الصحافة الإسرائيلية

هآرتس: هل يشكل نتنياهو وأردوغان تحالفًا غير متوقع ضد إيران في إقليم ناجورنو كاراباخ؟

عرض – هبة شكري

نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تقريرًا تحت عنوان “هل يشكل نتنياهو وأردوغان تحالفًا غير متوقع ضد إيران في إقليم ناجورنو كاراباخ؟”، أشار في بدايته إلى صفقات الأسلحة الواسعة التي تتم بين كل من إسرائيل وأذربيجان، حيث ذكر أن هبوط طائرات الشحن الأذرية في قواعد القوات الجوية الإسرائيلية في النقب يعد مشهدًا مألوفًا نسبيًا، إلا أنه ألمح إلى أن توقيت هبوط طائرتين من طراز إليوشن إيل 76 في عوفدا بإسرائيل قبل يومين فقط من تصعيد في الصراع الدائر بين أذربيجان وأرمينيا، وما تلاهما من طائرتين بعدها بأيام يشير إلى تجهيز القوات الأذربيجانية مسبقاً لتجديد القتال في إقليم ناجورنو كاراباخ.

ولفتت الصحيفة إلى امتناع الحكومة الإسرائيلية عن الإدلاء بأية تصريحات حول الوضع في جنوب القوقاز، حتى لا تبدو منحازة رسميا لأي من الأطراف، حرصًا على علاقاتها من أرمينيا التي لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، والتي افتتحت قبل أسابيع أول سفارة لها في تل أبيب. وأضاف التقرير أن هناك تأكيدًا من قبل المسؤولين الإسرائيليين على أن إسرائيل لديها مصالح مع كلا الجانبين، فضلاً عن تأكيدهم على عدم وجود نية لدى إسرائيل لتحدي الحكومة الروسية علنًا والتي تدعم أرمينيا في الوقت الذي تبيع فيه الأسلحة لأذربيجان أيضًا.

تناول التقرير العلاقات بين أذربيجان وإسرائيل، حيث تعتبر إسرائيل أذربيجان حليفا استراتيجيا، وتتم بينهما صفقات الأسلحة المربحة التي تشمل طائرات بدون طيار وصواريخ وأنظمة رادار، فضلاً عن ذلك، رأى معد التقرير أن حكومة أذربيجان الكليبتوقراطية – بمعنى نظام حكم اللصوص- حسبما وصفه، والتي تقع على بحر قزوين تعد مصدرًا للنفط الذي تشتريه إسرائيل. ومن جانب آخر، فبسبب موقعها الجغرافي، تُعد أذربيجان “باباً خلفيًا” لإيران، تقوم باستغلاله  لأغراض استخباراتية، خاصة وأن أذربيجان ذات الأغلبية الشيعية تعتبر دولة علمانية ولطالما شككت في الطموحات الثورية للجمهورية الإسلامية في جنوبها.

واستطرد التقرير، أن أذربيجان تربطها علاقات عرقية قوية أيضاً بتركيا، وفقًا للتقارير الواردة من ناجورنو كاراباخ، ومعظمها من مصادر أرمنية. حيث يزعم الأرمن أنه تم استخدام طائرات تركية بدون طيار، وأن مقاتلة تركية من طراز F16أسقطت إحدى طائراتها، هذا فضلاً عن ادعائها بانتشار مقاتلين سوريين من الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا في أذربيجان، لكن تركيا نفت التقارير التي تتحدث عن تورطها عسكريا حسبما ذكرت الصحيفة، لكنها تدعم جهارا أذربيجان.

ولفت التقرير إلى أنه لأول مرة منذ فترة طويلة  تبدو إسرائيل على توافق مع تركيا، وهو ما دفع إلى طرح التساؤل حول مدى وجود مصلحة مشتركة مؤقتة بين الطرفين، أم أنها مؤشر على استمرار التحالف القديم بين إسرائيل وتركيا؟ ورداَ على هذا التساؤل، ذكر التقرير أنه على مدى السنوات الـ 12 الماضية ، منذ عملية “الرصاص المصبوب” الإسرائيلية في غزة، بدأ التراجع في العلاقات بين الدولتين. 

وأضاف، أنه في بداية تطور العلاقات بين تل أبيب و أنقرة كان يُعتقد أن هذا التطور جاء بسبب محاولات رجب طيب أردوغان تعزيز موقعه في المنطقة. أما اليوم، فهناك إجماع في المؤسسة الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية على استبدادية أردوغان المتزايدة ومعاداته للسامية الغير قابلة للتعديل، وهو ما يترتب عليه أنه لطالما ظل أردوغان زعيم تركيا، فليس هناك أي احتمال لإحداث تحسن حقيقي في هذه العلاقات.

وذكر التقرير، أنه على الرغم من أن تركيا نفسها لا تزال تحتفظ بعلاقات دبلوماسية منخفضة المستوى وعلاقات تجارية واسعة مع إسرائيل، فقد أدان أردوغان بشدة اتفاق التطبيع الأخير بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين. وفي إشارة إلى الدعم التركي لحماس، أكد التقرير أنه خلال السنوات الأخيرة ، بدأت تركيا في استضافة قادة حماس الرئيسيين ، مما سمح لهم بإنشاء مكاتب في اسطنبول وقامت بمنح بعضهم الجنسية التركية، وهو ما  ويرجع جزئيًا إلى رغبة أردوغان في تصوير نفسه على أنه حامي الفلسطينيي، فضلاً عن تقاربه مع جماعة الإخوان المسلمين ، التي فقدت قاعدتها الأصلية في مصر بعد ما وصفته الصحيفة بالانقلاب عام 2013 على الرئيس آنذاك محمد مرسي .

واستطرد التقرير، أنه لا يزال هناك جدلاً دائراً داخل أجهزة المخابرات الإسرائيلية حول ما إذا كان الانفصال مع تركيا مؤقتاً بسبب أردوغان فقط أو أن التحول بينهما مستمر. وأضاف، أنه إلى حد كبير، تعتمد العلاقات على العلاقة الشخصية للمسئولين الإسرائيليين الحاليين مع المسئولين الأتراك في الماضي. حيث يرى أغلب من جمعتهم علاقات وثيقة بالأتراك من قبل أنه بمجرد رحيل أردوغان ستشهد العلاقات تحسناً.

من ناحية أخرى، رأى مُعد التقرير أن مسؤولي المخابرات في إسرائيل الذين رأوا كيف يتم توجيه عمليات حماس في الضفة الغربية بشكل متزايد من إسطنبول، وكيف أصبحت المخابرات التركية تحت سيطرة المقربين من أردوغان الذين يميلون إلى العمل عن كثب مع إيران، وهو ما جعلهم مقتنعون بأنه حتى لو أُجبر أردوغان على الاستقالة، أو توفي ، فقد يواصل خلفاؤه سياساته.

وفيما يتعلق بإيران، أورد التقرير أن العداء التاريخي بين العثمانيين والفرس، والتنافس على السيطرة في مختلف النقاط الساخنة في جميع أنحاء المنطقة، قد يجعل من الصعب على تركيا وإيران إنشاء تحالف دائم. حيث كانت إيران أحد الداعمين الرئيسيين لأرمينيا في ناجورنو كاراباخ، وهو ما خلق لإسرائيل فرصة للحوار عبر القنوات الخلفية مع تركيا في عهد أردوغان، وأشار معد التقرير إلى رغبته في توسيع الخلاف بين أنقرة وطهران.

أضاف التقرير، أنه على مر الزمان، كان حلفاء إسرائيل في المنطقة هم القوى غير العربية ، تركيا وإيران ، اللتين انضمتا إلى إسرائيل في تحالف الأطراف غير الرسمي ، الذي أسقطته الثورة الإسلامية الإيرانية في عام 1979، أما بعد صعود أردوغان منذ عام 2003 ، فقد أصبحت إسرائيل أقرب من أي وقت مضى إلى الكتلة الموالية للغرب من الدول العربية التي تشمل الإمارات والسعودية ومصر، والتي تشترك في عداء إسرائيل لإيران وتركيا، وتتنافس معها على الهيمنة الإقليمية في سلسلة من الصراعات بالوكالة في سوريا واليمن ولبنان وليبيا، وفقاً لما ورد بالتقرير.

واختتم التقرير بالإشارة إلى أن شحنات الأسلحة الإسرائيلية التي يتم إرسالها إلى أذربيجان وتفجٌّر النزاع في ناجورنو كاراباخ هو تذكير بأن التحالف الإسرائيلي التركي قد يمكن إحياؤه.


+ posts

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

هبة شكري

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى