
مركز إسرائيلي يتساءل: هل قدم الإخوان يد العون لطهران للالتفاف على العقوبات الأمريكية؟
عرض- مروة عبد الحليم
يتساءل الكثير من المحللين الغربيين حول مدى قدرة النظام الإيراني على البقاء تحت وطأة العقوبات الأمريكية القاسية. لكن ما لا يعرفونه أن هذا النظام يتفادى العقوبات المفروضة عليه بمعاونة مساعدين له في جميع أنحاء العالم منذ فترة طويلة.
وتشير الدلائل بقوة إلى أن جماعة الإخوان الإرهابية أحد أبرز الحلفاء للالتفاف على تلك العقوبات. وهو ما كشفه مركز “بيجن السادات الإسرائيلي””BESA“ للدراسات الاستراتيجية ، عبر دراسة بحثية للمحلل السياسي الإيراني المقيم بالولايات المتحدة “رضا برشيزاده”.
وطبقاً للدراسة، يتشارك النظام الشيعي المتطرف في طهران، وتنظيم الإخوان السني المتطرف في رؤية متماثلة لنهاية العالم. فكلاهما يؤمن بالإيديولوجية “الإسلاموية” الاستبدادية، والتي تنص على أن الإسلام يجب أن يحل بقوة محل جميع أساليب الحياة الأخرى. وكلاهما يتجاهل الحدود الوطنية ويسعى إلى إقامة أمة إسلامية قسرية عبر غزو الشرق الأوسط وباقي دول العالم.
وكان لسيد قطب العضو البارز في جماعة الإخوان الإرهابية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، الفضل في فتح أعين الإسلاميين الإيرانيين على إمكانية قيام “دولة إسلامية شاملة”. فكلا المجموعتين تكره الحضارة الغربية، والولايات المتحدة وإسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء قطر. وعلى الرغم من الاختلاف المذهبي بينهما إلا أنه كان يجمعهما تقارب أيديولوجي متعلق بالإسلام السياسي.
في الحقيقة، كانت جماعة الإخوان الإرهابية إحدى القوى الرئيسية التي دفعت الإسلاميين الشيعة إلى السلطة في إيران. فقد نقلت جماعة الإخوان خبرتها للإيرانيين في كيفية تقديم أنفسهم للغرب، وتسللهم للمؤسسات الثقافية والأكاديمية وتوجيه الرأي العام. حيث كانت البداية في الولايات المتحدة، عبر تأسيس الجمعية الطلابية الإسلامية الشيعية كخلية منشقة عن جمعية الطلاب المسلمين التابعة لجماعة الإخوان في أمريكا الشمالية.
وكان المركز الإسلامي في هامبورج، أول معهد شيعي مؤثر في الغرب، وكان يسير على نفس خطى الإخوان في التبشير والتواصل مع المثقفين الأوروبيين. ولا يزال هذا النهج مستمر في ممارسات الضغط التي يمارسها النظام الإيراني على الغرب.
وأشارت الدراسة، إلى أن جماعة الإخوان الإرهابية كان لها الفضل في تعليم الإسلاميين الشيعة كيفية تشكيل وتدريب الجنود. خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، تم تدريب العديد من الإسلاميين الإيرانيين في معسكرات حرب العصابات في مصر وسوريا تحت رعاية ضباط الجيش المتعاطفين مع الإخوان. ثم انتقلوا إلى لبنان لتأسيس حركة أمل الشيعية الراديكالية، التي سبقت حزب الله، لقلب اللبنانيين على إسرائيل والغرب، وتعاونت الحركة مع الإخوان لدفع البلاد ناحية الحرب الأهلية. هؤلاء المقاتلون المتشددون قاموا فيما بعد بإسقاط نظام الشاه الموالي للغرب في إيران.
كما ساعدت جماعة الإخوان الإرهابية، بعد الثورة الإسلامية وأثناء الحرب العراقية الإيرانية، النظام الإيراني في التهرب من العقوبات الدولية. واعترف بذلك يوسف ندا، الممول المعروف باسم “وزير خارجية” جماعة الإخوان، وأكد السياسي الإيراني إبراهيم يزدي، أن صندوق دار المال الإسلامي المرتبط بجماعة الإخوان ومقره جنيف كان له دور أساسي في شراء موارد عسكرية غيرت قواعد الحرب في إيران، بما في ذلك أجزاء الفانتوم.
في المقابل، كانت الإخوان موضع ترحاب في طهران. وكما ذكر ندى في مذكراته، حافظ الإخوان على علاقات ودية تجاوزت فترة الثمانينيات المضطربة والانتقالية. وبمجرد الإطاحة بنظام مبارك في عام 2011، قام النظام الإيراني، الذي وصف صعود جماعة الإخوان إلى السلطة بأنه “صحوة إسلامية”، بالتواصل مع حركة حماس وحكومة مرسي وسعى إلى تطبيع العلاقات مع مصر بعد ثلاثة عقود من الجمود الدبلوماسي.
وتوجه الرئيس المخلوع مرسي إلى طهران في أغسطس 2012 لحضور قمة حركة عدم الانحياز، في المقابل قام الرئيس السابق أحمدي نجاد بحضور قمة منظمة التعاون الإسلامي في القاهرة في فبراير 2013. ووافقوا في طهران على إعادة فتح السفارات، وأعلن أحمدي نجاد في القاهرة أن الجمهورية الإسلامية مستعدة لمنح مصر “قرضاً كبيراً”.
ولكن ذهب كل هذا هباء، بعد أن تم الإطاحة بمرسي، وعارض النظام الإيراني بشدة تولي السيسي للحكم. إلى جانب قناة الجزيرة، وتبنى إعلام النظام الإيراني موقفًا أحادي تجاه الأحداث الجارية في مصر والذي يتماشى مع رواية الجماعة الإرهابية.
وتشير الدراسة، أنه خلال رئاسة مرسي، زاد عملاء فيلق القدس بشكل كبير من أنشطتهم في مصر، واستفادوا من الاضطرابات التي أعقبت الثورة، ونقلوا الأسلحة والصواريخ إلى حماس عبر سيناء دون عوائق. لذلك، شهدت الفترة الفاصلة بين جماعة الإخوان في مصر تصعيدًا في عدوانية حماس تجاه إسرائيل، مما أدى في النهاية إلى اتخاذ إجراء إسرائيلي حاسم ضد فرع الإخوان في قطاع غزة في عام 2012. وأثناء محاكمته بعد إقالته، اتُهم مرسي و35 من الإخوان البارزين، بالتعاون مع الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وحماس بهدف ارتكاب أعمال إرهابية في مصر في الفترة بين 2005 و2013.
وفي أعقاب الإطاحة بمرسي، سعت جماعة الإخوان والنظام الإيراني إلى العمل معًا. ووفقًا لمعلومات مسربة، اجتمع ممثلون رفيعي المستوى من جماعة الإخوان والحرس الثوري في عام 2014 بأحد الفنادق في تركيا للتآمر ضد أعدائهم المشتركين وهم: المملكة العربية السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة. واتفقوا على أن يوفر الحرس الثوري القوة الصلبة بينما تستخدم الجماعة الإرهابية وتنظيماتهم الواسعة في 85 دولة لتوفير غطاء للعمليات الإرهابية.
وأوضحت الدراسة، أن النظام الإيراني استخدم المؤسسات المالية في تركيا وقطر، حيث تنتشر جماعة الإخوان هناك بقوة، لأغراض غسل الأموال وخرق العقوبات. وفي الآونة الأخيرة، اعترض النظام بشدة على تصنيف الولايات المتحدة لجماعة الإخوان كمنظمة إرهابية.
وطبقاً للدراسة، يمكن أن تكون المظاهر مضللة. في حين أن الانقسام الطائفي بين الشيعة والسنة موجود، وتم تجاوزه مرارًا وتكرارًا من قبل القوى الشائنة من أجل الضرورة. وعندما يتعلق الأمر بمواجهة الولايات المتحدة وشركائها الإقليميين، فإن نفس المبدأ ينطبق على جميع الإسلاميين. كما تظهر اعتراضاتهم الصاخبة على التقارب الأخير المدعوم من الولايات المتحدة بين إسرائيل والبحرين والإمارات.
واختتمت الدراسة، بالإشارة إلى استمرار التعاون بين النظام الإيراني والجماعة الإرهابية بقوة لتخريب جميع محاولات السلام الإقليمي، لإنقاذ قضيتهم المشتركة على المدى القصير وإبقائهم على قيد الحياة على المدى الطويل، ومن المحتمل بشكل كبير أن تكون الجماعة عنصرًا فاعلًا في الالتفاف على العقوبات المفروضة على طهران، وهو أمر يستحق التحقيق فيه بشكل مكثف.