
لعبة الأمم في حرب أوراسيا بين أذربيجان وأرمينيا
مع اندلاع القتال بين أرمينيا وأذربيجان في 27 سبتمبر 2020، انتقلت الأضواء من إقليم الشرق الأوسط إلى إقليم أوراسيا ، على ضوء التصعيد الإعلامي لتركيا وانحيازها الصريح مع أذربيجان.
ورغم تكثيف الاعلام والتقارير البحثية حول الحرب الأوراسية الجديدة، الا أن هنالك معطيات تاريخية وجيوسياسية وديموغرافية في المشهد الجاري جنوب القوقاز.
التأييد الأوروبي لأنقرة
ولعل البند الأول هو موقف القارة الأوروبية والاتحاد الأوروبي من الحرب، ورغم الوساطة الفرنسية وبعض دعوات المفوضية الأوروبية لوقف اطلاق النار، الا أن أوروبا في واقع الامر ليست مهتمة بوقف التوتر بين أذربيجان المدعومة من تركيا وأرمينيا المدعومة من روسيا ولا تنظر إلى الصراع باعتباره تحالف ديني بين تركيا الإسلامية وأذربيجان الشيعية من جهة وبين روسيا وأرمينيا ذات الثقافة الأرثوذكسية المسيحية من جهة أخرى ولكن تنظر أوروبا إلى الصراع من منطلق أن اثارة بعض القلاقل في جنوب القوقاز مفيد لتعطيل الصحوة الروسية القائمة منذ عقدين من الزمان يوم تولى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مقاليد السلطة في موسكو خلفاً للمسن بوريس يلتسن.
كما أن الهاء تركيا المزعجة في محاولاتها الانضمام للاتحاد الأوروبي واثارة المشاكل الحدودية باستخدام اللاجئين مع اليونان أمر مهم لأوروبا وبالتالي فأن انهاء “الحرب التركية – الروسية بالوكالة” في أوراسيا ليس على أجندة أوروبا بقدر ما هو انهاك للطرفين، انقرة وموسكو قدر الإمكان.
وتلك كانت استراتيجية أوروبا في القرون الخمس الماضية، استخدام روسيا القيصرية لانهاك الدولة العثمانية ثم العكس، قبل التخلص من الامبراطورتين ابان الحرب العالمية الأولى.
وبالتالي من يتصور أن أوروبا سوف تسارع لنجدة أرمينيا لأنها دولة ذات اغلبية مسيحية تتعرض لعدوان من دولتين ذات أغلبية مسلمة فهو احتمال بعيد للغاية على ضوء حقيقة أن العالم لا يحكم اموره السيادية بالمذاهب والأديان كما يروج البعض ولكن وفقاً لحسابات سياسية خالصة.
حرب الجمهوريات السوفيتية السابقة
والعامل الثاني ان أرمينيا وأذربيجان كلاهما من الجمهوريات السوفيتية السابقة، حتى أن أغلب قادة الدولتين يحملوا الجنسية السوفيتية بالميلاد قبل تقسيم الإمبراطورية السوفيتية.
ومع بدء تآكل السلطة السوفيتية، بدأت الجمهوريات السوفيتية في الاقتتال من أجل رسم حدود دول المستقبل القريب وقتذاك، هكذا سعى الأرمن في أذربيجان إلى الاستقلال بمنطقة ناجورونو كاراباخ واعلانها دولة مستقلة هي جمهورية آرتساخ على أمل الانضمام إلى جمهورية الأرمن المزمع انشائها على وقع تداعي السلطة السوفيتية.
حرب ناجورونو كاراباخ استمرت ما بين عامي 1988 و1994، وقد وقفت السلطات السوفيتية في صف أذربيجان رافضة قيام جمهورية آرتساخ وللمفارقة فأن تركيا وإسرائيل وقفتا ايضًا في صف أذربيجان عبر إرسال السلاح وبعض المستشارين العسكريين.
وكانت رؤية تركيا أن توسع أرمينيا على حساب أذربيجان سوف يخلق أرمينيا الكبرى، ما يعني أن تواجه تركيا مطالب الأرمن في الاعتراف بمذابح العثمانيين حيال الأرمن أو مطالب الأرمن بضم تركيا الشرقية إلى الوطن القومي للأرمن على اعتبار أن هذه المنطقة يطلق عليها في ادبيات الأرمن لقب “أرمينيا الغربية”، وهي نفس رؤية تركيا للتعاون مع أذربيجان ضد أرمينيا منذ عام 1988 حتى اليوم وليس ملف النفط أو الغاز كما اشارت بعض التحليلات السياسية السطحية.
اما إسرائيل فقد سعت إلى اختراق الاتحاد السوفيتي عبر الأقليات مرارًا وتكرارًا وكان نشطاء العرقية الآذرية من أكثر النشطاء تعاملاً مع تل ابيب.
وللمفارقة فأن تنظيمات الأفغان العرب، أو الإسلاميين الذي قام التنظيم الدولي للإخوان المسلمين بجمعهم من شتى انحاء العالم عبر مكتب خاص في بيشاور الباكستانية قبل أن يحقن بهم أفغانستان المجاورة في حربها مع الاتحاد السوفيتي، قد شاركوا ايضًا في صفوف أذربيجان ضد أرمينيا، سواء الحزب الإسلامي الافغاني أو المنظمات التي تألف منها حركة طالبان وتنظيم القاعدة لاحقًا، بل وشارك في الحرب بجانب أذربيجان بعض قادة الإرهاب الإسلامي في حروب الشيشان لاحقًا مثل جماعة شامل باسييف.
ورغم الدعم السوفيتي والإسرائيلي والتركي والجماعات الإسلامية التي اسقطت الاتحاد السوفيتي في أفغانستان والتي شنت حروب انفصالية على روسيا الفيدرالية انطلاقًا من الشيشان وداغستان وجمهوريات القوقاز الروسي المسلمة، وحتى أوكرانيا عقب استقلالها عن الاتحاد السوفيتي، الا ان أرمينيا استطاعت تثبيت وقف إطلاق النار وحماية جمهورية آرتساخ من بطش أذربيجان.
ولكن حرب الأربعة أيام أو الحرب الثانية قد اندلعت ما بين 1-5 ابريل 2016 وللمفارقة فأن الحرب الثالثة ايضاً شغلت أربع أيام فحسب ما بين 12-16 يوليو 2020 قبل أن يشهد العالم الحرب الرابعة في “ناجورونو كاراباخ” بحسب النطق الغربي أو “ناجورنو قره باغ” في النطق العربي.
العوامل الديموغرافية في حرب أوراسيا
ورغم تصنيف الإعلام بأنها حرب بين الأرمن المسيحيين والأذريين الشيعية الا أن كلا الدولتين لديهم تنوع ديموغرافي مهم في الجيش والمجتمع، فالأرمن عرقية وليس ديانة وهنالك أرمن مسلمين ويهود، كما أن جمهورية أرمينيا تضم أقليات من الأكراد والأيزيديين – وليس اليزيدين – والاشوريين والروس إضافة إلى “المان الفولجا” وهم عرقية المانية كان لها دور في روسيا القيصرية قبل أن يفكك السوفييت حكمهم الذاتي في سنوات جوزيف ستالين.
ولعل العامل الكردي في “المسألة الارمينية” هو ما اقلق تركيا من استقلال أرمينيا عن الاتحاد السوفيتي وتاليا استقلال آرتساخ عن أذربيجان وذلك منذ عام 1988 وليس منذ عام 2020 بسبب الغاز والنفط كما سجلت بعض التقارير الإخبارية.
ولقد سبق وأن اعطى السوفييت لـ”كرد أذربيجان” حكمًا ذاتيًا، حيث اسسوا جمهورية “كردستان الحمراء” أو كردستان السوفيتية ما بين عامي 1923 و1929 في مناطق تابعة لجمهورية آرتساخ اليوم، وقام رئيس الوزراء السوفيتي فلاديمير لينين بحل كردستان الحمراء بعد توسلات من الرئيس التركي مصطفي كمال اتاتورك على ضوء دعم أكراد أرمينيا وأذربيجان للتمرد الكردي في تركيا، ولاحقًا عام 1992 قام الأرمن في آرتساخ بإعطاء الكرد حكمًا ذاتيًا تحت عنوان “جمهورية لاجين” ولكن فرار رئيسها “وكيل مصطفاييف” إلى المنفى واللجوء السياسي في إيطاليا بنفس العام أنهى جمهورية كردستان الحمراء الثانية في بعض أسابيع.
تعايش الأرمن والأكراد في أرمينيا منذ كانت جمهورية سوفيتية أدى إلى تأسيس “الجيش السري الأرمني لتحرير أرمينيا” المعروف بـ “منظمة أصالة” عام 1975، وكان لهذه المنظمة ارتباط تنظيمي وعسكري مع منظمة التحرير الفلسطينية، وحزب العمال الكردستاني الذي نفذ عمليات إرهابية بحق الدولة التركية، ويرجع اتصال منظمة أصالة بمنظمة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات إلى السيولة في السلاح ومعسكرات التدريب العسكري في لبنان حيث خرج الكثير من عناصر منظمة اصالة من لبنان بمساعدة من “ارمن لبنان”، وكانت محافظة البقاع اللبنانية تضم معسكرات تدريب لحزب العمال الكردستاني ومنظمة اصالة.
تم حل المنظمة عام 1988 بعد أن وضعتها الولايات المتحدة الامريكية في قوائم الإرهاب وتسببت في هجمات دامية بحق الدبلوماسيين الاتراك في أكثر من دولة حول العالم، كما انها فقدت تعاطف الكثير من الأرمن والأكراد عقب تحولها إلى اجنحة متصارعة بل ويذهب البعض إلى أن صراع الاجنحة في منظمة اصالة هو المتسبب في تصفية واغتيال مؤسسها وقائدها هاگوپ هاگوپيان.
والحاصل أن تركيا تتهم أرمينيا منذ عام 2012 بإحياء منظمة اصالة وإنها تعمل بشكل سري فيما أسمته انقرة “الأراضي التركية” وهو مصطلح فضفاض تصر انقرة على استخدامه بحق تركيا الحالية وبعض الدول السوفيتية السابقة في ادعاء ثقافي بالأصول العرقية التركية لهذه الشعوب وهو قول مردود عليه تاريخيًا بالنفي.
ادعاء انقرة بأن أرمينيا أحيت منظمة اصالة يعود إلى رغبة تركية في كسب تعاطف واشنطن على ضوء وضع الولايات المتحدة لمنظمة اصالة على قوائم الإرهاب.
وبعد مرور 22 عامًا على حل منظمة اصالة استخدمت انقرة في حرب أوراسيا عام 2020 الادعاء ذاته، بأن عناصر منظمة اصالة يحاربون في صفوف جيش أرمينيا وجيش آرتساخ ضد أذربيجان، واستخدمت الدعاية السياسية التركية الحجة ذاتها بحق حزب العمال الكردستاني حيث تشير الدعاية التركية إلى انه يحارب بجانب أرمينيا وآرتساخ ضد أذربيجان.
وبعيدًا عن ادعاءات تركيا، فأن التنظيمات المسلحة التي شكلها “ارمن سوريا” قد انتقلت بالفعل إلى آرتساخ للمشاركة في الحرب ضد التحالف الاذربيجاني التركي، كذا بعض الأكراد الذين شاركوا في الحرب السورية وينظرون إلى أرمينيا باعتبارها وطنهم الام، بالإضافة إلى الأقلية الكردية في أرمينيا وآرتساخ، وهو ما جعل بعض المثقفين الكرد يتحدثون أن مشاركة بعض الأكراد في جيوش أرمينيا وآرتساخ يرجع إلى حقيقة انهم من أهل الدولتين ويحملون جنسيتها.
رئيس جمهورية آرتساخ آرايك هاروتيونيان أوضح في أكثر من تصريح صحفي أن تركيا نقلت عشرات المسلحين السوريين أو ما يطلق عليهم المرتزقة السوريين من ليبيا وشمال سوريا إلى أذربيجان للقتال بجانب الجيش الاذري، وهم المسلحين الذين شاركوا في تأسيس عشرات المنظمات العسكرية في الحرب السورية ولعل أهم تنظيم سوري يشارك في الحرب مع أذربيجان هو “الجيش السوري الحر”.
لم يخف الاتراك مشاركة المرتزقة السوريين بقرار من الرئيس رجب طيب أردوغان، بل وحتى موسكو اكدت رصدها للمرتزقة السوريين في صفوف جيش أذربيجان.
الإسلام السياسي السني يتحالف مع أذربيجان الشيعية
وفيما يتعلق بديموغرافية أذربيجان، فهي تضم أقليات كردية وتركية وقومية ليزيجيون Lezgins وقومية طاليون أو طاليش Talysh إلى جانب اذربيجانيين يهود، ولعل المفارقة أن المذهب الشيعي هو الأكثر انتشارًا بين أذربيجان التي يعتبر أكثر من 90 % من سكانها مسلمين شيعة.
ولعل المفارقة هنا تكمن في أن النظام التركي والجيش السوري الحر ومنظمات المرتزقة السوريين الذي ينتمي اغلبهم إلى الإسلام السياسي السني أو حركات مدنية عسكرية تدعي انها ضد التهميش الذى جرى للسنة في سوريا على يد النظام السوري الذى وصفوه بـ”النظام النصيري” و”العلوي” و”الشيعي” بينما سقطت كافة تلك الديباجات اليوم والمرتزقة السوريين السنة والنظام التركي السني يذهب في حرب مع أذربيجان الشيعية ما يوضح بجلاء أن ما يجري على الساحة هي حسابات سياسية ومشاريع إقليمية بحتة بينما الدين هو مجرد قناع للإسلام السياسي والمشاريع الإقليمية التي تستخدمه في تركيا وايران وغيرها.
وهذه ليست المرة الأولى التي يبدي فيها الإسلام السياسي السني تعاونًا مع أذربيجان، اذ سبق في تسعينات القرن العشرين أن اتخذ أيمن الظواهري – قائد الجماعة الإسلامية المصرية ثم احدى مؤسسي تنظيم القاعدة والرجل الأول في التنظيم اليوم – من أذربيجان مقرًا له للتسلل إلى جمهورية داغستان الروسية حينما كان مطلوبًا من مهندسي الإرهاب الإسلامي في أفغانستان أن يكرروا اسقاط روسيا الفيدرالية بنفس طريقة اسقاط روسيا السوفيتية عبر حزام من الجماعات الإسلامية الا أن بوتين استطاع سحق تلك التنظيمات في الشيشان وداغستان في الأعوام الاولي من حكمه.
والحاصل ان أذربيجان كانت معبرًا رئيسيًا للإرهاب منذ سنوات الحرب الباردة إلى سنوات الربيع العربي، منذ الإرهاب الذاهب إلى أفغانستان في سنوات الحرب مع الاتحاد السوفيتي ولاحقاً في سنوات اصطياد روسيا الفيدرالية في الشيشان وداغستان، ولاحقاً في سنوات الربيع العربي كانت أذربيجان محطة مهمة لتوصيل عناصر الجماعات الإرهابية في الشيشان وداغستان وتركستان الصين من شرق آسيا إلى سوريا عبر أذربيجان ثم تركيا.
هل ينفذ أردوغان رؤية أوباما؟
وكانت رؤية إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في رعاية صعود الإسلام السياسي في دول ما سمى الربيع العربي هو رعاية تركيا نقل العنف الذي تمارسه الجماعات الإسلامية من دول الربيع العربي إلى الجمهوريات المسلمة في روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة.
واليوم فأن أردوغان ورغم كافة الإخفاقات التي نالتها تركيا في دول ومخططات الربيع العربي الا أن الرئيس التركي ينفذ بالفعل رؤية أوباما بنقل “إرهابيو الربيع العربي” من سوريا وليبيا إلى دور الجوار التركي والجمهوريات السوفيتية السابقة عبر نقل المرتزقة السوريين من شمال سوريا وغرب ليبيا إلى أذربيجان وحدودها المتاخمة لأرمينيا، ولعل هذا يوضح سبب اصطفاف روسيا بجانب أرمينيا منذ عام 1991 حتي اليوم، اذ تدرك موسكو جيدًا العلاقات الحسنة بين أذربيجان والغرب أو أذربيجان وإسرائيل وحتى أذربيجان وتركيا وأن كافة تلك المحاور الدبلوماسية تحاول تصدير المشاكل للداخل الروسي انطلاقًا من أذربيجان.
وتدعي انقرة أن هنالك ست دول يسكنها شعوب تركية هي أذربيجان وجمهورية شمال قبرص التركية وتركمانستان وأوزبكستان وقيرقيزستان وكازاخستان، وعلى ضوء هذا الادعاء أسس أردوغان في سبتمبر 2010 ما اسماه المجلس التركي وهو منظمة إقليمية تضم الدول التي تدعي انها تتحدث بلغة وثقافة تركية.
ويلاحظ أن كافة الدول باستثناء قبرص التركية هي جمهوريات سوفيتية سابقة ولم يفت على موسكو أن هذا التحالف ما هو توجه امريكي لتوطين الإسلام السياسي في دول الجوار الروسي والدول السوفيتية السابقة.
الدور الإيراني في حرب أوراسيا
وإذا كان الغرب وإسرائيل قد اصطفوا خلف أذربيجان لتفجير أوراسيا بوجه روسيا، وقررت تركيا استغلال رغبة الغرب والدخول في تحالف مع أذربيجان لتطويق الأرمن وكرد أرمينيا وآرتساخ، ونشر التتريك والإسلام السياسي في اسيا الوسطي، ما يجعل دوافع دعم روسيا لأرمينيا وآرتساخ مفهومة، الا أن الدور الإيراني في هذه الازمة اتخذ ملامح منفردة عن كل ما سبق في أوراسيا أو السياسة الخارجية الإيرانية.
نصبت طهران نظامها السياسي المعروف بـ “الجمهورية الإسلامية الإيرانية” باعتباره زعيمًا للإسلام السياسي الشيعي والأب الروحي والديني للشيعة حول العالم اجمع، وكانت تلك البوابة الطائفية هي مدخل إيران الخمينية إلى لبنان عبر الثنائي الشيعي “حركة أمل وحزب الله” والديموغرافية الشيعية في محافظات الساحل السوري، وفى العراق عبر ملالي النجف الاشرف وآل الصدر وآل الحكيم وحزب الدعوة الإسلامية وفى اليمن عبر التيار الحوثي وصولاً إلى شيعة باكستان والهند وأفغانستان.
ولكن مع أذربيجان فإن إيران الخمينية اتخذت صف أرمينيا المسيحية وليس أذربيجان الشيعية، ويعود السبب في ذلك إلى أن العرق الاذري له امتداد قوي في الداخل الإيراني، بل وتطل الحدود الإيرانية الأذربيجانية على معقل الاذريين في إيران، الا وهي “محافظة أذربيجان شرقي” و”محافظة أذربيجان غربي” شمال غرب إيران.
تتخوف إيران من قيام أذربيجان الكبرى إذا ما التهمت أذربيجان جيرانها آرتساخ وحتى أرمينيا، وقتها فأن أذربيجان سوف تطالب بالأقاليم الآذرية داخل الأراضي الإيرانية وبالتالي فأنه من مصلحة إيران أن تبقي أذربيجان في حالة حرب ومهزومة امام أرمينيا وآرتساخ بل وحتى الأكراد اذا ما لزم الامر.
يتضح لنا أن زعيمة الإسلام السياسي الشيعي كما الحال مع تركيا التي تحاول أن تتزعم الإسلام السياسي السني، أن الإسلام السياسي ما هو الا مجرد قناع هزلي هزيل لمشروع إقليمي امبريالي لا يعرف الا لغة السياسة والمصالح، تشابكت مصالح إيران مع أرمينيا المسيحية وحركة حماس السنية لذا لا عجب أن نرى تنسيق إيراني عالي المستوى وحينما تعارضت مصالح إيران الخمينية مع أذربيجان الشيعية رأينا خصومة إيرانية مع أذربيجان عالية النطاق وصلت إلى التنسيق مع الجار الأرميني الأرثودوكسي ضد الشعب الاذربيجاني الشيعي!
تطويق روسيا بحزام من الفوضى
ولا يمكن تجاهل تزامن اندلاع حرب أوراسيا بين أذربيجان وأرمينيا في نفس توقيت الفوضى التي تضرب بيلاروسيا على الحدود مع روسيا الفيدرالية، وعلى ما يبدو أن مخططات الربيع العربي لنقل الفوضى السورية والليبية إلى الحدود الروسية قد بدأت تطل على مجريات الاحداث خلال عام 2020، في محاولة من الغرب لإرهاق موسكو بحزام من المشاكل الإقليمية على حدودها الغربية.
باحث سياسي