شرق المتوسطسياسة

حديث الجغرافيا السياسية .. مصر واليونان نحو مزيد من الارتباط الاستراتيجي

عقد الرئيس عبدالفتاح السيسي اليوم الأربعاء، لقاء قمة مع رئيس الوزراء اليوناني “كيرياكوس ميتسوتاكيس”، عقب وصوله للعاصمة أثينا. 

وكان في استقبال الرئيس السيسي وزير الخارجية اليوناني “نيكوس دندياس”، وأقيمت مراسم استقبال رسمية. إلا أن زيارة الرئيس المصري هذه المرحلة كانت تختلف عن سابقاتها في جدولها المزدحم الذي اشتمل على اللقاء الأول بين الرئيس السيسي ورئيسة اليونان “كاترينا ساكيلاروبولو”، حيث عٌقد لقاء مباحثات معها بحضور الوفد المصري الذي ضم وزراء الخارجية والكهرباء ورئيس المخابرات العامة.

وقلدت الرئيسة اليونانية  كاترينا ساكيللاروبولو، الأربعاء، الرئيس عبدالفتاح السيسي أعلى وأقدم وسام لدى اليونان. فيما التقى السيد الرئيس برئيس الوزراء اليوناني وعقد معه جلسة مباحثات مطولة، أتفق فيها الجانبان على تدعيم الشراكة في قطاع أمن الطاقة، والتصدي لتهديدات الأمن الإقليمي. 

تأتي تلك الزيارة في ضوء استمرار الانتهاكات التركية للمياه الاقتصادية لكل من قبرص واليونان، حيث مدت تركيا أعمال المسح السيزمي لسفينة “أوروتش رئيس” حتي الرابع عشر من الشهر الجاري. وكان من المقرر أصلا أن تنتهي أعمال التنقيب التي تنفذها “أوروتش رئيس” في منطقة تقع جنوبي جزيرة رودس اليونانية في 22 أكتوبر الماضي، لكن تركيا سبق أن مددت مهمة السفينة مرتين حتى 27 أكتوبر والرابع من نوفمبر على التوالي.

كما تأتي الزيارة بعد انتهاء انعقاد القمة الثامنة للثلاثي “مصر قبرص اليونان” نهاية أكتوبر الماضي. لتؤكد على جملة توجهات استراتيجية للدولة المصرية في خضم التغييرات التي تطرأ على بيئة الامن الإقليمي:

  • إقامة التحالفات الاستراتيجية على أسس الاقتصاد المعولم واعتبارات الشراكة الاقتصادية، عوضًا عن الاعتبارات الآيديولوجية. حيث أثبتت التحالفات الاقتصادية جدارتها أمام التحالفات الأمنية البحتة المبنية على نمط تحالفات الحرب الباردة.
  • التهدئة في ليبيا لا تعني قبول انتهاك القانون الدولي في شرق المتوسط، إذ هدأت تطورات الميدان الليبي وبدأت الوفود اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة برعاية أممية، واتسمت ديناميكياتها بالإيجابية، وسط آمال إنعاش الحل السياسي في جولات جينيف. حيث أكد الرئيس السيسي وقوف مصر إلى جانب اليونان ضد أي استفزازات في المتوسط أو مرتبطة بحدودها البحرية في حدود القوانين والأعراف الدولية، مشيرا إلى أن “توقيع ترسيم الحدود يعكس حجم التفاؤل وقوة العلاقات” بين مصر واليونان.
  • التأسيس لمشاريع الربط الطاقوي “كهرباء + غاز” بين مصر واليونان. يخطط القائمون على مشروع الربط الكهربائي مع قبرص واليونان الانتهاء من الدراسات الخاصة به مطلع العام المقبل2021، ويتطلّب المشروع دراسات فنية واقتصادية ليتوافق مع الخطة الاستراتيجية للوزارة للربط الكهربائي مع الدول المجاورة. كما تم الاتفاق لاحقًا وتم الاتفاق مع إحدى الشركات القبرصية لمد كابلات بطول 310 كم تحت مياه المتوسط لتصدير الكهرباء إلى أوروبا، بقيمة ملياري يورو ووصفت الشركة القبرصية الاتفاق بأنه “تاريخي” لاسيما وأنه يمثل نقطة البدء لمزيد من مد خطوط الربط الكهربائي مع دول أوروبا. 

يأتي ذلك في سياق تأكيد الرئيس السيسي أن مباحثات اليوم تعد فرصة مهمة لإحداث نقلة نوعية في تطوير علاقات التعاون الثنائي على مستوى الأصعدة، خاصة فى مجال التعاون الاقتصادي وزيادة الاستثمارات اليونانية، وتسهيل التبادل التجاري، وتطوير العلاقات في مجالى السياحة والطاقة وتوظيف الزخم الناتج عن القمة الثلاثية الثامنة أكتوبر 2020، لاتخاذ خطوات تنفيذية في المشروعات المتفق عليها.

  • محاربة التطرف وموجات الإرهاب العابر للحدود، ويأتي ذلك في ضوء انتشار عمليات الذئاب المنفردة في أوروبا وتصاعد خطاب الكراهية، وتوظيف بعض القوى الإقليمية أدواتها لتخليق مجتمعات موازية في أوروبا تكن حاضنة للتطرف والإرهاب.

وعليه، تثبت وقائع الجغرافيا السياسية في المنطقة، أن التحالفات القائمة على أساس الشراكة الاقتصادية والمنخرطة أكثر في منظومة العولمة، لديها من الارتباطات الاستراتيجية ما يصعب فكها وإضعاف حلقاتها، ولاسيما إن كانت تلك التحالفات قائمة على وحدة المصير أمام خصم أو عدو مشترك يقوم بمزاولة كافة الأنشطة المشروعة وغير المشروعة في الإطاحة بالفواعل الإقليمية المناوئة له.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى