العراق

زيارة مدبولي إلى العراق.. وقصة المحور العربي الثلاثي

وسط تحركات الدولة المصرية لتعزيز التعاون العربي على الجانب الاقتصادي رغم جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19” ، يكتب الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء سطراً هاماً من التعاون مع العراق بشأن إعادة إعمارها بعد سنوات صعبة على البلد العربي وتسعى مصر لتبادل تجاري ستدخل فيه المملكة الأردنية طرفا ليكون الثلاثي محورا تجاريا ربما سيكون  خطوة على الطريق من أجل سوق عربية مشتركة مثل الاتحاد الأوروبي الذي بدأ بسوق الجماعة الأوروبية للفحم والصلب في خمسينات القرن الماضي وانتهى بالسوق الأوروبية المشتركة.

ولم تتأخر مصر على العراق وبادرت بإرسال 14 طنا من المساعدات الطبية الوقائية بناءً على تكليفات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس سبتمبر الماضي بعد إقلاع طائرة نقل عسكرية من قاعدة شرق القاهرة الجوية واتجهت نحو العراق، بعد أن تم تحميلها بأطنان من الألبان والأدوية، أهدتها القاهرة إلى العراق الشقيق، في إطار روح التضامن والمحبة بين الشعبين خلال أوقات المحن والأزمات.

مدبولي في العراق.. أخوة عربية وتعاون حكومي وثيق

تدخل العلاقات المصرية العراقية مرحلة تعاون نشطة على كافة المستويات، لا تقتصر فقط على حد القيادة العليا للبلدان، ولا حتى عند حد تقديم مساعدات هائلة إلى العراق، ولكن تمتد لتشتمل على مستوى التعاون الوثيق بين حكومة الدولتان، ووصل الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، صباح اليوم 31 أكتوبر، إلى العاصمة العراقية بغداد، على رأس وفد وزاري رفيع المستوى للمشاركة في أعمال اللجنة العليا المصرية العراقية المشتركة، التي بدأت أعمالها التحضيرية يوم 28 أكتوبر من العام الجاري.

وتعكس طبيعة المسؤولون المرافقون لمدبولي في جولته اهتمام بالغ، ونية جادة لدى الحكومة المصرية والعراقية لأجل التعاون مع بعضهم البعض. فقد ضم الوفد المرافق لرئيس الوزراء المصري، عددً من الوزراء، من ضمنها؛ “الكهرباء والطاقة المتجددة، والبترول والثروة المعدنية، والقوى العاملة، والتعاون الدولي، والصحة والسكان، والإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والنقل، والطيران المدني، والتجارة والصناعة”، بالإضافة إلى الرئيس التنفيذي لهيئة الاستثمار والمناطق الحرة، وعدد من كِبار المسؤولين ذوي الصلة.  كما شارك في اجتماعات اليوم، عدد من رجال الأعمال من كِلا الجانبين المصري والعراقي. وعقد مدبولي خلال زياراته جلسات مباحثات ولقاءات مع كبار المسؤولين العراقيين. وتناولت أعمال الدورة الحالية للجنة المشتركة، عددا من الملفات والموضوعات ذات الاهتمام المشترك، من بينها المشاركة في إعادة إعمار العراق، إلى جانب توسيع التعاون في المجالات الاقتصادية، وتهيئة المناخ أمام الشركات المصرية للاستثمار في العراق، فضلا عن زيادة التبادل التجاري وتسهيل نفاذ السلع إلى أسواق البلدين.

ولقد كان مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء العراقي، في استقبال الدكتور مصطفى مدبولي والوفد المرافق له، حيث تم اجراء مراسم الاستقبال الرسمي في حديثة مجلس الوزراء العراقي، وتم عزف السلام الجمهوري للدولتين بحضور الوزراء من كلا الجانبين. ومن ناحيته، ألقى الدكتور مصطفى مدبولي كلمة اليوم، خلال الجلسة الرئيسية لاجتماعات اللجنة العليا المصرية العراقية المشتركة في العاصمة العراقية بغداد، والتي ترأس الجانب العراقي فيها مصطفى الكاظمي، رئيس وزراء العراق الشقيق، بمشاركة أعضاء الجانبين المصري والعراقي، وعدد من المسئولين الحكوميين بالبلدين.

وفي مستهل كلمته، قدم الدكتور مصطفى مدبولي، خالص شكره وتقديره للجانب العراقيّ، بالأصالة عن نفسه وعن أعضاء الوفد المصري المرافق، عما لمسوه من مظاهر ترحيب وحفاوة استقبال من الأشقاء في العراق، كما نقل تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وتمنياته للعراق؛ قيادة، وحكومة، وشعباً، بدوام الرفعة والتقدم، وبأن تكلل أعمال اللجنة العليا المشتركة بالنجاح، وتوجيهاته بأن يتم العمل على دعم العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، مؤكدا أن هناك تكليفات واضحة من الرئيس بأن تكون كل الخبرات المصرية في مختلف المجالات مسخرة للأخوة العراقيين.

 كما أكد مدبولي، خلال كلمته، أن انعقاد هذه الدورة يأتي في توقيت بالغ الأهمية، والتي تشهد فيه المنطقة تطورات متلاحقة تُلقي بانعكاساتها على كافة دول المنطقة، وهو الأمر الذي يستدعي تعاون مصر والعراق وتضافر جهودهما على كافة المستويات؛ لمواجهة هذه التحديات والمخاطر المشتركة، من خلال إقامة شراكة استراتيجية مبنية على الإيمان بوحدة المصير، والمصالح المشتركة، وعمق العلاقات بين الشعبين الضاربة في جذور التاريخ.

وشدد مدبولي، على ثوابت السياسة المصرية تجاه العراق، والتي ترتكز على ضرورة الحفاظ على وحدة العراق وسيادته، ورفض كافة أشكال التدخلات الخارجية في شئونه، أو الاعتداءات غير الشرعية داخل حدوده، مشددا في الوقت نفسه على تفهم مصر الكامل للخصوصيات السياسية والتاريخية والجغرافية للعراق، والتي تؤهله لأن يكون ساحة لتلاقي المصالح وليس لتعارضها، أو للتنافس الإقليمي والدوليّ.

وقال مدبولي موجهًا حديثه الى شعب العراق، “نحمل اليوم هنا إلى أرض بلاد الرافدين رسالة تضامن وتهنئة للعراق، الذي تمكن ببسالة أبنائه وتضحياتهم من الانتصار على الإرهاب الغاشم، والتغلب على هذا الخطر العالمي الداهم، الذي يهدد كافة دول ومجتمعات العالم، مستدركا بالقول بأن هناك تحديا آخر ماثل أمامنا لا يقل أهمية، يتعلق بمخطط استهداف الدولة الوطنية في منطقتنا، والسعي لتفكيك مؤسساتها ومحاولة فرض حالة الفوضى“.

 واختتم رئيس الوزراء كلمته بالإشادة بما تم التوافق المبدئي حوله بشأن أهمية إنشاء آلية النفط مقابل الإعمار، من خلال قيام الشركات المصرية بتنفيذ مشروعات تنموية في العراق الشقيق، مقابل كميات النفط التي سوف تستوردها مصر من العراق، مؤكداً أن انشاء هذا الصندوق سوف يسهم في مضاعفة التعاون ويعزز تنفيذ المشروعات التنموية على أرض بلاد الرافدين الحبيبة.

ومن جهته، ألقى السيد مصطفى الكاظمي، كلمة أشاد من خلالها بالطفرة التي حدثت بمصر في عدد من القطاعات، على رأسها الكهرباء والطرق والكباري والاسكان، مشيرا إلى إمكان التعاون بين البلدين في هذه الملفات. كما تقدم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي خلال كلمته بالشكر للشعب المصري والرئيس عبد الفتاح السيسي على شحنة ١٥ طنا من المساعدات الطبية، والتي أرسلتها مصر للعراق، وكذا على قيام مصر بتوفير العلاج المجاني للعراقيين.

15 وثيقة تعاون جديدة.. كيف وطدت القاهرة وبغداد علاقتهما؟

تكللت زيارة مدبولي التاريخية اليوم إلى العراق، بتوقيع على عدد 15 وثيقة تعاون جديدة بين البلدان، يتم بموجبهما فتح صفحة أكثر متانة من العلاقات بين البلدان. فقد شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، ومصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء العراقي، بمقر مجلس الوزراء العراقي، مراسم توقيع 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبروتوكول تعاون بهدف تعزيز التعاون الثنائي المشترك بين البلدين، وهي؛

  1. مذكرة تفاهم بين وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية، ووزارة النفط العراقية، وقام بالتوقيع المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، والمهندس احسان عبد الجبار، وزير النفط العراقي.
  2. مذكرة تفاهم للتعاون والتدريب وتبادل الخبرات في مجال العدل والقضاء، وقام بالتوقيع الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، وسالار عبد الستار محمد، وزير العدل العراقي.
  3. مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الموارد المائية والري، وقام بالتوقيع الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، والسيد/ مهدي رشيد الحمداني، وزير الموارد المائية العراقي.
  4. مذكرة تعاون بين كل من سوق العراق للأوراق المالية، والبورصة المصرية، وقام بالتوقيع الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، طه أحمد عبد السلام، المدير التنفيذي لسوق العراق للأوراق المالية.
  5. البرنامج التنفيذي الثنائي للتعاون الفني في مجال حماية البيئة، وقام بالتوقيع الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، والدكتور حسن محمد التميمي، وزير الصحة والبيئة العراقي.
  6. مذكرة تفاهم في المجالات الصحية والدوائية والتدريبية، وقام بالتوقيع الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، والدكتور حسن محمد التميمي، وزير الصحة والبيئة العراقي.
  7. اتفاقية النقل البحري، وقام بالتوقيع المهندس كامل الوزير، وزير النقل، وناصر حسين بندر، وزير النقل العراقي.
  8. مذكرة تفاهم في مجال الطرق والجسور، وقام بالتوقيع الفريق كامل الوزير، وزير النقل، والمهندسة نازنين محمد وسو، وزيرة الإعمار والإسكان والأشغال العامة العراقية.
  9. مشروع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الإسكان والتشييد، وقام بالتوقيع الدكتور عاصم الجزار، وزير الاسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والمهندسة نازنين محمد وسو، وزيرة الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة العراقية.
  10. مذكرة تفاهم في مجال اتفاقيات منظمة التجارة العالمية وتنظيم المعارض، وقام بالتوقيع نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، والدكتور/ علاء أحمد حسن، وزير التجارة العراقي.
  11. بروتوكول تعاون في مجال مكافحة الدعم والإغراق والوقاية، وقام بالتوقيع نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، و/ منهل محمود عبد الرحمن، وزير الصناعة والمعادن العراقي.
  12. مذكرة تفاهم في مجال التعاون الصناعي، وقام بالتوقيع نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، و/ منهل محمود عبد الرحمن، وزير الصناعة والمعادن العراقي.
  13. مذكرة تفاهم في مجال حماية المستهلك، وقام بالتوقيع الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، و/ منهل محمود عبد الرحمن، وزير الصناعة والمعادن العراقي.
  14. مذكرة تفاهم في مجال الاستثمار، وقام بالتوقيع المستشار محمد عبد الوهاب، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، والدكتورة سها النجار، رئيس هيئة الاستثمار العراقي.
  15. بروتوكول تعاون مشترك بين اتحاد الصناعات العراقي واتحاد الصناعات المصرية، وقام بالتوقيع محمد زكي السويدي، رئيس اتحاد الصناعات المصرية، علي صبيح علي الساعدي، رئيس اتحاد الصناعات العراقي.

إعادة إعمار العراق

تقدم مصر يد العون للجانب العراقي من أجل الإعمار مدعومة بالخبرات المصرية الهندسية لإعادة إنشا مدارس ومستشفيات وأماكن عمل ومساكن للعراقيين بعد سنوات تدمرت فيها البنية التحتية العراقية نتيجة وجود الميليشيات المسلحة التي كانت تطمع في النفط العراقي لكن الدولة العراقية قضت عليها وبدأت في فتح صفحة جديدة للبناء.

وأكد مدبولي أن هناك توافقي ثنائي مع العراق لإنشاء آلية النفط مقابل الإعمار، من خلال قيام الشركات المصرية بتنفيذ مشروعات تنموية في العراق الشقيق، مقابل كميات النفط التي سوف تستوردها مصر من العراق، مشيراّ إلى أن إنشاء هذا الصندوق سوف يسهم في مضاعفة التعاون ويعزز تنفيذ المشروعات التنموية على أرض بلاد الرافدين الحبيبة.

وأعلن مدبولي استعداد شركات المقاولات المصرية للدخول للسوق العراقي؛ للمساهمة في تطوير البنية الأساسية وجهود إعادة الإعمار، وتنمية وتطوير قطاع الإنشاءات والإسكان، خاصة أن هذه الشركات اكتسبت خبرات واسعة ولها إنجازات في الكثير من دول العالم وسُمعة طيبة في الأسواق التي تعمل بها، ويمكن أن تسهم في توفير فرص العمل، ونقل خبراتها للكوادر العراقية في هذا المجال.

محور اقتصادي ثلاثي

في محاولة للإسراع بوتيرة النمو الاقتصاد التي سببتها جائحة كورونا، تدشن مصر محورا اقتصاديا ثلاثيا مع العراق والأردن، وأشار  مدبولي أثناء زيارته الهامة إلى بغداد إلي أن مصر والعراق لديهما إمكانات إنتاجية وتصديرية كبيرة، ويجب مضاعفة استثمارها لزيادة حجم وقيمة التجارة البينية، بالإضافة إلى العمل سوياً لإزالة كافة العوائق أمام انسياب البضائع بين البلدين، منوهاً إلى أن هناك أسطول نقل وشركة مشتركة تتمثل في شركة الجسر العربي، ويمكننا تطوير وسائل النقل والتعاون بين موانئ ومنافذ مصر والعراق والأردن؛ لاستيعاب ما نستهدفه من زيادة كبيرة في حجم التجارة، بالإضافة إلى زيادة التعاون في مجالات البترول والغاز، عن طريق إنشاء شركات مشتركة للصناعات الكيماوية، واستغلال ما تذخر بها بلادنا من ثروات معدنية، وتصنيعها بدلاً من تصديرها في صورتها الخام.

ولفت مدبولي إلى أن الحكومة المصرية ستنقل خبراتها للجانب العراقي في مجال الكهرباء والطاقة وتعمل على تكثيف التعاون في هذا المجال الذي يعد أساساً لتشجيع أية استثمارات وقيام أية صناعات، موضحاً أن مصر لديها استعداد تام لزيادة التعاون في مشروع الربط الكهربائي مع العراق، بالتنسيق مع الأردن.

يأتي هذا بعد عقد لقاء على مستوى الوزاري للجنة العليا المصرية العراقية المشتركة، التي تعد اللجنة الأولى منذ عام 1989، حيث تم توقيع اتفاقية إنشاء اللجنة عام 1988، وعُقد منذ هذا التاريخ لجنتين فقط خلال عامي 1988 و1989، بحسب بيان من وزارة التعاون الدولي أمس الجمعة.

وقالت وزارة التعاون الدولي، رانيا المشاط، إن ما تم التوصل إليه من مقترحات تعاون خلال اجتماع اللجنة يعد في غاية الأهمية، ويعزز العلاقات المتبادلة بين البلدين في كل مجال من المجالات بدءا بالتبادل التجاري والتعاون الصناعي، واتخاذ الترتيبات لإنشاء منطقة لوجستية لتخزين البضائع المصرية على الحدود العراقية الأردنية، وإنشاء مركز تجاري للمنتجات المصرية في بغداد.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى