مكافحة الإرهاب

” أذرع الإرهاب “..والخروج من رحم الاخوان

تبارت كيانات وشخصيات إرهابية في إظهار دعمها وتعاطفها والتوعد بالرد، عقب وفاة المعزول محمد مرسي إثر أزمة قلبية أثناء محاكمته بتهمة التخابر لصالح دول أجنبية ،ووصف أبو قتادة الفلسطيني مفتي تنظيم القاعدة، مرسي بأنه “صاحب القلب الطاهر”. كذلك نعت حركة “طالبان أفغانستان” مرسي في بيانها واصفة إياه بأنه “منارة مشرقة”. ومم لا شك فيه فإن تلك المواقف تظهر مدى عمق العلاقات بين الجماعات الإرهابية وجماعة الإخوان

* – علاقة الإخوان بالتنظيمات الإرهابية

              *- الإخوان وتنظيم القاعدة 

بدراسة أصول الجماعات الإرهابية الإسلامية المختلفة يظهر بوضوح مدى ارتباطها بالإخوان، وأبرزها تنظيم القاعدة، حيث أسس تنظيم القاعدة “أسامة بن لادن” في أفغانستان بين عامي 1988 و 1989 بمساعدة قيادات إخوانية وأعضاء من التنظيم الدولي للإخوان حيث أجتمع بن لادن مع أحد القيادات داخل الجماعة في السعودية وهو زعيم تنظيم القاعدة الحالي أيمن الظواهري –كان عضوا في الإخوان قبل انضمامه لجماعة الجهاد الإسلامي– وعبد الله عزام أحد أعضاء مجلس شورى الجماعة، ويطلق عليه رائد الجهاد الأفغاني في أغسطس 1988 لتكوين تنظيم القاعدة. 

واعترف ايمن الظواهري، في تسجيل مصور له بثته المواقع الجهادية في يناير 2015، أن أسامة بن لادن خرج من تنظيم الإخوان المسلمين، وأنه كان يتبع تعليمات التنظيم بحذافيرها عندما توجه إلى باكستان.

وأضاف: “كان عضوا في جماعة الإخوان المسلمين، وأن التنظيم هو الذي أرسله إلى باكستان عندما وقع الغزو السوفيتي في مهمة محددة، وهي توصيل الدعم للجماعة الإسلامية الموجودة هناك”.

علاوة على ذلك، فهناك العديد من الدلائل التي تشير إلى وجود علاقة بين جماعة الإخوان وتنظيم القاعدة، منها:

  • تأكيد التقارير الدولية، خاصة البريطانية، أن جماعة الإخوان مولت تنظيم القاعدة من خلال قيادات بارزة، مثل خيرت الشاطر، الذي حول مبلغ ٢٥ مليون دولار لـ”الظواهري” “زعيم تنظيم القاعدة الحالي”، في عام حكم الجماعة فقط، لتأمين دعم “القاعدة” لحكم “الإخوان” في مصر. وتجسد ذلك على أرض الواقع، خلال ٢٥ يناير ٢٠١١، عندما ساعد رجال “القاعدة” حركة “حماس”، التابعة للتنظيم الدولي للإخوان، في تهريب قيادات الجماعة من السجون وأقسام الشرطة، في يوم ٢٨ يناير ٢٠١١، المعروف بـ”جمعة الغضب”.
  • ظهور عدد من الملثمين المدججين بالسيوف والرافعين للرايات السوداء في ميدان العباسية في 2 مايو 2012 وهم يحيطون بـ”محمد الظواهري” شقيق زعيم تنظيم القاعدة، وإعلانهم الجهاد الإسلامي وصياحهم بهتافات (حي على الجهاد).
  • قيام جماعة الإخوان وأنصارها من الجماعات الإسلامية خلال إحدى المظاهرات بميدان رابعة في الجمعة التي أطلق عليها جمعة (النهاية.. الزحف) في 12 يوليو 2013 بالهتاف لزعيم تنظيم القاعدة الراحل “أسامة بن لادن” (يا أوباما.. كلنا أسامة)، كما تم رفع الأعلام السوداء لتنظيم القاعدة.
  • بثت مؤسسة “السحاب” الإعلامية (أحد الأذرع الإعلامية لتنظيم القاعدة)، في أغسطس 2018، إصدارًا مرئيا لـ”حسام عبدالرؤوف”، أحد أبرز قياداتها المقربين من زعيمها أيمن الظواهري، تهاجم فيه الدول العربية والإسلامية، محرضة ضد الجيش المصري، لرفضه المصالحة مع جماعة الإخوان.

                الإخوان وتنظيم داعش:

لا توجد علاقة مباشرة وواضحة بين جماعة الإخوان وتنظيم داعش، ولكن بقراءة أيديولوجية الجماعتين إضافة للتاريخ الدموي لهما يتضح أنهما يحملان نفس الفكر والأيديولوجيا من الدعوة لمحاربة الهيمنة الأجنبية على العالم العربي والجهاد ضده، كما أن عقيدة الإخوان ترى أن داعش قد تكون طليعة لإنشاء الخلافة الإسلامية المنشودة.. وفيما يلي أبرز تلك الدلائل:

  • تصريحات رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين السابق والمرجع الروحي لجماعة الإخوان يوسف القرضاوي التي أشار فيها إلى أن زعيم تنظيم داعش “أبو بكر البغدادي” كان ينتمي لجماعة الإخوان في سن الشباب، وأضاف أنه كان يميل إلى القيادة وقد أغراه التنظيم بعد خروجه من السجن.
  • تصريحات الداعية الإخواني وجدي غنيم عبر فيديو له أعلن خلاله تأييده لتنظيم داعش، رافضًا للحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد التنظيم.
  • إرسال عدد من أعضاء الإخوان في الولايات المتحدة رسالة للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما يطالبونه فيها بالتنديد بالضربات المصرية الجوية ضد داعش في ليبيا التي جاءت ردًا على مقتل (21) مصريًا في ليبيا على يد مسلحي داعش.

 الإخوان وتنظيم ولاية سيناء “أنصار بيت المقدس” سابقًا:

تعتمد جماعة أنصار بيت المقدس كغيرها من التنظيمات السلفية الجهادية على الأفكار التكفيرية لسيد قطب حتى الآن، كما يعتمد أفراد تنظيم ولاية سيناء في كافة بياناته وفيديوهاته على عدد من كلمات مرشد الإخوان الأسبق “حسن البنا” كمنهج يسيرون عليه، أبرزها “قاتلهم حتى تنتهي الفتنة ويصبح الدين لله”. وكان هدف التنظيم منذ نشأته تدمير إسرائيل وإنشاء الخلافة الإسلامية في سيناء وتطبيق الشريعة الإسلامية. ومنذ عام 2013 وسع التنظيم من نشاطه العملياتي في سيناء وعدد من المحافظات داخل مصر.

وكانت جماعة الإخوان حريصة منذ وصولها إلى السلطة على بناء علاقة مع تنظيم “ولاية سيناء” لاحتوائه وتجنب أي تحركات منفردة له، لكي يكون سنداً لها عند اللزوم، فضلاً عن محاولتها إقناع أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية بقدرتها على ضبط إيقاع التنظيمات الإرهابية سعياً للتحكم في حركة الإرهاب العالمي. وتم ذلك بناء على تفاهمات حدثت بين جماعة الإخوان وتنظيم “ولاية سيناء” شملت:

-عفو رئاسي عن عشرات من الإرهابيين الجهاديين والمتطرفين، والإفراج عن ١٧ من قيادات الجهاد والجماعات الإسلامية من المحكوم عليهم في قضايا اغتيال ضباط شرطة، وتفجيرات الأزهر، وتنظيمات العائدين من أفغانستان وألبانيا، والمتهمين فى تفجيرات طابا، وحادث الأقصر. إضافة إلى تسهيل دخول قادة وكوادر “جهادية” مصرية وأجنبية إلى سيناء، وهو ما كشفه تقرير للمخابرات الألمانية أشار فيه أن مصر تتصدر الأماكن المفضلة للميلشيات المسلحة للتدريب، على مستوى العالم بعد أن كان إقليم “وزيرستان” بباكستان هو المقصد المفضل لدى هذه الجماعات.

-تيسير وصول أسلحة مهربة عبر الحدود الغربية (مع ليبيا) لتنظيم “ولاية سيناء” في سيناء. وعدم شن أي عمليات أمنية أو عسكرية ضد مختلف التنظيمات الجهادية في سيناء.

-إضافة إلى ما سبق، كشفت الإصدارات المرئية لأنصار بيت المقدس عن وجود عناصر من جماعة الإخوان داخل التنظيم مثل أحمد وجيه وبهاء زقزوق، اللذين اعترفا بعضويتهما السابقة في جماعة الإخوان عبر فيديو أعلنت فيه أنصار بيت المقدس مسئوليتها عن استهداف دورية للجيش الإسرائيلي عند الحدود المصرية الإسرائيلية، بالإضافة إلى أن أحمد وجيه كان منشداً في الحملة الرسمية لمحمد مرسى أثناء الانتخابات الرئاسية في 2012. فضلاً عن إعلان التنظيم دعمه لطلبة وطالبات الإخوان في مظاهراتهم التي اندلعت في بعض الجامعات المصرية عقب ثورة 30 يونيو.

-أصدر تنظيم “ولاية سيناء” تسجيلاً صوتيا لأحد قياداته قبيل تفجير مديرية أمن القاهرة في 24 يناير 2014، وصف فيه شباب جماعة الإخوان “بالثوار”، وطلب منهم التمرد من أجل شرع الله.  

              الإخوان وحركة سواعد مصر “حسم”

   تأسست حركة سواعد مصر “حسم” في يونيو 2016، ووصفت نفسها بأنها “حركة ثورية” اتخذت الـ”كلاشنيكوف” متبوعا بعبارة “بسواعدنا نحمي ثورتنا” شعارا لها. وادعت عدم وجود صلة لها بجماعة الإخوان، كما زعمت الجماعة أيضًا أن “حسم” ليست امتدادًا لها ولا جناحها المسلح. لكن المتتبع لأدبيات الجماعة يجد أن “حسم” هي الوريث الحالي للتنظيم الخاص “العسكري” لجماعة الإخوان الإرهابية، حيث تنتهج إستراتيجية اتبعها النظام الخاص، وهي تدريب أفراده على قيادة الدراجات البخارية وتنفيذ عمليات إرهابية بواسطتها. 

وقدمت حركة حسم، المدرجة على القوائم الأمريكية والبريطانية للإرهاب، دليلا قاطعا على ارتباطها بجماعة الإخوان، من خلال بيانها الذي بثته على صفحة “إعلام المقاومة” حيث ذكرت فيه: “أن مرسي كما كانت له بالأعناق بيعة فقد صار له اليوم ثأرٌ لا ينطفئ… وإن غدا لناظره قريب”.

           *- الإخوان ودعم المنظمات الإرهابية

وضعت جماعة الإخوان منذ نشأتها هدف الوصول إلى السلطة غايتها، وذلك عبر التغلغل داخل المجتمع من خلال إنشاء ما أسموه الشعب الدعوية (الدينية) وفرض فكر الجماعة الإرهابي على المجتمع، وقد كان لها ما أرادت عقب 25 يناير، وتولي الرئيس الإخواني “محمد مرسي” سدة الحكم في عام 2012. 

وخلال فترة حكم الإخوان قامت الجماعة بتعميق التواصل مع الجماعات والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة، في مقابل تقديم هذه الجماعات خدمات لـ”الإخوان” لمساعدتها في تمكينها من السلطة في مصر، حيث أصدر الرئيس المعزول قرارا بالعفو عن المئات من أعضاء تلك الجماعات والتنظيمات وجميعهم تم اتهامهم في قضايا (ارتكاب وتنفيذ عمليات إرهابية، حيازة أسلحة وذخيرة والتجارة فيها والسرقة بالإكراه)، وصدرت أحكام بإدانتهم، كما رصدت قوات الأمن دخول ما يقرب من (3000) جهادي إلى الأراضي المصرية، وبالتحديد في سيناء من العائدين من أفغانستان ، وتجاهل الرئيس المعزول جميع التقارير الأمنية التي أشارت لخطورتهم وتهديدهم للأمن العام في حالة إخلاء سبيلهم وتنفيذ قرار العفو 

وكان هناك تنسيق وتعاون مع الجماعات والتنظيمات الإرهابية، وهو ما ظهر من خلال البيان الذي أصدره الرئيس المعزول في أعقاب الحادث الإرهابي الذي قام خلاله إرهابيون في مايو 2013 باختطاف سبعة جنود من القوات المسلحة والشرطة في العريش بسيناء، حيث طالب مرسي في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية قوات الجيش بضرورة الحفاظ على حياة الخاطفين والمخطوفين خلال قيامها بتنفيذ عمليات البحث عن المختطفين وتحريرهم.. وهو الأمر الذي أكد وجود علاقة بين الجماعة وتلك التنظيمات الإرهابية.

كما أجرى الرئيس المعزول خلال الربع الأول من عام 2013 اتصال هاتفي مع “محمد الظواهري” شقيق زعيم تنظيم القاعدة “أيمن الظواهري” طالبه خلاله بزيادة العمليات الإرهابية ضد الجيش في سيناء. كما قامت الأجهزة الأمنية قبل عدة أسابيع من ثورة 30 يونيو برصد اتصال هاتفي أجراه مرسي مع زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري طالبه خلاله بإرسال (3000) إرهابي إلى سيناء من أجل تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية ضد الجيش المصري في سيناء. 

وتم رصد مفاوضات بين نائب مرشد جماعة الإخوان خيرت الشاطر وزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري عن طريق وساطة رئيس ديوان رئيس الجمهورية آنذاك رفاعة الطهطاوي –ابن خالة ايمن الظواهري- تقوم على تقديم الشاطر الدعم المادي لتنظيم القاعدة مقابل قيام تنظيم القاعدة بدعم عناصر أنصار بيت المقدس وتدريبهم ورفع كفاءتهم.. وقد لوحظ أن قدرات التنظيم قد ازدادت عقب إتمام هذه المفاوضات.

كما قام زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري في 16 مايو 2013 بإذاعة تسجيل صوتي أكد خلاله أنه لم يدعو في أي يوم للثورة على مرسي والإخوان، وذلك بالتزامن مع تزايد حدة الغضب الشعبي ضد حكم الإخوان في مصر. وقام زعيم تنظيم القاعدة في 5 يوليو 2013 أي يعد يومين من عزل مرسي بإصدار مقطع فيديو أعلن خلاله تأييده لمرسي وأعرب عن رفضه وغضبه لعزله، كما أعلن تأييده وتضامنه مع الإخوان، كما طالب عناصر تنظيم القاعدة بتكثيف عملياتهم ضد الجيش المصري. أما عن دعم الجماعات الإرهابية لجماعة الإخوان بعد إسقاطهم، فإنه عقب ثورة 30 يونيو وعزل الرئيس الإخواني، ظهر عدد من الجماعات الإرهابية، خاصة عقب فض اعتصامي (رابعة والنهضة)، عملت على تنفيذ مخططات جماعة الإخوان في محاولة لنشر الفوضى في البلاد، واستهداف مؤسسات الدولة، إضافة لاستهداف قوات الجيش والشرطة ورجال القضاء والكنائس.

كاتب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى