دول الخليج العربي

الأمير “نواف”.. تحديات القيادة والسياسة الخارجية

تولي الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح سدة الحكم في الكويت، خلفًا للأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وقد أدى الشيخ نواف الأحمد الصباح اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة في 30 سبتمبر .2020 وعقب أدائه اليمين الدستورية، قال أمام مجلس الأمة إن الكويت تعرضت “خلال تاريخها الطويل إلى تحديات جادة ومحن قاسية نجحنا بتجاوزها متعاونين متكاتفين، وعبرنا بسفينة الكويت إلى بر الأمان”. وأكد أن الكويت تواجه “ظروفًا دقيقة وتحديات خطيرة”، داعيًا إلى مواجهتها عبر وحدة الصف وتضافر الجهود، مؤكدًا اعتزازه بدستور البلاد ونهجها الديمقراطي.

والشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح له خبرة في المجال الأمني الداخلي، إذ تقلد لمدة تسع سنوات مهام نائب الحرس الوطني الكويتي، كما شغل منصب وزير الداخلية لمدة 12 عامًا، وفى يناير1988 تولى منصب وزير الدفاع. وقد أصبح وليًا للعهد في 2006، وبعدما أُدخل الشيخ صباح، المستشفى في يوليو الماضي لإجراء فحوص طبية، صدر أمر أميري بتولي الشيخ نواف بعض الصلاحيات الدستورية الخاصة بأمير البلاد بصورة مؤقتة، إلى أن أصبح الأمير لدولة الكويت بعد وفاة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.

ومنذ إتمام عملية انتقال الحكم، والتساؤلات تدور حول مستقبل السياسة الداخلية والخارجية للكويت، وهل ستتغير وفقًا لرؤية الأمير الجديد، أم أنه سيمضي على نفس نهج الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، ولمعرفة ذلك يتطلب تناول أبرز التحديات التي تواجه الأمير الجديد ومحاولة استشراف تعامله معها. 

التحديات الداخلية

يواجه أمير الكويت الجديد عددًا من التحديات الداخلية، ويتضح ذلك على النحو التالي: 

  • تسمية ولى العهد: يتعين على الأمير الجديد وفقًا للمادة الرابعة من الدستور الكويتي تسمية ولي عهد خلال سنة من تاريخ توليه منصب الإمارة، على أن تتم تسميته بأمر أميري وبناء على تزكية من الأمير ومبايعة من مجلس الأمة، وتتم في جلسة خاصة. وتدور النقاشات حول أسماء عدة لتولي منصب ولاية العهد. وتبرز ثلاثة أسماء تتنافس فيما بينها على موقع ولاية العهد، وهي الشيخ مشعل الأحمد الجابر، أحد إخوة الأمير الذي يشغل موقع نائب رئيس الحرس الوطني، والشيخ ناصر المحمد رئيس الوزراء السابق، والشيخ ناصر الصباح ابن الأمير الراحل.
  • تنويع مصادر الدخل: يتولى الأمير الجديد للبلاد السلطة في وقت تواجه فيه الكويت تحديات اقتصادية ناجمة عن انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا التي تسبت في إغلاق الأنشطة الاقتصادية. ويتعين خلق موارد اقتصادية جديدة للخروج من الأزمة الاقتصادية، وليس الاعتماد كليًا على مورد النفط، ومن شأن ذك أن يساعد على تحقيق التنويع الاقتصادي، والابتعاد عن مخاطر الانهيار في أسعار النفط. 
  • جائحة كورونا: تُعد جائحة فيروس كورونا من التحديات التي تواجه أمير الكويت الجديد، خاصة مع تفشي الموجة الثانية من فيروس كورونا، وهناك تخوف من تزايد حالات الإصابة والوفيات، ولتجنيب البلاد تفشي جائحة كورونا، يرتبط ذلك بالقرارات التي سوف يتخذها الأمير الجديد للخروج من الأزمة بأقل الخسائر الممكنة.
  • مكافحة الفساد: صرح الشيخ نواف الأحمد حينما كان يتولى منصب ولى العهد في 23 أغسطس الماضي، “أن محاربة الفساد ليست خيارًا بل هي واجب شرعي واستحقاق دستوري ومسؤولية أخلاقية ومشروع وطني يشترك الجميع في تحمل مسؤوليته”. وتؤكد هذه التصريحات أن هناك عزمًا على التصدي لملفات الفساد بكل أنواعها، وفق الأطر القانونية والدستورية، وتطبيق القانون من دون وجود محاباة أو استثناءات لأية فئة أو شخص.

التحديات الخارجية

امتازت السياسة الخارجية للكويت في فترة الأمير الراحل الشيخ صباح الجابر الصباح بلعب دور حيادي ووسيط بين عدة أطراف سياسية في المنطقة وحول العالم، وحافظت الكويت طوال العقود الماضية على الابتعاد عن سياسة المحاور الإقليمية أو الدخول في الصراعات التي تشهدها المنطقة، وتفضيلها لعب دور الوسيط.

وقد تسلم الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح الحكم في الكويت في مرحلة حساسة بفعل التوترات الإقليمية وعدم الاستقرار في المنطقة، وفيما يلي سيتم توضيح أبرز التحديات الخارجية أمام أمير الكويت الجديد:

  • الأزمة الخليجية: اختار أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح الحياد في الأزمة الخليجية، وحاول تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الخليجيين، وتجنيب المزيد من التصعيد. وفيما يتعلق بتوجه أمير الكويت الجديد الشيخ نواف الأحمد، فنجد أنه يولي أهمية خاصة لأمن دول الخليج العربي، ويؤكد أن الأمن العربي كل لا يتجزأ. وفى ضوء ذلك من المرجح أن يواصل الشيخ نواف نهج أخيه الراحل في إيجاد دبلوماسية متزنة وعاقلة في المنطقة، والتوسط لرأب الصدع في علاقات الدول العربية، ومواصلة لعب دور الوساطة في الأزمة الخليجية.
  • التطبيع مع إسرائيل: فالموقف الكويتي يرفض التطبيع مع إسرائيل ويؤيد القضية الفلسطينية والتمسك بحل الدولتين والتأكيد على عدم قبول أي تطبيع ما لم يكن هناك حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، وحتى في غياب الشيخ صباح في أزمته المرضية استمرت السياسة الكويتية برفض التطبيع. 

العلاقات مع إيران: شهدت العلاقات بين الكويت وإيران حالات من الصعود والهبوط، وتتأرجح العلاقات الكويتية الإيرانية بين التعاون والتوتر والتهدئة، فتارة تكون العلاقات ودودة بين البلدين وتارة أخرى تقترب من الانقطاع، فبشكل عام تتسم العلاقات بالوديّة مع مراعاة أخذ الحيطة والحذر والمطالبة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية ومراعاة حسن الجوار. وقد سعى الأمير الراحل الشيخ صباح لتحقيق التوازن في علاقات بلاده مع إيران، كما حافظ على العلاقة المتينة بين بلاده والولايات المتحدة التي قادت تحالفًا أنهى الاحتلال العراقي للكويت عام 1991.

وفى ضوء ما سبق، فمن المرجح أن العلاقات بين الكويت وإيران في عهد الأمير الجديد ستحظى بالنوع من التوازن بسبب الوجود الشيعي في الكويت ومدى التأثير الإيراني عليه في المستقبل.وفى الختام، يمكن القول إن أحد أهم ما ميز عملية انتقال السلطة في الكويت السلاسة التي تمت بها الأمور، ويعود ذلك لقانون توارث الإمارة الذي ساعد على انتقال الحكم بسلاسة وهدوء بفضل النظام الدستوري.وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه الأمير الجديد سيكون الأولوية لترتيب البيت الداخلي وحل الأزمة الاقتصادية، وفيما يتعلق بملف السياسة الخارجية فمن المرجح أن تواصل الكويت خلال حكم الأمير نواف العمل من أجل الاستقرار من خلال الاحتفاظ بعلاقات طيبة مع الدول المجاورة، ولا يوجد أي مؤشر على تغير السياسة الخارجية خاصة أن الأمير الجديد كان وليًا للعهد ويعمل مع الأمير الراحل منذ 2006، بالتالي سوف يسير على نفس نهج الأمير الراحل.

+ posts

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

أسماء عادل

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى