القضية الفلسطينية

حركة حماس.. العودة إلى الفلك الإيراني من بوابة حزب الله

اتسمت العلاقات بين طهران والأطراف الفلسطينية بشكل عام وحركة حماس بشكل خاص بالعديد من التقلبات التي حكمتها التطورات السياسية المتلاحقة في المنطقة منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى اللحظة الراهنة. حركة حماس من جانبها حاولت في خلال هذه الفترة الحفاظ ولو على هامش محدود من حرية الحركة واستقلالية القرار، لكن كانت دومًا تضطر إلى العودة إلى فلك طهران رغم العديد من الخلافات والتناقضات التي تتسم بها ثوابتهما السياسية والعقائدية.

طهران وحماس … علاقة وطيدة رغم التناقضات

لم يكن رهان طهران الأول في فلسطين منصبًا على الفصائل المسلحة إسلامية التوجه، بل كان في البداية مراهنًا على منظمة التحرير الفلسطينية التي كان يغلب عليها الطابع العلماني واليساري. بدأ هذا الرهان في فبراير 1979 بمشهد وصول رئيس المنظمة ياسر عرفات إلى العاصمة الإيرانية من أجل تسلم المبنى السابق للسفارة الإسرائيلية، بعد أن تم تحويله ليكون ممثلية دولة فلسطين في إيران. عقب هذه الخطوة تتالت الخطوات المهرولة من جانب طهران في اتجاه منظمة التحرير وفصائلها، خاصة بعد إعلان قائد الثورة الإيرانية الخميني أن فلسطين هي قضية الإسلام الأولى.

وعلى الرغم من أن طهران وجهت بعض الدعم لمنظمة (الجهاد الإسلامي) منذ تأسيسها أوائل الثمانينيات، إلا أن معظم دعمها للفصائل الفلسطينية تم توجيهه في هذه المرحلة لدعم فصائل منظمة التحرير، ما بين فتاوى تبيح توجيه أموال الزكاة الإيرانية إليها ومقترحات بمنح المنظمة إحدى الجزر الإماراتية الثلاث التي سيطرت عليها إيران في وقت سابق من أجل استغلالها واستغلال مواردها لخدمة المجهود العسكري الفلسطيني.

تكللت هذه المرحلة بمؤتمر دعم فلسطين الذي انعقد أواخر عام 1990 في العاصمة الإيرانية، وفيه تم الإعلان صراحة أن طهران تدعم ماديًا بعض الفصائل الفلسطينية، لكن في هذا التوقيت كانت أولويات طهران في فلسطين قد تغيرت كليًا من دعم منظمة التحرير إلى دعم حركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس التي تم تأسيسها أواخر حقبة الثمانينات.

بواعث هذا التغيير في المواقف الإيرانية من منظمة التحرير تعود إلى جملة من المواقف والعوامل بدأت في التشكل مبكرًا وتحديدًا أوائل عام 1980 حين حاول الزعيم الراحل ياسر عرفات التوسط للإفراج عن بعض الدبلوماسيين والموظفين المحتجزين في السفارة الأمريكية في طهران، لكن لم تتم إجابة طلبه من جانب السلطة في إيران. تلا ذلك تصاعد الغضب الإيراني من ياسر عرفات نتيجة لعدم التزامه بالمقاطعة العربية والإقليمية لمصر، ومبادرته بمقابلة الرئيس المصري الراحل حسنى مبارك عام 1982 عقب خروج منظمة التحرير من لبنان عام 1982، وهذا اعتبرته طهران حينها بمثابة كسر للمقاطعة العربية التي شاركت فيها طهران بناء على رغبة من منظمة التحرير ذاتها.

يضاف إلى ذلك بعض التصرفات التي صدرت عن القائم بأعمال سفير فلسطين في طهران هاني الحسن، مثل تواصله مع بعض الشخصيات السياسية الإيرانية ذات التوجه اليساري وكذا لقائه مع مؤسس منظمة (مجاهدي خلق) المعارضة مسعود رجوي عام 1981.

الطامة الكبرى في العلاقات بين المنظمة وطهران جاءت خلال الحرب العراقية – الإيرانية؛ إذ تجنب رئيس المنظمة الزعيم الراحل ياسر عرفات الاصطفاف إلى جانب إيران في هذه الحرب، وبدا أنه من الداعمين للجانب العراقي، خاصة وأن عرفات التقى مرارًا الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وجمعتهما خلال هذه الفترة صداقة وطيدة، وهو ما اعتبرته طهران وقوفًا ضدها. ولهذا كان رفض هذه الأخيرة قاطعًا لمحاولات الوساطة التي قام بها عرفات لإنهاء هذه الحرب.

بنهاية الحرب العراقية – الإيرانية عام 1988 بدأت طهران مرحلة جديدة في تعاطيها مع الشأن الفلسطيني، وذلك عبر موقفها الداعم لانتفاضة الحجارة التي اندلعت عام 1987، وهو ما تم تتويجه بعقد مؤتمر دعم فلسطين أواخر عام 1990 والذي دشن مرحلة دعم طهران للفصائل الفلسطينية الإسلامية المسلحة وعلى رأسها حركة حماس التي تم دعوة ممثليها للمرة الأولي إلى طهران لحضور هذا المؤتمر، وتم التوافق حينها على فتح مكتب دائم للحركة على الأراضي الإيرانية.

منذ ذلك التوقيت تصاعد الدعم الإيراني المقدم لحركة حماس ليشمل الجوانب الإعلامية والسياسية والعسكرية بطبيعة الحال؛ فقد أشرفت طهران بشكل كامل على تقديم كافة أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وتقنيات الصواريخ إلى كتائب القسام الجناح العسكري للحركة، بجانب الإشراف على تدريب عناصر هذه الكتائب وتقديم الدعم المالي اللازم لكافة هذه الأنشطة.

وقد تزايدت وتيرة هذا الدعم عقب فوز قائمة حركة حماس في انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني عام 2006 حيث بدأت في العام التالي وحتى عام 2012 مرحلة الذروة في علاقات الجانبين؛ إذ دعمت طهران ماليًا حكومة إسماعيل هنية في غزة عقب أحداث عام 2007 التي سيطرت من خلالها حركة حماس على كامل أجزاء قطاع غزة وتعرضت بسبب ذلك لحصار وعزلة دولية. التعبير الأدق عن مدى قوة ومتانة العلاقة بين طهران وحماس خلال هذه الفترة جاء على لسان رئيس المكتب السياسي للحركة آنذاك خالد مشعل الذي قال حرفيًا (يمكن أن نعتبر حركة حماس أبنًا روحيًا للإمام الخميني). وقد أكد مشعل هذا المعني عبر زيارته لطهران عام 2009 وتوجيهه الشكر للقيادة الإيرانية على دعمها للحركة خلال الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2008.

نقطة التحول.. سوريا

تعد القضية السورية من أهم محددات مستوى العلاقة بين طهران وحركة حماس، وقد اتسمت بداية العلاقة بين حركة حماس ودمشق بشيء من الجمود كان منبعه الخلفية الأيديولوجية للحركة المرتبطة بفكر الإخوان المسلمين، والتي تتعارض مع نظام الحكم العلوي في سوريا الذي حاولت جماعة الإخوان المسلمين إسقاطه مرارًا خلال ثمانينيات القرن الماضي. افتتحت الحركة أول مكتب لها في الأراضي السورية منتصف عام 1991 وحينها لم يتم السماح لممثل الحركة في دمشق بافتتاح ممثلية رسمية للحركة، لكن تم فقط السماح له بفتح مكتب غير رسمي.

الزيارة الأولى لوفد رفيع من قيادات الحركة إلى دمشق تمت في يناير 1992، وترأس حينها هذا الوفد رئيس المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق. وهذا تزامن مع تصاعد للعلاقة بين حركة حماس وحزب الله في لبنان تمثل في استقبال الحزب لمبعدي مرج الزهور في ديسمبر 1992 وتأسيس مخيم لإيوائهم في جنوبي لبنان، علمًا بأن غالبيتهم العظمى كانت من عناصر حركتي حماس والجهاد الإسلامي. ظلت الزيارات التي قام بها كوادر حركة حماس إلى سوريا مقتصرة على مستويات أقل من قيادات الحركة إلى أن قام الزعيم الروحي لها الشيخ الراحل أحمد ياسين بزيارة دمشق في مايو 1998 وحينها تم استقباله بشكل رسمي اتسم بحفاوة واضحةـ وحينها التقى ياسين مع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ودشن معه بداية العمل الموسع للحركة على الأراضي السورية.

عقب وفاة الرئيس حافظ الأسد استمرت العلاقة بين القيادة الجديدة المتمثلة في الرئيس بشار الأسد وحركة حماس في التطور بشكل متسارع؛ إذ دعمت دمشق بشكل مستمر حركة حماس وحزب الله بالمال والسلاح، وهذا الوضع ظل مستمرًا إلى أن اندلعت أحداث ما يسمى (الربيع العربي) في سوريا، وحينها تباينت مواقف حركة حماس عن مواقف حركة الجهاد الإسلامي وحزب الله مما يحدث على الأراضي السورية.

نقطة التحول الأساسية في العلاقة بين حركة حماس وطهران كانت في ديسمبر 2012 حين حسم رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل الجدل الذي دار حول موقف الحركة من الأحداث في سوريا وأعلن عن دعمه لما أسماه (الثورة السورية) رافعًا علمها خلال الاحتفال بالذكرى الخامسة والعشرين لانطلاقة الحركة. بهذه الخطوة انقطع التواصل بشكل كامل بين الحركة والنظام الحاكم في سوريا الذي بادر بعد شهر من تصريحات مشعل باقتحام كافة مكاتب الحركة في العاصمة السورية وإغلاقها بشكل كامل. 

موقف مشعل تم تأكيده بعد ذلك بعدة أشهر على لسان رئيس حكومة غزة إسماعيل هنية خلال مؤتمر (متحدون من أجل العودة) الذي عقدته في مارس 2013 دائرة شؤون اللاجئين في الحركة لإحياء الذكرى الـ 65 لنكبة فلسطين. حين صرح قائلًا “من وقف معنا في الحق لن نقف معه في الباطل” وهو ما مثل إعلانًا صريحًا عن وقوف الحركة إلى جانب القوى المناوئة للحكومة السورية.

تموضع حركة حماس في هذه الفترة ضد الحكومة السورية لم يكن كامل الأركان ولم يكن يعبر عن قرار مركزي من قيادة الحركة، بل ارتبط بشكل أساسي بالتوجهات الأيديولوجية الأساسية لها كأحد روافد حركة الإخوان المسلمين. الانخراط الميداني للحركة في الملف السوري تركز بشكل رئيسي في مخيم اليرموك للاجئين الواقع في العاصمة السورية دمشق حيث نشط في هذا المخيم ومحيط العاصمة وريفها فصيل مسلح تابع بشكل غير رسمي للحركة حمل أسم (أكناف بيت المقدس) تزعمه محمد زغموت أحد قادة الحركة في سوريا وقاده على المستوى الميداني أحد قادة الجناح العسكري للحركة نضال أبو العلا.

وقد تكون هذا الفصيل من عناصر من عدة فصائل فلسطينية على رأسها حركة حماس كانوا معترضين على عدم اتخاذ الحركات الفلسطينية الموجودة في سوريا لمواقف ميدانية واضحة ضد الجيش السوري. دور فصيل (أكناف بيت المقدس) في الميدان السوري شمل أيضًا نقل الخبرات القتالية إلى الفصائل السورية المسلحة خاصة عمليات صنع العبوات المتفجرة والسيارات المفخخة، وكذلك كان له دور أساسي في عمليات حفر الأنفاق، خاصة في غوطة دمشق الغربية نظرًا لخبرة عناصر حركة حماس في هذا المضمار.

هذا الدور تسبب بالتبعية في تصدع علاقة الحركة مع كل من سوريا وإيران وحزب الله. طهران من جانبها بدأت في تخفيض دعمها المالي المقدم للحركة، لكنها في نفس الوقت حافظت على دعمها للجناح المسلح للحركة (كتائب القسام) وذلك بهدف الضغط على الجناح السياسي. ومن أجل زيادة هذا الضغط دعمت طهران تأسيس فصيل مسلح شيعي التوجه في قطاع غزة أواخر عام 2012 تحت اسم (حركة الصابرين) على يد أحد القادة المنشقين عن حركة الجهاد الإسلامي ويدعى هشام سالم. فوفرت الدعم المالي المستمر لها ولجمعية (الباقيات الصالحات) المرتبطة بها وذلك من أجل إدامة النفوذ الإيراني في القطاع.

أدت هذه الخطوات من جانب طهران إلى حدوث انقسام بين القيادات الأساسية لحركة حماس حول أهمية المحافظة على علاقات وثيقة مع طهران؛ إذ تصدر القيادي محمود الزهار الجناح المطالب بضرورة تقوية العلاقات مع طهران، في حين تصدر الرئيس السابق للمكتب السياسي للحركة خالد مشعل الجناح الذي يريد أن يكون للحركة علاقات طبيعية مع طهران مع محافظة الحركة على ثوابتها الأيدولوجية التي ترتبط أكثر بالتوجهات الإخوانية السنية وتتعارض عقائديًا مع التوجهات الإيرانية وسياسيًا مع التوجهات السورية.

صفحة جديدة من العلاقات بين حماس وطهران

حاولت الحركة منذ أكتوبر 2013 تحسين علاقاتها مع طهران وذلك عبر سلسلة من الزيارات السرية التي قامت بها وفود من الحركة إلى طهران، ترافقت مع تصريحات إيجابية من قادة الحركة حيال إيران، خاصة عقب المواجهة العسكرية بين الحركة وإسرائيل عام 2014 إذ أجزل الناطق باسم الذراع العسكري للحركة الشكر لطهران على دعمها المستمر حين قال في بيان رسمي “جمهورية إيران الإسلامية هي التي أمدتنا بالصواريخ التي دكت المحتل في صولات وجولات مضت ودعمتنا بالصواريخ النوعية المضادة للدبابات التي حطمت أسطورة الميركافا”.

رغم هذه المحاولات إلا أن العلاقات بين الجانبين توترت أكثر على خلفية عمليات الملاحقة والاعتقال المستمرة من جانب حركة حماس لكوادر وقادة حركة (الصابرين) في غزة، وكذا على خلفية رفض قيادة الحركة اتخاذ موقفًا مناوئًا لعملية (عاصفة الحزم) التي بدأها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن عام 2015، وهو نفس العام الذي شهد تقاربًا بين الرياض والحركة أثار غضب طهران بشكل كبير.

بدأت العلاقات بين الجانبين في التحسن بشكل ملحوظ منذ مايو 2017 حين أعلنت حركة حماس عن وثيقة سياسية جديدة استهدفت من خلالها تخفيف ارتباط سياستها الإقليمية والدولية بتوجهات وأيديولوجية حركة الإخوان المسلمين. تزامن الإعلان عن هذه الوثيقة مع انتخاب أحد أقطاب معسكر التقارب مع طهران داخل الحركة وهو القيادي يحيى السنوار كقائد للحركة في قطاع غزة، وكذا انتخاب إسماعيل هنية لرئاسة المكتب السياسي للحركة من أجل البدء في إعادة تشكيل السياسة الخارجية للحركة وإعادة علاقاتها مع طهران ودمشق إلى سابق عهدها.

منذ ذلك التوقيت تعددت زيارات وفود الحركة إلى طهران، وكانت البداية في أكتوبر من نفس العام حين زار وفد كبير برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري طهران وأجرى حينها لقاءات مع كبار المسؤولين الإيرانيين. وصرح رئيس الوفد خلال الزيارة بأن الحركة باتت أكثر حرصًا على إقامة علاقات وثيقة مع طهران. تحسن العلاقات بين الجانبين بدا أيضًا من خلال تصريحات المسئولين الإيرانيين الإيجابية حول الحركة ومنهم مستشار المرشد الأعلى للثورة علي أكبر ولايتي ورئيس مجلس الشورى الإسلامي علي لاريجاني حيث أكد هذا الأخير أن “علاقة إيران مع حركة حماس عادت كالسابق”.

على الرغم من بقاء التوتر في العلاقة بين حركة حماس وسوريا على حاله إلا أن العلاقات بين طهران والحركة تعد في أفضل مراحلها. وربما كان رد فعل الحركة على مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني أفضل معبر عن هذا الواقع فقد أقامت الحركة عزاءًا حاشدًا له في قطاع غزة وأصدرت الحركة بيانًا حمل مبالغات كبيرة في وصف وعزاء القائد القتيل كما شاركت الحركة في مراسم تأبينه التي أقيمت في طهران عبر وفد رفيع المستوى ترأسه رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية.

حزب الله.. بوابة حماس إلى الحضن الإيراني

كان لحزب الله اللبناني دور أساسي في إعادة العلاقات بين حركة حماس وطهران إلى سابق عهدها، وذلك عبر سلسلة من الاجتماعات المكثفة احتضنها الحزب بالعاصمة اللبنانية في مايو 2017 شارك فيها قياديون من حركة حماس والحزب بجانب شخصيات سياسية إيرانية رفيعة، وتم خلالها الاتفاق على زيادة الدعم المالي الإيراني للحركة.

هذا الدور من جانب حزب الله تم رغم وجود تناقضات تاريخية بينه وبين حركة حماس واستمرار الخلاف القائم بينهما على خلفية الموقف من الأزمة السورية؛ فقد قام الحزب مرارًا بمحاولات لتقريب وجهات النظر بين النظام الحاكم في سوريا وحركة حماس لكن قوبلت هذه المحاولات بالرفض القاطع من دمشق التي لم تنس دور الحركة في السنوات الأولى للأزمة السورية. يضاف إلى ذلك أن بعض قادة الحركة أعادوا التأكيد على مواقفها السابقة من هذا الملف مثل تصريحات القيادي نايف الرجوب في يونيو 2019 التي أكد فيها أنه لا صحة لأية أنباء تتحدث عن انفراجة في العلاقات مع النظام الحاكم في سوريا.

مواقف حركة حماس من الملف السوري كانت سببًا في الجمود السابق للعلاقة بين حركة حماس وحزب الله، وهو ما عبر عنه مسؤول العلاقات الدولية في الحركة أسامة حمدان خلال تصريحات صحفية له في نوفمبر 2012 حين أقر أن العلاقات بين حركته وحزب الله قد تجمدت نتيجة للتباينات فيما بينهم بشأن الملف السوري. اعتراف بعض قادة حركة حماس ومنهم القيادي محمود الزهار بأن قرار خروج حركة حماس من سوريا إلى قطر كان قرارًا خاطئًا ربما يعبر عن بعض التوجهات الداخلية في الحركة حيال الملف السوري، لكن حتى الآن وبالنظر إلى رفض دمشق التعاطي مع الحركة قد يكون أوان عودة العلاقات بين الجانبين مازال بعيدًا في المدى المنظور.

خلاصة القول إن العلاقات بين طهران وحزب الله اللبناني من جهة وحركة حماس من جهة أخرى قد عادت إلى سابق عهدها رغم عدة ملفات عالقة على رأسها ملف حركة الصابرين في غزة، وبالطبع الموقف من الملف السوري، ناهيك عن بعض الاختلافات في التوجهات العقائدية والإيديولوجية. سبب تحسن هذه العلاقة رغم هذه القضايا العالقة ربما يمكن تفسيره على أنه محاولة من جانب طهران لتشكيل ما يشبه (تحالف إقليمي) من عدة دول وحركات مسلحة، وهو تحالف تحدث عنه مؤخرًا ممثل حركة حماس في طهران خالد القدومي مشيرًا إلى أنه قد يضم تركيا وقطر وإيران وحركات (محور الممانعة) المسلحة مثل حزب الله وحركة حماس وغيرها من الحركات. 

تدعم بعض الشواهد السابقة هذه النظرية منها الزيارة المهمة التي قام بها وفد كبير من حركة حماس إلى طهران في يوليو الماضي برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري، وقد ضم هذا الوفد تشكيلة من أبرز قادة الحركة الموجودين داخل غزة أو في دول خارجية مثل قطر وتركيا منهم ماهر صلاح وعزت الرشق وحسام بدران وموسى أبو مرزوق وأسامة حمدان وغيرهم. 

يضاف إلى هذه الزيارة زيارة رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية مؤخرًا إلى لبنان ولقائه بالأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله وزيارته لمخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين الذي أطلق منه تصريحات نارية كانت مؤشرًا مهمًا على الدفعة القوية التي تلقتها علاقات الحركة مع طهران وحزب الله، وعلى الثقة التي باتت الحركة تشعر بها بعد سنوات من الغرق في الأزمات المالية والسياسية والإقليمية. لكن ستظل إمكانية إطلاق مثل هذا التحالف الإقليمي إلى النور رهينة بمدى قدرة الأطراف المحتملين لهذا الحلف على حلحلة تناقضاتهم السياسية والعقائدية المتبادلة، وإيجاد حلول وسط للملفات العالقة بينهم وعلى رأسها الملف السوري.

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

محمد منصور

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى