
إيميلات هيلاري: خط اتصال مباشر بين الجزيرة والخارجية الأمريكية في يناير 2011
يعرف العاملون في المجال الدبلوماسي والصحافة الدولية أن التواصل مع الخارجية الأمريكية غير متاح لكل دول العالم، وأن هناك تدرجًا في هذا التواصل يبدأ بالسفارة الأمريكية أولًا، وبالنسبة للدول الصديقة فإن الاتصال يجب أن يكون على نفس المستوي، أي أن الوزير يخاطب الوزير ونائب الوزير يخاطب من يوازيه وكذا وكيل الوزارة.. الخ
ولكن أن نشهد اتصالًا مباشرًا بين مدير شبكة تلفزيونية ومكتب الوزير الأمريكي، فهذه سابقة في تاريخ الدبلوماسية والعلاقات الدولية، وهو ما تكشف عنه الوثيقة رقم C05779017 التابعة لحقيبة الوثائق رقم F-2014-20439 في سجلات الخارجية الامريكية!
وتضم الوثيقة سلسلة مراسلات لا تتوقف طيلة يناير 2011، بين مكتب الجزيرة في قطر ومكتب الخارجية الأمريكية في واشنطن، في قناة اتصال مفتوحة بين الجانبين على مدار 24 ساعة.
المراسلات من الدوحة حملت توقيع وضاح خنفر مدير شبكة الجزيرة وقتذاك، وترسل إلى “جوديث ماكهيل” مباشرة، وهي وكيلة وزارة الخارجية الامريكية ما بين مايو 2009 ويوليو 2011، والتي تُعدُّ ضابط الاتصال بين كلينتون والجزيرة، إذ كانت تقوم بإيصال الرسائل –بحسب الوثيقة– بشكل فوري وعاجل إلى الوزيرة كلينتون أينما كانت.
وتضم الوثيقة رسالة من خنفر بتاريخ 29 يناير 2011، يشتكي من السلطات المصرية التي ألغت تصريح شبكة الجزيرة في مصر في نسختيها الناطقتين بالعربية والإنجليزية، وأن السلطات المصرية عطّلت خطوط هواتف كافة المنتسبين لشبكة الجزيرة في مصر وقطعت شبكة الإنترنت عن مكتب الشبكة.
ويبلغ خنفر الوزيرة كلينتون بأن السلطات المصرية قررت حذف باقة الجزيرة من القمر الصناعي المصري النايل سات، ما يعطل بث الشبكة داخل مصر وبعض دول المنطقة.
وفى رسالة أخرى بتاريخ 30 يناير 2011 موجودة بالوثيقة، يطلب خنفر صراحة من الوزيرة كلينتون مقترحات حال عدم قدرتهم على إعادة البث من داخل الأراضي المصرية مرة أخرى. وتعمد خنفر التحريض ضد اللواء عمر سليمان نائب الرئيس المصري بالقول إن لديه معلومات تفيد أن اللواء سليمان هو الذي يقف خلف إجراءات غلق شبكة الجزيرة في مصر.
وخنفر هو مدير عام قناة الجزيرة ما بين عامي 2003 و2011، أردني من أصل فلسطيني وعضو في تنظيم الاخوان بالأردن كما نشط في صفوف حركة حماس، بل وكان على اتصال بمكتب حماس في العاصمة السودانية الخرطوم حينما درس الماجستير.
أثناء رئاسته لقناة الجزيرة حولها إلى الجناح الإعلامي لتنظيم القاعدة وطالبان، فكان أشبه بضابط الاتصال بين التنظيمات الإرهابية في أفغانستان والإعلام القطري.
عقب انتهاء دوره في قطر مع قناة الجزيرة، استقر في تركيا مؤسسًا موقع “هافجنتون بوست عربي”، ورغم فشل التجربة وإغلاق الموقع وتأسيس تركيا موقع “عربي بوست”، إلا أن أردوغان قرر الإبقاء على خنفر في حاشيته الإخوانية عبر تأسيس الأخير منتدى الشرق في إسطنبول عام 2012،
وكانت السلطات المصرية قد تعرضت لضغوط من إدارة أوباما في يناير 2011 من أجل إعادة بث شبكة الجزيرة، وهو ما رضخت له القاهرة في محاولة لتهدئة التوتر المصري الأمريكي بينما تشتعل الشوارع المصرية بتفاعلات سياسية غير مسبوقة، ما يعني أن قناة الاتصال بين الجزيرة والخارجية الامريكية قد أدت دورها بفاعلية أثناء يناير 2011.
باحث سياسي