آسيا

مجموعة الأزمات الدولية: الصراع حول إقليم “ناجورنو قره باغ”.. كيفية خفض التكلفة البشرية؟

عرض – محمود قاسم

لا تزال تداعيات تجدد الصراع بين أرمينيا وأذربيجان على منطقة “ناجورنو قره باغ” تتصاعد يومًا تلو الآخر، وذلك بسبب تجدد دورة الصراع، وفشل عملية وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة روسية) 10 أكتوبر) بهدف تمكين الطرفين من استعادة جثث القتلى وتبادل الأسرى، إلا أن هذه المبادرة لم تصمت طويلًا، حيث عاد الطرفان مرة أخرى لتبادل الضربات، وقد ساهمت تلك التطورات في ارتفاع التكلفة البشرية، ما يحتاج إلى مزيد من الجهود الدولية للعمل على الحد من تلك التداعيات.

وفي هذا السياق، عرضت “مجموعة الأزمات الدولية” في تقرير لبحث سبل وآليات خفض التكلفة البشرية والتداعيات المحتملة للصراع، الأمر الذي يمكن الإشارة إليه فيما يلي 

تكلفة مرتفعة

أكد التقرير صعوبة تسوية الصراع وحلحلة الأزمة، خاصة في ظل اندلاع العنف والمواقف المتشددة من جميع الأطراف. ما ساهم في ارتفاع عدد الضحايا العسكريين والمدنيين، علاوة على حجم الدمار في البنية التحتية، فوفقًا لسلطات ناجورنو قره باغ، قُتل -حتى 12 أكتوبر- نحو 31 مدنيًا على الأقل وأصيب أكثر من 100 آخرون، كما تسبب الصراع في نزوح ما بين 70 – 75 ألف شخص، ما يعادل نصف سكان المنطقة، وتوقع التقرير أن يصبح النزوح جماعيًا في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية وبرودة الطقس وانتشار جائحة كورونا. من ناحية أخرى، قُتل نحو 42 مدنيًا واُصيب 206 وفقًا لما أعلنه المسؤولون من أذربيجان.  

ونظرًا لتفاقم الأوضاع الإنسانية، فقد عبر عدد من الجهات الفاعلة عن انزعاجها لهذا الأمر، إذ طالبت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بوقف إطلاق النار بسبب الاضرار التي لحقت بالمدنيين، كما وعد الاتحاد الأوروبي وسلوفاكيا وغيرها من المنظمات الإنسانية بتقديم عدد من المساعدات، إلا أن استمرار الصراع قد يحول دون وصول تلك المساعدات.

ولقت التقرير إلى أن انهيار وقف إطلاق النار ساهم في اتساع نطاق الهجمات والهجمات المضادة وهو ما يؤدي إلى تزايد حدة العداء وجعل التسوية المستدامة بعيدة المنال، وعليه فقد أوصى التقرير بضرورة التوقف عن استهداف المدنيين وبذل الجهود لتخفيف المعاناة الإنسانية، من خلال تجنب استخدام القنابل العنقودية ووقف استهداف التجمعات السكنية وتوفير ممرات لإجلاء الجرحى والقتلى وإيصال المساعدات الإنسانية، ناهيك عن ضرورة امتناع الدول التي تدعم أطراف النزاع عن طريق وقف توريد ونقل الأسلحة لساحة الاشتباك.

https://www.ispionline.it/sites/default/files/styles/evidenziato-home/public/field/image/2020-10-08t134640z_2092020639_rc2dej9301kn_rtrmadp_3_armenia-azerbaijan_1.jpg?itok=GYdyW0BV

أدوار متوقعة

أكد التقرير ضرورة قيام مجلس الأمن بدور فاعل تجاه عملية وقف إطلاق النار، من خلال الدعوة لعقد اجتماع عاجل لمناقشة تصاعد القتال والهجمات على المناطق المدنية، مع ضرورة تبني قرارًا يدعو لوقف فوري وشامل لإطلاق النار، كما يجب أن يدين القرار الأطراف لتعريضهم أرواح المدنيين للخطر ويدعوهم إلى العودة إلى المحادثات تحت رعاية الرؤساء المشاركين لمجموعة مينسك، بجانب إلزامهم بالعمل على تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومستدام ودون عوائق.

من ناحية أخرى، لفت التقرير إلى ضرورة تكثيف الجهود المبذولة من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومجموعة مينسك التابعة لها، ورغم فشل هذه المجموعة في تحقيق سلام دائم بين الطرفين، إلا أنها لا تزال لديها القدرة على التنسيق بين الجانبين وتخفيف حدة الصراع عبر إشراك أطراف النزاع في عملية التسوية. كما يمكن أن تقوم بدور ميداني يرتبط بالمراقبة على عملية وقف إطلاق النار، كما يمكن منح مراقبي المنظمة الوصول إلى الإقليم محل الصراع لتوثيق الانتهاكات المرتكبة أثناء القتال ومن ثم الإبلاغ عنها، وفي هذا السياق أوضح التقرير إمكانية الاستفادة من خبرة الأمم المتحدة في مهام المراقبة وتقنيات التحقيق في مناطق الحرب. وخلص إلى أن هذه الخطوات لن تنهي الحرب، لكنها قد تساهم في انقاذ الأرواح ودعم عملية السلام.

محمود قاسم

باحث ببرنامج قضايا الأمن والدفاع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى