
كيف يختلف مجلس النواب القادم عن برلمان 2015؟
يبدأ مجلس النواب الجديد أداء دوره في يناير 2021 بعد انتهاء مدة المجلس الحالي وفقًا لنص المادة (106) من الدستور، ويوضح الجدول الزمني الذي أعلنته الهيئة الوطنية للانتخابات أنه بحلول منتصف ديسمبر المقبل ستكون اللجنة قد أعلنت النتيجة النهائية بعد الفصل في التظلمات الخاصة بعمليتي الاقتراع والفرز. وعلى الرغم من أن عدد مقاعد مجلس النواب ثابت عند 568 مقعدًا، إلا أن هناك عددًا من التغيرات من شأنها أن تجعل مجلس النواب القادم مختلفًا عن المجلس الحالي.
اختلاف توزيع المقاعد بين القائمة والفردي
اختلف توزيع مقاعد مجلس النواب عما كان عليه في 2015 ليتم تخصيص 284 مقعدًا لنظام القائمة بنسبة 50% من إجمالي المقاعد بعد أن كان 120 مقعدًا فقط، وقد تم تقسيم محافظات الجمهورية إلى أربعة قطاعات، هي:
- قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا: ويضم محافظات (القاهرة- القليوبية- الدقهلية- المنوفية- الغربية- كفر الشيخ)، وتتنافس فيه قائمتان هما (القائمة الوطنية من أجل مصر – قائمة تحالف المستقلين) لحصد 100 مقعد. أما في انتخابات 2015، فقد تنافست أربع قوائم على حصد 45 مقعدًا فقط.
- قطاع شمال ووسط وجنوب الصعيد: ويضم محافظات (الجيزة- الفيوم- بني سويف- المنيا- أسيوط- الوادي الجديد- سوهاج- قنا- الأقصر- أسوان- البحر الأحمر)، وتتنافس فيه قائمتان هما (القائمة الوطنية من أجل مصر – قائمة نداء مصر) لحصد 100 مقعد. أما في انتخابات 2015، فقد تنافست أربع قوائم على حصد 45 مقعدًا فقط.
- قطاع شرق الدلتا: ويضم محافظات (الشرقية- دمياط- الإسماعيلية- بورسعيد- السويس- شمال سيناء- جنوب سيناء)، وتتنافس فيه قائمتان هما (القائمة الوطنية من أجل مصر – قائمة أبناء مصر) لحصد 42 مقعدًا. أما في انتخابات 2015، فقد حصدت قائمة (في حب مصر) المقاعد بالكامل- 15 مقعدًا- لعدم وجود قائمة أخرى في هذا القطاع.
- قطاع غرب الدلتا: ويضم محافظات (الإسكندرية- البحيرة- مطروح)، وتتنافس فيه قائمتان هما (القائمة الوطنية من أجل مصر – قائمة أبناء مصر) لحصد 42 مقعدًا. أما في انتخابات 2015، فقد تنافست أربع قوائم على حصد 15 مقعدًا فقط.
أما النظام الفردي فقد تم خفض عدد المقاعد المخصصة له من 448 مقعدًا في 2015 إلى 284 مقعدًا في 2020. وقد أدى إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية للنظام الفردي إلى تراجع عدد الدوائر من 205 دائرة في 2015 إلى 143 دائرة في 2020. الأمر الذي أثر على بدور على عدد المرشحين، إذ انخفض العدد الإجمالي للمرشحين بالنظام الفردي من 5281 مرشحًا في انتخابات 2015 إلى 3962 مرشحًا في 2020 وفقًا لما جاء بالكشوف التي أعلنتها الهيئة الوطنية للانتخابات على موقعها الرسمي.
وقد ترجع إعادة توزيع المقاعد بين نظامي القائمة والفردي إلى محاولة الوفاء بما نص عليه الدستور والقانون فيما يتعلق بتمثيل فئات (الشباب، والمسيحيين، والعمال والفلاحين، وذوي الإعاقة، والمصريين المقيمين في الخارج، والمرأة) تمثيلًا ملائمًا في المجلس، إذ نصت المادة الخامسة من القانون (140) لسنة 2020 على أن تتضمن القوائم حدًا أدنى من المرشحين المنتمين إلى هذه الفئات، وأن تمثل المرأة 50% من كل قائمة، وبذلك تكون القائمة المطلقة هي الحل الأمثل لضمان تمثيل الفئات سالفة الذكر بما يتفق مع الدستور.

الاختلاف بين القوائم والفردي في انتخابات مجلس النواب 2015 و2020.. المصدر: تم إعداد الجدول وفقًا للبيانات الرسمية على موقع الهيئة الوطنية للانتخابات.
اختلاف نسبة تمثيل المرأة
لم يشهد مجلس النواب المصري تمثيلًا قويًا للمرأة في الألفية الجديدة سوى في برلمان 2010 بعد أن حصلت على 64 مقعدًا بنسبة 12% تقريبًا، وتراوحت النسبة بين 2% و2.5% في برلمانات 2000، و2005، و2012. ولكن إصرار القيادة السياسية بعد ثورة الثلاثين من يونيو على تمثيل المرأة التمثيل الملائم في المجالس النيابية أدى إلى زيادة عدد النساء في برلمان 2015 ليشغلن 87 مقعدًا بنسبة تقترب من 15% من إجمالي عدد النواب في أكبر تمثيل للمرأة في تاريخ مجلس النواب المصري. وقد حصدن 56 مقعدًا بنظام القوائم، و17 مقعدًا بالنظام الفردي، و14 مقعدًا بالتعيين.
ويتمثل الاختلاف الذي ينتظره مجلس النواب القادم في زيادة نسبة تمثيل المرأة لتصل إلى 25% من إجمالي عدد النواب وفقًا للتعديلات الدستورية في 2019، أي أن عدد المقاعد التي سيشغلنها لن يقل عن 142 مقعدًا، وهو ما ضمنته المادة الخامسة من القانون (140) لسنة 2020، إذ فرضت هذه المادة أن تضم القوائم 50% من قوتها من النساء. وفي حالة قيام السيد الرئيس بتعيين أي عدد من النواب بما لا يتجاوز النسبة القانونية فسوف يكون لزامًا عليه تعيين 25% على الأقل من النساء.
وبغض النظر عن استيفاء النسبة الدستورية للمرأة في البرلمان من خلال القوائم أو التعيين فإن هناك فرصة كبيرة لزيادة هذه النسبة في حالة فوز عدد من المرشحات على النظام الفردي. ويبلغ عدد المرشحات بالنظام الفردي (344) مرشحة بما يمثل 9% تقريبًا من إجمالي المرشحين على المقاعد الفردية. وترجع هذه الزيادة في تمثيل المرأة في البرلمان إلى سعي الحكومة لتقليل الفجوة بين الجنسين في الحياة السياسية من خلال وجود عدد أكبر من النساء في المجالس النيابية أو المناصب القيادية العليا.
اختلاف تمثيل الأحزاب عما كانت عليه في 2015:
يتمثل الاختلاف الثالث لمجلس النواب القادم في اختلاف تمثيل الأحزاب تحت قبة البرلمان، الأمر الذي سيؤثر بالضرورة على قرارات المجلس سواء التشريعية أو الرقابية وفقًا لرؤية الحزب صاحب الأغلبية. ففي برلمان 2015، جاءت أحزاب المصريين الأحرار ومستقبل وطن والوفد في مقدمة الأحزاب صاحبة أكبر عدد من المقاعد داخل البرلمان، ولم تكن الفروق بين الأحزاب الثلاثة كبيرة، حيث حصد المصريين الأحرار 65 مقعدًا، ثم مستقبل وطن 50 مقعدًا، ثم الوفد 45 مقعدًا. أما حزب حماة الوطن فقد حصد 17 مقعدًا، وهو رقم قريب مما حصدته أحزاب الشعب الجمهوري (13 مقعدًا) والمؤتمر (12 مقعدًا) والنور (12 مقعدًا).
ولكن تشير نتائج انتخابات مجلس الشيوخ إلى تغير هذه الخريطة على أرض الواقع، فقد استحوذ حزب مستقبل وطن على أغلبية المقاعد سواء بنظام القوائم أو الفردي، حيث حصد 149 مقعدًا. وكان حزب الشعب الجمهوري أقرب الملاحقين حيث حصد 17 مقعدًا فقط، ثم حماة الوطن 11 مقعدًا، والوفد 10 مقاعد. وتوضح هذه الفروق بالإضافة إلى بعض المعطيات الأخرى أن حزب مستقبل وطن يعد الأوفر حظًا في انتخابات مجلس النواب القادمة، حيث قاد “مستقبل وطن” تكوين التحالفات مع الأحزاب الأخرى لتشكيل “القائمة الوطنية من أجل مصر”، ما يعني أن له النصيب الأكبر من عدد المقاعد في حالة فوز هذه القائمة.
أما على مستوى النظام الفردي فيشارك حزب مستقبل وطن أيضًا بأكبر عدد من المرشحين، حيث يخوض السباق الانتخابي 280 مرشحا من المنتمين للحزب، وتأتي أحزاب حماة الوطن والوفد والشعب الجمهوري والحرية والمؤتمر خلفه ليساهموا بـ 621 مرشحا من إجمالي ما تساهم به الأحزاب والمقدر بـ 867 مرشحا على المقاعد الفردية.
وجود شريك تشريعي
يمكن أن يتعلق الاختلاف الأخير لمجلس النواب القادم بوجود شريك تشريعي يساعد على اقتراح وصياغة وتسريع وتيرة التشريعات التي لم يتم إنجازها بعد، ويتمثل ذلك الشريك في مجلس الشيوخ الذي بدأ أولى جلساته بالفعل في الثامن عشر من أكتوبر الجاري. وقد عانى المجلس الحالي من بعض المشكلات المتعلقة بالتشريع، حيث تم إجراء تعديلات على قوانين لم يمر على صدورها أكثر من عامين، وتأخرت بعض التشريعات والقوانين الأخرى، ولم تُناقش التعديلات على بعضها الآخر.
ويعد وجود هذا العدد من الخبراء والحكماء الممثلين لجميع القطاعات في مجلس الشيوخ ميزة كبيرة لمجلس النواب القادم لمناقشة وإنجاز التشريعات التي لم ينجح المجلس الحالي في إنجازها سواء لكثرتها أو الظروف التي مرت بها مصر على مدار الخمس سنوات.
إجمالًا، سوف يشهد مجلس النواب القادم جملةً من التغيرات التي ستؤثر على أدائه بدءًا من إجراءات العملية الانتخابية، ومرورًا بنسب تمثيل الفئات المجتمعية المختلفة والأحزاب السياسية تحت قبة البرلمان، وانتهاءً بوجود شريك تشريعي يقدم المشورة والإرشاد ويخفف من أعبائه التشريعية، ولكن النتائج الإيجابية تظل مرهونة بحسن اختيار الناخبين لأفضل العناصر ممن يخوضون السباق الانتخابي.
باحث ببرنامج السياسات العامة