سياسة

السيسي: رسالة الإسلام جاءت انتصارا للحرية.. والتطرف لا يمكن قصره على دين بعينه

أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن قضية الوعي الرشيد وفهم صحيح الدين سوف تظل دائما من أولويات المرحلة الراهنة في مواجهة أهل الشر، الذين يحرفون معاني النصوص ويخرجونها من سياقها، ويفسرونها وفقً أهدافهم، أو يعتمدون على تفسيرات خاطئة لها.

وقال السيسي، خلال احتفالية ذكرى المولد النبوي الشريف اليوم الأربعاء، إن هذا الأمر يتطلب الاستمرار في المهمة والمسؤولية الثقيلة، التي يقوم بها علماء الدين لأجل تصحيح المفاهيم الخاطئة وتصويبها، حتى نحمي المجتمع والدولة من مخططات التخريب، وحتى يُدرك العالم أجمع سماحة الدين الإسلامي العظيم، الذي يتأسس على الرحمة والتسامح والتعايش السلمي بين الناس جميعًا.

وثمن الدور الذي تقوم به مؤسسات الدولة الدينية في نشر الفكر المستنير وتصحيح المفاهيم الخاطئة. وأكد على أن الدولة بحاجة إلى مضاعفة الجهد المبذول من جميع مؤسسات ومنظومة بناء الوعي، للوصول إلى جميع شرائح المجتمع في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ الأمة والمنطقة والعالم أجمع.

وأضاف “مما لا شك فيه أن بناء الوعي الرشيد، يتطلب تضافر كافة المؤسسات الدينية والتربوية والثقافية والإعلامية، للإسهام في بناء الشخصية القوية السوية والقادرة على مواجهة التحديات والتمييز بين الحق والباطل، وبين الوعي السديد والوعي الزائف، وبين الحقائق والشائعات”.

ولفت الرئيس إلى نعمة العقل، التي ميز بها الله الإنسان وشرفه بها على سائر مخلوقاته. وقال، “إن الله فرض علينا أن نصون هذه النعمة المميزة والمنحة الفريدة، ونهانا عن أن نسئ إليها بخرافات وأوهام أو أن نتبع أفكارًا هدامة. بتعصب أعمى، أو بانصياع يسلب الإرادة، والقدرة على التفكير، والإبداع، والعمل والإنتاج”. وشدد على أن رسالة الإسلام، التي تلقيناها من الرسول الكريم جاءت انتصارًا للحرية، بكل أشكالها. وعلق قائلاً، “إلا أن تلك الحريات لم تأتِ مطلقة حتى لا تحولها أهواء النفس البشرية، إلى فوضى تبيح التخريب والتدمير. كما أن تلك الحريات ينبغي أن تقف عند حدود حريات الآخرين.”

كما أوضح الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن التطرف لا يمكن قصره على دين بعينه. لافتًا إلى أنه يوجد بالفعل في جميع الديانات، المتطرفون، الذين يسعون لإذكاء روح الفتنة، وإشعال نار الغضب والكراهية، وهي الأفكار التي قال عنها الرئيس، “لا تثمر إلا عن تغذية خطاب التناحر والحض على التباعد والفرقة، حتى أن سيرة النبي العطرة لم تسلم من ذلك التطرف”.

وفي ختام كلمته توجه الرئيس بالتهنئة للأمة الإسلامية أجمع بمناسبة حلول ذكرى المولد النبوي الشريف، وأكد للجميع على أن مكانة سيد الخلق النبي العظيم في قلوب ووجدان المسلمين في كل أنحاء العالم لا يمكن أن يمسها قول أو فعل. كما أكد الرفض القاطع لأي أعمال عنف أو إرهاب تصدر من أي طرف تحت شعار الدفاع عن الدين أو الرموز الدينية المقدسة، فجوهر الدين هو التسامح.

واليكم نص الكلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف،

السادة العلماء والأئمة الأجلاء،

السيدات والسادة،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

نحتفل اليوم معاً بذكرى مولد نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، الذي أرسى بالحكمة والموعظة الحسنة دعائم وأسس عظيمة وخالدة للإنسانية جمعاء.. وأتوجه بالتهنئة لشعب مصر الكريم.. ولكافة الشعوب العربية والإسلامية.. بمناسبة هذه الذكرى العطرة، وأدعو الله سبحانه وتعالى.. أن يعيدها على الشعب المصري، وعلى الأمتين العربية والإسلامية.. وعلى العالم أجمع بالخير واليمن والبركات.

الحضور الكريم،

إن احتفالنا اليوم بذكرى مولد سيد الخلق ونبي الرحمة (صلى الله عليه وسلم)، يستدعي كل معاني الرحمة في ديننا الحنيف، ويذكرنا بأن شريعة الإسلام السمحة قد قامت على البناء لا الهدم، وذلك تبياناً لقول الله تعالى “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ”، بكل ما تحمله كلمة العالمين من معاني العموم والشمول والسعة، فمقاصد الأديان قائمة على تحقيق مصالح البلاد ومنفعة العباد من خلال السماحة واليسر، وليس التطرف والتشدد والعسر.

من هنا؛ ستظل قضية الوعي الرشيد وفهم صحيح الدين من أولويات المرحلة الراهنة في مواجهة أهل الشر الذين يحرفون معاني النصوص ويخرجونها من سياقها، ويفسرونها وفق أهدافهم أو يعتمدون على تفسيرات خاطئة لها، مما يتطلب الاستمرار في المهمة والمسئولية الثقيلة التي يقوم بها علماء الدين لتصحيح المفاهيم الخاطئة وتصويبها، لنحمي المجتمع والدولة من مخططات التخريب، وليدرك العالم أجمع سماحة الدين الإسلامي العظيم الذي يتأسس على الرحمة والتسامح والتعايش السلمي بين الناس جميعاً.

ومما لا شك فيه أن بناء الوعي الرشيد، يتطلب تضافر كافة المؤسسات الدينية والتربوية والثقافية والإعلامية للإسهام في بناء الشخصية القوية السوية والقادرة على مواجهة التحديات والتمييز بين الحق والباطل، وبين الوعي السديد والوعي الزائف، وبين الحقائق والشائعات.

وإنني إذ أقدر الدور الذي تقوم به مؤسسات الدولة الدينية في نشر الفكر المستنير وتصحيح المفاهيم الخاطئة، فإنني أؤكد أننا في حاجة إلى مضاعفة الجهد المبذول من جميع مؤسسات ومنظومة بناء الوعي، للوصول إلى جميع شرائح المجتمع في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ أمتنا ومنطقتنا والعالم من حولنا. وأؤكد لكم أن الدولة لن تألو جهدا في دعم الأئمة وفي توفير المناخ المناسب لأدائهم للدور المرجو منهم في المرحلة الحالية من تاريخ مصر لدعم الخطاب الديني الوسطي المستنير.

الحضور الكريم،

لقد وهبنا الله سبحانه وتعالى نعمة العقل، التي ميز بها الانسان وشرفه على سائر مخلوقاته. ودعانا من خلال تلك النعمة العظيمة إلى البحث والتدبر في ملكوت السماوات والأرض، وما يحتويه من دقة في الصنع. وإبداع في الخلق، وإحكام في النظام، وفرض علينا أن نصون هذه النعمة المميزة والمنحة الفريدة. ونهانا عن أن نسيئ إليها بخرافات وأوهام أو أن نتبع أفكارًا هدامة. بتعصب أعمى أو بانصياع يسلب الإرادة والقدرة على التفكير والإبداع والعمل والإنتاج.

كما أن رسالة الإسلام التي تلقيناها من الرسول الكريم جاءت انتصاراً للحرية، حرية الإيمان، والاختيار والاعتقاد، وحرية الفكر، إلا أن تلك الحريات لم تأتِ مطْلقة حتى لا تحولها أهواء النفس البشرية إلى فوضى تبيح التخريب والتدمير. كما أن تلك الحريات ينبغي أن تقف عند حدود حريات الآخرين. تحترم الجميع ولا تخرج عن المنظومة المُحكمة التي خلق الله الكون في إطارها. فما قد يعتبر قيداً على الحريات إنما يصون بالمقابل الحقوق في مواجهة الآخرين.. وإن تبرير التطرف تحت ستار الدين هو أبعد ما يكون عن الدين، بل إنه مُحرَم ومُجرَم.. ولا يتعدى كونه أداةً لتحقيق مصالح ضيقة ومآرب شخصية.

ودعونا نتفق على أن هذا التطرف لا يمكن قصره على دين بعينه. ففي جميع الديانات، وبكل أسف، يوجد المتطرفون الذين يسعون لإذكاء روح الفتنة، وإشعال نار الغضب والكراهية، وهي الأفكار التي لا تثمر إلا عن تغذية خطاب التناحر والحض على التباعد والفرقة، حتى أن سيرة النبي العطرة لم تسلم من ذلك التطرف. وأؤكد للجميع أن مكانة سيد الخلق النبي العظيم في قلوب ووجدان المسلمين في كل أنحاء العالم لا يمكن أن يمسها قول أو فعل، كما أؤكد الرفض القاطع لأي أعمال عنف أو إرهاب تصدر من أي طرف تحت شعار الدفاع عن الدين أو الرموز الدينية المقدسة، فجوهر الدين هو التسامح، ولنستلهم معاً في هذا الإطار الدروس والعبر من سيرة نبينا (صلى الله عليه وسلم) الذي أرسله ربه (عز وجل) ليتمم مكارم الأخلاق، فرسخ (صلى الله عليه وسلم) أسس التعايش وقبول الآخر والإيمان بالتنوع، فلا إكراه في الدين.

وختاماً،

فلنجعل من ذكرى مولده (صلى الله عليه وسلم) نبراسًا يضئ لنا الطريق، لنعمر، ونحقق المفهوم الحقيقي للرحمة في مواجهة جماعات القتل والتخريب، ولنجعل من وطننا صورة مشرقة لفهم وتطبيق صحيح الدين وتحقيق مقاصد الشرع الحنيف، حتى نبعث برسالة من مصر مهد التاريخ والحضارة الإنسانية تؤكد سماحة الأديان وتجعلها سبيلاً لسلام العالم وتراحم البشرية جمعاء.

وكل عام وأنتم بخير، ومصر الغالية في تقدم ورفعة،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى