
“المفاجآت المحدودة” .. كيف نقرأ النتائج المعلنة لانتخابات الرئاسة الأمريكية
على الرغم من أن معركة انتخابات الرئاسة الأمريكية، التي جرت رحاها أمس، وانتهت عمليات الاقتراع فيها فجر اليوم الأربعاء بتوقيت “القاهرة”، كانت محمومة وحماسية كما كان متوقعاً، إلا أن مفاجآت قليلة جدا رشحت عنها، بعد أن تم إعلان نتائج التصويت في 45 ولاية حتى وقت كتابة هذه السطور.
أريزونا تكرر ما فعلته عام 1996

من أبرز مفاجآت انتخابات هذا العام كانت ولاية أريزونا، فقد أعطت أصواتها الإحدى عشر في المجمع الانتخابي للمرشح الديموقراطي جو بايدن، لتكون هذه المرة الثانية منذ عام 1952، التي تصوت فيها هذه الولاية للحزب الديموقراطي، بعد تصويتها له في انتخابات عام 1996.
هذه النتيجة أكدت التوجهات التي تم رصدها خلال الأشهر الماضية، والتي أشارت إلى فقدان الحزب الجمهوري لتأييد قطاع كبير من سكان هذه الولاية، البالغ عددهم سبعة ملايين نسمة.
في الانتخابات الماضية عام 2016، تمكن الرئيس الحالي دونالد ترامب من حصد أصوات هذه الولاية في المجمع الانتخابي، بفارق أقل من مائة ألف صوت، عن منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون، وهو للمفارقة نفس الفارق الذي انتزع به جو بايدن أصوات هذه الولاية من ترامب.
النقطة الثانية التي كانت لافتة في معركة أمس الانتخابية، شراسة وتقارب الأرقام بشكل لافت بين كلا المرشحين، في بعض الولايات التي كانت تعد معاقل شبه مضمونة للحزب الجمهوري, مثل ولاية تكساس التي كان أداء جو بايدن فيها قوياً، لكن تمكن ترامب في النهاية من حسم أصواتها، وبفارق يقترب من سبعمائة ألف صوت، وهو فارق مماثل للفارق الذي ضمن لترامب الفوز في انتخابات عام 2016 في نفس الولاية.
يمكن ربط هذا الوضع بالهجرة التي شرع فيها سكان ولاية كاليفورنيا منذ فترة، إلى بعض مدن ولاية تكساس مثل هيوستن ودالاس، بسبب موجات الجفاف المتتابعة، والحرائق التي نجمت عنها، ومن المعروف أن ولاية كاليفورنيا ديموقراطية التوجه في الأساس.
ولاية فلوريدا شهدت معركة حامية أيضاً بين المرشحين الاثنين، ونظراً لأهميتها فقد ظلت الأرقام بينهما خلال الفرز متقاربة بشكل لافت، إلى أن تمكن ترامب من الظفر بأصوات الولاية، بفارق نحو 40 ألف صوت عن بايدن، وهي نتيجة تعتبر نظرياً أفضل من نتيجة ترامب في نفس الولاية عام 2016، حيث فاز حينها بفارق 1 بالمائة فقط على منافسته هيلاري كلينتون، لكن هذا العام تجاوز الفارق 3 بالمائة.

حتى وقت كتابة هذه السطور، مازالت عمليات الفرز جارية في سبع ولايات، منها ثلاث ولايات تعد حاسمة في تحديد الفائز في هذه الانتخابات، وهي جورجيا ونورث كارولينا وبنسلفانيا، يضاف أليها الولايات التي يغلب عليها الطابع الديموقراطي وهي نيفادا وويسكنسن ، بجانب ولاية ألاسكا التي يتقدم فيها ترامب بفارق كبير.
من الواضح بشكل كبير أن الفارق في الأصوات بين المرشحين في جورجيا ونورث كارولينا وبنسلفانيا ضئيل جدا، خاصة نورث كارولينا وجورجيا، لكن فوز ترامب في واحدة من أهم الولايات وهي فلوريدا، بجانب تقدمه بفارق مريح في ولاية بنسلفينيا، ربما يؤشر نظرياً إلى انه بات قريباً من حسم هذه المعركة، لكن على المستوى النظري أيضاً، يبقى بايدن هو الأوفر حظاً، في حالة عدم حدوث مفاجآت دراماتيكية في مسار تصويت الولايات.

بشكل عام، حصد بايدن حتى الأن 238 صوتا من أصوات المجمع الانتخابي، جمعها من 22 ولاية، ويتوقع أن يحصد أصوات ولايات نيفادا وويسكنسن وميتشجان البالغ مجموعها 32 صوت، مما يرفع حصيلته إلى 270 صوت بالضبط، وهو الرقم الأدنى الذي يحتاجه من يريد الفوز في هذه الانتخابات.

في حين حصد ترامب 213 صوتا من أصوات المجمع الانتخابي، جمعها من 23 ولاية، وإذا افترضنا فوزه في الولايات الأربع التي يتقدم فيها حالياً (الاسكا – جورجيا – نورث كارولينا – بنسلفانيا)، والبالغ مجموع أصواتها في المجمع الانتخابي 54 صوتا، فإنه مجموع ما سيكون بحوزته من أصوات سيرتفع إلى 267 صوتا، وهو أقل من الحد الأدنى، ويحتاج في هذه الحالة للفوز بولاية أخرى من ضمن ولايات نيفادا وويسكنسن وميتشجان كي يضمن تحقيق الرقم المطلوب.
ولايتا ميتشجان وويسكنسن تعتبران رقم صعب في هذه المرحلة، نظراً لأن المنافسة فيهما تبدو هي الأشد في هذه اللحظات، وبالنظر إلى ما تقدم، يمكن القول أن فوز ترامب في إحدى هاتين الولايتين، مع فوزه في الأربع ولايات المتقدم فيها حالياً، يضمن له الفوز في هذه الانتخابات، في حين أن عدم تمكنه من الفوز في أي منهما، لا يضمن له تحقيق الرقم المطلوب من أصوات المجمع الانتخابي، حتى لو فاز في الولايات الأربع التي يتقدم فيها حالياً (الاسكا – جورجيا – نورث كارولينا – بنسلفانيا). في جميع الأحوال.
يجب أن نعي أنه حتى لو تم الانتهاء من فرز جميع الأصوات في كافة الولايات، فإن معركة قضائية وسياسية وإعلامية كبيرة ستبدأ فوراً من كلا المرشحين، خاصة ترامب، الذي أعلن فوزه منذ الآن، وهاجم منظومة الاقتراع عبر البريد، مؤكداً أنها بوابة لتزوير الأصوات، وهو ما يشير إلى أنه قد يطعن في هذه المنظومة وما نتج عنها من أصوات، في حالة عدم تمكنه من الفوز.
المصادر1- https://www.foxnews.com/elections/2020/general-results
باحث أول بالمرصد المصري