
افتتاحية “الأهرام ويكلي” : ضرورة خروج “الإخوان” من الحماية البريطانية
أثارت صحيفة “الأهرام ويكلي” التي يصدر عددها الجديد غدا مسألة انتقال دفة قيادة الاخوان المسلمين المحظورة قانونيا في مصر الي لندن حيث أعلن ابراهيم منير نفسه من هناك مرشدا للجماعة وهي المرة الاولي التي يدار منصب الجماعة من عاصمة غربية بكل ما يحمله الأمر من تداعيات.
وفيما يلي نص الافتتاحية:
تحتفظ مصر وبريطانيا بعلاقات سياسية وعسكرية واقتصادية ممتدة ووثيقة علي مدي عقود طويلة وفي السنوات الأخيرة تيقن الطرفان أن هناك مصالح مشتركة عميقة تجمع البلدين ولابد من الحفاظ عليها. وتعد بريطانيا من أكبر الدول المستثمرة فى مصر في قطاعات متعددة منها قطاعات الخدمات المالية والطاقة والإنشاءات والسياحة والمنتجات الدوائية والمنسوجات والاتصالات كما تلعب غرفة التجارة المصرية-البريطانية دورا هاما في دعم وتنمية التجارة والتعاون الاقتصادي بين رجال الأعمال من البلدين. ويبلغ حجم الاستثمارات البريطانية إلى 47.4 مليار دولار في ظل وجود 1816 شركة بريطانية في البلاد في مصر. بشكل عام،
استقر في العقل المصري أن بريطانيا دولة ذات رؤية بعيدة ولها سياسات ثابتة في المناطق المختلفة من العالم، ويقول خبراء الدبلوماسية الإقليمية أن لندن وضعت قاعدة ثابتة للعلاقات مع مصر منذ أكثر من قرنين- ولا يبدو أنها تغيرت أبداً– وهذه القاعدة تشير إلى أن مصر هي الدولة المركزية المحورية في المنطقة، والمثل البريطانيّ الشهير يقول (إذا عطست مصر فإن ذلك معناه أن الشرق الأوسط مصاب بالإنفلونزا).
ورغم التطور الإيجابي في العلاقات الثنائية، تطل مجددا قصة احتضان لندن لعناصر جماعة الإخوان المسلمين -المحظورة قانونيا في مصر- ووجود قيادات الصف الأول بها اليوم خاصة بعد القبض علي “محمود عزت” مرشد الجماعة في أحد ضواحي القاهرة قبل أسابيع حيث أعلن إبراهيم منير نفسه مرشدا جديدا للجماعة من مقر إقامته في العاصمة البريطانية. ويملك منير تاريخا حافلا إبراهيم منير فهو أمين عام التنظيم الدولي والمتحدث باسم الإخوان المسلمين في أوروبا والمشرف العام على موقع (رسالة الإخوان) حكم عليه بالأشغال الشاقة لـ 10 سنوات في قضية إحياء تنظيم الإخوان المسلمين عام١٩٦٥ وفي يوليو2012 أصدر الرئيس المصري السابق محمد مرسي عفوا عاما عنه.
علي مدي قرابة ١٠٠ عام اليوم، ووفقا لكتابات وشهادات عديدة، تعاونت الحكومات البريطانية في سعيها لتحقيق ما يسمى المصلحة الوطنية في الخارج مع القوى الإسلامية المتطرفة، بما في ذلك التنظيمات الإرهابية، فقد تسترت عليها، وعملت إلى جانبها، وأحيانًا دربتها ومولتها، بغية الترويج لأهداف محددة للسياسة الخارجية. وقد أقامت بريطانيا مع بعض هذه القوى تحالفًا استراتيجيًا دائمًا لضمان تحقيق أهداف السياسة الخارجية الأساسية طويلة الأجل. ودخلت في زواج مصلحة واتحاد وثيق العرى بصورة مؤقتة مع قوى أخرى منها لتحقيق نتائج محددة قصيرة الأجل.
وحتي اليوم مازالت تقديرات الحكومة البريطانية والأجهزة الاستخبارية تسير في اتجاه أن الجماعة المتشددة لا تمثل خطرا علي المصالح البريطانية وأن معاداة الإخوان يمكن أن تجلب مشكلات للسياسة البريطانية هو تقدير يخص الدولة البريطانية ولكن هناك تأثيرات عميقة لمخططات الجماعة المؤيدة للإرهاب في مصر وعموم الشرق الأوسط تحتم مراجعة تواجد قيادات الجماعة وعملها بشكل حر ودون تحفظات في الداخل البريطاني خاصة عندما تكون الجماعة التي خرج المصريون ضدها في ٣٠ يونيو ٢٠١٣ تستهدف زعزعة الاستقرار في المجتمع المصري وتدعم أنشطة إرهابية تستهدف تقويض الأمن والاستقرار.
لقد تحولت العاصمة البريطانية إلي بؤرة ومركز عمليات جديد للإخوان مجددا بعد الإطاحة بهم في مصر واليوم يقبع المرشد الجديد يخطط ويجمع خيوط الجماعة في يده ويقوم بأعمال سياسية تتعارض مع مصالح بريطانيا مع دولة محورية مثل مصر في توقيت تواجه مصر هجمات إرهاب دموية وتهديدات لحدودها وحربا إلكترونية من تنظيمات الإرهاب ودول تؤيدها وهو ما يضع علامات استفهام كثيرة علي عدم إبداء لندن أيه تحفظات علي قيام جماعة الإخوان بممارسة أعمالها وأنشطتها بحرية تامة في الداخل البريطاني رغم تاريخها المشين ونشرها للتعصب والتطرف والتحريض ضد “المجتمعات الغربية”.
أن سجل المرشد الجديد وحرص بريطانيا علي العلاقات مع مصر يستدعيان من الحكومة والبرلمان والأجهزة المعنية في بريطانيا أن تراجع من جديد السياسة إزاء وجود ونشاط الجماعة فوق أراضيها ولا تطبق عليها نفس المعايير القديمة التي لم تعد تصلح اليوم في تقييم الموقف.
