريا جاءت استمرارًا لسياسة أوباما، ويرجع ذلك بشكل جزئي إلى استمرار فك الارتباط الأمريكي الذي بدأ في عهد أوباما. ولم يتم تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الداعي إلى وقف إطلاق النار والحل السياسي، وتضاءلت المعارضة السورية، وساد نظام بشار الأسد.
وأعرب بعض الموالين في معسكر الأسد عن أملهم في أن يتخذ بايدن موقفًا أكثر ليونة تجاه إيران مما قد يمهد موجة التطبيع مع الأسد، ويبدو من غير المرجح أن تتبع إدارة بايدن مثل هذا الموقف. وسيتم توسيع العقوبات، وستظل القوات الأمريكية موجودة في الشمال الشرقي، ولن تسمح الولايات المتحدة بتدفق أموال إعادة الإعمار إلى سوريا دون انتقال سياسي.
وتتمثل النقطة الفاصلة في سوريا، حول ما إذا كانت الإدارة الأمريكية القادمة ستسعى لإشراك روسيا في حوار حول تدخلها الأخير في قضايا المنطقة، حيث يجب أن يكون لإدارة بايدن نفوذ على روسيا أكثر من إدارة ترامب، مما يوفر فرصة للإرادة السياسية الأمريكية لتمهيد الطريق للوصول نحو تسوية.
خامسًا: هل تعد رئاسة بايدن فرصة أم تهديد لإسرائيل؟
يشير البروفيسور “يوسي ميكيلبرج” إلى أن الناخب الإسرائيلي لو كان له الحق في اختيار الرئيس الأمريكي، لاختار ترامب، نظرًا لما قدمه لإسرائيل من امتيارزات بداية من الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقطع المساعدات المالية عن الفلسطينيين، والاعتراف رسميًا باحتلال هضبة الجولان والانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران.
وبالتالي لا يتعين على بايدن، أن يلتزم بمعايير هذا السلوك التي أساءت إلى أي فرصة لعملية سلام هادفة مع الفلسطينيين، ويتعين عليه استعادة وتصحيح الأضرار التي لحقت بأي مفاوضات سلام مستقبلية بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وللقيام بذلك، يجب عليه إعادة بناء الثقة بين واشنطن ورام الله، الأمر الذي سيسمح للولايات المتحدة بالعودة إلى الوساطة بين إسرائيل وفلسطين، حتى لو ظل اتفاق السلام الهادف بعيد الاحتمال. يمكن أن تكون إعادة فتح مكاتب الوفد الفلسطيني في واشنطن وعودة المساعدات المالية للأونروا (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط) والسلطة الفلسطينية بداية جيدة.
في حين ستبقى السفارة الأمريكية في القدس، يجب الإشارة بشكل ضمني على الأقل إلى أنه يمكن فتح أخرى في فلسطين. وعلى الرغم من أن إدارة بايدن قد تثير استعداء الحكومة الإسرائيلية بشأن القضايا الفلسطينية والإيرانية، فمن المشكوك فيه أن ينتهي هذا الأمر بأزمة، وقد يخدم بايدن مصالح إسرائيل على المدى الطويل بشكل أفضل.