
“مصر والتغيرات المناخية ‘ ..جهود ملموسة للحفاظ على البيئة إقليميا ودوليا
كتبت : داليا يسري
ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي –أمس 30 سبتمبر- كلمة مُتلفزة خلال الاحتفال بمرور خمس وسبعين عامًا على تأسيس منظمة الأمم المتحدة.
استعرض السيسي خلا كلمته الآثار المترتبة على التدهور المضطرد في التنوع البيولوجي، والوتيرة المتسارعة لفقدان الموارد الطبيعية على كوكب الأرض نتيجة التدخل البشري في الحياة الطبيعية والنظم الحيوية.
ودعا السيسي إلى ضرورة سرعة التحرك بشكل أكثر تنسيقًا وفاعلية لمواجهة هذه التطورات، التي تُهدد العالم أجمع، وتعمل على تعميق الفوارق بين الدول النامية والدول المتقدمة. كما تحد من القدرة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة لشعوب الدول النامية والأقل نموًا. كما شدد الرئيس على مخاطر التغيرات المناخية، وما يتصل بها من فقدان للتنوع البيولوجي، وذكر أن البشرية أمام اختبار حقيقي في علاقتها مع الطبيعة.
وانطلاقًا من البيئة المتنوعة التي تتمتع بها مصر، وإيمانًا من الدولة بضرورة الحفاظ على البيئة بشتى أنواعها وأشكالها، والاهتمام بمكافحة تغيرات المناخ. كانت الدولة المصرية بالفعل، قد اتخذت خلال السنوات الماضية عددًا من الخطوات –على الصعيدين المحلي والدولي- وبذلت العديد من الجهود المتعلقة بمجالات الحفاظ على البيئة ومكافحة التغيرات المناخية.
في 6 سنوات.. أبرز إنجازات وزارة البيئة على المستوى المحلي
نجحت الدولة خلال سنوات قليلة فقط في إنجاز العديد من النجاحات والأهداف المتعلقة بمجالات مكافحة التلوث والحفاظ على البيئة والحياة البرية على المستوى المحلي. كما بذلت الدولة العديد من الجهود كان من أبرزها أن شهد العام 2019، إعادة تشكيل المجلس الوطني للتغيرات المناخية برئاسة رئيس الوزراء، كما تم إعادة تشكيل المجلس الوطني للتغيرات المناخية برئاسة رئيس الوزراء وعضوية مجموعة من الوزراء المعنين ويختص المجلس بصياغة الاستراتيجيات وسياسات تغير المناخ في مصر.
وفيما يتعلق بالحفاظ على البيئة، عملت الدولة على أصعدة مختلفة. كان من ضمنها العمل على:
تحسين جودة الهواء: فقد وصل عدد محطات رصد نوعية الهواء المحيط الى 105 محطة رصد على مستوى الجمهورية. وقامت الدولة بوضع خطة تهدف إلى أن يصل عدد هذه المحطات الى 120 محطة بحلول عام 2030. كما وصل عدد المنشآت الصناعية المرتبطة بالشبكة القومية لرصد الانبعاثات الصناعية إلى “73” منشأة، بعدد “331” نقطة رصد. وذلك بهدف خفض التلوث بالجسيمات الصلبة بنسبة 50% بنهاية عام 2030.
مكافحة التلوث الضوضائي: نجحت مصر في خفض مستويات الضوضاء بزيادة عدد محطات رصد مستويات الضوضاء المرتبطة بالشبكة القومية لرصد مستويات الضوضاء إلى 35 محطة موزعة على محافظات القاهرة الكبرى، وبعض مدن المحافظات المأهولة بالسكان. كما استطاعت الدولة أن تخفض مستويات الضوضاء في عدد من المواقع بنسبة تتراوح من 5- 10% بمحافظات القاهرة الكبرى، وإعداد الخرائط الإلكترونية لمستويات الضوضاء البيئية.
الإدارة المتكاملة للمخلفات: تم وضع منظومة متكاملة لإدارة المخلفات في مصر تقوم على دراسات واقعية لأجل دراسة أوضاع المخلفات في كافة المحافظات المصرية ووضع السياسات والاستراتيجيات اللازمة لتنفيذها بفاعلية وكفاءة وضمان استدامتها. فقد شهدت الـ 6 سنوات الأخيرة، انشاء جهاز تنظيم وإدارة المخلفات التابع لوزارة البيئة بموجب قرار رئاسة الوزراء رقم 3005 لعام 2015. وقامت وزارة البيئة كذلك بإعداد 27 مخطط لمنظومة إدارة المخلفات الصلبة بالمحافظات المصرية من خلال جمع كافة المعلومات والدراسات المطلوبة ووضع تصور للتعامل تبعا لطبيعة كل محافظة. بالإضافة إلى إقامة حوار مجتمعي مع الشباب لرفع الوعي بأهمية المنظومة الجديدة للنظافة وكيفية المشاركة فيها. كما صدق رئيس مجلس الوزراء على تعريفة تحويل المخلفات إلى طاقة من أجل تشجيع الاستثمار. وتم إعداد الدراسات الاقتصادية الخاصة بتحديد قيمة التعريفة للكهرباء المتولدة من المخلفات بالتنسيق مع مرفق جهاز تنظيم الكهرباء، حيث تم تحديد التعريفة بقيمة 140 قرش/ ك وات واعتمادها من مجلس الوزراء، وإعداد قانون المخلفات الموحد والذي أصبح على طاولة مجلس النواب لمناقشته لإقراره. واهتمت وزارة البيئة باتخاذ الإجراءات اللازمة للقضاء على المقالب العشوائية للقمامة خاصة في القاهرة الكبرى. وفي هذا السياق، قامت الوزارة بإنشاء عدد من مصانع تدوير المخلفات من ضمنها مصنع العدوة بالمنيا بتكلفة تصل إلى 32 مليون جنيه. وساهمت في انشاء مصنع تدوير المخلفات بشبين الكوم بتكلفة 15,5 مليون جنيه، بالإضافة الى تطوير ورفع كفاءة عدد 5 مصانع لتدوير المخلفات بكفر الشيخ وقنا والغربية. ودعمت الوزارة انشاء المدافن الصحية ووضعت مخطط لإنشاء عدد 24 مدفن صحي بالجمهورية مع التخطيط لمتابعة الاشتراطات البيئية اللازمة لهم. وبالإضافة الى ذلك، قامت الوزارة بالمساهمة في رفع تراكمات المخلفات جنبًا الى جنب مع العلم على مشروع رفع التراكمات من المحطات الوسيطة ودعم منظومة إدارة المخلفات البلدية في محافظة الإسكندرية بتكلفة قرابة الـ 200 مليون جنيه.

التخلص من الملوثات العضوية: نجحت وزارة البيئة من خلال الإدارة المستدامة للملوثات العضوية الثابتة وبالتعاون مع الجهات المعنية في التخلص من 185 طن من المعدات والزيوت الملوثة بمادة (PCBs). كما تم التخلص من 241 طن من مادة اللاندين عالية الخطورة والمتراكمة بميناء الأدبية منذ ما يقارب 30 عاماً بالإضافة إلى 471 طن من لمبيدات المهجورة من مخازن وزارة الزراعة بالصف، حيث تم شحنهم والتخلص الآمن منهم بمنشآت متخصصة خارج البلاد، وجاري حالياً العمل للتخلص مما يقارب 300 طن أخرى من المبيدات المهجورة بالإضافة إلى معالجة 1000 طن من الزيوت الملوثة بمادة (PCBs) بتكلفة 6.669 مليون دولار.
المحميات الطبيعية: حظي هذا الملف بدعم واهتمام الدولة منذ اليوم الأول لتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة. فقد تم العمل على تحسين البنية التحتية والخدمات المقدمة للزوار بعدد ١٢ محمية بربوع مصر، ومنها إنشاء مراكز الزوار بمحمية رأس محمد ومحميات الفيوم. بالإضافة إلى دمج المجتمع المحلى بالمحميات في انشطتها بغرض تنميتهم اقتصاديا واجتماعيا من خلال توفير فرص عمل مستدامة ومثال لذلك ففي مساعدة سكان محمية سانت كاترين على الاستفادة بما تحويه من النباتات الطبية ببيعها. ومن أهم مشروعات تطوير المحميات، مشروع تطوير السقالات والمماشي البحرية بمحميتي نبق وأبوجالوم بتكلفة تقدر بحوالي 8.5مليون جنيه، كذلك مشروع تطوير وإنشاء وحدات سكنية بقرية الغرقانة بمحمية نبق بتكلفة تقدر بحوالي 50مليون جنيه، وإنشاء متحف الحفريات وتغير المناخ بمنطقة وادي الحيتان بمحمية وادي الريان، والمتحف المفتوح بمنطقة جبل قطراني بمحمية قارون.
الحفاظ على الحياة في مناطق الغوص: تم اعداد خطة ادارة مناطق الغوص بالبحر الاحمر وخليج العقبة لضمان حماية الموارد الطبيعية وتعظيم فوائدها والحفاظ على استدامتها. وصدر قرار من وزارة البيئة بدعم من رئيس مجلس الوزراء لأجل تحصيل رسوم مقابل الأنشطة داخل المحميات الطبيعية بهدف تنظيمها للحفاظ على موارد المحميات وتحقيق استدامتها للأجيال القادمة.
التشجير: تم تنفيذ عدد من الأنشطة في مجال التشجير لتحسين نوعية الهواء ومكافحة التصحر والاحتباس الحراري، ومنها تنفيذ مبادرة رئيس الجمهورية لتشجير محافظات الجمهورية تحت عنوان “اتحضر للأخضر”، والتي تعتبر رسالة قوية أكدت أن البيئة أصبحت بالفعل واحدة من الأولويات الوطنية وتحظى باهتمام القيادة السياسية.
الحفاظ على الاشتراطات البيئية: يوجه الرئيس السيسي دائما بضرورة الالتزام بالاشتراطات البيئية عند بناء المصانع وتشغيلها وأيضا في كافة المشروعات القومية التي تقام حيث أن الحفاظ على الاشتراطات البيئية يعنى حماية صحة المواطنين والحفاظ على حياتهم. وفي هذا الصدد، رصدت الحكومة مبلغ 12.35 مليار جنيه لتنفيذ مشروعات تتعلق بالمسألة البيئية، وذلك لخفض أحمال التلوث بأنواعه على المجاري المائية. كما تم إعداد خطط لخفض الانبعاثات على المستوى القطاعيّ لأربعة مصانع بالقطاعين العام والخاص في صناعة الأسمدة والحديد والصلب، إضافة لتوريد أجهزة طبية خالية من الزئبق ومستلزمات الإدارة السليمة للتخلص من النفايات الطبية لخمس مستشفيات بمحافظتي الشرقية والغربية، كما تم التخلص من 800 طن من المخلفات الإلكترونية و1000 طن من المبيدات منتهية الصلاحية عالية الخطورة، وإنشاء 6 مصانع لمعالجة وتدوير المخلفات بالمحافظات.
جهود إقليمية وعالمية بأيادٍ مصرية لأجل الحفاظ على البيئة
أطلقت مصر خلال مؤتمر الأطراف الرابع عشر، الذي أقيم في مدينة شرم الشيخ عام 2018، مسار للتفاوض حول الإطار العالمي للتنوع البيولوجي لما بعد 2020. ولقد سعى هذا الإطار إلى بلوغ أهداف طموحة مدعومة بوسائل التنفيذ وآلياته. كما حرصت مصر خلال السنوات الماضية، على العمل مع كافة أصحاب المصلحة بغرض ضمان خروج إطار التنوع البيولوجي لما بعد 2020 على نحو عادل ومتوازن.
وهناك أيضًا، المبادرة الشاملة التي تهدف إلى دمج التنوع البيولوجي في القطاعات النوعية المختلفة، والتي تم اطلاقها في نفس المؤتمر المذكور أعلاه. وتلك المبادرة تهدف إلى تحقيق التكامل بين اتفاقيات “ريو الثلاث” المعنية بتغيير المناخ، والتنوع البيولوجي، ومكافحة التصحر. ولقد بذلت مصر الكثير من الجهود المشتركة لأجل دفع هذه المبادرة نحو الأمام.

علاوة على ذلك، ترأست مصر تحالف التكيف مع إنجلترا في الفترة من أبريل إلى سبتمبر 2019. كما شاركت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة المصرية بالإضافة الى وفد مرافق لها في الاجتماعات التحضيرية لقمة المناخ، التي انعقدت في سبتمبر 2019 بأبو ظبي. ولقد ترتب على هذا الحدث اعلان أكثر من 110 دولة و70 منظمة أنه سوف يتم رصد تمويل لأجل موضوعات التكيف البيئي.
وتم حشد ما يقرب من 500 مليون دولار أمريكي لتنفيذ مشروعات تربط بين تغير المناخ والتنوع البيولوجي من مرفق البيئة العالمي، وذلك بما يتماشى مع تنفيذ مبادرة رئيس الجمهورية الخاصة بالربط بين الاتفاقيات الثلاث، والتي تم إطلاقها في مؤتمر التنوع البيولوجي، بالإضافة إلى الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع الخريطة التفاعلية لمخاطر ظاهرة التغيرات المناخية على مصر بالتعاون مع إدارة المساحة العسكرية والهيئة العامة للأرصاد الجوية ومركز بحوث المياه التابع لوزارة الموارد المائية والري.
وعلى الصعيد الإفريقي، بذلت مصر جهود حثيثة لأجل الحفاظ على التنوع البيولوجي ووقف تدهورا لموارد الطبيعية في القارة الأفريقية. فقد استضافت مصر على هامش نفس المؤتمر بشرم الشيخ، اجتماعًا أفريقيًا رفيع المستوى. تم خلاله تناول أولويات القارة لأجل الحفاظ على ثرواتها الطبيعية المتنوعة، وذلك انطلاقًا من أن قدرة الدول النامية، لاسيما الأفريقية، على المشاركة في هذه الجهود الدولية مرهونة دائما بما تحصل عليه من دعم عبر توفير التمويل، ونقل التكنولوجيا، وبناء القدرات. واستنادًا الى مبدأ المسؤولية المشتركة متباينة الأعباء.
باحث أول بالمرصد المصري